السبت، 22 أكتوبر 2011

لو ردوا لعادوا ..

لـو ردّوا لعـادوا  ..!!

يقول الحقّ ـ جلّ وعلا ـ مخبرا عن ندم الكافرين وحسرتهم لحظة النزع :
[حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ۞  لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ] ﴿المؤمنون : 99
ويقول سبحانه واصفا حال الكافرين لحظة الوقوف على النار :
[وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۞ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ] ﴿الأنعـام: 28 ﴾
ويقول رب العزة  في سورة الزمر واصفا أمنية الكافر حين يرى العذاب :
[أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ۞ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ۞ بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ] ﴿الزمــر: 58
سؤال بسيط :
إذا كان معدل عمر الإنسان في أغلب الدول الإسلامية 70 عاما، وإذا كان سن البلوغ يبدأ بعد 15 سنة ، فكم مرّة يسمع المسلم الأذان في حياته ؟
55 × 365 ×  5 = 100375 مرّة .
قتل الإنسان ما أكفره، أعطاه الرب الرحيم الحليم الرؤوف الودود مئة ألف فرصة أو يزيد، ثم هو يطمع أن يعطيه الله تعالى فرصة أخرى ، فرصة أخرى لكي يتوب ويستقيم وقد عاين الجنّة ، ألم يعلم ابن آدم أن إبليس عاينهما قبله ، ولكنه لم يستقم !!!

من موازيين الحكم الراشد ...

ميزان الحكم الراشد  ..

عندما طلب إبراهيم عليه السلام من ربه أن يورّث ذريته الإمامة، كان الرد حاسما:
[وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ] ﴿البقرة/124﴾
وعن عائشة أن قريشاً أهمّهم أمر المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله ، ومن يجترئ عليه إلا أسامة ، فكلمه أسامة ، فقال الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   : ( أتشفع في حد من حدود الله ، ثم خطب فقال : إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله ! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ).
وعن نافع أن عمرَ بن الخطاب ـ  رضي الله عنه ـ  كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرضَ لأبنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، وابنه عبد الله مهاجر، فنقصه عن المهاجرين خمسمائة من أربعة آلاف، فقيل له: إنه من المهاجرين فلماذا نقصته؟ قال: إنما هاجر به أبوه ولم يهاجر هو بنفسه، وليس من هاجر به أبوه كمن هاجر بنفسه.
 وهذا يدل دلالة عظيمة على شدة ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ورفض الفاروق أن يوصي لولده عبد الله بالخلافة وقد زكاه الكثيرون عند أبيه ، وقال : يكفي آل الخطاب رجلا واحدا يُسأل يوم القيامة عن الأمة .
ولما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاةُ دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين إنك قد أفغرت أفواه ولدك من هذا المال، فلو أوصيت بهم إليَّ وإلى نظرائي من قومك فكفوك مؤونتهم، فلما سمع مقالته: قال: أجلسوني فأجلسوه فقال: قد سمعت مقالتك يا مسلمة، أما قولك: إني قد أفغرت أفواه ولدي من هذا المال فوالله ما ظلمتهم حقًّا هو لهم ولم أكن لأعطيهم شيئًا لغيرهم، وأما ما قلت في الوصية فإن وصيتي فيهم: [إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ] {الأعراف/ 196}. وإنما ولد عمر بين أحد رجلين: إما صالح فسيغنيه الله، وإما غير ذلك فلن أكون أول مَن أعانه بالمال على معصية الله ادع لي بني، فأتوه فلما رآهم ترقرقت عيناه، وقال: بنفسي فتية تركتهم عالة لا  شيء لهم ، وبكى: يا بني إني قد تركت لكم خيرًا كثيراً، لا  تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقًا
 يا بني إني قد مثلت بين الأمرين: إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله .
وقال ابن الجوزي: أبلغني أن المنصور قال لعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-: عظني. قال: مات عمر بن عبد العزيز - رحمه الله- وخلف أحد عشر ابنًا، وبلغت تركته سبعة عشر دينارًا كُفن منها بخمسة دنانير، وثمن موضع قبره ديناران وقُسِّم الباقي على بنيه، وأصاب كل واحد من ولده تسعة عشر درهمًا، ومات هشام بن عبد الملك وخلف أحد عشر ابنًا فقسمت تركته وأصاب كل واحد من تركته ألف ألف، ورأيت رجلاً من ولد عمر بن عبد العزيز قد حمل في يومٍ واحد على مائةِ فرس في سبيل الله عز وجل، ورأيت رجلاً من ولد هشام يُتصدق عليه.
عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ قَالَ:
 (إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ ، الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ ويئست الْفَاطِمَةُ:  أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ ; وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ ، وَثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا مَنْ عَدَلَ . وفي رواية : وكيف تعدلون مع الأقارب؟ .

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

تحت أي لواء أنت ..

تحت أي لـواء أنت .. !!

يقول الله  تعالى :
﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ(22)مِنْ دُونِ اللَّهِ فاهْدُوهُمْ إلىَ صِراطِ الجحيم [ الصافات ]   .
قال المفسرون أزواجهم يعني أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة، ويُحْشَرْ منكري البعث مع منكري البعث، ويُحْشَرْ منكري الرسالة وهكذا في أصناف. ثم بعدها يكون الوزن، فتوزن الأعمال في ميزان لا يترك مثقال الذرة .
ينتظم الناس في جماعات ، وأمام كل جماعة صاحب اللواء ، واللواء هو العلم الكبير  فيجتمع تحت كل لواء أتباعه، ومن الأحاديث نقرأ عن لواءين مشهورين ، الأول لواء الحمد وهو لواء الرسول الكريم ــ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ــ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  قال: ( أنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفَّع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلقة باب الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر)  .
وذكرت الأحاديث لواء الغدر ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَفَعَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً فَقِيلَ : هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ )  
وذكر الحديث لواء الغدر ، فالعقوبة غالبا تقع بضد الذنب، فلما كان الغدر من الأمور الخفية ناسب أن تكون عقوبته بالشهرة على رؤوس الأشهاد .
ويرفع لكل غادر لواء تحت إسته والعياذ بالله ، أي تحت مقعدته ، ويرتفع هذا اللواء بقدر غدرته إن كانت كبيرة صار كبيرا ، وإن كانت صغيرة صار صغيرا ، ويقال : هذه غدرة فلان بن فلان . والعياذ بالله .
ذُكر في الحديث لواء الحمد ، والحمد من أعلى مراتب الطاعات ،والله يجزي المؤمنين بأحسن ما عملوا ، وهل عمل أعلى من الحمد !!
تأمل أخي المسلم، ألوية الجنان ترفع :  لواء الحمد ، لواء القرآن ، لواء الجهاد ، لواء برّ الوالدين ، لواء المحبة في الله ، لواء البراءة من المشركين ، لواء الإصلاح بين الناس ، لواء أداء الأمانة ، لواء إماطة الأذى عن الطريق ، فبأي صفة تُعرف في الدنيا لتكون تحت لوائها يوم القيامة ؟!!
وتفكّر في ألوية النيران ترفع : لواء الشرك ، لواء الخيانة ، لواء فتنة المؤمنين ، لواء الغدر ، لواء الخيانة ، لواء الكذب، لواء الخمر ، لواء الزنا، لواء الغيبة، لواء النفاق ، هناك حيث لا تخفى خافية ، ولا يُكتم سر ، وتكون الفضيحة على رؤوس الخلائق ، ذلك هو الخسران المبين.
فانظر رعاك الله أي الطاعات تعرف فيها في الدنيا ، ويفتح الله عليك بها أبواب السكينة القلبية ، فتلك الطاعة هي لواءك يوم القيامة

حفظوا المصحف وضيعوا القرآن ..

حفظوا المصحف وضيَّعوا القرآن

قال تعالى :
[ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا] { الفرقان: 30 }
قال ابن القيم في " الفوائد ": وهجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه. والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه. والرابع: هجر تدبره وتفهمه. والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها،... وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
رأيت عجوزا أميا في المسجد يأخذ مجلدا من الكتب المتوفرة  ، ويقبله سبع مرات ويضعه على جبهته ، فعل ذلك وهو يحسب أن هذا الكتاب قرآنا ، ومثل هذا العجوز يُعذر فهو يظن أن ما غلافه مثل القرآن فهو قرآن ، ورأيت وسمعت عن أناس كثيرين هم مثل هذه العجوز ، لا يعرفون من القرآن غير غلافه المجلد، رغم أنهم يقرؤون ويكتبون ، وقد يكونون من حملة الشهادات ،وسميتهم أهل الغلاف .
أهل الغلاف هؤلاء يحتفظون بمصاحف في صالوناتهم، وتحت مخداتهم ، ويتبعون عادات وتقاليد الناس لأنهم يتبعون آية في القرآن يحفظونها هي : يا أيها الناس اتبعوا الناس ، وإذا قيل لهم هذه ليست آية في القرآن ، قالوا ربما حديث ، وإذا قلت وليس من الحديث قالوا وهل أنت تعرف كل الآيات وكل الأحاديث ؟!
أهل الغلاف هؤلاء يطالبون في كل أمر بأن (  يطبل ) خصمهم يمينا على القرآن ، وإذا قلت لهم هذا سلوك ليس له أصل في الإسلام ولا يجوز أن يقال مثل ذلك ، لأن القرآن كتاب هداية ونور من رب العالمين وليس طبلا، قالوا نقصد أن للقرآن جلد وللطبل جلد ، ويطبل هنا تعني أن يحلف يمينا مغلَّظة .
أهل الغلاف يفتتحون متجرا أو مطعما وما شابه ويعلقون القرآن على المخل ، ولا يجدون غضاضة في إحاطته بصور فتيات كاسيات عاريات ، وإذا قيل لهم هذا لا يليق بكتاب الله الذي ينهى عن التبرج ويأمر بعدم إظهار زينة المرأة ولحمها ، قيل لك نريد أن نبارك المحل بالقرآن ، فالقرآن بركة .
سافر أب إلى بلد بعيد تاركا زوجته وأولاده الثلاثة،سافر سعيا وراء الرزق، وكان أبناؤه يحبونه حبا جما ،ويكنّون له كل الاحترام ، أرسل الأب رسالته الأولى إلا أنهم لم يفتحوها ليقرؤها ، بل أخذ كل واحد منهم يُقبّل الرسالة لأنها من عند أغلى الأحباب،  وتأملوا الغلاف من الخارج، ثم وضعوا الرسالة في علبة من قطيفة مذهبة، وبين الحين والآخر كانوا يخرجون الرسالة  لينظفوها من التراب ويعيدونها ثانية، وهكذا فعلوا مع كل رسالة أرسلها أبوهم ومضت السنون، وعاد الأب ليجد أسرته لم يبق منهم إلا ابنا واحدا فقط فسأله الأب: أين أمك؟؟
 قال الابن : لقد أصابها مرض شديد بعيد سفرك، ولم يكن معنا مالا لننفق على علاجها فماتت .
 قال الأب: لماذا؟ ألم تفتحوا الرسالة الأولى لقد أرسلت لكم فيها مبلغا كبيرا من المال .
قال الابن: لا.. فسأله أبوه وأين أخوك؟؟
قال الابن: لقد تعرف على بعض رفاق السوء وبعد موت أمي لم يجد من ينصحه ويُقومه فذهب معهم .
تعجب الأب وقال: لماذا؟ ألم يقرأ الرسالة التي طلبت منه فيها أن يبتعد عن رفقاء السوء.. وأن يأتي إليّ.
 رد الابن قائلا: لا قال الأب : لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأين أختك؟
قال الابن: لقد تزوجت ذلك الشاب الذي أرسلتْ تستشيرك في زواجها منه، وهى تعيسة معه أشد تعاسة.
 فقال الأب ثائرا: ألم تقرأ هي الأخرى الرسالة التي أخبرها فيها بسوء سمعة وسلوك هذا الشاب ورفضي لهذا الزواج قال الابن: لا لقد احتفظنا بتلك الرسائل في هذه العلبة القطيفة.. دائما نجملها ونقبلها, ولكننا لم نقرأها .
الله اجعل القرآن العظيم هادينا إلى رضوانك، وقائدنا إلى جنانك ، وشفعينا يوم لقائك .. 

الرجل الذي اشترى جهنم ..

الرجل الذي اشترى جهنم 

يقول الله تعالى في سورة آل عمران :
[وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ] { آل عمران : 199 }
ذكر المغيرة بن شعبة عمر بن الخطاب فقال : كان والله أفضل من أن يخدع ، وأعقل من أن يخدع . وقال عمر : لست بالخب ولا يخدعني الخب ) .
يحكى أن دجالا يتظاهر بلباس رجال الدين جاء إلى إحدى المدن في عصر صكوك الغفران،  فاجتمع الناس من العامة حوله يشترون بضاعته الغريبة، وفي كل يوم كانت سلعته تزداد رواجا ، وزار المدينة رجل حكيم مصلح، فأدهشه إقبال الناس على الدجال ، وسأل عن سبب هذا الزحام الشديد حول هذا الرجل الغريب، فأخبروه: إن هذا الرجل يحمل توكيلا من الله (استغفر الله العظيم) ، وهو يقوم الآن ببيع قطع من أراضي الجنة،ويمنح بذلك سندات،  ومن مات ومعه هذا السند، دخل الجنة وسكن الأرض التي اشتراها هناك .
احتار الرجل في كيفية إقناع هذا الكم الهائل من الناس ، بعدم صدق هذا الرجل ، وأن من اشترى منه قد وقع في تضليله وتدليسه ، إلا أنه وجد من يزجره ويمنعه من المحاولة في هذا الاتجاه لأن بساطة الناس وقلة وعيهم دفعتهم إلى التصديق المطلق بهذا الدجال، .وفي النهاية اهتدى الرجل الحصيف إلى حل عبقري،  حيث تقدم إلى الرجل الذي يبيع قطعا في الجنة
.فقال: له كم سعر القطعة في الجنة ؟ فاخبره: إن القطعة بـ 100 دينار
فقال له: وإذا أردت أن أشتري منك قطعة في ( جهنم )  تبيعها لي ؟؟
فاستغرب الرجل ثم قال: خذها بدون مقابل، فقال الرجل الحصيف: كلا،  لا أريدها إلا بثمن أدفعه لك، وتعطيني سندا بذلك. فقال له: سأعطيك ربع جهنم بـ 100 دينار سعر قطعة واحدة في الجنة.
فقال له الرجل الحصيف: فإن أردت شراءها كلها؟ فقال الدجال: عليك أن تعطيني 400 دينار.
وفي الحال قام الرجل الحصيف بدفع الـ 400 دينار إلى الدجال، وطلب منه تحرير سند بذلك، وأشهد عدد كبيراً من الناس على السند، وبعد اكتمال السند قام الرجل الحصيف بالصراخ بأعلى صوته: أيها الناس لقد اشتريت جهنم كلها ولن اسمح لأي شخص منكم بالدخول، إليها، لأنها صارت ملكي بموجب هذا السند،  أما انتم فلم يتبقى لكم إلا الجنة وليس لكم من مسكن غيرها سواء اشتريتم قطعا أم لم تشتروا.
عند ذاك تفرق الناس من حول هذا الدجال لأنهم ضمنوا عدم الدخول إلى النار، بسند الرجل الحصيف، وأدرك الدجال بأنه أغبى من هؤلاء الذين صدقوا به.
قال الراوي قصصت هذه القصة على رجل كبير السن فقال لي: وهل تعجب من هؤلاء الناس. فقلت: نعم، أيوجد أناس بهذا المستوى من التفكير ؟
فقال: أغلبنا يمثل مستوى تفكيرهم غير أنهم أفضل نية منا .
 فقلت : كيف ؟ فقال : من يشرب الخمر هل يجدها ملقاة على الطريق أم يذهب لشرائها بماله الخاص؟! . فقلت:  بل يشتريها بماله الخاص .
فقال: ومن يقصد بيوت الهوى، ومن يلعب القمار، ومن يتعاطى المخدرات، ومن يضيع الأوقات في مشاهدة الحرام، كلها أموال ندفعها من جيوبنا لنشتري بها قطعا في جهنم.  بينما نترك الصلاة والصيام والذكر والقرآن وغير ذلك من العبادات رغم أننا لا ندفع شيئا من جيوبنا ولا نقبل أن نشتري الجنة بأرخص الأثمان وأيسر الأعمال، فمن أصلح هم أم نحن ؟؟
الله إن سلعتك غالية فلا تُزهدنا بها، وجنتك عالية فلا توهن هممنا في الوصول إليها، ولا تجعلنا ممن يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير .

قطع اللسان عن قطع اليد

قطع اللسان عن قطع اليد

قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز :
﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
 منذ القديم وحتى اليوم  هناك من يعترض على تطبيق حد السرقة بقطع اليد، ويرى أن في ذلك تعسفا في الحكم  ، في القديم اعترض أبو العلاء المعري على هذا الحد قائلا:
يدٌ بخمسِ مئينَ عسجدٍ وُديت       ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقـض ما لنا إلا السكوت له     ونستجير بـمولانـــا من العار
فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي:
لما كانت أمينة كانت ثمينة ، فلما خانت هانت.
ورد عليه الإمام السخاوي:
عِزُّ الأمانة أغلاها، وأرخصها ذل الخيانة، فافهم حكمة الباري
وروي أن الشافعي رحمه الله أجاب بقوله :
هناك مظلومة غالت بقيمتها، وها هنا ظلمت هانت على الباري
وسمعت من داعية على قناة الفجر هو الدكتور صلاح سلطان الذي يعمل في أوقاف دولة  البحرين  أنه في السبعينات من القرن الماضي زار الملك فيصل ملك لسعودية منظمة الأمم المتحدة ، وكان قد أغضب الغرب بقطع إمدادات النفط عن الغرب خلال حرب رمضان ، فأراد رجال الإعلام إحراج الملك ، وقالوا بأن المملكة لا تحترم حقوق الإنسان وأكبر مثال على ذلك هو قطع أيدي الناس أمام الجمهور، وأن هذه همجية وتخلف، فقال الملك :
ـ ولكني سمعت أنه تحدث في أمريكيا جريمة سرقة في كل ثلاثين ثانية .
قالوا : صحيح ، ولكن السارق يوضع في السجن ولا تقطع يده كما تفعلون .
قال : وسمعت أن السجين في أمريكيا يكلف الدولة في كل عام ستين ألف دولار .
قالوا : هذا صحيح، فالسجين له حقوق عندنا .
قال : والدولة من أين تأتي بالمال ؟
قالوا:  من الضرائب .
قال : إذن فاللص يسرق المواطن الأمريكي مرتين ، مرّ من متجره ، ومرة من ضرائبه ، أما فلا بلادنا فنقطع في كل عام خمس أو ست أيدي ، ونترك أبواب متاجرنا مفتوحة لا نخشى اللصوص عندما نذهب للصلاة ، وهذه الحياة الآمنة بفضل إيماننا بقوله تعالى :
( ولكم في القصاص  حياة  يا أولي الألباب "  
روي أن سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ عين والياً، وأراد أن يمتحنه، فقال: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ فقال : أقطع يده ، قال : إذاً فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك ، قال له : يا هذا إن الله استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم ، ونستر عورتهم ، ونوفر لهم حرفةً ، فإن وفينا لهم ذلك تقاضينا منهم شكْرها ، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل ، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية .

زمامير المونديال

زمــامير المونديـال      

يقول الحق جل وعلا :
[وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ] { البقرة : 148}
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم"، قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟! قال: "فمن؟!"..
كان الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  يحرص على أن يكون المسلم عزيزا مستقلا، لا تابعا وإمعة ، وقد حذر من اليوم الذي يقلد فيه المسلمون غيرهم على غير هدى ، حتى أنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلوه وراءهم ، وتبرز هذه الصفة في قصة الأذان .
كان المسلمون في أول عهدهم بالإسلام يجتمعون للصلاة في مواعيدها، من غير دعوة، فلما كثروا، وزاد عددهم، فكر الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  في طريقة يدعو بها الناس إلى الصلاة، فاقترح عليه بعض المسلمين أن يرفع راية في موعد الصلاة، فإذا رآها المسلمون أقبلوا، فلم يعجبه ذلك، فقال بعضهم : نستعمل البوق لننادى به على الصلاة كما تفعل اليهود، فلم يعجبه ذلك أيضًا .
فقال آخرون : نستعمل الناقوس (الجرس الكبير)، فندقه ليعلم المسلمون أن موعد الصلاة قد حان . فلم يعجبه ذلك .
واقترح آخرون أن تشعل نار كما تفعل المجوس ، فلم يعجبه ذلك . وانفض المسلمون من عنده وهم كيفية الدعوة للصلاة تشغل بالهم وتحتل تفكيرهم، فباتوا يفكرون في الطريقة المناسبة للدعوة إلى الصلاة .
وكان أحد الصحابة وهو "عبد الله بن زيد" ـ رضي الله عنه ـ موجودا بينهم ، وكان مسلمًا مؤمنًا، يحب الله ورسوله، ويتقى الله في أعماله .
عن عبد الله بن زيد قال: طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا في يده. فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: ماذا تصنع به؟ قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قال: فقلت له: بلى. قال: تقول: "الله أكبر الله أكبر إلى قوله ...  لا إله إلا الله"،
فلما أصبحت أتيت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  فأخبرته بما رأيت. فقال: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتًا منك، قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال: فسمع بذلك عمر وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى. قال: فقال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  : "فلله الحمد" رواه أحمد: حسن صحيح.
وذكرت بعض الروايات أن أربعة عشر صحابيا رأوا ذات الرؤية . 
في مونديال جنوب إفريقيا ظهر بوق طويل اسمه " الفوفوزيلا" وهو بوق يصدر صوتا يشبه صئي الفيل ، يستخدمه أهل تلك البلاد عند الدعوة إلى الاجتماع .
العجيب أن عددا من كبار رجال الأعمال الإسرائيليين في جنوب إفريقيا استغل تعلق المشجعين هناك بالبوق المعروف باسم «فوفوزيلا» ليستحوذوا على سوق تصنيع هذه الأبواق، وطرح العشرات منها إلى السوق الجنوب إفريقية وبيعها بأسعار متميزة تؤدي إلى انتشاره بين المشجعين.
ولأن شركة " كوكا كولا"  من أكبر الشركات العالمية دعما لدولة اليهود  فقد قامت بجعل هذا البوق  جوائز تحت علب مشروباتها ، والأعجب أن أبناء المسلمين اتخذوا هذا البوق الذي هو من رموز اليهود أداة للزعق في ليالي المونديال ونهاره، ثم صاروا يزعقون به في كل مكان .
في الهند قاطع الهنود مطاعم ماكدونالدز لأنه يستخدم السمن البقري، و هو محرم في شريعتهم ، و حكمت لهم محكمة في كاليفورنيا بتعويضات، و اعتذرت ماكدونالدز للهنود ، أما في بلادنا حيث الغثائية صفة لازمة لبعض الناس فقد اتخذ بعض الشباب بوق اليهود مزمارا من مزامير الشيطان يتفاخرون بالنفخ فيه ، ويقضون به مضاجع الناس ، ويشوشون عليهم صلاتهم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .  

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

المدكر المعاق ..

يسـرنا القـرآن للذكــر ..    

يقول الله تعالى في سورة القمر :
[وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ]  { القمر : 17 }
ويقول الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  ( إن لله أهلين من الناس، فقيل: مَن هم؟ قال أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته ) رواه أحمد .
خلال شهر أيار من عام 2010 بثت قناة الفجر ضمن مسابقة "  الأحفظ  " التي يتبارى فيها حفظة كتاب الله ما أعتبر  معجزة قرآنية أو ما سماه مقدم البرنامج " جند من جنود الله " .
وكانت هذه الآية هي الشاب المتسابق أحمد مسلم أحمد عيد ، فهو شاب معاق عقليا ، لا يعرف يمينه من شماله، ولا يستطيع أن يتدبر لبس قميصه إذا خلعه، ولا يستطيع الإجابة على أي سؤال حتى لو كان عن عمره ، وعندما سأله مقدم البرنامج  : هل تعرف أحكام التجويد ؟  صار يردد آخر مقطع من السؤال مثل الطفل الصغير  : آه.. آه .. أحكام التجويد.
وعندما سأله : هل تحفظ القرآن ؟
أجاب بكلمتين : القرآن حافظ . وكأنه يقول أن القرآن هو الذي يحفظني فأنا شاب معاق لا أستطيع أن أحفظ شيئا .
والمعجزة أن هذا الشاب كما شاهده الملايين، وما زالت الحلقة  محفوظة على الشبكة العنكبوتية يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ، ويستطيع أن يكمل التلاوة من أي مكان تطلبه منه في سور القرآن الكريم، وفوق ذلك يستطيع أن يذكر لك اسم السورة ورقم الآية لأي آية تتلوها عليه بلسان طلق لا تردد فيه ولا تلعثم ، والأغرب من ذلك أنه يميّز الآيات المتشابهات من حيث الموقع والسورة ،فعندما سأله المذيع : ذلكم خير لكم إن كنتم لا تعلمون ، في أي السور وردت .
أجاب الشاب أحمد : في الصف وفي الجمعة
وعندما سأله : أين وردت " هم فيها خالدون "
فأجاب: في البقرة، آل عمران ، الرعد ، يونس ، المجادلة ..
فسبحان الله العظيم يضع سرّه في أضعف خلقه، وهذا المثال وغيره من حفظة القرآن. ثم شاهدنا في ذات البرنامج بعد شهر معجزة مماثلة لشاب من المغرب، يدعى الحبيب المومو وكانت الإعاقة عند الحبيب أشد وأقوى ، ورغم ذلك فهو يحفظ القرآن .
تصديقا لقول الله تعالى في سورة القمر  :
﴿وَلَقَدْ يَسَّـرْنَا الْقُـرْآنَ لِلذِّكْـرِ فَهَـلْ مِنْ مُدَّكِـر
وقال المفسرون أي هَوَّنَّا قِرَاءَته ويسرنا تلاوته على الألسن ، وجعلنه الله سهلا للحفظ، وهذا التيسير للفهم والحفظ لكي يتعظ الناس مما جاء به من مواعظ ، ولكي ينزجر الناس عن نواهيه .  
وكان  الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ  يقول: "لعل وجه تكرير تيسير القرآن للذكر في هذه السورة الإشعار بأنه منَّة عظيمة،  لا ينبغي لأحد أن يغفل عن شكرها" 
وليس هناك كتابا يُقرأ كله ظاهرا إلا القرآن الكريم، فنجد الطفل الصغير والأعجمي وغيرهما، يقبل على حفظ القرآن، فييسر الله له ذلك، رغم أنه لا يعرف من العربية شـيئاً لا قراءة ولا كتابة.
وذلك وجه من وجوه حفظ الله تعالى للقرآن، فقد مرت قرون، واندلعت حروب، ودالت دول، وتعرض كل شيء في بلاد المسلمين تقريبا للتدمير والتخريب والتشويه، إلا القرآن الكريم بقي محفوظا برعاية الله تعالى .
اللهم احفظنا بالقرآن، وجملنا بأخلاق القرآن، واجعله قائدنا إلى الجنان ..