الجمعة، 27 يوليو 2012

لطائف رمضانية

قطائف رمضانية ..

كان أحدهم يبيع زيتون فجاءت له امرأة تشتري منه بالأجل فقال لها : ذوقيه لتعرفيه.  قالت :اني صائمة قضاء رمضان الماضي، فقال لها:  قومي يا ظالمة تماطلين ربك وتطلبين مني الشـراء بالأجل..
~~~~~~~
رؤى أعرابي وهو يأكل فاكهة في نهار رمضان فقيل له :ما هذا ؟ فقال الأعرابي على الفور: قرأت في كتاب الله "وكلوا من ثمره إذا أثمر " والإنسان لا يضمن عمره وقد خفت أن أموت قبل وقت الإفطار فأكون قد مت عاصياً .
~~~~~~~
عندما سأل وزير الداخلية الملقب بتيمورلنك جحا عن اللقب الذي يليق به قياسا على القاب الخلفاء مثل المنتصر بالله والمعز لدين الله والموفق بالله اجابه على الفور : لا أرى لقبا يليق بسيادتكم إلا أعوذ بالله .
~~~~~~~
عن ابن أبي الزناد قال: كان عند أسماء بنت أبي بكر قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قتل عبد الله بن الزبير ذهب القميص فيما ذهب وفيما انتهت، فقالت أسماء: للقميص أشد علي من قتل عبد الله، فوُجد القميص عند رجل من أهل الشام، فقال: لا أرده أو تستغفر لي أسماء، فقيل لها، قالت: كيف أستغفر لقاتل عبد الله، قالوا: أفليس يرد القميص، قالت: قولوا له فليجئ، فجاء بالقميص ومعه عبد الله بن عروة، فقالت: ادفع القميص إلى عبد الله، فدفعه، قالت: قبضت يا عبد الله، قال: نعم، قالت: غفر الله لك يا عبد الله، وإنما عنت عبد الله بن عروة.
~~~~~~~

سُئل الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن أجمل حكمة قرأها في حياته فقال: "لقد قرأت لأكثر من سبعين عاما فما وجدت حكمة أجمل من تلك التي رواها ابن الجوزي رحمه الله في كتابه "صيد الخاطر" حيث يقول: "إن مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها ، وإن لذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها".
~~~~~~~
قال أبو العباس الفضل بن محمد بن الفضل العلوي: قال عمي العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب: أعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيء، ففرّغه للمهم، وأن مالك لا يُغني الناس كلَّهم، فخُصَّ به أهل الحق، وأن كرامتك لا تُطيق العامة، فتوخَّ بها أهل الفضل، وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك، وإن دأبت فيهما، فأحسن قسمتهما بين عملك ودَعَتِك من ذلك، فإنما شَغَلَك من رأيك في غير المهم إزراء بالمهم، وما صرفت من مالك في الباطل فقَدته حين تريده للحق، وما عمدت من كرامتك إلى أهل النقص أضرَّ بك في العجز عن أهل الفضل، وما شغلت من ليلك ونهارك في غير الحاجة أزرى في الحاجة.
~~~~~~~
كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة، يحضـر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المبارك، ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه.فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله:أي شيء يقول العاطس إذا عطس؟ فقال الرجل: الحمد لله!عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله   
~~~~~~~
جاء رجل إلى فقيه فقال: أفطرت يوماً في رمضان.. فقال له الفقيه: اقض يوماً مكانه قال: قضيت، وأتيت أهلى وقد صنعوا مأمونية.. نوع من الحلوى الفاخرة..
فسبقتني يدي إليه،  فأكلت منها قال الفقيه: اقض يوماً مكانه، قال الرجل: قضيت ،  وأتيت أهلي وقد صنعوا هريسة  فسبقتني يدي إليها فقال الفقيه: أرى ألا تصوم بعد ذلك إلا ويدك مغلولة إلى عنقك ؟
~~~~~~~
أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقاً له نوعاً من الحلوى قد فسد مذاقها لقدمها ،  وبعث معها بطاقة كتب فيه : إني اخترت لهذه الحلوى السكر المدائني والزعفران الأصفهاني،  فأجابه صديقه بعد أن ذاق طعمها : والله ما أظن حلواك هذه صنعت إلا قبل أن تفتح المدائن وتبنى أصفهان !!
~~~~~~~
قيل لبعض الحمقى : كيف صنعتم في رمضان ؟
فأجابوا : أجتمعنا ثلاثين رجلاً فصمناه يوماًً واحداً
~~~~~~~
قيل لأعرابي: رمضان قادم على الأبواب . فقال: لأبددنّه بالأسفار
~~~~~~~
ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة الايام وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار فقال: لأخصمنّها من شهر رمضان
~~~~~~~
وقف سائل بباب بخيل يطلب إحسانا
فقال له البخيل: النساء لسن في المنزل يرزقك الله
فرد السائل: إنني أسألك رغيفاً وليس عروساً
~~~~~~~
جاء رجل إلى القاضي حسين وهو من فقهاء الشافعية فقال له: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي إن الليلة أول يوم من رمضان فقال له إن الذي تزعم أنك رأيته في المنام رآه الصحابة في اليقظة
وقال لهم (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))
~~~~~~~
دخل أحد الحمقى على أحد الخلفاء في إحدى الليالي الرمضانية وهو يأكل فدعاه الخليفة ليأكل فقال أني صائم يا أمير المؤمنين فسأله هل تصل النهار بالليل ؟ فأجابه لا ولكني وجدت صيام الليل أسهل من صيام النهار وحلاوة الطعام في النهار أفضل من حلاوته في الليل
~~~~~~~
دخل شاعر على رجل بخيل فامتقع وجه البخيل وظهر عليه القلق والاضطراب ، ووضع في نفسه إن أكل الشاعر من طعامه فإنه سيهجوه .. غير أن الشاعر انتبه إلى ما أصاب الرجل فترفق بحاله ولم يطعم من طعامه .. ومضى عنه وهو يقول:
تغير إذ دخلت عليه حتى فطنت
عليَّ اليوم نذرٌ من صيامٍ

فقلت في عرض المقالِ
فاشرق وجهه مثلَ الهلالِ
~~~~~~~
تقتضي الشريعة الإسلامية بأنه لا صيام لشهر رمضان حتى تثبت الرؤية، وقد كان الصوم في يوم الشك مثار خلاف بين الفقهاء.
ومن طريف ما يروي أن (شريكًا) قاضي المسلمين على عهد (الرشيد)، كان في مجلس الخليفة في يوم الشك والفقهاء عنده، فلم يزالوا جلوسًا إلى الظهر ينتظرون الأنباء من هنا وهناك، فجاءت بأن الهلال لم يره أحد البارحة، وكان بين يدي الخليفة تفاح، فطرح إلى كل من الجالسين تفاحة، فأكلوا إلا القاضي (شريكًا)، فإنه لم يقرب تفاحته.
فأراد الفقيه الكبير (أبو يوسف) أن يوقع بين الخليفة وقاضيه، فقال: انظر يا أمير المؤمنين إلى قاضيك يخالفك؛ إذ إنه أبى أن يأكل ويريد أن يتم صيام اليوم وجد القاضي نفسه في مأزق، ولكن بديهته أسعفته بقوله: "لم أخالفك يا أمير المؤمنين، بل هو الذي خالفك... إنما أنت إمام ونحن الرعية لا نفطر حتى تفطر أنت، وليس لنا أن نتقدمك".
قال الخليفة: (صدقت)، ثم أكل وبعده أكل شريك.
~~~~~~~
كان من عادة عمر بن عبد العزيز وهو والي المدينة أن يصلي في رمضان الصلوات الخمس كلها في مسجد رسول الله .. وبينما هو يصلي العصر رأى أعرابيًّا يأكل بجانب قبر الرسول^، فدنا منه فقال له: أمريض أنت؟!قال: لا.قال: أعلى سفر؟قال: لا.قال: فما لك مفطر والناس صائمون؟! قال الأعرابي: إنكم تجدون الطعام فتصومون، وأنا إن وجدته لا أدعه يفلت مني.
ثم أنشد:
ماذا تقـول لبائـس متوحـد
يصطاد أفراخ القطـا لطعامـه
والقوم صــــاموا الشهر عند حلوله

كالوعل في شعب الجبال يقيم
وبنـوه أنضاء الهموم جثـوم
لكنـه طــــــــــــــول الحيـاة يصـوم

~~~~~~~
يروى أن صائمًا دخل قرية في رمضان، فرأى كل من فيها يأكلون نهارًا. استغرب الأمر، وقال لهم: أما عندكم رمضان؟!
قالوا: بلى، ولكن شيخنا يصوم عنا.
فذهب إلى دار الشيخ مستغربًا، ودخل وكان الوقت نهارًا، فرأى أمام الشيخ سفرة طولها كذا ذراعًا، وعليها ما لذَّ وطاب من المآكل، والشيخ يلوك الطعام، فقال:
شيخي، علمت أنك تصوم عن أهل البلد؟!
فرد الشيخ قائلاً: يا جاهل، من يصوم عن أهل بلد، أَلاَ يتسحر مرة كل نصف ساعة؟
~~~~~~~
 قصتنا  تعود إلى أكثر من 80 عاما تقريباً فقد كان هناك رجل له مكانة في إحدى القرى ويعد واحدا من علمائها الذين ينالون ثقة الناس، وكان اليوم يوم عيد فخرج الرجل في أحلى صورة يلبس جلبابا فوقه عباءة غالية الثمن وعمامة فوق رأسه تزين هذه الملابس الجميلة، وإذا بأحد الفقراء يقول له: "ما أجمل ملابسك!! هلا أعطيتني هذه العباءة؟" فقال له: "هي لك وخذ معها العمامة".. ورجع الرجل إلى بيته فرأته زوجته فقالت له: "لم فعلت هذا بنفسك فى يوم العيد؟" فقال لها: "لا تقلقي فالله يقول: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه".. وسيخلف علينا".. ودخل لينام ثم استيقظ فوجد كيساً بجوار الفراش ففتحه فوجد به تسع عباءات فنادى على زوجته: "يا أم فلان.. ما هذا؟".. فقالت له: "كان أحد أصدقائك مسافرا وقد عاد وأحضر لك هذه الهدية؟" فقال: "وأين العباءة العاشرة؟!!" فقالت: "خبأتها منك حيث إذا أنفقت كل هذه العباءات وجدت ما تلبسه"!!!
~~~~~~~
قال نصر بن علي الجهضمي: كان لي جار طفيلي، وكان من أحسن الناس منظرًا وأعذبهم منطقًا وأطيبهم رائحة وأجملهم ملبوسًا، وكان من شأنه أني إذا دعيَتْ لي دعوة تبعني، فيكرمه الناس من أجلي، ويظنون أنه صاحب لي.
فاتفق يومًا أن جعفر بن القاسم الهاشمي أمير البصـرة أراد أن يختن بعض أولاده، فقلت في نفسي: كأني برسوله وقد جاء، وكأني بهذا الرجل قد تبعني، والله لئن تبعني لأفضحنه، فأنا على ذلك إذ جاء الرسول يدعوني، فما زدت أن لبست ثيابي وخرجت، فإذا أنا بالطفيلي واقف على باب داره قد سبقني بالتأهب، فتقدمت وتبعني، فلما دخلنا دار الأمير جلسنا ساعة، ودعي بالطعام، وحضرت الموائد، وكان كل جماعة على مائدة والطفيلي معي، فلما مد يده ليتناول الطعام؛ قلت: حدثنا درست بن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله ^: "من دخل دار قوم بغير إذنهم فأكل طعامهم دخل سارقًا وخرج مغيرًا". فلما سمع ذلك قال: أثبت لك عثرًا والله من هذا الكلام فإنه ما من أحد من الجماعة إلا وهو يظن أنك تعرض به دون صاحبه، أولا تستحي أن تحدّث بهذا الكلام على مائدة سيد من أطعم الطعام، وتبخل بطعام غيرك على من سواك، ثم لا تستحي أن تحدث عن درست بن زياد وهو ضعيف، عن إبان بن طارق وهو متروك الحديث؛ يحكم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون على خلافه، لأن حكم السارق القطع، وحكم المغير أن يعزر على ما يراه الإمام، وأين أنت عن حديث حدثناه أبو عاصم النبيل عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية" وهو إسناد صحيح.
قال نصر بن علي: فأفحمني، فلم يحضرني له جواب .
~~~~~~~

أشد الناس حسرة .. !!

  . ..    
قال الحق سبحانه وتعالى في سورة مريم :
}  وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ  {{ مريم : 39 }
من أشد الناس حسرة يوم القيامة ؟
قال القرطبي في التذكرة رداً على هذا السؤال ما نصه، عن أبي الفرج ابن الجوزي قال: قال بعض العلماء: أشد الناس حسرة يوم القيامة، رجل ملك عبداً فعلمه شرائع الإسلام فأطاع وأحسن وعصى السيد، فإذا كان يوم القيامة أُمر بالعبد إلى الجنة، وأُمر بسيده إلى النار، فيقول عند ذلك: واحسرتاه واغبناه، أما هذا عبدي؟ أما كنت قادراً على جميع ما له، فما له سعد ومالي شقيت؟! فيناديه الملك الموكل به: لأنه تأدب، وما تأدبت، وأحسن، وأسأت.
ورجل كسب مالاً فعصى الله تعالى في جمعه ومنعه، ولم يقدمه بين يديه حتى صار إلى وارثه، فأحسن في إنفاقه وأطاع الله سبحانه في إخراجه وقدمه بين يديه، فإذا كان يوم القيامة أُمر بالوارث إلى الجنة، وأُمر بصاحب المال إلى النار، فيقول: واحسـرتاه، واغبناه.. أما هذا مالي؟! فيناديه الملك الموكل به لأنه أطاع الله، وما أطعت، وأنفق لوجهه وما أنفقت، فسعد وشقيت.
ورجل علم قوماً ووعظهم، فعملوا بقوله ولم يعمل، فإذا كان يوم القيامة أُمر بهم إلى الجنة، وأُمر به إلى النار، فيقول: واحسرتاه، واغبناه، أما هذا علمي؟ فما لهم فازوا به وما فزت؟ وسلموا وما سلمت؟ فيناديه الملك الموكل به: لأنهم عملوا بما قلت وما عملت، فسعدوا وشقيت.
وقال سفيان بن عينية: كان يقال أشد الناس حسرة يوم القيامة ثلاثة: رجل كان له عبد فجاء يوم القيامة أفضل عملا منه ، ورجل له مال فلم يتصدق منه فمات فورثه غيره فتصدق منه ،ورجل عالم لم ينتفع بعلمه فعلمه غيره فانتفع به .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ، واجعله الوارث منّـا ..

توبة شاب على يد والدته

 

كان بالمدينة امرأة متعبدة، ولها ولد يلهو، وهو مُلهي أهل المدينة. وكانت تعِظُه، وتقول: يا بني! اذكر مصارع الغافلين قبلك، وعواقب البطالين قبلك، اذكر نزول الموت. فلا يسمع مقالها .
فلم يزل كذلك حتى قدم أبو عامر البناني واعظ أهل الحجاز، ووافق قدومه رمضان، فسأله إخوانه أن يجلس في مسجد رسول الله -^ -فأجابهم.
وجلس ليلة الجمعة بعد انقضاء التراويح، واجتمع الناس، وجاء الفتى فجلس مع القوم، فلم يزل أبو عامر يَعِظ وينذر ويبشر، إلى أن ماتت القلوب فرقا، واشتاقت النفوس إلى الجنة، فوقعت الموعظة في قلب الغلام فتغير لونه. ثم نهض إلى أمه، فبكى عندها طويلا، ثم قال: يا أم ، لقد تبت إلى الله ، فهل يقبل الله توبتي ؟
ثم شمر في العبادة وجد، فقربت إليه أمه ليلة إفطاره، فامتنع وقال: أجد ألم الحمى، فأظن أن الأجل قد أزف. ثم فزع إلى محرابه، ولسانه لا يفتر من الذكر. فبقي أربعة أيام على تلك الحال. ثم استقبل القبلة ، وقال: إلهي عصيتك قويا، وأطعتك ضعيفا، وأسخطتك جلدا، وخدمتك نحيفا، فليت شعري هل قبلتني؟ ثم سقط مغشيا عليه، فانشج وجهه. فقامت إليه أمه، فقالت: يا ثمرة فؤادي، وقرة عيني، رد جوابي.
فأفاق فقال: يا أماه! هذا اليوم الذي كنت تحذريني، وهذا الوقت الذي كنت تخوفيني، فيا أسفي على الأيام الخوالي، يا أماه! إني  خائف على نفسي أن يطول في النار حبسـي؛ بالله عليك يا أماه، قومي فضعي رجلك على خدّي، حتى أذوق طعم الذل لعله يرحمني، ففعلت، وهو يقول: هذا جزاء من أساء، ثم مات رحمه الله.
قالت أمه: فرأيته في المنام ليلة الجمعة، وكأنه القمر، فقلت: يا ولدي! ما فعل الله بك؟ فقال: خيرا، رفع درجتي.
قلت: فما كنت تقول قبل موتك؟ قال: هتف بي هاتف: أجب الرحمن! فأجبت.

المال والبنون

المال والبنون    

لقد قرن الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم الأموال والأولاد في أربعة وعشرين موضعاً وكأنه يذكرنا بأهمية الموضوع عدد ساعات  الليل والنهار  .
قال القرطبي رحمه الله -:
  إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا؛ لأن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا  . وعطف الأولاد على الأموال لاستيفاء أقوى دواعي الخيانة فإن غرض جمهور الناس في جمع الأموال أن يتركوها لأبنائهم من بعدهم.
قال رسول الله -^ -  : " إن الولد مَبْخلة مَجْبنة مَجْهلة مَحْزنة   " ‏ { صحيح على شرط مسلم }
وقد شاهدنا مَنْ من كان من أهل الدين من  يشغله الكسب والتجارة في أمواله حتى صار يصلي كثيراً من الصلوات الخمس فائتة.
وقد شاهدنا من كان موصوفاً عند الناس بالديانة والورع، فحين لاح له منصب وتولاَّه، استناب من يلوذ به من أولاده وأقاربه، وإن كان بعض من استنابه صغير السن قليل العلم سيئ الطريقة.
فحب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الذنوب والآثام في سبيل تربيتهم والإنفاق عليهم وتأمين الثروة لهم، وكل ذلك قد يؤدي إلى الجبن عند الحاجة إلى الدفاع عن الحق أو الأمة أو الدين، وإلى البخل بالزكاة والنفقات المفروضة والحقوق الثابتة، كما يحملهم ذلك على الحزن على من يموت منهم بالسخط على المولى والاعتراض عليه إلى نحو ذلك من المعاصي : كنوح الأمهات وتمزيق ثيابهن ولطم وجوههن، وعلى الجملة ففتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال؛ فالرجل يكسب المال الحرام ، ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد.
وهذا عمر بن عبد العزيز ـ رضوان الله عليه ـ  ينام على فراش الموت ،  ويدخل عليه ابن عمه ويقول له: يا أمير المؤمنين! لقد تركت أولادك فقراء، ألا توصي لأبنائك بشيء؟! فيقول عمر بن عبد العزيز:
ـ  وهل أملك شيئاً من المال لأوصي لأبنائي به، أم تريد أن أوصي لهم بأموال المسلمين؟! والله، ما أنا بفاعل.  أدخلوا أبنائي عليّ، فأدخلوهم عليه، وهو على فراش الموت، فنظر إليهم وبكى، وقال: أي بنيّ، إن أباكم قد خُـيّر بين أمرين: بين أن يترككم فقراء، ويدخل الجنة ، أو أن يترككم أغنياء من أموال المسلمين ويدخل النار، ولقد اختار أبوكم الجنة إن شاء الله، وأنتم عندي أحد رجلين: إما أن تكونوا صالحين فالله يتولى الصالحين، وإما أن تكونوا غير ذلك فلا أدع لكم ما تستعينون به على معصية الله  وأسأل عنه أنا بين يدي الله، اخرجوا عني، فخرجوا عنه، وهو يردد قول الله:  } تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {  { القصص:83} ، وفاضت روحه إلى رب العالمين..

من عجائب برّ الأب ..!!

من عجائب برّ الأب ..!!    

وكان لأمية الكناني ولــد يقال له كُلاب ، كبر بين يديه حتى أصبح شاباً فتياً يافعاً ، وكان كُلاب هـــذا عابداً زاهداً باراً بوالديه ، فأحبه أمية أشد ما يحب الأب ابنه ، فتعلقت به نفسه. وذات يوم نادى الخليفة عمر  بن الخطاب للخروج إلى الجهاد ، فجاءه أمية ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إني والله أحب الجهاد في سبيل الله ، وما يمنعني اليوم من الخروج إليه إلا ضعف جسدي وكبر سني ، فلما أحسّ الابن برغبة والده قام ابنه الوحيد كٌلاب فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا أبيع الله نفسـي ، وأبيع دنياي بآخرتي ، فتعلق به أبوه، وقــال : لا تدع أبويك شيخين كبيرين ضعيفين ربياك صغيراً ؛ فمــا زال كلاب بأبيه يحاول فيه ويرضيه حتى أذن له بالخروج إلى الجهاد.
وخرج كلاب إلى الجهاد فغاب عن أبويه ، وكان أمية كلما تذكر ولده كلاب بكى وبكت زوجتــه ، وذات يوم جلس أمية خــارج بيته فـرأى حمامة تُطعم فراخها ، فتذكر ابنه كلاب وأخذ يبكي ، ثم أنشد قائلاً :
لمـن شيخـان قـد نشدا كلابا
فإنك والتماس الأجـــــــــــــر بعــدي

كـتاب الله لــو قبل الكتابا
كباغي المـــــــــاء يتبع الســـــــــــــــرابا
وازدادَ بكاء أمية على ولده حتى ضعف بصـره - ويقال عمي بصـره - فقال سأذهب إلى عمر وأقسم عليه أن يرد عليَّ ابني ، فردته زوجته ، فنهرها وذهب ، فلما دخل على الفاروق رضي الله عنه ، أنشد فتأثر عمر تأثراً بالغاً ، وأرسل إلى أمير الجيش في العراق أن يردَّ كلاباً ، فأمر أمير الجند كُلاب أن يرجع إلى المدينة ، فرجع كُلاب لا يدري ما الأمر ، ولا يدري لمـاذا خُص بهذا الخطــاب ، ولما وصــل المدينة ذهب إلى عمــر بن الخطاب قبل أبويه ، فقال له عمر : يا بني ما بلغ من برك بأبيك ؟ فقال كـلاب : كنت أؤثره على نفسـي وأكفيه أمره ، وكنت إذا أردت أن أحلب لــه لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في إبلي فأريحها ، وأتركها حتى تستقر، ثم اغسل ضروعها حتى تبرد، ثم أحلب له فيخرج الحليب بارداً، ثم أسقيه إياه، فأرسل عمر إلى أمية أن يحضـر إليه ، فجاء أمية يتهادى قـد انحنى ظهــره ، فلما جلس قال له عمر : يا أمية ، كيف تجدك ؟ فقال:كما ترى يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : يا أبا كلاب ، ما أحب الأشياء إليك ؟ قــال أمية : ما أحب اليوم شيء ، ما أفرح بخير ولا يسوءني شر ، فقال عمر: ومع ذلك يا أمية ما  تتمنى ؟ فقال أمية : بلى ، أتمنى كلاب ، أحب أنه عندي فأضمه ضمه ، وأشمه شمة ، فرق له عمر وقال : ستبلغ ما تحب إن شاء الله.  
وأمر عمر كلاب أن يحلب الناقة كما كان يحلبها لأبيه ، ثم أخذ عمر الإناء الذي فيه الحليب وأعطاه لأمية وقــال : اشرب يا أبا كـلاب ، فلما قــرب أمية الإناء من فمه ، توقف برهة وقال : يا أمير المؤمنين ، والله إني لأشم رائحة يديّ كلاب ، فجاء عمر بكلاب لأمية وقال :هذا كلاب يا أبا كلاب ، فوثب أمية من مكانه وضم ابنه وهو يبكي ، فبكى كلاب لبكاء أبيه ، وبكى عمر لبكائهما ، وبكى الجميع حتى ضج المجلس بالبكاء.
وقال عمر لكلاب:يا كلاب،ألزم أبويك وجاهد فيهما ما بقيا ، ثم شأنك بنفسك بعدهما ، وأمر بعطائه وصرفه مع أبيه .

يستحق الصعق

  

من الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسـيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسـيء الليل ؟
من الذي ينادي في كل ليلة هل من سائل فأعطيه ، هل من مستغفر فأغفر له ؟
من الذي ينادي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرتها لك ولا أبالي ؟
من الذي ينادي : يا عبادي إنكم تخطئون في الليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم ؟ من الذي ينادي :  }  قل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {
هناك عشر محطات لتنقية نفس المسلم من ذنوبه قبل عرضه أمام ربه يوم العرض الأكبر  ، وهي محطات رحمة رب العالمين بخلقه ، وكل ابن خطاء ، وهي محطات تتدرج في الصعوبة والزمان والمكان لكي لا يبقى عذرا لمعتذر :
الأولى : أن يتوب توبه نصوح فإن التائب من الذنب كمن لاذنب له0                                  
الثانية : ان يستغفر الله فيغفر له0
الثالثة : أن يعمل من الحسنات مايمحوها(إن الحسنات يذهبن السيئات)
الر ابعة : أن يدعو له إخوانه المؤمنون0
الخامسة  : ان يهدي له إخوانه مثل الصدقات وغيرها .
السادسة : أن يشفع له النبي -^ -.
السابعة: أن يبتليه الله في الدنيا بمصائب في نفسه وماله وولده وأقاربه ومن يحب.
الثامنة: أن يبتليه في البرزخ بالفتنه الضغطه وهي عصر القبر له فيكفر عنه.
التاسعة: أن يبتليه الله في عرصات القيامه من اهوالها بما يكفر عنه.
العاشرة : أن يرحمه أرحم الراحمين0
قال ملك لوزيره: ما خير ما يرزق الإنسان قال الوزير: عقل يفكر به. قال الملك : فان لم يكن؟ قال: فأدب يتحلى به. قال الملك: فإن عدمه؟ قال: فمال يتعيش به. قال الملك: فإن عدمه؟ قال الوزير : فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد ..