الثلاثاء، 5 مارس 2013

الاشتغال بالقرآن ....


أمر الله سبحانه وتعالى عباده بدعائه ، وحذره من تركه لأنه مظهر من مظاهر الكبر، ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ‏سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60]
والدعاء كما يعلمنا الرسول مخ العبادة ، ولكن كيف ندعو ؟؟
جاء في حديث فضالة ‏بن عبيد أن رسول الله سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى ولم يصل على النبي ‏فقال رسول الله : عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه ‏عز وجل والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء" رواه ‏الإمام احمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح
وفي حديث أنس: أنه كان  ‏جالسا مع النبي، ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إنى أسالك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت، المنان، بديع ‏السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا الله
باسمه ‏الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى"
وقد بين العلماء أن الدعاء قد يأتي على صورتين ، دعاء ثناء ودعاء طلب :
داء الثناء مثلدعاء ذى النون علية السلام : ونادى في الظلمات لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))
 
وهو ما يتعارف عليه بالذكر، ولهذا جاء في ‏الحديث أفضل الدعاء" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل ‏شيء قدير"
أما دعاء الطلب أو المسألة هو ما فيه سؤال مباشر :
  ((وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ 89 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ 90)). <<الأنبياء :89,90>>
فخير الدعاء هو الدعاء الذي يبدأ بالثناء على الله سبحانه وتعالى ، بتسبيحه وتحميده وتكبيره، والثناء على الرسول بالصلاة عليه، ثم تقديم السؤال.
وإذا طلب تم ما هو خير من ذلك فهو قراءة القرآن ، ففيه تسبيح وتحميد وخير الدعاء دعاء الرسل وألأنبياء والصالحين، ومن هنا نفهم حديث الرسول وقد روى ‏الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من شغله قراءة القرآن عن ذكري ‏ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" رواه الترمذي وقال حديث حسن .
فيما يرويه أبو سعيد الخدري أن الرسول قال: من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه .

الراوي: أبو سعيد الخدري - خلاصة الدرجة: صحيح أو حسن - المحدث: ابن الملقن - المصدر: تحفة المحتاج - الصفحة أو الرقم: 2/173

أخـــلاق رفيعـــة

أخـــلاق رفيعـــة

بينما كان أمير المؤمنين ( عمر بن عبدا لعزيز ) يدخل المسجد لأداء صلاة الصبح،  وكان المكان مظلما , فإذا به يتعثر ويسقط بسبب رجل نائم عند باب المسجد , فقام عمر واعتذر للرجل , ولكن هذا الرجل - وهو المخطئ - صرخ في وجه عمر قائلاً  : هل أنت أعمى ؟! 
فقال عمر : لا .وكان أحد الجند واقفاً عند باب المسجد فاستل سيفه،  وقال : دعني أقتص منه يا أمير المؤمنين .فلما سمع الرجل ذلك ارتعد خوفاً،  وعرف أنه صرخ في وجه أمير المؤمنين , ولكن عمر ـ رضي الله عنه ـ  ربت على كتفه وقال : لا تخف .ثم التفت إلى الجندي وقال له: تقتص ممن ؟ مالكم والناس ،  سألني الرجل هل أنت أعمى وأجبته ، وانتهى الأمر ...

فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ ، فلا ترى إلا أبا بكر. فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، والله إني لشاعرة:   مذممًا عصينا***وأمره أبينا  ***ودينه قلينا, ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال: (ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني). وكانت قريش إنما تسمي رسول الله  صلى الله عليه وسلم مذممًا؛ يسبونه، وكان يقول: (ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش، يسبون ويهجون مذمما  وأنا محمد).


الإفــــراط والتفــــريط .....

الإفــــراط والتفــــريط ..... 

 التفريط هو التقصير في الأمر وتضييعه حتى يفوت وفي التنزيل: "أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه" (الزمر: من الآية56)
والإفراط هو المبالغة والغلو وتجاوز الحدود وفي التنزيل : " ولا تطع من اغفلنا ...
الاقتصاد – الاستقامة – الوسط – السواء- هذه الكلمات كلها تعني أنك تكون وسطياً لا إفراط ولا تفريط ، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ (64) آل عمران) (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ (19) لقمان)
فالاستقامة هي فضيلة بين رذيلتين، وهكذا نجد أن :
الكرم وسط بين رذيلتين هما الإسراف أو التبذير من جهة والبخل والتقتير من جهة أخرى ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) الفرقان)
والشجاعة وسط بين رذيلتين هما التهور في طرف والجبن في الطرف الثاني .

الأستاذ مالك بن نبي
ذهان السهولة (مرض السهولة): يميل المسلم في تقويمه للأشياء إما للغلو فيها أو للحط من قيمتها، ويتمثل هذا في نوعين من الأمراض: فإما أن الأمور سهلة جداً ولا تحتاج إلى تعب وكد فكر، والحل بسيط، وإما أن الأمور مستحيلة، وأبرز مثال على مرض (السهولة): قضية فلسطين، فقد قيل: إن إخراج اليهود سيتحقق بعد أشهر، ولو نفخنا عليهم نفخة واحدة لطاروا، ولكنهم في الحقيقة لم يطيروا، (وهناك من يظن أنه بخطبة رنانة تحل مشاكل المسلمين، وبعضهم يكره أن تدعوه إلى تفكير عميق في موضوع ما من الموضوعات لأنه يؤثر السهولة ويكتفي بتفسير سطحي، وعندما تخطط السياسة طبقاً لمبدأ السهولة فإنها سوف تجتذب إلى تيارها كثيراً من الناس ذوي النوايا الطيبة، الذين يقدرون الأشياء بناء على سهولات الحاضر لا على صعوبات المستقبل) وأيسر طريق لأصحاب السياسات الانتهازية أن يستخدموا كلمات مثل: الاستعمار والإمبريالية والوطنية؛ للتغرير بالشعوب، هذه الكلمات التي (تليق جداً لتشحيم المنحدر حتى يكون الانزلاق عليه نحو السهولة ميسوراً جداً
 ذهان الاستحالة: وقد يحدث العكس، فيرى المسلم أن الأمور مستحيلة ويقف أمامها عاجزاً، وهي في الحقيقة غير مستحيلة ولكن ربما يضخمها عمداً حتى لا يتعب نفسه في الحل، أو أنه يشعر بضآلة نفسه وصغر همته فيحكم عليها بالاستحالة، وقد مرت فترة كانت بعض الشعوب تنظر إلى صعوبة إخراج المستعمر من بلادها
وقد تجد اليوم بعض المسلمين الذين ينتظرون (معجزة الرجل الوحيد) كأن يأتي صلاح الدين آخر ليوحد المسلمين من جديد، ويعتقدون استحالة أية محاولة لاستئناف حياة إسلامية.
ومن هذه المعاني وصل الفلاسفة إلى شيء سموه الوسط الذهبي.. ومبدأ الثنائية خطأ فليست الأمور أسود أو أبيض. ونحن نتعامل مع إسرائيل بين حدّي الاستحالة والسهولة.
فإما أنها دويلة العصابات أو أنها التنين النووي?

من بركات الأم

من بركات الأم 

 ((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَل َصَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))
الأم أولا لأن حسناتها مخفية
عن سعيد بن جبير قال : لدغتني عقرب، فأقسمت امي عليّ أن أسترقي، فأعطيت الراقي يدي التي لم تلدغ، وكرهت أن أحنثها .
عن أصبغ بن زيد قال: " إنما منع أويسا أن يقدم على النبي ـ ص ـ بره بأمه ـ
عندما سئل الشيخ الداعية خالد الجندي عن سبب محبة الناس له قال :
أعتقد أن حب الناس لي وراءه دعاء أمي- رحمها الله- لي،فقد كانت في وقتٍ ما مريضة،وتحتاج لأن تقوم في الليل عدة مرات لقضاء حاجتها،وكانت تتسلل على أطراف أصابعها لكي لا تُزعجنا أنا وإخوتي ،ولكني شعرتُ بذلك،فأصبحت أنام بجوار سريرها على الأرض وأمد ساقَيَّ بحيث تطَأهُما بقدميها كلما نزلت من السرير، لأصحو من نومي وأقوم نحوها بما يجب على الإبن البار بأمه في هذه الحالات.
ولقد حاولَت كثيرا أن تُثنيني عن ذلك ولكنها لم تُفلح،وقد استمر ذلك لعدة سنوات،فدعت لي ذات مرة بأن يحبني الله تعالى وأن يحبِّبْني اللهُ إلى خلقه،وأظن أن الله قد استجاب لها

الصـــــاحب بالجنـــــب

الصـــــاحب بالجنـــــب

آية كريمة من كتاب الله الكريم سماها الشيخ شلتوت آية التكافل الاجتماعي، وسماها غيره آية الحقوق  العشر في الإسلام، هذه الآية هي الآية رقم 84 من سورة النساء:
وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًاِ [ النساء: 84 ]
هي عشر حقوق على التمام، تبدأ بحق الله على المؤمن أن يعبده ولا يشرك به شيئا ،وتنهي بالإحسان لما ملكت أيمان المؤمنين، ونقف عند الحق الثامن في هذه الآية وهو حق الصاحب بالجنب على أخيه المسلم .
من هو الصاحب بالجنب ؟
اختلف المفسرون في تعيين الصاحب بالجنب ، ولكن الراجح من أقوالهم أن الصاحب بالجنب هو الصاحب الملازم لصاحبه، كما يقال : فلان بجنب فلان، وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلان فلاناً فهو يجنبه جنباً، إذا كان لجنبه. ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعض. ويدخل في هذا :
الرفيق في السفر الذي منزله منزلك، وطعامه طعامك، ومسيره مسيرك .
والصاجب في الحضر الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك وخيرك .
والزميل في العمل أو العلم أو المهنة، وهذا الصنف من الأصحاب هو أكثر الأصحاب في يومنا هذا، فالسفر وإن طال فهو قصير، وأكثر من يكون جنبك نمت الناس هو زميلك في العمل.
فهل يحفظ الواحد منا حق زميله في العمل؟

إن أحاك الحق من كان معك      وممن يضر نفسه لينفعك
ومن إذ ريب الزمان صدعك     شتت فيك شمله ليجمعك

لماذا قتل الرسول ابن خالتـــه الأســــير ؟؟

لماذا قتل الرسول ابن خالتـــه الأســــير ؟؟

ونحن في ظلال ذكرى معركة بدر الكبرى، تلك المعركة التي أسست لحكم الإسلام في المدينة ، نقف عند قصة الأسرى !!
عاد المسلمون إلى المدينة، وقد نصرهم الله -تعالى- على عدوهم في أولى المعارك التي خاضوها، وهاهم أولاء يجرون معهم سبعين أسيرًا من المشركين بعد أن قتلوا سبعين مثلهم، وفي الطريق قَتَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنين من أكابر المجرمين الموجودين في الأسرى؛ وهما النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط لأنهما طغيا وأذيا المسلمين إيذاءً شديدًا، أما باقي الأسرى فتشاور الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة في أمرهم هل يقتلونهم أم يقبلون الفدية ويطلقونهم؟ فأشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يقتلوهم، وأشار أبو بكر -رضي الله عنه- أن يطلقوا سراحهم مقابل فدية (مبلغ من المال) تكون عونًا للمسلمين على قضاء حوائجهم، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر.
ولكن القرآن الكريم نزل يؤيد رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال الله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [الأنفال: 67-68].
فلماذا أصرّ الرسول على قتل النضر بن الحارث وكان ابن خالته في النسب ؟؟
، فإنه كان إذا جلس رسول اللّه (ص) مجلساً فدعا فيه إلى اللّه تعالى، وتلا فيه القرآن، وحذّر قريشاً ما أصاب الاُمم الخالية، خلّفه النضر بن الحارث في مجلسه إذا قام فحدّثهم عن رستم وإسفنديار وملوك فارس ثم يقول: واللّه ما محمد بأحسن حديثاً منّي، وما حديثه إلاّ أساطير الأولين أكتتبها.
فأنزل اللّه فيه: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرةً وأصيلاً قل أنزله الذي يعلم السرّ)(6).
ونزل فيه: (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين)(7).
ونزل فيه: (ويل لكل أفّاكٍ أثيم يسمع آيات اللّه تتلى عليه)(8) إلى قوله (فبشّره بعذاب أليم
جاء في تفسير القرطبي ، في النشرة الرقمية : روي عن حفص بن عمر عن الحكم بن  أبان عن عكرمة ، أن الآية { و من قال سأنزل مثل ما أنزل الله } [ 93 ـ الأنعام ] ، نزلت في النضر بن الحارث لأنه عارض القرآن فقال :" و الطاحنات طحنا ، و العاجنات عجنا فالخابزات خبزا فاللاقمات لقما " ....
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله سأل سائل  قال نزلت بمكة في النضر بن الحرث وقد قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية وكان عذابه يوم بدر . وهي مكية باتفاق وهو النضر بن الحارث حيث قال: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب  أليم" الأنفال:32 فنزل سؤاله، وقتل يوم بدر صبراً هو وعقبة بن أبي معيط، لم يقتل صبراً غيرهما
 فإنه كان إذا جلس رسول اللّه (ص) مجلساً فدعا فيه إلى اللّه تعالى، وتلا فيه القرآن، وحذّر قريشاً ما أصاب الاُمم الخالية، خلّفه النضر بن الحارث في مجلسه إذا قام فحدّثهم عن رستم وإسفنديار وملوك فارس ثم يقول: واللّه ما محمد بأحسن حديثاً منّي، وما حديثه إلاّ أساطير الأولين أكتتبها.
فأنزل اللّه فيه: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرةً وأصيلاً قل أنزله الذي يعلم السرّ)
ونزل فيه: (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين)
ونزل فيه: (ويل لكل أفّاكٍ أثيم يسمع آيات اللّه تتلى عليه) إلى قوله (فبشّره بعذاب أليم)
 جاء في تفسير القرطبي ، في النشرة الرقمية : روي عن حفص بن عمر عن الحكم بن  أبان عن عكرمة ، أن الآية { و من قال سأنزل مثل ما أنزل الله } [ 93 ـ الأنعام ] ، نزلت في النضر بن الحارث لأنه عارض القرآن فقال :" و الطاحنات طحنا ، و العاجنات عجنا فالخابزات خبزا فاللاقمات لقما " ....
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ووفقنا اجتنابه .

خـــذ وتصـــدق ...

خـــذ وتصـــدق ... 

      في غداة يوم بارد من أيام الشتاء دخل على والي اليمن طاووسٌ ومعه وهب بن منبِّه ، فلما أخذا مجلسيهما عنده ، طفق طاووس يعظه ، ويرغبه ، ويرَهِّبه ، والناس جلوس بين يديه ، فقال الوالي لأحد حجابه : يا غلام أحضر طيلساناً ـ الطيلسان كساء أخضر اللون غالي الثمن تلبسه الخاصة ، الطبقة العلية في المجتمع ـ وألقاه على كتفي أبي عبد الرحمن .
       فعمد الحاجب إلى طيلسان ثمين ، وألقاه على كتفي طاووس ، وظل طاووس متدفقاً في موعظته ، وجعل يحرك كتفيه في تؤدة حتى ألقى الطيلسان من على عاتقه ، وهب واقفاً وانصرف، وترك الطيلسان في المجلس .
       فغضب محمد غضباً ظهر في احمرار عينيه ، واحتقان وجهه ، غير أنه لم يقل شيئا ، فلما صار طاووسٌ وصاحبه خارج المجلس قال وهب لطاووس :
   ـ والله لقد كنا في غنىً عن إثارة غضبه علينا ، فماذا كان يضيرك لو أخذت الطيلسان منه ،  ثم بعته ، ودفعت ثمنه للفقراء والمساكين ؟ خذه منه وبعه وادفع الثمن للفقراء والمساكين .
   ـ فقال طاووس : هو ما تقول ، لولا أنني خشيت أن يقول الناس من بعدي : نأخذ كما يأخذ طاووس ، ثم لا يصنعون فيما أخذوه ما تقول أنت ،
جاء في سير أعلام النبلاء ( 6/ 120) :
قال ابن شوذب : " قسم أمير البصرة على قرائها، فبعث إلى مالك بن دينار فأخذ، فقال له ابن واسع: قبلت جوائزهم ؟! قال : سل جلسائي. قالوا : يا أبا بكر اشترى بها رقيقا فأعتقهم. أنشدك الله ، أقلبك الساعة على ما كان عليه؟ قال : اللهم لا، إنما مالك حمار، إنما يعبد الله مثلُ محمد بن واسع .

مفتاح كنز المعرفة ....


" يجعل لكم فرقانا " أي : يجعل لكم ما تفرقون به بين الحق والباطل وبين الضار والنافع وهذا يدخل فيه العلم بحيث يفتح الله على الإنسان من العلوم ما لا يفتحها لغيره فإن التقوى يحصل بها زيادة الهدى وزيادة العلم وزيادة الحفظ ولهذا يذكر عن الشافعي ـ رحمه الله ـ أنه قال : % شكوت إلى وكيع سوء حفظي % % فأرشدني إلى ترك المعاصي % % وقال اعلم بأن العلم نور % % ونور الله لا يؤتاه عاصي % ولاشك أن الإنسان كلما ازداد علما ازداد معرفة وفرقانا بين الحق والباطل والضار والنافع وكذلك يدخل فيه ما يفتح الله على الإنسان من الفهم لأن التقوى سبب لقوة الفهم وقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام ويستطيع الآخر أن يستخرج أكثر من هذا بحسب ما آتاه الله من الفهم فالتقوى سبب لزيادة الفهم ويدخل في ذلك أيضا الفراسة أن الله يعطي المتقي فراسة يميز بها حتى بين الناس ف
ثم ختم سبحانه وتعالى نداءاته للمؤمنين بهذا النداء الذي يهديهم إلى سبيل الخير والفلاح فقال سبحانه “يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم”.وقد اختلف العلماء والمفسرون في معنى “فرقانا” فقال بعضهم (يجعل لكم مخرجا) وقال بعضهم: (نجاة) وقال بعضهم
(
فصلا وفرقا بين حقكم وباطل مَنْ يبغيكم السوء من أعدائكم وكل ذلك متقارب المعنى وإن اختلفت العبارة كما يقول ابن جرير الطبري في تفسيره.وقال الآلوسي معنى (فرقانا) هداية ونورا في قلوبكم تفرقون به بين الحق والباطل.ويقول الدكتور محمد سيد طنطاوي: كل هذه المعاني جائزة ويمكن الجمع بينها والمعنى “يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا اللهبأن تصونوا أنفسكم عن كل ما يغضبه، وتطيعوه في السر والعلن (يجعل لكم فرقانا) أي هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل
ونصرا تعلو به كلمتكم على كلمة أعدائكم ومخرجا من الشبهات التي تقلق النفوس ونجاة مما تخافون وفضلا عن كل ذلك فإنه سبحانه يكفر عنكم سيئاتكم أي يسترها عليكم في الدنيا، و”يغفر لكم” يوم القيامة ما فرط منكم من ذنوب بلطفه وإحسانه.
{ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِِ }  [ الأنفال : 29 ]
يقول العلامة ابن سينا : كنت أقرأ في مسألة في كتاب ، فأعجزتني ، وتعسّر علي حلها، فطويت الكتاب ،وذهبت إلى المسجد لصلاة العصر ، فلما فرغت من الصلاة ، وجدت بباب المسجد وراقا يبيع الكتب ، فقدَّم إلي كتابا يبيعني إياه، ولم أكن في حاجة إلى شرائه، ولكن الرجل قال لي: يا سيدي،  إني في حاجة إلى ثمن هذا الكتاب لأشتري به طعاما ، فاشتريته لا بقصد قراءته ، إنما لسد حاجة بائعه ، ولما جلست في بيتي فتحت الكتاب فإذا هو نفس الكتاب الذي أعجزتني مسألته الرياضية، ولكنني لما قرأته ، فتح الله ما كان مستعصيا عليّ من قبل ، فعلمت أن أفعال الخير تفتح كنوز المعرفة . 
وقد كان كثير من أهل العلم إذا استعصت عليهم مسألة ، وعجزوا عن طلابها في الكتب، رجعوا إلى الله بالرجاء والدعاء والاستغفار فيفتح لهم فيها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" كنت إذا استعصت عليَّ المسألة لجأت إلى الله بالدعاء والاستغفار، فما هو إلا هنيهات حتى يفتح عليَّ بها " .
وكما أعمال الخير تفتح كنوز المعرفة المستعصية، فإن المعاصي تحجب نور الله عن قلوب العباد، قال أبو الأديان:
" كنت مع أستاذي أبي بكر الدقاق، فمّر حدثٌ فنظرت إليه، فرآني أستاذي وأنا أنظر إليه، فقال: يا بني لتجدّن غِِبها ولو بعد حين.
 يقول: فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي الغِبّ، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه، فأصبحت وقد نسيت القرآن كله" .
وممن جميل ما ينسب للإمام الشافعي ، قوله لشيخه وكيع بن الجراح :

شَكَوْتُ إِلى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظي
وَأَخْبَرَني أنَّ العِلْمَ نورٌ
 

فَأرْشَدَنِي إِلى تَرْكِ المَعاصي
ونورُ اللهِ لا يُهْدَى لعاصِ