الجمعة، 19 ديسمبر 2014

ابتلاء الآباء والأبناء

ابتلاء الآباء والأبناء أبو بكر الصديق مثالا ...

مكانة أبي بكر الصديق من الرسول عليه السلام ، وتضحياته في سبيل نشر الدعوة ، وأسبقيته في كل خير ، أشهر من أن تذكر في هذه العجالة .

ولكن ابا بكر ابتلي في بداية حياته الدعوية بأبيه أبي قحافة الذي أصر على الشرك ، ولم يدخل الإسلام إلا بعد فتح مكة . وابتلي كذلك بأكبر أبنائه عبد الكعبة ( عبد الرحمن فيما بعد ) الذي ظل على كفره ، وحارب والده والمسلمين في معركتي بدر وأحد . 

وأسلم بعد صلح الحديبية . الوالد والولد في صف الأعداء .. اجتهد أبو بكر لكي يدخل أباه وابنه في دعوة الحق وطال عليهم الأمد .. هذا الواقع لم يثن أبا بكر عن الريادة والقيادة والاجتهاد ، ولم يحبطه ليجلس باكيا على مصير أقرب الناس إليه ، بل سار على نهج الدعوة فأسلم على يديه الكثيرون ، منهم ستة من المبشرين بالجنة ومن أعظم قادة المسلمين ، وهاجر وجاهد .

هذا درس لمن يقول أبي صدني ، أو ابني هدني .. لكي يبرر تقاعسه أو انزوائه ..

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

ثمار تحويل الهمَّ إلى اهتمام



ثمار تحويل الهمَّ إلى اهتمام
عبد الله بن زيد مثالا ....



أتم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة الكرام بناء المسجد في المدينة المنورة بعد الهجرة ، وصارت تقام صلاة الجماعة علنية بعد أن كانت سرية في مكة ، وكان يتم النداء للصلاة بأن يقف أحد الصحابة على باب المسجد وينادي الصلاة جامعة ، كان هذا الصحابي هو عبد الله بن زيد الخزرجي ، يبادر عبد الله في كل مرة للنداء على الناس .
كثر المصلون مع دخول الناس في الإسلام ، فجلس الرسول عليه السلام والصحابة يتفكرون في طريقة عملية لدعوة الناس لصلاة الجماعة ، كان هناك رأي بأن يدق ناقوس ، كره النبي عليه السلام لأن فيه تشبه بالنصاري ، واقتراح بنفخ بوق فلم يقبل لما فيه من تشبه باليهود ، وكان من اقترح اشعال نار لها دخان ، ولم يقبل هذا أيضا لأن فيه تشبه بالمجوس .
عاد عبد الله بن زيد الخزرجي إلى بيته ، فلما دخل على أهله فقالوا: ألا نعشيك؟ قال: لا أذوق طعاماً؛ فإني قد رأيت رسول الله قد أهمه أمر الصلاة، ونام فرأى أن رجلاً مرَّ وعليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس، فسأله: أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تريد به؟ قال: أريد أن أبتاعه لكي أضرب به للصلاة لجماعة الناس، فأجابه الرجل: بل أحدثك بخير لكم من ذلك، تقول: الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله..... ونادى الرجل بذلك النداء وهو قائم على سقف المسجد ثم قعد قعدة، ثم نهض، فأقام الصلاة.
فلما استيقظ عبد الله بن زيد من منامه ذهب إلى النبي - عليه السلام - فقص عليه ما رأى فقال له: "قم مع بلال فألق عليه ما قيل لك".
الهم أن يشغلك أمر ، والاهتمام أن تجعل هذا الأمر من أولوياتك ، وأن تحصل على بطاقة عضوية في جماعة المسلمين ، وقتها انتظر أن يكرمك رب العالمين بكرامة تنفع في الدنيا وفي يوم الدين .

الخميس، 6 نوفمبر 2014

القرآن والماء


الله تعالي سمى الماء المنزل من السماء رحمة فقال: {  وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ }   [ الأعراف : 57 ] ، وسمى القرآن رحمة فقال : {   يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين}  [ يونس : 57 ]
و الله تعالى سمى القرآن مباركا فقال : { وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} [ الأنبياء 50 ] ، وقال في الماء  : { وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ}  [ ق: 9 ] فقد شبه الإيمان وكذا القرآن بالماء لكون كل منهما مباركا .
كان هناك رجل يقرأ القرآن ولكن لا يحفظ منه شيئا
فسأله ابنه الصغير : ما الفائدة من قراْءتك دون ان تحفظ منه شيئا ؟!
فقال سأخبرك لاحقا اذا ملأت سلة القش هذه ماءً من البحر
فقال الولد مستحيل ان املأها فقال له جرب ،
كانت السلة تستخدم لنقل الفحم ، فأخذها الصبي واتجه الى البحر وحاول ملئها واتجه بسرعة الى ابيه
ولكن الماء تسرب منها فقال لأبيه لا فائدة فقال الاب جرب ثانية  .  
ففعل فلم ينجح بإحضار الماء وجرب ثالثة ورابعة وخامسة دون جدوى
فاعتراه التعب وقال لأبيه لا يمكن ان نملأها بالماء 
فقال الاب لابنه الم تلاحظ شيئا على السلة   ؟
هنا تنبه الصبي فقال نعم يا ابي كانت متسخة من بقايا الفحم والآن نظيفة تماما
فقال الاب لابنه وهذا تماما ما يفعله القرآن بقلبك
فالدنيا وأعمالها قد تملأ قلبك بأوساخها والقرآن كماء البحر
يجلي صدرك حتى لو لم تحفظ منه شيئا  

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

من لطائف الحج

حكى الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله في مقال له "أن بلدة شمني في بلغاريا كانت مركزا هاما إسلاميا في عهد الحكم الإسلامي، وكان مفتيها الكبير المعمَّر عالما جليلا له خدمات علمية ودينية عظيمة للغاية كما هو معروف لأهل تلك البلاد".

وقد حكى هذا المفتي عن نفسه -كما يروي الكوثري- قائلا: "إني كنت طفلا بلغاريا، فتبناني مسلم، ورباني وأحسن تربيتي، وبعثني إلى الآستانة، وحصلت العلم على كبار أساتذتها، فتخرجت في العلوم، وعينت مفتيا للبلد، واستمررت في الإفتاء إلى اليوم، وكلي في سبيل خدمة الدين، ومع هذا كله كانت تعتريني هواجس، وتوسوس في صدري: ربما كان ديني السابق هو الحق وأنا غلطت في اختيار هذا الدين تبعا لولي نعمتي. وأستعيذ في الحال من هذه الهاجسة الشنيعة، ثم تعاودني هذه الهاجسة مرة أخرى فأردها بشدة واستعاذة، وهكذا، لكن لم تنقطع عني تلك الهاجسة إلى أن حججت، وأديت المناسك، وشهدت المشاهد، ووقفت المواقف، وزرت قبر المصطفى (صلوات الله وسلامه عليه)، فزالت عني معاودة تلك الهواجس نهائيا بحمد الله تعالى" (مقالات الكوثري ص 189-190).
وهكذا يبدو الانتفاع الفردي الشخصي بفريضة الحج حاضرا دائما -في أوقات الضعف الإسلامي ومراحل القوة على السواء- وذلك لمن خاض التجربة بصدق، وإقبال نفس، ووعي قلب، حتى بدون خطب ونصائح كثيرة.

ولعل تجربة الداعية والحقوقي الأميركي مالك شباز أو مالكولم إكس رحمه الله تمثل نموذجا فذا في هذا الباب، فالرجل الذي آمن في سجون الولايات المتحدة بإسلام منقوص يقوم على العنصرية والتعصب الزنجي ضد البيض، رجع من الحج عام 1964 وقد خاض تجربة الإسلام العادل الذي يسوي بين البشر، وتعلم أن عنصرية البيض البغيضة والقاسية في أميركا لا يُرَد عليها بعنصرية السود، وإنما بعدالة الإسلام التي يمكنها أن تستوعب جميع الألوان!
وتجربة مالك الرائعة مع رحلة الحج لا يمكن أن نعتبرها مجرد سياحة دينية شخصية وضعت يد الرجل على الحقيقة، إذ تجاوزت التجربة شخصه حتى تحول إلى صوت عظيم للإسلام على الشاطئ الآخر للأطلسي، فتأثرت به جماهير عريضة صححت به إسلامها، أو انقادت إليه بعد أن كانت خارج حدود الإسلام، لذلك أُسكت صوت الرجل عاجلا في حادث اغتيال أثيم عام 1965.


منقول عن الكاتب نبيل الغولي / مصر 

السبت، 30 أغسطس 2014

فصة عن نعمة البيان عند الإنسان

عالم لعة يفشل محاولة نصب بقيمة عشرة ملايين دولار ... في عام 2003 قرر متحف إسرائيل شراء مخطوط أثري اسمه " حجر الملك سايمان " بمبلغ عشرة ملايين دولار ، لأنه أول دليل مادي وعلمي يثبت وجود هيكل سليمان في القدس ، وقرر المتحف دفع هذا المبلغ الضخم بعد أن أثبت فحص تأريخ الكربون أن الحجر أصلي وحقيقي ، ولكن المتحف قبل الشراء عرض الحجر على الخبير اللغوي " فيكتور هاردوس " أحد علماء اللغة العبرية القديمة ، وكانت المفاجأة أنه أعلن أن الحجر مزيف .. كيف ؟الكتابة تتحدث عن إعمار الملك " جيواش " للهيكل بعد قرن من موت سليمان ـ عليه السلام ـ وجاء في الكتابة على الحجر أنا الملك جيواش الذي " إيديك هبيت " أي عمر البيت ، ولكن هذه اللفظة تعني عمر البيت في اللغة العبرية الحديثة ، أما في العبرية القديمة فتعني " خرب البيت " ومن المستحيل أن يفتخر ملك بتخريب بيت الله ويدعي أنه جمع المال لأجل ذلك . ومثل ذلك في اللغة العربية كلمة شاطر التي تعني قديما اللص ، وتغيرت دلالتها اليوم فصارت تعني المجتهد .وفعلا أعيد فحص الحجر فتبين أنه مزيف يحرفية عالية من قبل تاجر آثار يدعى " عوديد غولدمان " وبالتحري أكتشف أن لدى عوديد مختبر لتزييف الآثار القديمة .إنها معجزة اللغة النعمة التي أنعمها الله على البشر دون غيرهم من المخلوقات ، يقول الله تبارك وتعالى: (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن: 1-4]، هذه الآيات تعلمنا كيف منّ الله على الإنسان بنعمة "البيان" فلم يقل "علمه الكلام" لأن تعلم الإنسان للغة أو الكلام ليس كافياً إنما يجب عليه ربط الكلمات ببعضها واسترجاعها عند الضرورة.

الخميس، 28 أغسطس 2014

لا تمسه النار ..

قرات قصة عابرة فوددت ان تعلموها:حكي أن رجل اشترى قطعة لحم وفي طريقه للبيت اذن المؤذن للصلاة فأقيمت الصلاة فدخل الرجل ليصلي المسجد ومعه اللحم فوضعه جانبا وصلى وحين فرغ من الصلاة اخذ قطعة اللحم وذهب الى بيتهاخذت زوجته تعد العشاء الذي هو عبارة عن اللحم الذي كان مع زوجها فوضعت اللحم في القدر وتركته لساعة وعادت بعد ان تم سواء اللحم لتجده كما هو وكأنها لم تضعه على ناروكأن النار لم تمسه فأخبرت زوجها لدهشتها الشديدة مما حصل واخبرت زوجها بما حصل معها فتذكر زوجها أنه ادخل هذا اللحم للمسجدفخاف أن يكون قد أخطأ بفعله فذهب الى شيخ المسجد ليخبره ما حصل معه وهناك كانت المفاجأة..........................؟؟؟؟؟؟قال مقولة جميلة لم يتوقعها الرجلقال الشيخ: (دعوت وأنا في الصلاة أمس ان لاتمس النار كل من في هذا المسجد )فهنيئا لمن صلى ذلك اليوم مع ذلك الامام تلك الصلاة ..

ضياع الوقت وفساد القلب


قال العلامة ابن قيم الجوزية:إنَّ بركة الرجل تعليمه للخير حيث حلَّ، ونصحه لكل من اجتمع به، قال تعالى – إخبارًا عن المسيح: ((وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ‎)) أي: معلمًا للخير، داعيًا إلى الله، مذكرًا به، مرغبًا في طاعته، فهذا من بركة الرجل، ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة، ومحقت بركة لقائه والاجتماع به، بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به فإنَّه يضيع الوقت، ويفسد القلب، وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت، وفساد القلب، وتعود بضياع حظه من الله، ونقصان درجته ومنزلته عنده، ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال: احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب؛ فإنَّه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها، وكان ممن قال الله فيه: ((وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)).

الخميس، 21 أغسطس 2014

فطنة الخادم


من الحكمة اليمانية 

عن  النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أَبو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ, وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأانِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ, وَالصَّلَاةُ نُورٌ, وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ, وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ, وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ, كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو, فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا  "  [أخرجه مسلم في الصحيح ]

حكى أن الذي بنى مسجد الفليحي بصنعاء القديمة كان رجلاً صالحاً يدعى الشيخ أحمد الفليحي ، فأوصى ببناية المسجد بعد موته من تركته ، وفي يوم من الأيام كان الحاج أحمد الفليحي سائراً مع عبدٍ ذكي له ، وكان الطريق مظلماً ، وكان العبد يحمل سراجاً ليضيء لسيده ، فكان يسير بالسراج خلفه وسيده يقول له : سر أمامي ، الذي يريد يضيء لإنسان ينبغي آن يسير أمامه لا خلفه ، فيقول العبد : هذا على مذهبك ، فيقول الفليحي : على مذهبي ! كيف ؟ قال : أنت عندما اردت أن تعمل حسنة ، وهي بناء المسجد ، لتضيء لك ، جعلتها بعد موتك أي خلفك ، فهلا جعلتها أمامك لتضيء لك ، فقال الفليحي : صدقت . وقام على بناء المسجد في حياته .
فلما عمر المسجد وابتدأ الناس يصلون فيه ، طلب الفليحي من هذا العبد المتقدم ذكره أن يدعو المصلين في صلاة العشاء ليتعشوا عنده ، فنزل العبد وجاء ومعه عددٌ قليلٌ ، وكان المصلون في المسجد كثيرين ، فقال الفليحي : ألم أقل لك تدعوا المصلين ، وجئتني بهذا العدد القليل ن أين بقية المصلين ؟ فقال العبد : هؤلاء هم المصلون ، قال : كيف ؟ والباقي ، قال العبد : بعد صلاة العشاء سألتهم عن السورة التي قرأها الامام في الصلاة ، فلم يعرف الجواب إلا هؤلاء ، والباقون لم يجيبوا ، فلم أعتبرهم مصلين .


روى الشيخان في صحيحيهما من حديث أَبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم».

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

معادلة : الأقربون الأولى بالمعروف



( الأَقْرَبُونَ أَوْلَى بِالْمَعْرُوف) ليست آية في كتاب الله تعالى كما يعتقد البعض ، وهي كذلك ليست حديثا شريفا يروى عن الرسول عليه السلام ..
إنها قاعدة فقهية استنتجها الفقهاء من آيات تحث على الاهتمام بذي القربى مثل قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ) ومثلها قوله تعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ للذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ..
ومن أحاديث نبوية شريفة مثل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي طلحة عندما تصدق ببستان بيرحاء  : ( بخ، ذلك مال رابح، مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين ) ومثل قوله عليه السلام : (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة ) .
هي قاعدة فقهية وضع لها العلماء ضوابط كي لا تنحصر الصدقات في الأقارب ، وتنحرف عن مستحقيها ، وهذا ما أسميه معادلة لها ضوابط تحكمها .
الأقربون ثلاثة أنواع :
الأقربون بالنسب ، وهي رابطة الدم .
الأقربون بالإيمان ، وهي رابطة العقيدة .
الأقربون بسبب الحاجة حيث يقترب الإنسان لما هو محتاج إليه كما يقترب المقرور من المدفأة .

فهناك ثلاث مدخلات تحدد وجه المعروف من صدقة وغيرها ، فإذا تساوى عندك عاملان استخدم الثالث للترجيح ، فإذا تساوى شخصان عندك في القرابة والحاجة فعليك أن ترجح أكثرهما تدينا ، وإذا تساوى شخصان في الحاجة والإيمان فرجح أقربهما نسبا ، وهكذا ، وجعلكم الله تعالى من أهل المعروف في الدنيا ومن أهل الجنة في الآخرة . 

السبت، 19 يوليو 2014

قراط أهل الكتاب وقراط المسلمين



رأيت يوما يهوديا يستعد للصلاة ، فقام بلف شريط جلدي طويل على ذراعه عدة لفات ، ثم ثبت مكعبا أسود برباط مماثل على جبهته ، في عملية طويلة دقيقة ثم جاء بشال عريض وأسدله على رأسه ، ثم بدأ يقرأ من كتاب ويهز رأسه هزا شديدا لفترة طويلة ..  
فقلت :  سبحان الله، عاملة ناصبة ،  ما أصعب وما أسهل صلاتنا ؟
وأحيانا نسمع أحاديث عن أعمال بسيطة صغيرة ولكن أجورها عظيمة تفوق الخيال  ، بعضنا يستغرب ، وبعضنا يزم شفتيه غير مصدق ، وهذه أمثلة :
" من قال سبحان الله وبحمده في يوم 100 مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر "
" رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين"
" من صام يوما في سبيل الله باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام "
 " من دخل السوق فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف الف درجة " .
" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دحل الجنة "
" أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة " .
ليس فقط أنا وأنت من نستغرب ونندهش عند سماع هذه الأحاديث الت يفيها عمل قليل وأجر كبير ، فهذا عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ سمع ‏أبا هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ، ‏ ‏يقول : "‏ من تبع جنازة فله ‏ ‏قيراط ‏ "  فقال ‏:  ‏أكثر ‏ ‏أبو هريرة ‏ ‏علينا ‏" . ‏فصدقت ‏ ‏يعني ‏ ‏عائشة ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏وقالت سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقوله ‏ ‏فقال ‏ ‏ابن عمر ‏ ـ ‏رضي الله عنهما ـ ‏ : " ‏لقد فرطنا في قراريط كثيرة " .
هذا أيها الكرام من فضل الله تعالى على أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد خصها بخصائص عظيمة، من ذلك أنها أقل عملا ممن سبقها من الأمم، لكنها أكثر أجرا وثوابا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم . كما جاء في حديث القراريط ،

ما جاء عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ، ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا فقال : من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ ، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط ، ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ ، فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ، ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ، ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ، ألا لكم الأجر مرتين ، فغضبت اليهود والنصارى ، فقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ، قال الله : هل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ ، قالوا : لا ، قال : فإنه فضلي أعطيه من شئت ) رواه البخاري.

الأربعاء، 16 يوليو 2014

حلاوة الإيمان




عندما تصلي ولا تشعر بحلاوة الإيمان ، فهناك مشكلة ومصيبة  
وعندما تصوم ولا يستشعر القلب حلاوة الإيمان فهناك مشكلة ومصيبة .
المشكلة أن الصلاة بقيت حركات رياضية ولم تؤد غايتها ، وأن الصيام نوع من الريجيم ولم يؤدِ مراده ، والمصيبة أنك سوف تترك الصلاة في أقرب فرصة ، وسوف تخرج من رمضان خروج الثعلب من كرم العنب .
تماما كما يحدث عندما تفتح بطيخة فلا تجد فيها حلاوة ، فتتركها علفا للحمار .
فكيف يتصل المسلم على حلاوة الإيمان ؟
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ طبيب القلوب عنده الوصفة والعلاج .
عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ  صلى الله عليه وسلم ـ : ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يَكْرَهَ الْعَبْدُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الإِسْلاَمِ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ، وَأَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ الْعَبْدَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ ِللهِ ، عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه أحمد .
هذه الحلاوة القلبية التي هي غاية المراد ففيها منتهى السكينة النفسية والسعادة القلبية ، لا يعرفها إلا من ذاقها ، ومن ذاق عرف .
ذاقها إبراهيم بن أدهم   فقال عنها  : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من سعادة لجالدونا عليها بالسيوف  .
وذاقها ابن القيم الجوزية وعرف قيمتها : "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"
وذاقها الإمام ابن تيمية عندما تحدى بها أعداءه فقال :  ( ما يفعل بي أعدائي ؟  إن سجني خلوة مع الله ونفيي سياحة في بلاد الله ، وقتلي شهادةفي سبيل الله  )
ولله در الشاعر الذي قال في وصف هذه الحلاوة :

فليتك تحلوا والحياة مريرة * * * وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر * * * وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صح منك الود فالكل هين * * * وكل الذي فوق التراب ترابُ

الأربعاء، 9 يوليو 2014

تجربة الاقتراب من الموت تؤكد ما جاء في الحديث الشريف


تعارف العلماء في الشرق والغرب على ظاهرة تسمى الاقتراب من الموت ، هي ظاهرة غير طبيعية تتلخص ماهيتها في أن البعض ممن تعرضوا لحوادث كان كادت تودي بحياتهم رأوا وكأن نفوسهم تخرج من الجسد المادي ، وتجتاز نفقا مظلما طويلا في نهايته نور ساطع ، وإذا ما اقتربوا منه انقسم لقسمين ، ثم يعودون إلى الحياة .
. لا يوجد تفسير علمي للظاهرة ولكن بعض العلماء حاول تفسيرها على أن العقل الباطن هو من يفتعل تلك الأحداث وتلك الأماكن لتسهيل عملية الموت غالبا .
علق أحدهم على هذه الظاهرة : " أنا كمسلم أؤمن بما يؤكده الدين الإسلامي بان من يموت لا يعود للحياة مرة أخري ولكني أعتقد بان الذين مروا بتجربة الاقتراب من الموت  قد اقتربوا مايكون ألاقتراب من الموت  دون أن يموتوا , و كما وأن الشخص الذي يقترب من البحر يبدأ في أستنشاق هواء البحر العليل قبل الوصول اليه فكذلك الحال هنا.
وقال عالم غير مسلم : عندما يتعطل جهاز التلفاز (يموت) فان الموجات (قنوات ) التي كان يقوم بالتقاطها لا تتعطل ولا تتوقف بل يتم التقاطها بواسطة جهاز آخر،  كذلك الحال بالنسبة للذين بمرون بتجربة الاقتراب من الموت ، فأؤلئك الناس قد تعطلت أمخاخهم عن العمل مؤقتا أما ذاتهم و ذكرياتهم و مكونات شخصيتهم الأخرى فهي موجودة ابدا خارج اجسادهم ، و هم اثناء اقترابهم من الموت يقيض لهم استخدام أدوات أخري اكثر حدة و جودة ،لا نعرف عنها شيئا  ، لالتقاط تلك الموجات الخاصة بهم.
جاء في الحديث الشريف وصف لموت المؤمن  :
"  إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَر،ِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ..

وجاء في وصف موت الكافر : " وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوه،ِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ. قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ)).رواه أبو داود وأحمد وهو حديث صحيح.

الأحد، 6 يوليو 2014

اعرض نفسك على القرآن

اعرض نفسك على القرآن

واعرف أين موقعك من ربك ..
رمضان شهر القرآن بامتياز ففيه نزل ، وفيه تدارسه جبريل عليه السلام مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفيه ترى المسلمين عاكفين عليه قراءة في كل ركن من أركان المسجد ،  ولكن كم قارئا يعرض نفسه على القرآن ليحدد موقعه من المؤمنين . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ , فَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ , وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ " .
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : من كان يحب أن يعلم انه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن فمن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله
أخرج أبو نعيم فى حلية الأولياء وابن عساكر فى تاريخ دمشق عن مطرف بن عبدالله بن الشخير قال: «إنى لأستلقى من الليل على فراشى فأتدبر القرآن، وأعرض عملى على عمل أهل الجنة، فإذا أعمالهم شديدة ﴿َكانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾  و﴿الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً﴾  و ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً﴾ (الزمر: 8) فلا أرانى فيهم.
فأعرض نفسى على هذه الآية ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾  فأرى القوم مكذبين.
وأمر بهذه الآية ﴿وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآَخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾   فأرجو أن أكون أنا وأنتم يا إخوتاه منهم . 

وقفَ بُهلول يوماً يُنادي على طريقٍ يَمُرُّ به هارونُ الرَّشيد، ـ وكان َهارونُ وراءَ الفُرْسانِ ـ فنادَى : يا هارونُ .. قال الخليفةُ : مَنْ الذي يُنادَي؟
فأجابه مَنْ حولَه مِنْ حاشيَتُه: بُهلولُ المَجنونُ . فقالَ الخليفةُ له : أتعْرفنِي يا بُهلولُ ؟  قالَ : نَعَمْ .. أعْرفُكَ
قالََ هارونُ : مَنْ أنا ؟
قالَ : أنتَ الذي لو ظُلِمَ أحَدٌ في المَشْرقِ وأنتَ في المَغربِ لسألَكَ اللهُ تعالى عنْه يومَ القيامة.
فبكى هارونُ وقالَ: يا بُهلولُ كيف ترى حالِي؟
قالَ: اعْرضْ نَفسَكَ على آيَةٍ مِنْ كِتابِ اللهِ تعالى ) إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (
قالَ : وأينَ عَمَلِي؟   قالَ  ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِين)
قالَ : وأيْنَ قرابتِي مِنْ رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قالَ: ( فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ(
قالَ : وأيْنَ شفاعةَ رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟  قالَ ( يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ )
قالَ : يا بُهلولُ ، مالَكَ حاجةً نقضيها لك ؟ قالَ : نعَمْ .
قالُ هارونُ: وما هي؟   قالَ : تغفِرُ ذنوبي، وتُدْخِلَني الجنَّةَ .

قالَ هارونُ : ليس هذا بيدي يا بُهلولُ . قالَ : فلأيِّ شيءٍ إذَنْ تقولُ ألكَ حاجة نقضيها ؟!

السبت، 5 يوليو 2014

حارب مع علي واستشهد في جيش معاوية


أ 
في هذه الأيام تسعر قوى الظلم والاستكبار الكفرية  نار الفتنة بين السنة والشيعة وخاصة في العراق وسوريا ، وتسعى لتحقيق مقولة هنري كيسنجر : ستشهد المنطقة حرب المئة عام بين السنة والشيعة ، مضى عليها حتى الآن 34 عاما ، يقصد منذ اندلاع الحرب الإيرانية العراقية . وهم بذلك يريدون تغيير اتجاه الصراع ضد الدولة الصهيونية ، واشغال أهل المنطقة في حرب مذهبية تحطم مقوماتها لتظل دولة البغي والعدوان الرابح الوحيد .
في هذه المرحلة نحن بحاجة لاستلهام تجارب المجاهدين الصادقين من الجيل الأول ، ولا أنسب من تجربة الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري .
عرفنا عن أبي أيوب أنه الصحابي الذي أوى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيته عند الهجرة فأقام الرسول عليه السلام عنده حتى بني المسجد والحجرات وانتقل الرسول عليه السلام للعيش فيها , قبل ذلك شهد ابو ايوب بيعة العقبة ، وبعدها شهد بدر وأحد والخندق وسائر الوقائع التي حدثت في عصر الرسول عليه السلام .
وعندما وقع الصراع بين علي ومعاوية وقف أبو أيوب في صف علي رضي الله عنه ، وشهد معه وقعة الجمل وصفين ، واستشهد الإمام علي ، وقد عقد لأبي أيوب على عشرة الآف من حنوده .
وبعد الصلح بين معاوية والحسن بن علي رضي الله عنه ، فيما عُرف بعام الجماعة ،عاد أبو أيوب ليجاهد مع جيش المسلمين الذي توجه لفتح القسطنطينية ، وكان قائد الجيش يزيد بن معاوية ، ولما حضرت الوفاة أبا أيوب ، جاء يزيد لزيارته ، ، قال له: يا أبا أيوب, ما حاجتك؟ فطلب أبو أيوب الأنصاري من يزيد إذا هو مات أن يُحمل جثمانه فوق فرسه, ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو، ويدفن هناك, ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق، حتى يسمع أبو أيوب وهو في قبره وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره، عندئذ يدرك أنهم قد أدركوا ما يبتغون، من نصر وفوز، وقال له : إذا عدتم بعد دفني فأبلغوا المسلمين أني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة .
وفعلوا ما أوصاهم ، وقيل إن الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفنهم لأبي أيوب: "لقد كان لكم الليلة شأن"، قالوا: "هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا وأقدمهم إسلاماً، وقد دفناه حيث رأيتم، ووالله لئن نبش لا يُضرب لكم بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.

 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ الْحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ ، وَلا إِيمَانَ لِمَنْ لا حَيَاءَ لَهُ ، وَإِنَّمَا يُدْرَكُ الْخَيْرُ كُلُّهُ بِالْعَقْلِ ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَقْلَ لَهُ " .

الجمعة، 4 يوليو 2014

مواعظ رمضانية ـ 2 ـ لا تقتلوا صلاتكم


خشوع القلب هو روح الصلاة ، إذا غاب صارت حركات رياضية ، ومن الناس هذه الأيام من يعمل على قتل روح الصلاة بروحه الرياضية التي ليست في محلها.وأنت تدخل معه المسجد يحدثك عن آخر أخبار المونديال ..
وأنت تخلع نعليك يغتاب الإمام ويذكر إطالته في القراءة ، فيؤخره عن متابعة مباراة الليلة ..
بعد ركعتي تحية المسجد يحدثك عن حرارة الطقس ، وعن سوء التكييف في المسجد وعن توقيف بعض المباريات لشدة الحرارة وارتفاع درجة الرطوبة ..
ويستمع لموعظة عن تحريم الغيبة التي تشبه أكل لحم الميت ، فيشرح لك عن لاعب الأروغواي الذي عض زميله ..
عاشق كرة القدم هذا يقتل فيك روح الصلاة في رمضان وهو لا يدري ..
روي أن القاضي أبا يوسف تلميذ أبي حنيفة سال الإمام الزاهد حاتم الأصم الذي كان يلقب لقمان الأمة لحكمته عن كيفية الصلاة ، فقال حاتم :
ـ تجعل الكعبة بين حاجبيك ، والميزان نصب عينيك ، و الصراط تحت قدميك ، والجنة عن يمينك و النار عن شمالك ، وملك الموت خلفك يطلبك ، و ﻻ تدري بعد ذلك أقبلت صلاتك أم رُدت عليك !!قال تعالى : (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ  ) 
وقال تعالى :  ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ )
وقال رسول الله ـ  صلى  الله عليه وسلم ـ : (صلِّ صلاة َمودعٍ ، كأنك تراه ، فإن كنت لا تراه ، فإنه يراك )وفي السنن عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها.
فكم هدفا حققت بصلاتك ؟ 

مواعظ رمضانية لعام 2014 من 1ـ 7

مواعظ رمضانية ـ 1 ـ 
شهر رمضان .. شهر الربيع

سيقول قائل كيف تقول أن شهر رمضان شهر الربيع ، ونحن في أوج الصيف ودرجة الحرارة هذه الأيام أعلى بثماني درجات من معدلها العام .. ؟؟ 
نعم إخوتي الصائمين ، شهر رمضان هو شهر الربيع ..
فشهر رمضان هو شهر القرآن ، والقرآن الكريم ربيع قلب المؤمن وفي الدعاء : اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا .. 
ورمضان هو شهر الصبر ، والصبر شطر الإيمان ، قال الحكماء : الصبر ربيع القلب . ونصف أعمال الإيمان من الصبر ونصفها من الشكر .
والريبع أجود فصول السنة ، وشهر رمضان شهر البذل والصدقات وإطعام الطعام . كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان . 
والربيع شهر الفرح والحبور والسرور ، وللصائم في رمضان فرحتان : "للصائم فرحتان: فرحه حين يفطر، و فرحة حين يلقى ربه". وإذا كانت فرحة بل العروق بقطرات الماء فرحة لا تعادلها قرحة فكيف بقرحة لقاء الله .
ربيع الدنيا بثماره وأزهاره يذكرك بالجنة ، وشهر رمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران ، فطوبى لمن طلب جنة الرحمن من باب الريان ، وتعسا لمن حرم ربيع رمضان وجنان الرحمن ...
صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ ، فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً ، قَالَ : " آمِينَ " ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى ، فقَالَ : " آمِينَ " ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً ، فقَالَ : " آمِينَ " ثُمَّ ، قَالَ : " أَتَانِي جِبْرِيلُ ، فقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْتُ : آمِينَ ، قَالَ : وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا ، فَدَخَلَ النَّارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْتُ : آمِينَ ، فقَالَ : وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ : آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ "
أيها الأحبة : لنستقبل شهر رمضان كما نستقبل الربيع ، ولنعش رمضان بانشراح صدر وسرور نفس كما نحيا أيام الربيع .. ونسأله أن ينقلنا من جنة رمضان لجنة الخلد عند مليك مفتدر

مواعظ رمضانية ـ 2 ـ 
لا تقتلوا صلاتكم

خشوع القلب هو روح الصلاة ، إذا غاب صارت حركات رياضية ، ومن الناس هذه الأيام من يعمل على قتل روح الصلاة بروحه الرياضية التي ليست في محلها.
وأنت تدخل معه المسجد يحدثك عن آخر أخبار المونديال ..
وأنت تخلع نعليك يغتاب الإمام ويذكر إطالته في القراءة ، فيؤخره عن متابعة مباراة الليلة ..
بعد ركعتي تحية المسجد يحدثك عن حرارة الطقس ، وعن سوء التكييف في المسجد وعن توقيف بعض المباريات لشدة الحرارة وارتفاع درجة الرطوبة .. 
ويستمع لموعظة عن تحريم الغيبة التي تشبه أكل لحم الميت ، فيشرح لك عن لاعب الأروغواي الذي عض زميله ..
عاشق كرة القدم هذا يقتل فيك روح الصلاة في رمضان وهو لا يدري ..
روي أن القاضي أبا يوسف تلميذ أبي حنيفة سال الإمام الزاهد حاتم الأصم الذي كان يلقب لقمان الأمة لحكمته عن كيفية الصلاة ، فقال حاتم :
ـ تجعل الكعبة بين حاجبيك ، والميزان نصب عينيك ، و الصراط تحت قدميك ، والجنة عن يمينك و النار عن شمالك ، وملك الموت خلفك يطلبك ، و ﻻ تدري بعد ذلك أقبلت صلاتك أم رُدت عليك !!
قال تعالى : (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ  ) 
وقال تعالى :  ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ )
وقال رسول الله ـ  صلى  الله عليه وسلم ـ : (صلِّ صلاة َمودعٍ ، كأنك تراه ، فإن كنت لا تراه ، فإنه يراك )
وفي السنن عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها.
فكم هدفا حققت بصلاتك ؟

مواعظ رمضانية ـ 3 ـ
الفرق بين الصيام والصوم

وردت كلمة صيام في القرآن الكريم سبع مرات ، منها قوله تعالى : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )  [ البقرة :  183 ] وفي المواقع السبع يقصد بها القرآن الكريم اﻻ‌متناع عن الطعـام و الشراب و باقي المفطرات من الفجر حتّى المغرب .
فالصيام يخص المعدة بشكل رئيس .
وردت كلمة صوم في القرآن الكريم مرة واخدة في قوله تعالى : ( كُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ) [ مريم : 26 ]
فالصوم هنا يخص اللسان وليس المعدة ، أي أنّ مريم عليها السلام ‌ قـد نذرت [ صـوماً ] و هي تأكل و تشـرب .
الصوم هنا أحذ معنى قول الحق .
ويسترشد في فهم هذا المعنى من قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : ( مَـنْ لمْ يدعْ قول الزور و العمـل بـه فليس للـه حاجـة في أنْ يدع طعامـه و شـرابـه ) 
هنا يصير الصوم دورة تدربية للوصول إلى مرتبة الصوم  فمن السهل على اﻹ‌نسان الجوع و العطش من الفجر للمغرب ، لكنّ من أشـدّ الصعوبات عليه قول الحقّ خاصّة إذا كان على نفسـه ، ﻷ‌نّ [ الصبْر ] الحقيقي هو في مُعاملة اﻵ‌خرين : 
 ( و جعلْنا بعْضكُم لبعْضٍ فتنةً ، أتَصْبرون ) [ الفرقان : 20 ] .
 و اﻷ‌همّ ما في الموضوع هـو فهـم الحديث القدسـيّ جـيّداً و اﻻ‌نتباه لكلماته بدقّة أيضاً : 
  ( كلّ عمل ابن آدم له إﻻ‌ً الصوم فإنّـه لي و أنا أجـزي به ) ، 
نلاحظ أنّه ذكر [ الصـوم ] و لم يقل [ الصـيام ] ، ﻷ‌نـه ب [ الصـوم ] تنتهي المشاكل و يخفّ الضـغط على المحـاكم ، 
 أمّا الصيام مع سـوء الخلق فإنّـه يزيد عمل المحاكم ، فصوموا [ صـوماً ] و [ صـياماً ] لتعمّ الفائدة .
ويصير من الواضح معنى الآية في سورة الأحزاب : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا  )  [ الأحزاب : 35 ]  
فهنا تتحدث الآية عن تدرج في التقوى فالأيمان أرقى من الإسلام حتى نصل للمرتبة الثامنة عند الصائمين والصائمات .
والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل .

مواعظ رمضانية ـ 4 ـ
الصوم والمقاصة
المقاصة في الفقه " اقتطاع دين من دين "
والمقاصة في الاقتصاد المعاصر عمليّة مصرفيّة قوامها أن تُسَدَّد جميع المدفوعات والمقبوضات بواسطة حوالات متبادلة .
ولكن المقاصة الكبرى تكون يوم القيامة قبل عبور القنطرة وهي عامة تشمل البهائم والناس  . فيأخذ من حسنات الظالم إلى المظلوم  .
فأما الدليل على المقاصة بين البهائم ، فقد نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى شاتين ينتطحان فقال لـ أبي ذر: هل تعرف لم ينتطحان؟ فقال: لا يا رسول الله، قال: الله يدري فيقضي بينهما فإن الله جل وعلا سيقتص من الشاة القرناء للشاة الجلحاء .
وأما الدليل على المقاصة بين البشر فقد ورد أيضاً عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن رجلاً قال: ( لي عبيد -يعني: عمال- يسرقونني ويخونونني، قال: وإني أسبهم، أو أضربهم، أو أشتمهم فما لي أو علي؟ فبين له النبي صلى الله عليه وسلم: أنك ستأتي يوم القيامة فيعرض جرم هؤلاء العبيد -من الخيانة والسرقة التي تحدث معك- ثم يقاس فعلك معهم، فإن كان هذا أشد من هذا أخذوا منك حسناتك، وإن كان فعلهم أكبر من فعلك أخذت أنت منهم الحسنات مقاصة عند الله جل وعلا {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس:44]
ولكن هل هناك حسنات تستثنى من المقاصة وتبقى للمؤمن ولا يقاص منها ؟
في حديث قدسي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه قال الله فيه : ( كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا‌ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) 
فقال بعضهم : إن معناها تشريف الصوم وبيان فضله وأنه ليس فيه مقاصة أي أن الإ‌نسان إذا كان قد ظلم أحداً فإن هذا المظلوم يأخذ من حسناته يوم القيامة إلا‌ الصوم فإن الله تعالى قد اختص به لنفسه فيتحمل الله عنه أي عن الظالم ما بقي من مظلمته ويبقى ثواب الصوم خالصاً له .
وتذكروا ما جاء في الفرق بين الصيام والصوم في الموعظة السابقة ، وتذكروا قول علي ـ رضي الله عنه ـ : لوْ أراد الله أن يُعذِّبَ أُمَّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطاهُمْ رمضانَ .
والله تعالى أعلى وأعلم .


مواعظ رمضانية ـ 5 ـ
تزييت مفاصل الإنسان بالطاعات

ذكر الرسول عليه السلام قبل 1400 سنة أن في الإنسان 360 مفصلا ، فقد جاء في الحديث الشريف : "  فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا " ، وحتى عام 1976 كان أهل الطب يقولون أن في الإنسان 340 مفصلا فقط ، ثم جاء عالم ألأماني يدعى ( شنين ) وكشف أن هناك مفصلا صغيرا بالأذن مركب من 10 مفاصل أي أن مجموع عدد مفاصل جسم الإنسان هو 360 مفصلا .  
معلومة بسيطة تزيد الذين آمنوا بأن الرسول عليه السلام لا ينطق عن الهوى ، وتزيد الذين في قلوبهم مرض والكفار رجسا على رجسهم ، ويقولون صدفة لا تثبت شيئا .
والقضية ليست هنا فقط بل إن الرسول عليه السلام حدد للمؤمنين واجب شكر الله تعالى على نعمة المفاصل التي تتم بها كل حركة من حركات الإنسان ، ففرض على كل مفصل صدقة ، فقد جاء في تكملة الحديث : " ..  فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ قَالُوا : وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا ، وَالشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ، فَرَكَعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ . 
وفي أحاديث أخرى هناك ذكر لأنواع كثيرة من الصدقات منها الصدقات القولية مثل  : "  فَكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ.
 ومنها صدقات فعلية منها : " .. وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ عَزَلَ شَوْكَةً ، أَوْ عَزَلَ عَظْمًا .. " و " .. وَالْحَمْلُ عَلَى الضَّعِيفِ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ "  و " تبسمك في وجه أخيك صدقة "  .
ومنها صدقات غير متعدية مثل : " ..  قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ؟ قَالَ : فَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ
" .
فكما يزيت ويشحم الإنسان كل مفصل في الآلة عليه أن يتصدق عن كل مفصل في جسده ، شكرا لنعمة الله تعالى على المسلم وهذه الصدقة هي خير مانع من الإصابة بأمراض المفاصل من روماتزم وغيره فبالشكر تدوم النعم ، وداووا مرضاكم بالصدقة .  



مواعظ رمضانية ـ 6 ـ
صيام القلب

الصيام ثلاثة مراتب :
صيام عامة المسلمين وهو صيام الفم عن الشراب و الطعام 
صيام المؤمنين وهو صيام الجوارح عن الخطايا والآثام .
صيام المتقين وهو صيام القلب عن  الغش والحقد والغل والبغضاء .. 
أخرج الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:
"كنا جلوسًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه، وقد تعلَّق نعليه في يديه الشمال، فلما كان الغد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرجل على مثل حالة الأولى، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -، فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تؤويني اليك حتى تمضي فعلت، قال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئًا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله - عز وجل - حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضت الثلاث ليال، وكدت أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثلاث مرارٍ: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة؛ فطلعتَ أنت الثلاث مرارٍ، فأردتُ أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير إني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشًا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق".
في رحلة العمرة قابلت أخا عند الكعبة بعد منتصف الليل ، فقال لي : لقد جئت هذه العمرة لكي أدعو عند الحجر الأسود على رجل آذاني أشد الإيذاء ، ولكني لم أستطع أن أدعو عليه ، فدعوت له الله تعالى أن يهديه .
ما رأيكم إخوة الإسلام في هذا الشهر الفضيل أن نجمع بين أنواع الصيام ، وأن لا نبيت الليل إلا وقد صامت قلوبنا عن الغش والحسد والحقد على إخواننا المسلمين ؟!



مواعظ رمضانية ـ 7 ـ
بوليصة تأمين ربانية لسلامة الأولاد

بحرص الإنسان على سلامة أولاده من الأمراض والأخطار وغوائل الدهر ، ويبذل في سبيل ذلك النفس والنفيس ، ولكنه يتغافل عن وصفة ربانية لسلامة الأولاد فلذات الأكباد . نستمع أولا لهذه القصة :
جاء في  كتاب " نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة "  للتنوخى الجزء الثالث صفحة 237 :  
 قال الوزير " ابو الحسن بن الفرات" لـ " ابى جعفر بن بسطام " رحمه الله – و كان الوزير يكرهه و ينوى حبسه و قتله   : ويحك يا أبا جعفر ، ان لك قصة فى رغيف ، فما هي ؟  فقال : وأي قصة فى رغيف !! فلم يزل به الوزير إلى أن قال له : إن اخبرتنى بذلك كان خير لك يا أبا جعفر ، فقال "أبو جعفر": نعم ،  سأخبرك بكل شيء .  ثم قال : إن أمي كانت عجوزا صالحة ، و قد عودتنى ـ منذ ولدت ـ  أن تجعل تحت مخدتى التي انام عليها فى كل ليلة رغيفا من الخبز ، فإذا اصبحت تصدقت به عني ، فلما ماتت صرت أفعل  كما كانت تفعل ،  و مازلت على ذلك الى يومى هذا .
فقال الوزير "ابن الفرات": ما سمعت بأعجب من هذا ، اعلم يا "ابا جعفر" أنني من أشد الناس كراهية لك لأمور صدرت منك ، و انا منذ أيام أفكر فى القبض عليك وقتلك ، فأرى فى المنام منذ ثلاث ليال ، كأني قد استدعيتك لأقبض عليك ، فتحاربنى ، وتتمنع على ، فاهجم عليك لأقتلك ، فتبرز لى لتحاربنى ، و بيدك رغيف خبز كأنه الترس الحصين، فتتقى به السهام ، و تنجو به من الطعنات ، فلا يصل اليك منها شيء ، فعلمت أن لهذا الرغيف قصة و شأنها .  
ثم قال " الوزير": هنيئا لك يا "ابا جعفر" فقد انقذتك صدقتك من القتل،  وإني أشهد الله عز و جل ، أنني قد وهبت لله تعالى ، ما فى نفسى عليك ، و قد سامحتك و عفوت عنك  .
كما يروى أن أما جاءت لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وقالت له : يا صاحب رسول الله ، خرج ابني في البحر ، وأنت ترى ما قضى الله هذه الليلة من العواصف ، وأحشى عليه أن يهلك في البحر الهائح ، فادعو لابني لعل الله يحفظه ، كما حفظت احاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فقال أبو هريرة : يا أمة الله ، هل أدلك على ما هو خير من دعائي ؟ اذهبي من ساعتك وتصدقي عن ابنك صدقة خفية ، واسألي له السلامة . وفعلت ونجا الولد بفضل الله .
أبو هريرة رضي الله عنه ، أخذ هذه الوصفة في سلامة ابن المرأة من قوله تعالى :
( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ) [ النساء : 9 ] 
والصدقة الخفية من اشرف أعمال التقوى ، ودعاء الأم لولدها من محاسن القول السديد .

وحفظ الله أولاد المسلمين من شر الشياطين وأولاد الحرام والمستوطنين ..