حكي أن رجلا من العارفين أمر هارون الرشيد بالمعروف فحنق عليه هارون، وكانت له بغلة 
سيئة الخُلُق فأمر أن يُربط معها لتوقع به المضرة، ففعلوا ذلك فلم تضره، فقال: 
اطرحوه في بيت وطينوا عليه الباب ففعلوا، فرئي في بستان وباب البيت مسدود، فأُخبر 
هارون بذلك فأتي بالرجل وقال: من أخرجك من البيت؟ فقال: الذي أدخلني البستان، فقال: 
ومن أدخلك البستان؟ قال: الذي أخرجني من البيت، فقال هارون: أركِبُوه دابة وطوفوا 
به البلد، وليقل قائل: ألا إن هارون أراد أن يذل عبداً أعزه الله فلم يقدر.
   وحكي عن بعضهم أنه قال: رأيت رجلاً يطوف بالبيت 
وبين يديه خدم والخدم يطردون الناس عنه، وبعد ذلك بمدة رأيت إنساناً يتكفف على جسر 
في بغداد ويسأل شيئاً، قال: فكنت أنظر إليه وشبهته بذلك الرجل الذي كان يطوف وبين 
يديه الخدم، فقال: إيش تنظر؟ فقلت: شبهتُك برجل رأيتُه في الطواف من شأنه كذا وكذا، 
فقال: أنا ذلك الرجل، إني تكبرت في موضع يتواضع الناس فيه؛ فوضعني الله في موضع 
يرتفع الناس فيه.