هاتان قصتان ..
الأولى لكلمة طيبة في أرض هي كلمة الصحابي الجليل عبد الله بن سلاّم في اليهود خبيثة، والثانية كلمة طيبة في أرض طيبة، هي كلمة الصحابي الجليل سعد بن معاذ في الأنصار ..
كان عبد الله بن سلام من أشراف اليهود في المدينة، وكان رجلا ذا فضل في قومه، وكان سعد بن معاذ من أشراف الأوس في المدينة، وكلاهما عرف الحق فأسلم، ولكن شتان بين موقف قوم كل رجل ..
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال :
سَمِعَ عبدُ الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف ، فأتى النبيَ صلى الله عليه وسلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي :
فما أول أشراط الساعة ؟؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟؟ وما ينـزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟
قال : أخبرني بهن جبريل آنفا .
قال : جبريل ؟!
قال : نعم .
قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة !
فقرأ رسول الله ـ صَلَّى الله ُعَلَيِّهِ وَسَلَّمَ ـ هذه الآية :
{ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ }
ثم قال : أما أولُ أشراط الساعة فنار تحشرُ الناس من المشرق إلى المغرب ، وأما أولُ طعامِ أهل الجنة فزيادة كبدِ حوت ، وإذا سبق ماءُ الرجل ماء المرأة نـزع الولد ، وإذا سبق ماءُ المرأة نزعت .
قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، يا رسول الله إن اليهود قومٌ
ُهْت ، وإنـهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني .
فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ رجلٍ عبدُ الله فيكم ؟
قالوا : خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا .
قال : أرأيتم إن أسلم عبدُ الله بن سلام ؟
فقالوا : أعاذه الله من ذلك !
فخرج عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فقالوا : شرُّنا وابن شرِّنا وانتقصوه !
قال : فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله .
وأسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير، فلما أسلم وقف على قومه، فقال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟
قالوا : سيدنا فضلا، وأيمننا نقيبة.
قال: فإن كلامكم عليَّ حرام، رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله.
فما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا ...