إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمى، يكنى أبا أسماء. الإمام
القدوة، الفقيه عابد الكوفة. كان شابًا صالحًا قانتًا لله عالمًا فقيهًا، كبير
القدر واعظًا .
وعن الأعمش أيضًا قال: كان إبراهيم التيمى إذا سجد تجيئ
العصافير تستقر على ظهره، كأنه جذع حائط.
عن سفيان بن عيينة قال: قال إبراهيم التيمى: مثلت نفسى فى
النار أعالج أغلالها وسعيرها، وآكل من زقومها، وأشرب من زمهريرها، فقلت: يا نفسى
أى شئ تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا، وأعمل عملاً أنجو به من هذا العذاب، ومثلت
نفسى فى الجنة مع حورها، وألبس من سندسها وإستبرقها وحريرها، فقلت: يا نفسى أى شئ
تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا، أعمل عملاً أزداد من هذا الثواب. فقلت: أنت فى
الأمنية فاعملى .
عن أبو إدريس عن حصين قال: كان من كلام إبراهيم التيمى أنه
يقول: أى حسرة أكبر على امرئ من أن يرى عبدًا كان له، خوله الله إياه فى الدنيا،
هو أفضل منزلة منه عند الله يوم القيامة؟ وأى حسرة على امرئ أكبر من أن يصيب مالا،
فيرثه غيره، فيعمل فيه بطاعة الله تعالى، فيصير وزره عليه وأجره لغيره؟ وأى حسرة
على امرئ أكبر من أن يرى من كان مكفوف البصر، ففتح له عن بصره يوم القيامة وعمى
هو؟ إن من كان قبلكم يفرون من الدنيا وهى مقبلة عليهم ولهم من القدم مالهم، وأنتم
تتبعونها وهى مدبرة عنكم، ولكم من الأحداث مالكم، فقيسوا أمركم وأمر القوم.
وقال: كفى من العلم خشية الله، ومن الجهل أن يعجب الرجل
بعمله.
وقال: شيئان قطعا عنى لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الوقوف
بين يديه تعالى.
المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان له تكلم وإلا أمسك،
والفاجر إنما يرسل لسانه رسلاً رسلاً.
يهلك الناس فى خلتين: فضول المال وفضول الكلام.
حبسه الحجاج مغلولاً فى سلسلة حتى ضنى جسمه، فمات سنة اثنتين
وتسعين، ولم يبلغ الأربعين سنة.
وعن على بن محمد قال: كان سبب حبس إبراهيم التيمى، أن الحجاج
طلب إبراهيم النخعى، فجاء الرسول فقال: أريد إبراهيم، فقال إبراهيم التيمى: أنا
إبراهيم، ولم يستحل أن يدله على النخعى. فأخذه الرسول وهو يعلم أنه إبراهيم النخعى،
وجاء به إلى الحجاج، فأمر بحبسه فى الديماس ـ الحفير تحت الأرض ـ ولم يكن لهم ظل
من الشمس ولا كِنٌّ من البرد، وكان كل اثنين فى سلسلة. فتغير إبراهيم، فجاءته أمه
فى الحبس فلم تعرفه حتى كلمها. فمات فى السجن.
فرأى الحجاج فى منامه قائلا يقول: مات فى هذه الليلة رجل من
أهل الجنة، فلما أصبح قال: هل مات الليلة أحد بواسط؟ قالا: نعم، إبراهيم التيمى
مات فى السجن.
وكان ذلك سنة 92 هـ ، وكان عمره أربعين عاما .