الأربعاء، 15 مايو 2013

محاولة سرقة قبر النبي ...!!

يقول الله تعالى مخاطبا رسوله الكريم ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ يأمره ويبشره : 
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [ المائدة: 67]
 لما وقعت بيت المقدس ـ أولى القبلتين ـ بيد الصليبين، أرادت فئة صليبية الهوى من أهل المغرب أن تسرق جسد النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ من قبره في المدينة المنورة . فأرسلوا اثنين منهم، وجاءوا إلى المدينة، وتعبدوا في الحرم وأظهروا النسك والعبادة، وانقطعوا للعبادة في الحرم النبوي، وكانوا لا يخرجون من المسجد أبداً، بالليل والنهار عبادة، وقراءة، وبكاء عند القبر وعند الحُجْرَة .
وأَمِنَهم الناس، وأحبوهم ، ورأوا أن فيهم علامات الصلاح والتقوى، وكانت لديهم نقود أتوا بها من بلادهم ، فقاموا واشتروا داراً قريبةً من حُجْرة النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ التي فيها قبره، وصاروا يجلسون طوال اليوم وجزءاً من الليل في المسجد، ثم يذهبون وينامون في غرفتهم التي بجوار المسجد.
حفروا في وسط الغرفة نفقاً، وبدءوا ينبشون الأرض من الداخل، من أمام المنطقة التي تصل بهم إلى قبر النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ ، وبطريقة مخفية وسرية كي لا يطلع عليهم  أحد، وهكذا واصلوا حفر النفق، ومرت أياما طويلة، وعصابة السوء تقترب كلّ يوم من الجسد الشريف، ولم يبقَ بينهم وبين القبر غير أشبار معدودة .
وإذا بالإمام المجاهد العظيم نور الدين الزنكي وهو في دمشق يرى في المنام النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ وهو يقول له: يا نور الدين، أنقذني مِن هذين، وهما رجلان أمامه، فتفرَّس في وجهيهما ورآهما، فإذا بعلامات الصلاح والهداية والنور تبدو منهما . قال: فقمتُ وصليتُ ثم نمتُ، وإذا به مرة ثانية في الليل يقول : أنقذني يا نور الدين مِن هذين.
قال: فصليتُ ونمتُ وعزمتُ أن أعمل شيئاً، وإذا بي أرى الرؤيا مرة ثالثة: يا نور الدين، قم أنقذني مِن هذين. وإذا بالملك لم يعد يأتيه نومٌ، فقام ونادى وزراءه، وأمر بالجيش وجهَّزه، وأخذ المال والرجال، وما أمسى بعد أسبوعين إلا في المدينة المنورة.
ولما قَدِم المدينة المنورة نزل في بيته،وأعد وليمة وهدايا، وطلب من والي المدينة أن يجمع أهل المدينة كلِّهم، وأن يدخلهم من أمامه ليعطيهم الجوائز، فجمع الناس كلَّهم في صعيدٍ واحد وصاروا يدخلون من أمام الملك والملك يُقسِّم عليهم، وينظر في وجوههم، إلى أن انتهى الناس كلُّهم، ولم يجد أحداً تنطبق فيه صفات الرجلين الَّلذَين رآهما في المنام، سأل الأمير قائلا: بقي أحد في المدينة ؟ قالوا :لا، لم يبقَ أحدٌ إلاَّ رجلَين زاهدَين عابدَين منقطعَين في العبادة، لا يريدان الدنيا، ولا يريدان العطايا، ولا يرغبان في الجوائز، ولا يخرجان من المسجد، فهما من أهل الله . قال: ائتوا بهم إليَّ. فأرسل حراسه، فأخذوهما، وجاءوا بهما، وعندما دخلا عليه، وإذا بهما هما اللذان رآهما في المنام، وهما صاحبا الصورة، فقال: أدخلوهما. فأدخلهما السجن، وبدأ التحقيق معهما، وتفتيش بيتهما، وعندما جاءوا إلى البيت، وإذا بظاهره فراش ولا أحد يشك فيه، ففتحوه وإذا بالحفرة تحته، فنزلوا فيها وإذا بهم لم يبقَ بينهم وبين قبر الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ إلا قريباً من شبر فقط. فأمر بقطع رأسيهما بعد أن أقرّأ بجرمهما، ثم أمر فضُرِب حول قبر النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ بدائرة صبَّت بالرصاص، بحيث لا يستطيع أحد أن ينقضها بأي حالٍ من الأحوال .
عُرف عن نور الدين أنه كان يدعو ساجداً قبل السحر: اللهم احشرني يوم القيامة من بطون السباع وحواصل الطير، وكان قبيل المعركة يدعو بدعائه المشهور: اللهم خذ نور الدين شهيدا، وافتح على المسلمين؛
 بتلك الطاعات نال نور الدين شرف حماية خير البرية عليه السلام . 

ليست هناك تعليقات: