الجمعة، 28 مارس 2014

التفاخر بأكبر الكبائر


قرأنا في الصحف وصية عجيبة لأحد كبار كتاب الهند الذي توفي في 20 آذار 2014 ، جاء في الخبر :
أوصى الكاتب الهندي البارز خوشوانت سينج وأحد أهم مؤلّفي بلاده بالإنكليزية الذي غاب أخيرا، في التاسعة والتسعين، من جراء إصابته أن يُحفر على شاهد قبره:
 "هنا يرقد رجل لم يكن جيدا أو سيئا، إزاء الناس أو إزاء الله. لا تذرفوا أي دمعة من أجله، كان شخصا دنيئا. كتَبَ أمورا مقيتة وجدَها هو مضحكة. ليتمجّد إسم الله، لقد مات ابن الكلب".
قرأت وقلت صدق من قال : الولد السيء يجلب لوالده المسبة ، وكل من سيمر عن قبر هذا الكاتب سيسب والده الذي وصفه بالكلب .
أين هذا من التوجيه القرآني ، والهدي النبوي في التعامل مع الوالدين ؟
فقد قرن الله تعالى عبادته بالإحسان للوالدين فقال :
{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ } [ الإسراء : 23 ]
وقرن شكرهما بشكره ، فقال تعالى : ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [ لقمان : 14]
وكان بر الوالدين والدعاء لهما بعد موتهما من شعار الأنبياء،
فمن دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام :
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ﴾ [ إبراهيم ]
ومن دعاء سيدنا نوح عليه السلام :
﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ .. (28) ﴾ [ نوح ]
ومن دعاء سيدنا سليمان عليه السلام
﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ﴾ [ النمل ]
ومن دعاء الصالحين فى القرآن الكريم :
﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) ﴾ [ الأحقاف ]
وعدّ الرسول صلى الله عليه وسلم شتم الوالدين من  أكبر الكبائر :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ
وعن أبي الطفيل ، قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب وأنا عنده ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك ؟ قال : فغضب علي وقال : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي بشيء ، فيكتمه الناس ، غير أنه حدثني بكلمات أربع. قال : ما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال : «لعن الله من لعن والديه ، لعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من آوى محدثا ، ولعن الله من غير منار الأرض ».
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ملعون من سب أباه ، ملعون من سب أمه ».


الخميس، 20 فبراير 2014

سر السعادة ..


 في قصة لتولستوي يقول الإقطاعي للفلاح الطامع في أرضه سوف أعطيك ما تشاء من أرضي. تريد عشرة فدادين.. مائة فدان.. ألفا.. لك أن تنطلق من الآن جريا في دائرة تعود بعدها إلى مكانك قبل أن تغرب الشمس فتكون لك الدائرة التي رسمتها بكل ما اشتملت عليه من أرض.. شريطة أن تعود إلى نقطة البدء قبل غروب الشمس، أما إذا غربت الشمس و لم تعد فقد ضاعت عليك الصفقة.. و يفكر الفلاح الطماع في دائرة كبيرة تشمل كل أرض الإقطاعي.. و هو مطمع يحتاج منه إلى همة و سرعة قصوى في الجري حتى يحيط بها كلها في الساعات القليلة الباقية على الغروب
و يبدأ في الجري و كلما تقدم الوقت كلما وسع من دائرته اغترارا بقوته و طمعا في المزيد و تكون النتيجة أن تتقطع أنفاسه و يسقط ميتا قبل ثوان من بلوغ هدفه.. ثم لا يحصل من الأرض إلا على متر في متر يدفن فيه..
 
و هذه هي حاجة الإنسان الحقيقية من الأرض بضعة أشبار يرقد فيها.. و هو ينسى هذه الحقيقة فيعيش عبدا لأهواء و أطماع و أوهام تضيع عليه حياته
و قد فطن تولستوي إلى هذه الحقيقة فوزع أرضه على الفلاحين و هرب من بيته الأنيق الدافئ و سكن في كوخ حقير مع الفقراء المعدمين، وكذلك فعل غاندي الذي عاش على عنزة يحلب لبنها و يغزل صوفها

و يبدأ في الجري و كلما تقدم الوقت كلما وسع من دائرته اغترارا بقوته و طمعا في المزيد و تكون النتيجة أن تتقطع أنفاسه و يسقط ميتا قبل ثوان من بلوغ هدفه.. ثم لا يحصل من الأرض إلا على متر في متر يدفن فيه.. و هذه هي حاجة الإنسان الحقيقية من الأرض بضعة أشبار يرقد فيها.. و هو ينسى هذه الحقيقة فيعيش عبدا لأهواء و أطماع و أوهام تضيع عليه حياته
و قد فطن تولستوي إلى هذه الحقيقة فوزع أرضه على الفلاحين و هرب من بيته الأنيق الدافئ و سكن في كوخ حقير مع الفقراء المعدمين، و كذلك فعل غاندي الذي عاش على عنزة يحلب لبنها و يغزل صوفها
و كذلك فعل المسيح الذي عاش بلا بيت و بلا زوجة و بلا ولد.. لا يملك إلا ثوبه ، و هؤلاء هم السعداء العظام الذين جاءوا ليعلموا الناس كيف تكون السعادة
قال لنا بوذا إن السعادة في قمع الرغبة و ردع النفس و كبح الشهوة بذلك وحده يكون العتق الحقيقي للروح و تحررها من سجن الجسد
و قال لنا المسيح:
(( من أهلك نفسه في سبيلي وجدها ))
و قال طالوت لجنوده في القرآن:
(( إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني و من لم يطعمه فإنه مني ))
و كلها إشارات و رموز إلى الحقيقة
فنحن لم نوهب الشهوة لنشبعها أكلا و شربا و مضاجعة و تكديسا للمطامع و الثروات.. و إنما وهبنا الشهوة لنقمعها و نكبحها و نصعد عليها كما نصعد على درج السلم ، فالجسد هو الضد الذي تؤكد الروح وجودها بقمعه و كبحه و ردعه و التسلق عليه
و بقمع الجسد و ردعه و كبحه تسترد الروح هويتها كأميرة حاكمة و تعبر عن وجودها و تثبت نفسها و تستخلص ذاتها من قبضة الطين و تصبح جديرة بجنتها و ميراثها.. و ميراثها السماء كلها، و مقعد الصدق إلى جوار الله.. و هذه هي السعادة الحقة
أما إذا غلب حكم الطين و انتصرت الجبلة الحيوانية و قرن الإنسان ذاته الشريفة بالمادة الطبيعية فقد هبط بنفسه إلى سجن الضرورات و إلى غلظة الآلية و إلى نار الطبيعة التي تأكل بعضها بعضا و أصبح منها و فيها و لها.. و تلك هاوية التعاسة و التمزق و الشتات
و طريق الإنسان هو هذا الكدح خارجا من قبضة مادته إلى نورانية روحه (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ))
و هو في مكابدة دائمة من لحظة ميلاده يتأرجح بين قطبي جسده و روحه في قلق لا يهدأ و صراع لا يتوقف.. يصعد ثم يسقط ثم يعاود الصعود ثم يعاود السقوط
و كل منا له معراج إلى الكمالو كل منا يصعد على قدر عزمه و إيمانهو لا صعود دون ربط الأحزمة على البطون و كبح الشهوات
و الكامل حقا لا يرى في الحرمان حرمانا فموضوعات اللذة المادية لم تعد بذات قيمة في نظره فهو قد وصل بإدراكه العالي إلى تذوق المتع الروحية و اللذات المجردة.. فأصبحت الماديات بعد ذلك شيئا غليظا لا يسيغه.. و هو ارتقاء أذواق و ليس فقط ارتقاء همم و عزائم
و الصوفية يسمون هذا المعراج النفسي بالخروج.. الخروج من الصفات البشرية إلى الصفات الإلهية
و الله يطوي الصفات البشرية عن أحبابه كما يطوي لهم الأرض و يجذبهم إليه.. و هي الجذبة الصوفية.. و هي إذا جاءت لصاحبها على غير استعداد جعلت منه مجذوبا خارجا عن صوابه، و هي رتبة دون الكمال.. لأن الكمال هو الصلاح بوعي.. و ليس الصلاح بفقد الوعي ، والأنبياء في هذا الموضوع هم القدوة
منقول عن الدكتور مصطفى محمود 

الجمعة، 31 يناير 2014

الفأر في العسل

الإمام محمد بن سيرين كان من سادات التابعين ومن أغنيائهم كانت له ثروة عظيمة من العسل ! وكان له منها ما يقارب الستمائة برميل من العسل .( لم يكن مليونيرا ، بل مليارديرا )وفي يوم من الأيام وجدوا فأرة في أحد البراميل ، والحكم الشرعي أنه إذا وقعت الفأرة في الشيء المائع أي : السائل ، كالزيت والعسل واللبن ،مثلا ، تطرح الفأرة ويرمى هذا السائل .وإذا وقعت الفأرة في الشيء الجامد الصلب ، كالسمن ، مثلا ، فترمى الفأرة ،وما حولها، ثم ينتفع بالباقي .فلما وقعت الفأرة في برميل من براميل عسل محمد بن سيرين استخرجوا الفأرة من البرميل وطرحوها ، ثم إنهم نسوا في أي البراميل كانت هذه الفأرة ،فكان من ورع محمد بن سيرين أن رمى ببراميل العسل كلها!! .وكانت مصيبة عظيمة ! ،أفلس بسببها بعدما كان من أغنياء الدنيا، إلا أن ورعه يمنعه أن يلق الله بشبهة ،فقيل له في ذلك : إنها لخسارة عظيمة.فقال : هذا ذنب أنتظر عقوبته منذ أربعين سنة ، فقالوا له وما هذا الذنب ؟فقال: عيرت رجلاً ، وقلت له : يا فقير!سبحان الله العظيم ! ، محمد بن سيرين ينتظر عقوبة ذنب منذ أربعين سنة ، فما بالك بمن يتقلب في الذنوب والمعاصي ، ليل نهار. قَلّتْ ذنوب القوم ؛ فعرفوا من أين أتوا ، عيّر رجلا وقال له : يا فقير، فكيف بمن يخوض في أعراض الناس ليل نهار!! نسأل الله السلامةٌ والعافية .اللهم اشغلنا بذكرك ؛ فنرقى ، ولا تشغلنا بغيرك ؛ فنشقى

الأحد، 26 يناير 2014

لا تكونوا كالببغاء


لا تكونوا كالببغاء


كان شيخ يعلم تلاميذه العقيدة؛ يعلمهم "لا إله إلا الله" شرحا لها وتربيةً عَلَيْها.
وفي يوم أحضر أحد تلامذة الشيخ ببغاء هدية له، وكان الشيخ يحب تربية الطيور والقطط.
ومع الأيام أحب الشيخ الببغاء وكان يأخذه معه في دروسه، حتى تعلم الببغاء نطق كلمة "لا إله إلا الله"‼
فكان ينطقها ليل ونهار... وفي مرة وجد التلامذة شيخهم يبكي بشدة وينتحب، وعندما سألوه قال لهم: قط عندي قتل الببغاء.
فقالوا له: لهذا تبكي‼
إن شئت أحضرنا لك غيره وأفضل منه.
رد الشيخ وقال: لا أبكي لهذا... ولكن أبكاني أنه عندما هاجم القط الببغاء أخذ يصرخ ويصرخ إلى أن مات، مع أنه كان يُكثر من قول "لا إله إلا الله"، إلا أنه عندما هاجمه القط نسيها ولم يقل إلا الصراخ‼ لأنه كان يقولها بلسانه فقط ولم يعلمها قلبه ولم يشعر بها‼
ثم قال الشيخ: أخاف أن نكون مثل هذا الببغاء؛ نعيش حياتنا، نردد "لا إله إلا الله" من ألسنتنا، وعندما يحضرنا الموت ننساها ولا نتذكرها لأن قلوبنا لم تعرفها.
فأخذ طلبة العلم يبكون خوفا من عدم الصدق في "لا إله إلا الله".


إذا امتلأ صاعك

إذا امتلأ صاعك

أخرج البيهقي في [الشعب] عن معاذ بن جبل قال: "كان في بني إسرائيل رجل عقيمٌ لا يولد له، وكان يخرج، فإذا رأى غلامًا - من غلمان بني إسرائيل - عليه حُلي، يخدعه حتى يدخله فيقتله! ويلقيه في مطمورةٍ له، فبينا هو كذلك إذ لقي غلامين أخوين، عليهما حلي لهما؛ فأدخلهما فقتلهما، وطرحهما في مطمورةٍ له، وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك، فتقول له: إني أحذرك النقمة من الله عز وجل! وكان يقول: لو أن الله أخذني على شيء؛ أخذني يوم فعلت كذا وكذا! فتقول: إن صاعك لم تمتلئ بعد، ولو قد امتلأ صاعك أُخِذت!

فلما قَتَل الغلامين الأخوين؛ خرج أبوهما فطلبهما فلم يجد أحدًا يخبره عنهما! فأتى نبيًا من أنبياء بني إسرائيل؛ فذكر ذلك له، فقال له النبي - عليه السلام: هل كانت لهما لعبة يلعبان بها؟ قال: نعم، كان لهما جرو؛ فأتي بالجرو فوضع النبي - عليه السلام - خاتمه بين عينيه، ثم خلى سبيله، فقال: أول دارٍ يدخلها من بني إسرائيل فيها ميتان؛ فأقبل الجرو يتخلل الدور حتى دخل دارًا؛ فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلام قد قتله، وطرحهم في المطمورة! فانطلقوا به إلى النبي عليه السلام، فأمر به أن يُصلب، فلما رُفع على خشبته أتت امرأته فقالت: يا فلان! قد كنت أحذرك هذا اليوم، وأخبرك أن الله غير تاركك، وأنت تقول: لو أن الله أخذني على شيء أخذني يوم فعلت كذا وكذا! فأخبرك أن صاعك بعدُ لم تمتلئ، ألا وإن هذا قد امتلأ صاعك!".

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

إبراهيم يفدي إبراهيم



إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمى، يكنى أبا أسماء. الإمام القدوة، الفقيه عابد الكوفة. كان شابًا صالحًا قانتًا لله عالمًا فقيهًا، كبير القدر واعظًا .
وعن الأعمش أيضًا قال: كان إبراهيم التيمى إذا سجد تجيئ العصافير تستقر على ظهره، كأنه جذع حائط.
عن سفيان بن عيينة قال: قال إبراهيم التيمى: مثلت نفسى فى النار أعالج أغلالها وسعيرها، وآكل من زقومها، وأشرب من زمهريرها، فقلت: يا نفسى أى شئ تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا، وأعمل عملاً أنجو به من هذا العذاب، ومثلت نفسى فى الجنة مع حورها، وألبس من سندسها وإستبرقها وحريرها، فقلت: يا نفسى أى شئ تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا، أعمل عملاً أزداد من هذا الثواب. فقلت: أنت فى الأمنية فاعملى .
عن أبو إدريس عن حصين قال: كان من كلام إبراهيم التيمى أنه يقول: أى حسرة أكبر على امرئ من أن يرى عبدًا كان له، خوله الله إياه فى الدنيا، هو أفضل منزلة منه عند الله يوم القيامة؟ وأى حسرة على امرئ أكبر من أن يصيب مالا، فيرثه غيره، فيعمل فيه بطاعة الله تعالى، فيصير وزره عليه وأجره لغيره؟ وأى حسرة على امرئ أكبر من أن يرى من كان مكفوف البصر، ففتح له عن بصره يوم القيامة وعمى هو؟ إن من كان قبلكم يفرون من الدنيا وهى مقبلة عليهم ولهم من القدم مالهم، وأنتم تتبعونها وهى مدبرة عنكم، ولكم من الأحداث مالكم، فقيسوا أمركم وأمر القوم.
وقال: كفى من العلم خشية الله، ومن الجهل أن يعجب الرجل بعمله.
وقال: شيئان قطعا عنى لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الوقوف بين يديه تعالى.
المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان له تكلم وإلا أمسك، والفاجر إنما يرسل لسانه رسلاً رسلاً.
يهلك الناس فى خلتين: فضول المال وفضول الكلام.
حبسه الحجاج مغلولاً فى سلسلة حتى ضنى جسمه، فمات سنة اثنتين وتسعين، ولم يبلغ الأربعين سنة.
وعن على بن محمد قال: كان سبب حبس إبراهيم التيمى، أن الحجاج طلب إبراهيم النخعى، فجاء الرسول فقال: أريد إبراهيم، فقال إبراهيم التيمى: أنا إبراهيم، ولم يستحل أن يدله على النخعى. فأخذه الرسول وهو يعلم أنه إبراهيم النخعى، وجاء به إلى الحجاج، فأمر بحبسه فى الديماس ـ الحفير تحت الأرض ـ ولم يكن لهم ظل من الشمس ولا كِنٌّ من البرد، وكان كل اثنين فى سلسلة. فتغير إبراهيم، فجاءته أمه فى الحبس فلم تعرفه حتى كلمها. فمات فى السجن.
فرأى الحجاج فى منامه قائلا يقول: مات فى هذه الليلة رجل من أهل الجنة، فلما أصبح قال: هل مات الليلة أحد بواسط؟ قالا: نعم، إبراهيم التيمى مات فى السجن.
وكان ذلك سنة 92 هـ ، وكان عمره أربعين عاما .

الفلق والناس



ھل تعرف الفرق بين المعوذتين
( الفلق والناس ) في المعنى ؟
عائض القرني
سورة "الفلق" استعاذة من الشرور الخارجية :
الليل إذا أظلم ، القمر إذا غاب ،
وهذان الوقتان مظنة كثرة الشرور والساحرات اللاتي ينفخن في عقد السحر والحسد .
سورة "الناس" ، استعاذة من الشرور الداخلية :
من الوسواس وهو القرين ، والنفس الأمارة بالسوء إذا غفل المسلم .
والشرور الداخلية أشد من الخارجية ؛
فالشرور الخارجية ممكن تبتعد عنها ، والشرور الداخلية ملازمة لا تنفك عنك أبداً .
لذلك نستعيذ مرة في الفلق وثلاث مرات في الناس ،
فأنت تقول في الفلق
( قل أعوذ برب الفلق )
ثم تذكر المستعاذ منه ،
وفي الناس تقول
( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس ) ثم تذكر المستعاذ منه .
فمن يقرأ المعوذتين يُوقى بإذن الله من جميع الشرور الخارجية والداخلية .
ومن عرف هذا المعنى تبين له سبب هذه الفضائل الكثيرة التي حشدت للمعوذتين .

ثمانية أم ثلاثة



سُئل أحد العلماء ما الذي أوصل حال المسلمين إلى هذه الدرجة من الذل والهوان وتكالب الاعداء ؟؟؟
فرد ذلك العالم وقال " عندما فضلنا الثمانية على الثلاثة "
فسُئل: ما هي الثمانية وما هي الثلاثة ؟
فأجاب : إقرؤوها في قول الله تعالى :
{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }.

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

لمن يريد العزة


حكي أن رجلا من العارفين أمر هارون الرشيد بالمعروف فحنق عليه هارون، وكانت له بغلة سيئة الخُلُق فأمر أن يُربط معها لتوقع به المضرة، ففعلوا ذلك فلم تضره، فقال: اطرحوه في بيت وطينوا عليه الباب ففعلوا، فرئي في بستان وباب البيت مسدود، فأُخبر هارون بذلك فأتي بالرجل وقال: من أخرجك من البيت؟ فقال: الذي أدخلني البستان، فقال: ومن أدخلك البستان؟ قال: الذي أخرجني من البيت، فقال هارون: أركِبُوه دابة وطوفوا به البلد، وليقل قائل: ألا إن هارون أراد أن يذل عبداً أعزه الله فلم يقدر.


   وحكي عن بعضهم أنه قال: رأيت رجلاً يطوف بالبيت وبين يديه خدم والخدم يطردون الناس عنه، وبعد ذلك بمدة رأيت إنساناً يتكفف على جسر في بغداد ويسأل شيئاً، قال: فكنت أنظر إليه وشبهته بذلك الرجل الذي كان يطوف وبين يديه الخدم، فقال: إيش تنظر؟ فقلت: شبهتُك برجل رأيتُه في الطواف من شأنه كذا وكذا، فقال: أنا ذلك الرجل، إني تكبرت في موضع يتواضع الناس فيه؛ فوضعني الله في موضع يرتفع الناس فيه.

الجمعة، 5 يوليو 2013

ابنة هولاكو .. ودرس بليغ

قال تعالى في سورة النور :
)لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(. [النور:63].
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ إذا تبايعتم بالعِيْنَةِ وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذُلاًّ ، لا يَنزعه شيءٌ حتى ترجعوا إلى دينكم ] رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القطان ، وقال الحافظ في البلوغ رجاله ثقات .
بينما كانت إبنة "هولاكو"- قائد التتار- تتجول فى شوارع بغداد رأت حشداً غفيرا من الناس يجتمعون بمجلس أحد العلماء، فسألت متعجبة: ما هذا؟
فأخبروها أنه رجل من علماء الدين الذين يلتف الناس حولهم، فأمرت أن يأتوها به مربوط الرجلين واليدين بعمامته وحافي القدمين.. ففعلوا ووضعوه أمامها..سألته: أنت رجل الدين؟
فقال: نعم
قالت: إن الله يحبنا ولا يحبكم؛ فقد نصرنا عليكم ولم ينصركم علينا، وقد علمت أن الله تعالى قال: "والله يؤيد بنصره من يشاء"!فلم يجب العالم وإشترط لأن يرد على كلامها أن يفكوا قيده وأن يجلس على كرسى مثلها، فوافقت على شرطه وأعادت عليه الكلام..فقال لها: أتعرفين راعى الغنم؟
قالت: كلنا يعرفه.فقال: أليس ما عنده غنم؟
قالت: بلى
قال: ألا يوجد بين رعيته بعضاً من الكلاب؟
قالت: بلى
قال: وما عمل الكلاب؟
قالت: تحرس له غنمه وتعيد له الغنم الشاردة حتى ولو أصابها بجروح إذا إمتنعت وأبت..!قال لها: إنما مثلنا ومثلكم كذلك، فالله تعالى هو الراعى ونحن الغنم وأنتم الكلاب، فلما شردنا عن أوامر ربنا سلط الله تعالى الكلاب علينا ليردونا إليه مرة أخرى!!