‏إظهار الرسائل ذات التسميات مواعظ الموت. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مواعظ الموت. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 9 يوليو 2014

تجربة الاقتراب من الموت تؤكد ما جاء في الحديث الشريف


تعارف العلماء في الشرق والغرب على ظاهرة تسمى الاقتراب من الموت ، هي ظاهرة غير طبيعية تتلخص ماهيتها في أن البعض ممن تعرضوا لحوادث كان كادت تودي بحياتهم رأوا وكأن نفوسهم تخرج من الجسد المادي ، وتجتاز نفقا مظلما طويلا في نهايته نور ساطع ، وإذا ما اقتربوا منه انقسم لقسمين ، ثم يعودون إلى الحياة .
. لا يوجد تفسير علمي للظاهرة ولكن بعض العلماء حاول تفسيرها على أن العقل الباطن هو من يفتعل تلك الأحداث وتلك الأماكن لتسهيل عملية الموت غالبا .
علق أحدهم على هذه الظاهرة : " أنا كمسلم أؤمن بما يؤكده الدين الإسلامي بان من يموت لا يعود للحياة مرة أخري ولكني أعتقد بان الذين مروا بتجربة الاقتراب من الموت  قد اقتربوا مايكون ألاقتراب من الموت  دون أن يموتوا , و كما وأن الشخص الذي يقترب من البحر يبدأ في أستنشاق هواء البحر العليل قبل الوصول اليه فكذلك الحال هنا.
وقال عالم غير مسلم : عندما يتعطل جهاز التلفاز (يموت) فان الموجات (قنوات ) التي كان يقوم بالتقاطها لا تتعطل ولا تتوقف بل يتم التقاطها بواسطة جهاز آخر،  كذلك الحال بالنسبة للذين بمرون بتجربة الاقتراب من الموت ، فأؤلئك الناس قد تعطلت أمخاخهم عن العمل مؤقتا أما ذاتهم و ذكرياتهم و مكونات شخصيتهم الأخرى فهي موجودة ابدا خارج اجسادهم ، و هم اثناء اقترابهم من الموت يقيض لهم استخدام أدوات أخري اكثر حدة و جودة ،لا نعرف عنها شيئا  ، لالتقاط تلك الموجات الخاصة بهم.
جاء في الحديث الشريف وصف لموت المؤمن  :
"  إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَر،ِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ..

وجاء في وصف موت الكافر : " وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوه،ِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ. قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ)).رواه أبو داود وأحمد وهو حديث صحيح.

الجمعة، 18 أبريل 2014

الوفاء لصديق ميت

ﺗﻮﻓﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻦ ﻓﺘﺮﻩ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺬﻑ"
!!ﺍﺳﻤﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻣﻦ ﻓﺘﺮﺓ
ﻃﻮﻳﻠﺔ
ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﺍﺣﺬﻑ ﺍﺳﻤﻪ
ﻣﻦ ﻫﺎﺗﻔﻲ
ﻭﺣﺘﻰ ﺍﺫﺍ ﻏﻴﺮﺕ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻭﺳﺠﻠﺖ
ﺍﻻﺳﻤﺎﺀ
ﻣﺠﺪﺩﺍ أﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻻﺳﻤﺎﺀ
ﻓﺴﺄﻟﻮﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻫﻜﺬﺍ
ﻭﺗﻔﻌﻞ
ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻧﻪ ﻣﺎﺕ ؟؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﻢ ﻗﺎﺋﻼ :ﻻ ﺍﺣﺬﻑ ﺍﺳﻤﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﺫﺍ
ﻣﺮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﻤﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﻟﻪ
ﺑﺄﻥ ﻳﺮﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻣﺎ ﺍﺟﻤﻞ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﻗﺔ ,,
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﺻﺪﻗﺎﺋﺎً ﻳﺬﻛﺮﻭﺭﻧﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻣﻴﻦ

الأربعاء، 15 مايو 2013

تجسد الأمور المعنوية يوم القيامة

قال سبحانه وتعالى في محكم آياته :
{ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ *  وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ سورة ق : 19ـ 22 ]
الموت هو اختراق حاجز الغيب، فيكون بصره من حديد يرى ما كان عاجزا عن رؤيته في الدنيا، وتدلنا الأحاديث الشريفة على أن الكثير من الأمور المعنوية في الدنيا  تتجسد فيراها الإنسان بأم عينه، فيقلب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هذه الأعراض فتصير أعياناً، ومنها :
·        أن العمل الصالح يأتي صاحبه بصورة الشاب الحسن، والعمل القبيح في صورة الشاب القبيح .
·        وتأتي بعض سور القرآن مجسدة، سورة البقرة وآل عمران،  تأتيان كأنهما غمامتان أو فرقان من طير صواف
·        ومن ذلك أيضاً ما ورد في الحديث أن القُرْآن يأتي عَلَى صورة الشاب الشاحب اللون .
·        تأتي كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " على شكل بطاقة .
·        ويأتي الموت على شكل كبش أملح ويذبح على الصراط .

الثلاثاء، 5 مارس 2013

فبصرك اليوم الحديد ...

فبصرك اليوم الحديد ...

نعرف اليوم أن قدرة العين على الرؤية محدودة، وذلك لسببين:
الأول لأن العين لا ترى الأجسام حقيقة بل ترى الضوء المنعكس أو الصادر عن هذه الأجسام.
الثاني لأن الله سبحانه وتعالى بحكمته جعل العين قادرة على استقبال الضوء المرئي المحصور بين اللونين الأحمر والبنفسجي فقط .
ونعرف إذن أننا نرى جزء بسيطا من الوجود، وما لا نراه يسمى عالم الغيب، والإنسان محجوب عن الغيب ما دام في الحياة الدنيا ، حتى إذا مات كشف الغطاء، واطلع على الغيب، وقد ورد في سورة ق :
{ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ }
لقد كنت في حياتك الدنيا أيها الإنسان غافل عن عالم الغيب، والغفلة شيء من الغطاء كاللبس وأكثر منه، لأن الشاك يلتبس الأمر عليه، والغافل يكون الأمر بالكلية محجوباً قلبه عنه وهو الغلف.
و قوله تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} إشارة إلى أن الموت نوما يستيقظ الإنسان منه ، ويزاح عنه غطاءه الثقيل ، لكي يرى بعين الحقيقة ما كان يسمع عنه من غيب، يرى البعث والنشور، ويرى الملائكة ، ويرى الصراط ، وما أخبر الله تعالى عنه في عالم الغيب ، {فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ} أي قوي؛ يقطع ستائر الغيب ويخترق الحواجز التي كانت تفصلك عن الآخرة، وقد كان في الدنيا ضعيفا محدودا قاصرا.
وقتها يعرف الإنسان أنت الحياة الحقيقية هي حياة الآخرة ، فيقول :
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51)
 قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) يس
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)
 يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) الفجر
ومن هنا نستطيع أن نفهم قول علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا .
ولله در الشاعر أبي الحسن التهامي حين قال :

حُكمُ المنيِة في البريِّة جارِبينـا تـرى الإنسانَ فيها مُخبراً
طُبعت على كدر وأنت ترومها
ومكلِّفُ الأيام ضـدَّ طِبـاعها
والعيش نومٌ والمنيـة يقظةٌ

مــا هـذه الدنيا بدارِ قـرارِحتى يـُرى خيراً من الأخيـار
صفواً من الأقـذار والأكدار
متطلِّبٌ في الماء جذوةَ نارِوالمـرءُ بينهمـا خيالٍ ساري

الاثنين، 25 فبراير 2013

زيـــــــارة القبـــــــــــــور

زيـــــــارة القبـــــــــــــور

اسأل نفسك  :
عندما تمر بالمقابر هل تقف وتدعو لهم وتُقرئهم السلام أم تمرّ عنها مسرعا مرَّ الكرام ، ولا تلفت ؟ ولو سألت  : متى زرت مقبرة آخر مرّة ؟ لأجاب معظم الناس يوم جنازة فلان ، فترى الناس يعزفون عن زيارة المقابر بعد الجنائز ، ولم يكن هذا شأن الصالحين من قبل ، وديدن الزهاد الأتقياء .
ابن الجوزية في " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان " يقول إن زيارة القبور مقصودها ثلاثة أشياء :
الأول: تَذكّر الآخرة ، والاعتبار ، والاتعاظ لقول الرسول r : " زوروا القبور ، فإنها تذكركم بالآخرة " .
الثاني : الإحسان إلى الميت ،  فلا يطول عهده به ، فيهجره ، ويتناساه ، كما إذا ترك زيارة الحيّ مدة طويلة تناساه ، فالميت أولى لأنه صار في دار قد هجر أهلها إخوانهم ، فإذا زاره وأهدى إليه هدية : من دعاء ، أو صدقة فرح بها كما يفرح الحيّ .
الثالث : إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنّة ، والوقوف عند ما شرعه الرسول r فيحسن إلى نفسه والمزور .
وقال الراوندي : من تذكر الموت لها عن اللذات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات .
وجاء في الأثر : أكثروا من ذكر هادم اللذات ، فما ذُكر في قليل إلا وكثَّره ، وما ذُكر في كثير إلا وقلَّله .
عامر بن قيس كان يقول : تعزى عن الدنيا بالقرآن ، فإنه من لم يتعزّ بالقرآن تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .
وقال ابن الجوزي :
 اعلموا أن الشيطان لا يتسلط على ذاكر الموت ، وإنما إذا غفل القلب عن ذكر الموت دخل العدو من باب الغفلة .
وما يثير الحزن في النفوس أنك تجد مقابر غير المسلمين نظيفة مرتَّبة ، أما مقابر المسلمين فعشوائية كثيرة الأوساخ ، تنبت الأشواك على القبور ، فلو أخذنا بوصية الرسول الكريم وزرنا قبور الأحبة ، ورفعنا في كل مرّة أذى ، لأصلحنا من هيئة المقابر ولعمرنا قلوبنا بذكر هادم اللذات ، فهل من مبادر ؟؟

يعزّي المعزِّي ثم يمضي لشأنه
ويسلو المعزَّى في ليالٍ قليلة


ويبقى المعزَّى في أحرُّ من الجمرِ
ويبقى المعزّى به في ظلمة القبر
ِ

الأحد، 24 فبراير 2013

ضيق الدنيا وسعة الآخرة

ضيق الدنيا وسعة الآخرة

يقول ابن الجوزي رحمه الله : "خلقنا نتقلب في ستة أسفار إلى أن يستقر بالقوم المنزل :
السفر الأول : سفر السلالة من الطين .
السفر الثاني : سفر النطفة من الظهر إلى البطن .
السفر الثالث : سفر الجنين من البطن إلى الدنيا .
السفر الرابع : سفر الإنسان من الدنيا إلى القبر .
السفر الخامس : السفر من القبر إلى العرض .
السفر السادس : السفر من العرض إلى دار الإقامة ".
ومن يتتبع هذه الرحلة الإنسانية بعد يجد أنها تسير في خطين متوازيين :
الأول : هو السير من الضيِّق إلى الواسع في المكان .
الثاني : هو السير من القليل إلى الكثير في الزمان .
فبداية يكون بعض الإنسان خلية صغيرة في ظهر الأب أو ترائب الأم ] خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ` يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ  [ ، وهو المكان الأضيق ثم يجتمعان في المكان الضيق و هو رحم الأم المهيأ لخلقه  ]أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ` فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ` إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ` فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ [، ثم يخرج من الرحم طفلا إلى الدنيا الواسعة ، ثم يخرج من الدنيا الواسعة إلى الآخرة الأوسع.
 ويرافق هذه الرحلة سلسة من الاصطفاءات ، فهناك الكثير من الخلايا التي يختار منها الله خلايا أقل عدد لتكون حيوانات منوية في الأب وبويضات عند الأم ، ويختار من هذه حيوانا واحدا وبويضة واحدة ليتشكل منها الجنين ويموت الباقي ، ثم يولد الإنسان ، فيختار من الملايين أعدادا محددة لتكون حية بالإيمان ، والباقي تكون ميتة بالكفر ، ثم ينتقل الناس إلى الدار الآخرة ، فيفوز المؤمنون بالحياة الخالدة في الجنة ، ويلقى الكافرون في جهنم .
ويرافق هذه المراحل أزمان تسير من القليل إلى الكثير .فالسفر الأول من الطين إلى السلالة كان في لحظة كن فيكون ، وتخلّق الخلية التناسلية في الرجل و المرأة في ساعات أو أيام معدودة ، وتبقى فترة أيام في خصية الرجل أو رحم الأم ، وإذا ما تم التلقيح يتكون الطفل ويبقى شهورا في بطن الأم ، حتى إذا خرج بقي سنوات في هذه الدنيا ، ويعيش ما شاء الله له أن يعيش ، ثم ينتقل إلى الدار الآخرة ، وهناك الآزال والآباد ، والسنة بألف سنة مما نعد في هذه الدنيا .
فرحلة الإنسان يصاحبها ثلاثة أبعاد : المكان من الضيق إلى الواسع ، والزمان من القليل إلى الكثير ، والاصطفاء سمة ترافق مراحل سفر الإنسان .
الآن تدبًّر المواقف التالية اعتمادا على ما تقدم :
قول الرسول r :
" الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر "  .
" لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء " .
وانظر إلى عمق فهم ربعي بن عامر ، وهو  يجيب قيصر الروم عن سبب خروج المجاهدين وجيوش الفتح إلى بلاد الدنيا :
" ابتعثنا الله تعالى لنخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة " .

أبـــكــــي لنفســــــي

أبـــكــــي لنفســــــي
 
  ويسأل الناس عن سرّ عظمة عمر بن الخطاب ، فيُجاب عن السؤال بأنها كلمة للرسول r  قالها يوما لعمر ، سمعها فوعاها فنقشها على خاتمه :" كفى بالموت واعظا يا عمر " ، فحسنت سيرته في الدنيا وأحسن الله خاتمته بإذنه .
 يا لها من ساعة ، يا له من موقف عظيم ، تلك الساعة التي نفر منها ، وهي آتية لا ريب فيها ، ساعة يجلس فيها ملك الموت أمام عين الإنسان ، فتحشرج الروح في الجسد ، وتختلط الكلمات في الفم ، وتدور الأعين من هول ما ترى ! وقد أدرك الإنسان أنه الفراق ، وأنه الرحيل عن المال والولد والأحباب !
رأيت بعض الناس في الاحتضار وكانوا في الدنيا من أبخل الناس يقول : خذوا كل مالي ، وأعيدوا لي شبابي .  ولات حين مناص .
ورأيت من الناس من يقول : تصدقوا بكل مالي ووزعوه في سبيل الله .
وسمعت عن أحدهم يصرخ بأولاده : اشتروني ، ولا تتركوني .
وسمعت أحدهم يقول : احرقوني ولا تدفنوني .
وسمعت أحد الناس يقول ساعتها : لقد تأخرت كثيرا متى ألقى ربي !
ساعتها يكشف الغطاء ، ويصير البصر حديدا ، فينظر الإنسان بعينه ، فلا يرى إلا دموعا يسحها باكيا على نفسه .
جاء في (كتاب المحتضرين ) : لما حضر الحسن بن علي الموت ، قال : أخرجوا فراشي إلى صحن الدار حتى أنظر في ملكوت السماوات . فأخرجوا فراشه ، فرفع رأسه ، فنظر فقال : اللهم إني أحتسب نفسي عندك ، فإنها أعزّ الأنفس عليّ .
هو يقدم نفسه بين يديه ، ليجدها ، كمن يقدم ماله ليجده ، ولكنه لم يجد أغلى من نفسه ، فطوبى لها من صدقة بين يدي الله تعالى .
و جاء في ( مواعظ المجالس ) أنه كان بالبصرة عابد قد أجهده الخوف والحزن ، وأسقمه البكاء وأنحله خوفا من الموت ، فلما جاءته الوفاة جلس أهله يبكون حوله ، فقال لهم : أجلسوني . فأقبل عليهم ، وقال لابنه : يا بني ما الذي أبكاك ؟ قال : يا أبتِ ، ذكرت فقدك وانفرادي بعدك . فالتفت إلى أمه ، وقال : يا أماه ، ما الذي أبكاك ؟ قالت : لتجرعي مرارة ثكلك . فالتفت إلى الزوجة وقال : ما الذي أبكاك ؟ قالت : لفقد برّك وحاجتي لغيرك . فالتفت إلى أولاده وقال : ما الذي أبكاكم ؟ قالوا لذلّ اليتم والهوان بعدك ؟
فعند ذلك نظر إليهم وبكى ، فقالوا له : وما يبكيك أنت ؟
قال : أبكي لأني رأيت كلاً منكم يبكي لنفسه لا لي ، أما فيكم من بكى لطول سفري ؟! أما فيكم من بكى لقلة زادي ؟! أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب ؟! أما فيكم من بكى لما ألقاه من الحساب ؟!  أما فيكم من بكى لوقوفي بين يدي رب الأرباب ؟! ثمّ سقط على وجهه فحركوه فإذا هو ميت .
قال ابن الرومي :
رأيت الدهر يجرح ثمّ يأسو
أبت نفسي الهلوع لفقد شيء
وقال آخر :
ويبكي على الموتى ويترك نفسه
ولو كان ذا عقل ورأي وفطنة

يعوض أو يسلي أو ينسي
كفى حزنا لنفسي فقد نفسي

ويزعم أن قد قلّ عنها عزاؤه
لكان عليه لا عليهم بكاؤه

الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

الشاعر و حفار القبور

تشيع اليوم على ألسنة الناس أدعية مثل :
أطال الله في عمرك .. فرّحك الله بأولاد أولادك .. وينساك الموت .
وإذا خاطبنا ذا مكانة قلنا :
يا طويل العمر .. أدامك الله   .. مدّ الله في ظلك ..
ونقرأ في دعاء من سبقونا من الصالحين :
تربت يداك ... ثكلتك أمّك .. أحسن الله ختامك ومثلها ..
والسنة تعلمنا أن نقرن الدعاء بطول العمر بحسن الخاتنة وزيادة الصالحات
باختصار هناك أقوام تبني وتنشط لكي تنسى الموت ، وهناك أقوام إذا دعا الرجل لأخيه قال : جعل الله الموت مني ومنكم على بال .
يروى أن الشاعر العراقي الشهير بدر شاكر السياب عندما أصيب بمرض السل ، وتيقن من قرب الأجل ، وكان المرض قد انتشر في المدينة ، وأهلك أهلها ، أراد أن يحجز لنفسه قبرا ويريح أهله من البحث عن قبر ، وفعلا ذهب لإلى المقبرة العامة ، وقابل حفار القبور ، المسؤول عن المقبرة ، وقال له أريد أن أشتري قبرا لي ، فما كان من حفر القبور إلا أن تجهله وقال : لا يوجد عندنا قبور ، فقال السياب سأدفع لك ضعف الثمن ، فرد عليه الحفار : يا أخي لا يوجد ف يمقبرتي قبورا للبيع فالموت في البلد كثير ، وجميع القبور محجوزة .
فقال السياب : يا رجل ، أنا شخص غريب في المدينة ، وأخاف إن مت أن لا أجد قبرا يحويني .
فقال الحفار : قلت لك القبور جميعها محجوزة ، وأنا كما ترى رجل مريض ، وكبير في السن ، فلا تثقل عليّ .
هنا خطرت للشاعر فكرة ، وقال : ما رأيك لو تكرمت عليّ ، وبعتني القبر الذي حجزته لنفسك !
فسكت الحفار هنيهة ، وكأن مفاجأة أخرسته ، وقال : يا الله ، أتدري أني أدفن في كل يوم أناسا كثيرين ، وأرتزق من هذا العمل سنوات ، ولكني نسيت أن أحجز لنفسي قبرا ، وكأني لا اموت ..

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

معي في قبري ..!!

 
عندما طلب بنو إسرائيل من نبيهم أن يبعث لهم ملكا يقاتلون تحت لوائه، فبعث الله لهم طالوت، ولكن نفوسهم لم تطمئن له، فقد رأوا أن فيهم من هو أحق بالملك منه، ولم يؤت سعة من المال، فأراد الله أن يثبت قلوب المقاتلين وهم يواجهون الموت، فأراد الله أن يؤيد ملك طالوت بعلامة :
﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ ءالُ مُوسَى وَءالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: 248]
ذهب المفسرون لتعيين مكونات التابوت المادية ،  فقالوا السكينة طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء، وقالوا: السكينة مثل الريح الخجوح، صوتها مثل الهرة إذا صرخت في حال الحرب أيقن بنو إسرائيل بالنصر .
وقالوا  عن ﴿ وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون كان فيه رضاض الألوح وشيء من المن الذي كان نزل عليهم بالتيه ، وقيل : فيه عصا موسى وثيابه ودرعه . وكان بنو إسرائيل ينصرون على أعدائهم ما دام التابوت معهم ، ولما سلب منهم صاروا  يهزمون فأعاده الله لهم لكي يربط على قلوبهم .
إذا تدبرنا هذه القصة وسياق الآيات نجد أن هناك عناصر توافرت في هذا الآية: التابوت والسكينة والبقية من آثار الصالحين وتحمله الملائكة في مواجهة القتل أو الموت المتوقع من الحرب .
التابوت وهو آلة النقل إلى القبر تحمله الملائكة كما تحمل الروح إلى ربها، وهناك السكينة وهي أغلى مطلب لمن يواجه هذه الرحلة الصعبة التي تجف لها الحلوق وترتعد لها الفرائص، وهناك البقية من آثار الصالحين؛ السلاح الأمضى في نحر الخوف وتحقيق السكينة، وهناك الملائكة التي تحمل هذا التابوت .
وتروي لنا كتب التراث الكثير من المواقف التي عمد فيها بعض السابقين لتحقيق السكينة في مواجهة الموت من خلال البقية من آثار الصالحين ومنها:
تقول كتب السير أنه لما حضر معاوية الموت أوصى بأن يدفن في قميص رسول الله وإزاره وردائه وشيء من شعره .
وحينما حضرت عمر بن العزيز الوفاة، دعا بشعر من شعر النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأظفار من أظفاره وقال: إذا مت فخذوا الشعر والأظفار ثم اجعلوه في كفني .
المسلمون فيما بعد فعلوا شيئا مشابها ، فهذا الخليفة العثماني السلطان بايزيد خان الثاني ابن السلطان محمد الفاتح ، كان من عادته أن يجمع في قارورة ما علق بثيابه من غبار ، وهو راجع من أية غزوة من غزوات جهاده في سبيل الله. وفي إحدى المرات عندما كان السلطان يقوم بجمع هذا الغبار من على ملابسه لوضعه في القارورة ، قالت له زوجته (كولبهار): أرجو أن تسمح لي يا مولاي بسؤال. لم تفعل هذا مولاي ؟ وما فائدة هذا الغبار الذي تجمعه في هذه القارورة ؟
- إنني سأوصي يا (كولبهار) بعمل طابوقة ( طوبة )  من هذا الغبار ، وأن توضع تحت رأسي في قبري عند وفاتي ، ألا تعلمين يا (كولبهار) أن الله سيصون من النار يوم القيامة جسد من جاهد في سبيله ؟
ونفذت فعلاً وصيته ، إذ عمل من هذا الغبار المتجمع في تلك القارورة … غبار الجهاد في سبيل الله ، عمل منه طابوقة ، وضعت تحت رأس هذا السلطان الورع عندما توفي سنة 1512م ، وقبره موجود حتى الآن بجانب الجامع الذي بناه (جامع بايزيد) ، رحمه الله تعالى
 وهذا الإمام ابن الجوزي كان يجمع براية الأقلام التي يكتب بها، ويحتفظ بها في مكان خاص . ولمّا حضرته الوفاة أوصى أن يُسخن الماء الذي سيغسل به ببراية تلك الأقلام . ولمّا مات نفذوا وصيته، فكفَت براية أقلامه لتسخين مائه، وزاد منها شيء كثير بعد ذلك .
ولكن من أين لنا في لحظة الوفاة بوصية كتلك ؟؟

الاثنين، 23 يوليو 2012

السيئات الجاريات . ..

 

يقول الله - سبحانه وتعالى ـ ]:  إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } [يس:12 }
الناس بعد الممات ينقسمون قسمين، باعتبار جريان الحسنات والسيِّئات عليهم:
قسم يَموت وتنقطع حسناته وسيئاته على السَّواء، فليس له إلا ما قدَّم في حياته الدُّنيا.وقسم يَموت وتبقى آثارُ أعماله من حسناتٍ وسيئاتٍ تجري عليه ..
كثيرٌ من النَّاس يغفلون عن مسألة السيِّئات الجارية وخطورة شأنِها؛ لأنَّ من السيئات ما إذا مات صاحبها، فإنَّها تنتهي بموته، ولا يَمتد أثر تلك السيئات إلى غير صاحبها، ولكنْ من السيئات ما تستمر ولا تتوقف بموت صاحبها، بل تبقى وتجري عليه، وفي ذلك يقول أبو حامد الغزالي : " طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يَموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة أو أكثر يُعذَّب بها في قبره، ويُسْأل عنها إلى آخر انقراضها"
وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ محذِّرة من هذا النوع من السيئات؛ منها قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم ـ  : ( مَن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تَبِعَه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا»؛ وفي رواية: «ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عَمِلَ بها من بعده من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيء ) .
وبما أنَّنا نعيش في عصرٍ تيسَّرتْ فيه وسائلُ الاتِّصالات، ونقل المعلومات، وصارت الرسائل تحفظ ، وأهم السيئات الجارية أن ترسل رسالة نصية إلى قناة فضائية تتضمن حراما ، أو تنشـر صورة أو معلومة معادية للدين على الانترنت ، وغيرها من الأعمال التي تحفظ وتنتقل من يد إلى يد ومن جيل إلى جيل ، فاعلموا أيها الأخوة ، أن أوسع أبواب الحسنات الجاريات أو السيئات الجاريات هي في أيامنا هذه الحواسيب والهواتف التي نحملها ، ونسجل عليها أشياء قد تستمر آلاف السنين بعد موتنا ، فالحذر الحذر ، يا عباد الله .