‏إظهار الرسائل ذات التسميات صنائع المعروف. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صنائع المعروف. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 5 مارس 2013

الصـــــاحب بالجنـــــب

الصـــــاحب بالجنـــــب

آية كريمة من كتاب الله الكريم سماها الشيخ شلتوت آية التكافل الاجتماعي، وسماها غيره آية الحقوق  العشر في الإسلام، هذه الآية هي الآية رقم 84 من سورة النساء:
وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًاِ [ النساء: 84 ]
هي عشر حقوق على التمام، تبدأ بحق الله على المؤمن أن يعبده ولا يشرك به شيئا ،وتنهي بالإحسان لما ملكت أيمان المؤمنين، ونقف عند الحق الثامن في هذه الآية وهو حق الصاحب بالجنب على أخيه المسلم .
من هو الصاحب بالجنب ؟
اختلف المفسرون في تعيين الصاحب بالجنب ، ولكن الراجح من أقوالهم أن الصاحب بالجنب هو الصاحب الملازم لصاحبه، كما يقال : فلان بجنب فلان، وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلان فلاناً فهو يجنبه جنباً، إذا كان لجنبه. ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعض. ويدخل في هذا :
الرفيق في السفر الذي منزله منزلك، وطعامه طعامك، ومسيره مسيرك .
والصاجب في الحضر الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك وخيرك .
والزميل في العمل أو العلم أو المهنة، وهذا الصنف من الأصحاب هو أكثر الأصحاب في يومنا هذا، فالسفر وإن طال فهو قصير، وأكثر من يكون جنبك نمت الناس هو زميلك في العمل.
فهل يحفظ الواحد منا حق زميله في العمل؟

إن أحاك الحق من كان معك      وممن يضر نفسه لينفعك
ومن إذ ريب الزمان صدعك     شتت فيك شمله ليجمعك

الخبيئــــة ....

الخبيئــــة ....

قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم _:
(من استطاع منكم أن يكون له خِبْءٌ من عملٍ صالحٍ فليفعل) .
وروى الإمام الذهبي: أن الشيوخ والمعلمين كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها.
فما هي الخبيئة ؟
الخبيئة من العمل الصالح هو العمل الصالح المختبئ يعني المختفي ، إنها العبادة في السر والطاعة في الخفاء, حيث لا يعرفك أحد ولا يعلم بك أحد, غير الله سبحانه, وهي من زاد الصالحين يدعون الله بها إذا ضاقت الأمور ولا فارج لها إلا الله ، كما ورد في الحديث الشريف عن النفر الثلاثة الذين دخلوا الغار، فانحدرت عليهم صخرة وسدت باب الغار، فقالوا : لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم .
فالدعاء كلم طيب، والعمل الصالح يرفعه ..
كانت خبيئة الأول سهر ليلة في برّ الوالدين
وكانت خبيئة الثاني تركه لكبيرة الزنا وهو قادر عليها
أما خبيئة الثالث فكانت حفظ الأمانة مع طول العهد ..
وكان شرط دعائهم : الله إن فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنّا ما نحن فيه . فقد توسل هؤلاء إلى الله تعالى بخبايا أعمالهم .
ولاحظ العلماء أن خبيئات هؤلاء كانت في باب الأخلاق والمعاملات، وذلك لأن المعاملات والأخلاق هي ثمار العقائد والعبادات ، والمرء في العادة يخبئ النفيس الثمين من ثمار عمله وكده.
الخبيئة من العمل الصالح لها كل هذه القيمة عند الله تعالى ...
لأنها دليل صدق الإيمان وإخلاص النية ، فهي محجوبة وممنوعة عن المنافقين والمرائين.
لأنها تعظيم لرب الناس لا تعظيم للناس .
لأنها تنشر في الناس الثقة بالله تعالى، وتزيد في بركة أعمال الخير بين الناس ،
لأنها تحفظ للإنسان مروءته وكرامته، تلك المقاصد النبيلة للشريعة الغراء .

الخبيئة هي زورق النجاة إذا ما هبت العواصف ..
الخبيئة هي العمل الصالح الذي يرفع الكلم الطيب فيرفع الله البلاء ..
الخبيئة هي قرشك الحلال الأبيض المدخر عند الله تعالى ليومك الأسود ..
الخبيئة هي السر الذي بينك وبين الله ..
فهلا اتخذت عند الله خبيئة ترفع لك دعاءك وتفتح لك أبواب الإجابة !!!!

الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

سكينة بنت الحسين تصنف الأجيال

سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب سليلة بيت علم وتقوى ، لقيت من الدنيا ، وتقلبت بها الأحوال حتى صارت خبيرة بأخلاق الرجال ، وكانت مع ذلك أديبة ناقدة يجتمع عندها الشعراء وتحكم بينهم ، أنشدها شاعر يوما قول لبيد :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم     وبقيت في خلفٍ كجلد الأجربِ
فقالت : لله أبوه ، ما كان أشعره !
فقالوا : وكيف ذلك يا أم المؤمنين ؟
قالت : كان القوم إذا عرف أحدهم عن أخيه خًلّة ( حاجة ) سدها من حيث لا يعلم ، وجاء قوم كان أحدهم إذا عرف عن أخيه خلة سدها من حيث يعلم ، ثم ذهب هؤلاء ، وجاء قوم ، كان أحدهم إذا عرف عن أخيه خلة أحب أن يسأله ، فإذا سأله أعطاه ، ثم ذهب هؤلاء وجاء قوم ، كان أحدهم إذا عرف عن أخيه خلّة ، أحب أن يسأله ، فإذا سأله منعه ، ثم فضحه .
رحمتك يا رب ، هذا في القرون الأولى فكيف بنا اليوم ، كان ذلك في زمن السابقين بالخيرات ، فكيف بنا اليوم ..

الاثنين، 9 يوليو 2012

تحرير أســـير .. !!



بعد استشهاد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بليلتين رآه ابن عباس في رؤيا ، فقال : يا أمير المؤمنين كيف حالك ؟
قال له عمر: طاشت تلك الاشارات ، وضاعت تلك العبارات ... ( في القبر لا أنساب ولا أحساب ولا ألقاب فلا أمير ولا فقير )
قال ابن عباس: ماذا صنع الله بك ؟
قال عمر: والله لقد كاد عرشي أن يهدَّ لولا أني لقيته غفورا رحيما .
قال ابن عباس: بنصرتك للإسلام ؟ قال عمر:لا
قال ابن عباس:بعلمك ؟ قال عمر:لا
قال ابن عباس: بعدلك؟ قال عمر:لا
قال ابن عباس:إنما بماذا ؟
قال عمر: كنت أسير بالمدينة يوما، فرأيت أطفالا يلعبون بعصفور قيدوه بخيط ففككت الخيط ، وطار العصفور ، فقيل لي ياعمر: فككت إسار العصفور، ونحن نفك إسارك من النار وندخلك الجنة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"فكاك الأسارى من أعظم الواجبات ، وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات"
وروى منصور عن شقيق بن سلمة عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول -^ -   : (أطعموا الطعام وأفشوا السلام وعودوا المريض وفكُّوا العاني ) ، فهذان الخبران يدلان على فكاك الأسير ، لأن العاني هو الأسير وقد روى عمران بن حصين وسلمة بن الأكوع : أن النبي عليه السلام فدى أسارى من المسلمين بالمشركين  .

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

تصدق الآباء وبخل الابناء ..

تصدق الآباء وبخل الأبناء
قال الله تعالى في محكم تنزيله :
[الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ] { البقرة : 262}
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " .
هذه قصة من كتاب (موسوعة غرائب القصص )  لمؤلفه : أحمد سالم بادويلان وهي بعنوان ( الصدقة لا تموت ) ، جاءت على لسان رجل يكنى ابن جدعان ، ويقول  هذه القصة حدثت منذ أكثر من مائة سنة تقريبا ، فهي واقعية ... يقول ابن جدعان  :
خرجت في فصل الربيع ، وإذا بي أرى إبلي سمانا يكاد أن يفجر الربيع الحليب من أثدائها ، كلما اقترب ابن لناقة من أمه درت وانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير ، فنظرت إلى ناقة من نوقي وابنها من خلفها ، وتذكرت جارا لي له بنيات سبع ، فقير الحال ، فقلت والله لأتصدقنَّ بهذه الناقة وولدها لجاري ، و الله يقول [ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ ] { آل عمران : 92 } . وأحب مالي إليَ هذه الناقة .
 يقول أخذت هذه الناقة وابنها ، وطرقت الباب على جاري ، وقلت خذها هدية مني لك،  فرأيت الفرح  في وجهه لا يدري ماذا يقول .  فكان يشرب من لبنها ، ويحتطب على ظهرها ، وينتظر وليدها يكبر ليبيعه،  وجاءه منها خير عظيم .
فلما انتهى الربيع وجاء الصيف بجفافه وقحطه، تشققت الأرض ، وبدأ البدو يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ ، يقول شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول ، والدحول : هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض يعرفها البدو، يقول : فدخلت إلى هذا الدحل لأحضر الماء حتى أ شرب وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون فتهت تحت الدحل ولم أعرف الخروج .
وانتظر أبناؤه يوما ويومين وثلاثة حتى يئسوا، وقالوا : لعل ثعبانا لدغه ومات ، لعله تاه تحت الأرض وهلك ، وكانوا والعياذ بالله ينتظرون هلاكه طمعا في تقسيم المال والحلال ، فذهبوا إلى البيت، وقسموا الميراث فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره، إن جارنا هذا لا يستحقها، فلنأخذ  عيرا  أجرب فنعطه الجار ، ونسحب منه الناقة وابنها، فذهبوا إلى المسكين وقرعوا عليه الدار،  وقالوا : أخرج الناقة وابنها.. قال : إن أباكم أهداها لي .. أتعشى وأتغذى من لبنها .
 فقالوا : أعد إلينا الناقة خير لك ، وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها الآن عنوة ، ولن نعطيك بدلا منها شيئا. قال : أشكوكم إلى أبيكم .. قالوا: اشكُ إليه فإنه قد مات .
قال: مات .. كيف مات ؟ ولم لا أدري؟
قالوا: دخل دحل في الصحراء ولم يخرج، قال : اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة ، وافعلوا ما  شئتم ولا أريد جملكم ، فلما ذهبوا به ورأى المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ، ذهب وأحضـر حبلا ثم ربطه خارج الدحل و أشعل شعلة ، ونزل يزحف على قفاه مرة يحبو ومرة يتدحرج ، حتى صار يشم رائحة الرطوبة  تقترب ، وإذا به يسمع أنينا ، وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلام يتلمس الأرض ، ووقعت يده على طين ثم على الرجل ، فوضع يده عليه فإذا هو حي يتنفس بعد أسبوع من الضياع ، فقام وجره وربط عينيه ، ثم أخرجه معه خارج الدحل، وأعطاه التمر وسقاه وحمله على ظهره جاء به إلى داره ، ودبت الحياة في الرجل من جديد ، وأولاده لا يعلمون ، قال : أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعا تحت الأرض وأنت لم تمت!؟
قال : سأحدثك حديثا عجيبا ، لما دخلت الدحل ، وتشعبت بي الطرق فقلت آوي إلى الماء الذي وصلت إليه ، وأخذت أشرب منه ، ولكن الجوع لا يرحم ، فالماء  لا يكفي .
يقول : وبعد ثلاثة أيام وقد أخذ الجوع مني كل مأخذ ، وبينما أنا مستلق على قفاي سلمت أمري إلى لله،  إذا بي أحس وكأن لبنا يتدفق على لساني ، فأخذ يأتيني في الظلام كل يوم ثلاث مرات ، ولكن منذ يومين انقطع.. ولا أدري ما سبب انقطاعه ؟ يقول : فقلت له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت، ظنَّ أولادك أنك مت فجاءوا إليَ فسحبوا الناقة التي أهديتني إياها  .. فجمع أولاده وقال : اخسؤوا ، لقد قسمت مالي نصفين ، نصفه لي ، ونصفه الآخر لجاري .

الخميس، 15 سبتمبر 2011

وصفة للدواء بالصدقة ..

وصفة للتداوي بالصدقة ..!!

قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم :
[ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (262) ]
قال صلى الله عليه وسلم : داووا مرضاكم بالصدقة. وقال صلى الله عليه وسلم : الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
روى الشيخ نبيل العوضي مما يعرف أن دكتورا في إحدى الجامعات المصـرية ،  سافر إلى بريطانيا للعمل ، وهناك أصيب بمرض خطير ، وعند الفحص والتشخيص قال له الأطباء  إنه مريض بالقلب ، ولا بدّ من عملية قلب مفتوح،  و نسبة الخطورة فيها كبيرة ، وفرصة نجاحها ضئيلة جدا، لأن عضلة القلب عنده ضعيفة .
فقال الرجل  أذهب إلى أولادي أودعهم وأوصيهم ، و أرجِع الأمانات إلى أصحابها ثم أستعد و آتيكم ، قال الأطباء لا تتأخر لأن حالتك شديدة  الخطورة  لا تحتمل التأجيل.
رجع الدكتور  إلى مصـر ،  وجلس إلى أولاده يودعهم ويحدثهم  أن الأعمار بيد الله ، و ربما لا يرجع إليهم مرة أخرى،  وسلّم على من يشاء من أحبابه ، وأستعد للقاء الله عز وجل ،  يقول الدكتور : ثم  ذهبت إلى أحد أصحابي لأسلم عليه في أحد  المكاتب  ، وكان بجوار المكتب جزار ، فنظرت  وأنا جالس في المكتب فرأيت عند الجزار امرأة عجوز في يدها كيس تجمع فيه  العظام والشحم واللحم الساقط على الأرض ومن القمامة،  فاستأذنت من صديقي ، وذهبت أنظر لتلك المرأة الفقيرة ،  وقفت بجوارها وقلت لها بصوت مشفق : ماذا تصنعين يا أختي  ؟  
قالت :  يا أخي،  أنا لي خمس بُنيات صغيرات لا أحد يعيلهن ،  ومنذ سنة كاملة لم تذق بنياتي قطعة من اللحم ، فأحببت إن لم يأكلوا لحما أن يشربوا مرقه أو يشموا رائحته ..
يقول الدكتور تأثرت لها ، وبكيت من حالها وأدخلتها إلى الجزار،  وقلت له :  يا فلان كل أسبوع تأتيك هذه المرأة فتعطيها ما تطلب من اللحم على حسابي .
فقالت المرأة : لا .. لا..  لا نريد شيئا .
فقلت : والله لتأتين كل أسبوع،  وتأخذي ما شئت من اللحم ...
قالت المرأة : لا أحتاج سوى لكيلو واحد  .
قلت :  بل أجعلها كيلوين .. ثم دفعت مقدما لسنة كاملة ..
فأخذت المرأة تدعو لي وهي تبكي  ، فأحسست بنشاط كبير وهمة عالية ..
رجعت إلى البيت وقد أحسست بسعادة ، لأني أدخلت السرور على قلب هذه المرأة المسكينة .
فلما دخلت إلى البيت جاءت ابنتي الكبيرة التي تعلم عن مرضي فقالت:  يا أبي وجهك متغِّير كأنك فرح !! فأخبرتها بالقصة فأخذت ابنتي تبكي على حال تلك المرأة  .  وقالت :
ـ   يا أبي ، أسأل الله أن يشفيك من مرضك كما أعنت تلك المرأة ...  
ثم لما رجعت إلى بريطانيا  لأجري العملية،  قال الطبيب المعالج بعد فحصـي تجهيزا للعملية  بغضب  : أين تعالجت؟ قلت :  ماذا تقصد ؟ قال : أين ذهبت إلى أي مستشفى ؟؟  قلت: والله ما ذهبت إلى أي مستشفى سلّمت على أولادي ورجعت..
قال : غير صحيح قلبك المريض لا تبدو عليه أي علامات المرض .
قلت :  ماذا تقول يا دكتور ؟
قال : أنا أخبرك أن القلب سليم تماما ، فإما أنك لست الرجل الذي فحصته قبل أسبوع ، أو إنك ذهبت إلى مستشفى آخر، فأرجوك أن تعطيني دوائك فما الذي أخذت؟؟؟...
قلت:  والله لم آخذ شيئا،   إنما ذلك بدعاء امرأة عجوز لا أعرفها ولا تعرفني.
سبحان الله، رقّ فلب هذا الرجل على أيتام مساكين ضعفاء، فقوّى الله تعالى عضلة قلبه،  والجزاء من جنس العمل.

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

الرغيف المقاتل

الرغيف المقاتل .. !!

 [وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ] { النساء : 9 }
وقال رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  :
( صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خُفْيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف ) . { رواه الطبراني وغيره، وصححه الألباني } . 
وليَ علي بن الفرات أمر الدواوين في حكم المكتفي والمقتدر العباسيين  ، ذات يوم نقم ابن الفرات على العالم الزاهد أبي جعفر بن بسطام ، وكانت لهما قصة رواها القاضي التنوخي في  " كتاب الفرج بعد الشدة "  :
كان ابن الفرات، يتتبع أبا جعفر بن بسطام بالأذيِّة، ويقصده بالمكاره، فلقي منه في ذلك شدائد كثيرة. وكانت أم أبي جعفر قد عودته منذ كان طفلاً، أن تجعل له في كل ليلة، تحت مخدته التي ينام عليها، رغيفاً من الخبز، فإذا كان في غد، تصدقت به عنه.
فلما كان بعد مدة من أذية ابن الفرات له، دخل إلى ابن الفرات في شيء أحتاج إلى ذلك فيه، فقال له الوزير ابن الفرات: لك مع أمك خبر في رغيف ؟ قال: لا. فقال: لا بد أن تصدقني.
فذكر أبو جعفر قصة رغيف أمه ،  فقال ابن الفرات: إني بت البارحة، وأنا أدبر عليك تدبيراً لو تم لاستأصلتك، فنمت، فرأيت في منامي، كأن بيدي سيفاً مسلولاً، وقد قصدتك لأقتلك به، فاعترضتني أمك بيدها رغيف تترسك ( تحميك ) به مني، فما وصلت إليك، وانتبهت.
فعاتبه أبو جعفر على ما كان بينهما، وجعل ذلك طريقاً إلى استصلاحه، وبذل له من نفسه ما يريده من حسن الطاعة، ولم يبرح حتى أرضاه، وصارا صديقين. وقال له ابن الفرات: والله، لا رأيت مني بعدها سوءاً أبداً.