‏إظهار الرسائل ذات التسميات شرقيات وغربيات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شرقيات وغربيات. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

من لطائف الحج

حكى الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله في مقال له "أن بلدة شمني في بلغاريا كانت مركزا هاما إسلاميا في عهد الحكم الإسلامي، وكان مفتيها الكبير المعمَّر عالما جليلا له خدمات علمية ودينية عظيمة للغاية كما هو معروف لأهل تلك البلاد".

وقد حكى هذا المفتي عن نفسه -كما يروي الكوثري- قائلا: "إني كنت طفلا بلغاريا، فتبناني مسلم، ورباني وأحسن تربيتي، وبعثني إلى الآستانة، وحصلت العلم على كبار أساتذتها، فتخرجت في العلوم، وعينت مفتيا للبلد، واستمررت في الإفتاء إلى اليوم، وكلي في سبيل خدمة الدين، ومع هذا كله كانت تعتريني هواجس، وتوسوس في صدري: ربما كان ديني السابق هو الحق وأنا غلطت في اختيار هذا الدين تبعا لولي نعمتي. وأستعيذ في الحال من هذه الهاجسة الشنيعة، ثم تعاودني هذه الهاجسة مرة أخرى فأردها بشدة واستعاذة، وهكذا، لكن لم تنقطع عني تلك الهاجسة إلى أن حججت، وأديت المناسك، وشهدت المشاهد، ووقفت المواقف، وزرت قبر المصطفى (صلوات الله وسلامه عليه)، فزالت عني معاودة تلك الهواجس نهائيا بحمد الله تعالى" (مقالات الكوثري ص 189-190).
وهكذا يبدو الانتفاع الفردي الشخصي بفريضة الحج حاضرا دائما -في أوقات الضعف الإسلامي ومراحل القوة على السواء- وذلك لمن خاض التجربة بصدق، وإقبال نفس، ووعي قلب، حتى بدون خطب ونصائح كثيرة.

ولعل تجربة الداعية والحقوقي الأميركي مالك شباز أو مالكولم إكس رحمه الله تمثل نموذجا فذا في هذا الباب، فالرجل الذي آمن في سجون الولايات المتحدة بإسلام منقوص يقوم على العنصرية والتعصب الزنجي ضد البيض، رجع من الحج عام 1964 وقد خاض تجربة الإسلام العادل الذي يسوي بين البشر، وتعلم أن عنصرية البيض البغيضة والقاسية في أميركا لا يُرَد عليها بعنصرية السود، وإنما بعدالة الإسلام التي يمكنها أن تستوعب جميع الألوان!
وتجربة مالك الرائعة مع رحلة الحج لا يمكن أن نعتبرها مجرد سياحة دينية شخصية وضعت يد الرجل على الحقيقة، إذ تجاوزت التجربة شخصه حتى تحول إلى صوت عظيم للإسلام على الشاطئ الآخر للأطلسي، فتأثرت به جماهير عريضة صححت به إسلامها، أو انقادت إليه بعد أن كانت خارج حدود الإسلام، لذلك أُسكت صوت الرجل عاجلا في حادث اغتيال أثيم عام 1965.


منقول عن الكاتب نبيل الغولي / مصر 

السبت، 30 أغسطس 2014

فصة عن نعمة البيان عند الإنسان

عالم لعة يفشل محاولة نصب بقيمة عشرة ملايين دولار ... في عام 2003 قرر متحف إسرائيل شراء مخطوط أثري اسمه " حجر الملك سايمان " بمبلغ عشرة ملايين دولار ، لأنه أول دليل مادي وعلمي يثبت وجود هيكل سليمان في القدس ، وقرر المتحف دفع هذا المبلغ الضخم بعد أن أثبت فحص تأريخ الكربون أن الحجر أصلي وحقيقي ، ولكن المتحف قبل الشراء عرض الحجر على الخبير اللغوي " فيكتور هاردوس " أحد علماء اللغة العبرية القديمة ، وكانت المفاجأة أنه أعلن أن الحجر مزيف .. كيف ؟الكتابة تتحدث عن إعمار الملك " جيواش " للهيكل بعد قرن من موت سليمان ـ عليه السلام ـ وجاء في الكتابة على الحجر أنا الملك جيواش الذي " إيديك هبيت " أي عمر البيت ، ولكن هذه اللفظة تعني عمر البيت في اللغة العبرية الحديثة ، أما في العبرية القديمة فتعني " خرب البيت " ومن المستحيل أن يفتخر ملك بتخريب بيت الله ويدعي أنه جمع المال لأجل ذلك . ومثل ذلك في اللغة العربية كلمة شاطر التي تعني قديما اللص ، وتغيرت دلالتها اليوم فصارت تعني المجتهد .وفعلا أعيد فحص الحجر فتبين أنه مزيف يحرفية عالية من قبل تاجر آثار يدعى " عوديد غولدمان " وبالتحري أكتشف أن لدى عوديد مختبر لتزييف الآثار القديمة .إنها معجزة اللغة النعمة التي أنعمها الله على البشر دون غيرهم من المخلوقات ، يقول الله تبارك وتعالى: (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن: 1-4]، هذه الآيات تعلمنا كيف منّ الله على الإنسان بنعمة "البيان" فلم يقل "علمه الكلام" لأن تعلم الإنسان للغة أو الكلام ليس كافياً إنما يجب عليه ربط الكلمات ببعضها واسترجاعها عند الضرورة.

السبت، 19 يوليو 2014

قراط أهل الكتاب وقراط المسلمين



رأيت يوما يهوديا يستعد للصلاة ، فقام بلف شريط جلدي طويل على ذراعه عدة لفات ، ثم ثبت مكعبا أسود برباط مماثل على جبهته ، في عملية طويلة دقيقة ثم جاء بشال عريض وأسدله على رأسه ، ثم بدأ يقرأ من كتاب ويهز رأسه هزا شديدا لفترة طويلة ..  
فقلت :  سبحان الله، عاملة ناصبة ،  ما أصعب وما أسهل صلاتنا ؟
وأحيانا نسمع أحاديث عن أعمال بسيطة صغيرة ولكن أجورها عظيمة تفوق الخيال  ، بعضنا يستغرب ، وبعضنا يزم شفتيه غير مصدق ، وهذه أمثلة :
" من قال سبحان الله وبحمده في يوم 100 مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر "
" رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين"
" من صام يوما في سبيل الله باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام "
 " من دخل السوق فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف الف درجة " .
" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دحل الجنة "
" أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة " .
ليس فقط أنا وأنت من نستغرب ونندهش عند سماع هذه الأحاديث الت يفيها عمل قليل وأجر كبير ، فهذا عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ سمع ‏أبا هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ، ‏ ‏يقول : "‏ من تبع جنازة فله ‏ ‏قيراط ‏ "  فقال ‏:  ‏أكثر ‏ ‏أبو هريرة ‏ ‏علينا ‏" . ‏فصدقت ‏ ‏يعني ‏ ‏عائشة ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏وقالت سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقوله ‏ ‏فقال ‏ ‏ابن عمر ‏ ـ ‏رضي الله عنهما ـ ‏ : " ‏لقد فرطنا في قراريط كثيرة " .
هذا أيها الكرام من فضل الله تعالى على أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد خصها بخصائص عظيمة، من ذلك أنها أقل عملا ممن سبقها من الأمم، لكنها أكثر أجرا وثوابا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم . كما جاء في حديث القراريط ،

ما جاء عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ، ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا فقال : من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ ، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط ، ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ ، فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ، ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ، ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ، ألا لكم الأجر مرتين ، فغضبت اليهود والنصارى ، فقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ، قال الله : هل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ ، قالوا : لا ، قال : فإنه فضلي أعطيه من شئت ) رواه البخاري.

الخميس، 20 فبراير 2014

سر السعادة ..


 في قصة لتولستوي يقول الإقطاعي للفلاح الطامع في أرضه سوف أعطيك ما تشاء من أرضي. تريد عشرة فدادين.. مائة فدان.. ألفا.. لك أن تنطلق من الآن جريا في دائرة تعود بعدها إلى مكانك قبل أن تغرب الشمس فتكون لك الدائرة التي رسمتها بكل ما اشتملت عليه من أرض.. شريطة أن تعود إلى نقطة البدء قبل غروب الشمس، أما إذا غربت الشمس و لم تعد فقد ضاعت عليك الصفقة.. و يفكر الفلاح الطماع في دائرة كبيرة تشمل كل أرض الإقطاعي.. و هو مطمع يحتاج منه إلى همة و سرعة قصوى في الجري حتى يحيط بها كلها في الساعات القليلة الباقية على الغروب
و يبدأ في الجري و كلما تقدم الوقت كلما وسع من دائرته اغترارا بقوته و طمعا في المزيد و تكون النتيجة أن تتقطع أنفاسه و يسقط ميتا قبل ثوان من بلوغ هدفه.. ثم لا يحصل من الأرض إلا على متر في متر يدفن فيه..
 
و هذه هي حاجة الإنسان الحقيقية من الأرض بضعة أشبار يرقد فيها.. و هو ينسى هذه الحقيقة فيعيش عبدا لأهواء و أطماع و أوهام تضيع عليه حياته
و قد فطن تولستوي إلى هذه الحقيقة فوزع أرضه على الفلاحين و هرب من بيته الأنيق الدافئ و سكن في كوخ حقير مع الفقراء المعدمين، وكذلك فعل غاندي الذي عاش على عنزة يحلب لبنها و يغزل صوفها

و يبدأ في الجري و كلما تقدم الوقت كلما وسع من دائرته اغترارا بقوته و طمعا في المزيد و تكون النتيجة أن تتقطع أنفاسه و يسقط ميتا قبل ثوان من بلوغ هدفه.. ثم لا يحصل من الأرض إلا على متر في متر يدفن فيه.. و هذه هي حاجة الإنسان الحقيقية من الأرض بضعة أشبار يرقد فيها.. و هو ينسى هذه الحقيقة فيعيش عبدا لأهواء و أطماع و أوهام تضيع عليه حياته
و قد فطن تولستوي إلى هذه الحقيقة فوزع أرضه على الفلاحين و هرب من بيته الأنيق الدافئ و سكن في كوخ حقير مع الفقراء المعدمين، و كذلك فعل غاندي الذي عاش على عنزة يحلب لبنها و يغزل صوفها
و كذلك فعل المسيح الذي عاش بلا بيت و بلا زوجة و بلا ولد.. لا يملك إلا ثوبه ، و هؤلاء هم السعداء العظام الذين جاءوا ليعلموا الناس كيف تكون السعادة
قال لنا بوذا إن السعادة في قمع الرغبة و ردع النفس و كبح الشهوة بذلك وحده يكون العتق الحقيقي للروح و تحررها من سجن الجسد
و قال لنا المسيح:
(( من أهلك نفسه في سبيلي وجدها ))
و قال طالوت لجنوده في القرآن:
(( إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني و من لم يطعمه فإنه مني ))
و كلها إشارات و رموز إلى الحقيقة
فنحن لم نوهب الشهوة لنشبعها أكلا و شربا و مضاجعة و تكديسا للمطامع و الثروات.. و إنما وهبنا الشهوة لنقمعها و نكبحها و نصعد عليها كما نصعد على درج السلم ، فالجسد هو الضد الذي تؤكد الروح وجودها بقمعه و كبحه و ردعه و التسلق عليه
و بقمع الجسد و ردعه و كبحه تسترد الروح هويتها كأميرة حاكمة و تعبر عن وجودها و تثبت نفسها و تستخلص ذاتها من قبضة الطين و تصبح جديرة بجنتها و ميراثها.. و ميراثها السماء كلها، و مقعد الصدق إلى جوار الله.. و هذه هي السعادة الحقة
أما إذا غلب حكم الطين و انتصرت الجبلة الحيوانية و قرن الإنسان ذاته الشريفة بالمادة الطبيعية فقد هبط بنفسه إلى سجن الضرورات و إلى غلظة الآلية و إلى نار الطبيعة التي تأكل بعضها بعضا و أصبح منها و فيها و لها.. و تلك هاوية التعاسة و التمزق و الشتات
و طريق الإنسان هو هذا الكدح خارجا من قبضة مادته إلى نورانية روحه (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ))
و هو في مكابدة دائمة من لحظة ميلاده يتأرجح بين قطبي جسده و روحه في قلق لا يهدأ و صراع لا يتوقف.. يصعد ثم يسقط ثم يعاود الصعود ثم يعاود السقوط
و كل منا له معراج إلى الكمالو كل منا يصعد على قدر عزمه و إيمانهو لا صعود دون ربط الأحزمة على البطون و كبح الشهوات
و الكامل حقا لا يرى في الحرمان حرمانا فموضوعات اللذة المادية لم تعد بذات قيمة في نظره فهو قد وصل بإدراكه العالي إلى تذوق المتع الروحية و اللذات المجردة.. فأصبحت الماديات بعد ذلك شيئا غليظا لا يسيغه.. و هو ارتقاء أذواق و ليس فقط ارتقاء همم و عزائم
و الصوفية يسمون هذا المعراج النفسي بالخروج.. الخروج من الصفات البشرية إلى الصفات الإلهية
و الله يطوي الصفات البشرية عن أحبابه كما يطوي لهم الأرض و يجذبهم إليه.. و هي الجذبة الصوفية.. و هي إذا جاءت لصاحبها على غير استعداد جعلت منه مجذوبا خارجا عن صوابه، و هي رتبة دون الكمال.. لأن الكمال هو الصلاح بوعي.. و ليس الصلاح بفقد الوعي ، والأنبياء في هذا الموضوع هم القدوة
منقول عن الدكتور مصطفى محمود 

الأربعاء، 15 مايو 2013

مهر التوبة ...!!

كما أن أكبر مسجد من الطين في العالم شاهد عصري على مهر التوبة .
في جمهورية مالي غرب إفريقيا التي يبلغ تعداد سكانها أحد عشر مليونا، تسعون بالمئة منهم مسلمون، وفي مدينة (جِني )  بالتحديد يوجد أكبر مسجد طيني في العالم . ولهذا المسجد قصة ذات دلالة قوية وعبرة بالغة، ففي أحد الأعوام أسلم ملك هذه المدينة، وكان له قصر كبير من الطين، وعند إسلامه قرر إعادة بناء قصره ليكون مسجدا، فكان مسجد مدينة (جني) شاهدا على توبة نصوح لرجل قرر أن يلتحق بدرب الهدى ودين الحق.
هذا نمط من الرجال يقرر أن يتوب إلى الله فيقدم بين يدي توبته خير ما يملك، لأنه يعرف القاعدة الذهبية التي قررها رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ في كلمته الجامعة حين قال : الصدقة برهان ، فأراد أن يبرهن على صدق إيمانه بأن قدم بين يدي توبته مهرا لها فأكد العزم على التوبة النصوح .

عزة المسلم .. الرشيد ونقفور


في سنة 187هـ نقـض صـاحب الروم نقفور الصلح الذي كـان بين المسلمين وبين الإمبراطورة أريني ، بعد أن خلعها الروم وملكوه ، فكتب إلى هارون الرشيد :
"  من نقفور ملك الروم ، إلى هارون ملك العرب ، أما بعد ، فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ ( القلعة في الشطرنج )  وأقامت نفسها مكان البيدق ( الجندي ) فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أمثالها إليها ، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهـن ، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها ، وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك ، وإلا فالسيف بيننا وبينك " .
فلما قرأ الرشيد الكتاب استفزه الغضب حتى لم يمكن لأحد أن ينظـر إليه دون أن يخاطبه ، فدعـا بدواة وكتب على ظهـر الكتاب :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم ، قـد قرأت كتابك يا ابن الكافـرة ، والجواب ما تراه لا ما تسمعه ، والسلام " .
ثم شخص من يومه وسار حتى أناخ بباب مدينة هرقلة ، ففتح وغـنم ، وخـرب وحرّق ، فطلب نقفور الموادعة على خراج يؤديه في كل سنة ، فأجابه الرشيد إلى ذلك ، فلما رجع من غزوته ، وصار بالرقـة نقض نقفور العهد وخان الميثاق ، وكان البرد شديداً ، فيئس نقفور من رجعة الرشيد إليه ، وجاء الخبر بارتداده عما أخذ عليه فما تهيأ لأحد إخباره بذلك إشفاقاً عليه وعلى أنفسهم من الكرة في مثل تلك الأيام ، فاحتيلَ عليه بشاعر يسمى أبا محمد بن عبد الله بن يوسف فقال له قصـيدة مطلعها :
نقضَ الذي أعطيتهُ نقفورُ         وعليه دائرةُ البوارِ تدورُ
فلما فرغ من إنشاده قال الرشيد : أو قد فعـل نقفور ذلك ؟!
وعلم أن الوزراء قد احتالوا له في ذلك ، فكرَّ راجعاُ في أشد محنة وأغـلظ كلفة حتى أناخ بفنائه ، فلم يبرح حتى رضي وبلغ ما أراد ، و أذل نقفـور وجنده .

الثلاثاء، 14 مايو 2013

آرمسترونج .. وآية القمر

يقول سبحانه في علاه : 
{ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (*) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة :124ـ 125]
فكلما قرأ المؤمن سورة زادته يقينا في بحقيقة الوجود وصدق الرسول الكريم، وبذات الوقت يسمعها المنافق فتزيده كفرا وعنادا وتبعده عن جادة الخلاص .
والقرآن ينير طريق المؤمنين في طريقهم إلى الجنة ، ويشفي نفوسهم من أمراض النفس والشك، ولكنه بذات الوقت هو عمى للذين لا يؤمنون . قال تعالى:
{ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (44) } [فصلت]

ويعلِّق الإمام الغزالي في الإحياء على هذه الآيات  :
"  العلم كالغيث، ينزل من السماء حلوا صافيا، فتشربه الأشجار بعروقها، فتحوله على قدر طعومها، فيزداد المرُّ مرارة والحلو حلاوة، ويزداد المتكبر كبرا، والمتواضع تواضعا .. " .
وآيات الله في الوجود تشبه آيات الله تعالى في كتابه ، فقد سُئل (نيل آرمسترونج) ، أول رائد فضاء حطت رجله على سطح القمر، في إحدى المقابلات الصحفية :
ـ هل يزيد إيمان رجال الفضاء بالله وهم يطوفون في الأعالي أم ينقص؟
فأجاب: المؤمنون منهم يزيد إيمانهم، والملحدون منهم يزيد إلحادهم .

الاثنين، 4 مارس 2013

موريس بوكاي .. !!

الجثمان الذي أحيا عالما بالإيمان

 أُشتـهر عن فرنسا أنها من أكثر الدول اهتماما بالآثار والتراث ، وعندما تسلّم الرئيس الفرنسي الاشتراكي الراحل ( فرانسوا ميتران ) زمام الحكم في البلاد عام 1981 طلبت فرنسا من مصر  في نهاية الثمانينات استضافة مومياء ( فرعون مصر ) إلى فرنسا لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية ، فتم نقل جثمان أشهر طاغوت عرفته مصر، وهُناك وعلى أرض المطار أصطف الرئيس الفرنسي ووزراؤه وكبار المسئولين في البلد عند سُـلّم الطائرة ليستقبلوا فرعون مصر استقبال الملوك وكأنه ما زال حياً ، وكأنه إلى الآن يصرخ على أهل مصر ( أَنَـا رَبُّـكُـمُ الْأَعْلَى )..!
 عِندما انتهت مراسم الاستقبال الملكي لفرعون مصر على أرض فرنسا ..حُمل مومياء الطاغوت بموكب لا يقل حفاوة عن استقباله وتم نقله إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي ، ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح في دراسة ذلك المومياء واكتشاف أسراره ، وكان رئيس الجراحين والمسئول الأول عن دراسة هذا المومياء هو البروفيسور ( موريس موكاي ).
 كان المعالجون مهتمين في ترميم المومياء ، بينما كان اهتمام رئيسهم ( موريس موكاي ) مختلفاً للغاية ، كان يحاول أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني ، وفي ساعة متأخرة من الليل.. ظهرت نتائج تحليلاته النهائية.. لقد كان بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على أنه مات غريقاً..! وأن جُـثـته استخرجت من البحر بعد غرقه فوراً ، ثم أنـهم أسرعوا بتحنيط جُثـته لينجو بدنه ! ولكن ثمة أمــراً غريباً ما زال يُحيره وهو كيف بقيت هذه الجثة دون باقي الجثث الفرعونية المحنطة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استخرجت من البحر..!
 كان ( موريس موكاي ) ي
ُعد تقريراً نهائيا عما كان يعتقده اكتشافاً جديداً فـي انتشال جُـثة فِرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة، حتى همس أحدهم في أذنه قائلاً : لا تتعجل فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء.. ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر ، واستغربه ، فمثل هذا الاكتشاف لا يمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حديثة بالغة الدقة ، فقال له أحدهم إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة جُـثته بعد الغرق..! فازداد ذهولاً وأخذ يتساءل:
كيف يكون هذا وهذه المومياء لم تُكتشف أصلاً إلا في عام 1898 ميلادية أي قبل مائتي عام تقريبا ، بينما قرآنهم موجود قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام!؟ وكيف يستقيم في العقل هذا ، والبشرية جمعاء وليس العرب فقط لم يكونوا يعلمون شيئاً عن قيام قُدماء المصريين بتحنيط جثث فراعنتهم إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط !؟
 جلس ( موريس موكاي ) ليلته محدقاً بجثمان فِرْعَوْنَ ، يفكر بإمعان عما همس به صاحبه له من أن قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة هذه الجُثة بعد الغرق.. بينما كتابهم المقدس ( الـــتوراة ) يتحدث عن غرق فِرْعَوْنَ أثناء مطاردته لسيدنا موسى عليه السلام دون أن يتعرض لمصير جُثمانه البتة.. وأخذ يقول في نفسه : هل يُعقل أن يكون هذا المحنط أمامي هـو فِرْعَوْنَ مصر الذي كان يُطارد موسى !؟ وهل يعقل أن يعرف محمدهم هذا قبل أكثر من ألف عام وأنا للتو أعرفه !؟
 لم يستطع ( موريس ) أن ينام ، وطلب أن يأتوا له بالتوراة ، فأخذ يقرأ في ( سفر الخروج ) من التوراة من قوله (( فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فِرْعَوْنَ الذي دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد )).. وبقى موريس موكاي حائراً ، فحتى التوراة لــم تتحدث عن نجاة هذه الجُثة وبقائها سليمة !
 بعد أن تمت معالجة جثمان فِـرْعَوْنَ وترميمها ، أعادت فرنسا لمصر المومياء بتابوت زجاجي فاخر يليق بمقام فِرعَوْنَ ! ولكن ( موريس ) لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال ، مُنذ أن هزه الخبر الذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجُثة ! فحِزم أمتعته وقرر أن يسافر إلى المملكة السعودية لحضور مؤتمر طبي يتواجد فيه جمعٌ من علماء التشريح المسلمين..وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما أكتشفه من نجاة جُثة فِرْعَوْنَ بعد الغرق.. فقام أحدهم وفتح له المُصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون ﴾ لقد كان وقع الآية عليه شديداً ، ورجّت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته( لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن)..!
رجع ( موريس موكاي ) إلى فرنسا بغير الوجه الذي ذهب فيه.. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العِلمية والمكتشفة حديثاً مع القرآن الكريم ، والبحث عن تناقض علمي واحد مما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى
﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها الفرنسي موريس أن خرج بتأليف كتاب ( القرآن والتوراة والإنجيل والعِلم .. دِراسة الكُتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ) .. فماذا فعل هذا الكِتاب ؟
 من أول طبعة له نفذ من جميع المكتبات ! ثم أعيد طباعته بمئات الآلاف بعد أن تُرجم من لغته الأصلية ( الفرنسية ) إلى
لغات العالم ..! لينتشر بعدها في كل مكتبات الشرق والغرب ، بل الأعجب من هذا أن بعض العلماء في الغرب بدأ يجهز رداً على الكِتاب ، فلما انغمس بِقراءته أكثر وتمعن فيه زيـادة .. أسلم ونطق بالشهادتين على الملأ !!
 يقول موريس موكاي في مقدمة كتابه ( لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية ،فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحد من الدقة بموضوعات شديدة التنوع ، ومطابقتها تمامًا للمعارف العلمية الحديثة، وذلك في نص قد كُتب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنًا..!

أحبك ولكني غاضب منك

                             
كان أحد بسطاء  المسلمين يكثر من القول :  : الحمد لله الذي جعلني ابنا لوالدين مسلمين ، وحين سئل عن سرّ هذتكرار هذا الحمد ، قال : لأني رجل على الفطرة ، لو لم يكن والدي مسلمين لعبدت العجول أو البقر ، أو ربما قردا من القرود السود .
وتلك حقا نعمة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها .
 يقول الداعية التركي محمد فتح الله كولن : في كتابه ( النور الخالد محمد مفخرة  الإنسانية  ص : 194 ):
سكن أحد أصدقائنا الأطهار في أحدى الشقق في ألمانيا ، واستطاع بروحه الطاهرة وسلوكه ،وبعون الله تعالى التأثير في نفوس أصحاب البيت ، وأصبح وسيلة لهدايتهم ، فأسلم الأب أولا ثم تبعته الزوجة ثم الأولاد ، وأصبح ذلك البيت قطعة من الجنة بالجو الذي أصبح سائدا فيه ، وفي أحد الأيام بينما كان صاحب البيت جالسا مع هذا الصديق يتسامران ، إذ قال له صاحب البيت الذي بدأت أحاسيس الهداية ومشاعرها تهب على قلبه فتملأه سعادة :
ـ يا صديقي .. ! إنني أحبك إلى درجة أتمنى لو أفتح قلبي وأضعك فيه ، ذلك لأنك كنت وسيلة لهدايتي ، وأكسبتني أنا وعائلتي حياة أبدية .. ولكني غاضب منك في الوقت نفسه غضبا شديدا  إلى درجة أنني أود لو أقوم فأضربك ضربا مبرحا . وقد تسأل لماذا ؟ سأشرح لك الأمر ، فقبل مجيئك بوقت قصير توفي والدي مع أنه كان لائقا ليكون مسلما أكثر منَّا ، كان يملك روحا صافية وعاش حياة نظيفة ، فلو أتيت هنا قبل وفاته لكنت وسيلة لهدايته ، لذا فإنني غاضب منك غضبا شديدا لتأخرك في المجيء ، فلماذا ... لماذا لم تأتنا قبل وفاته ؟؟ )

عندما يقاتل الحمام ...!!


جاء في كتاب " هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس " :
" ..ومن صور تقاعس الخلفاء والسلاطين أمام الفظائع التي ارتكبها غزاة الصليبين في القدس وسواحل سوريا ولبنان ، فقد جمع أحد الوفود المُستنجِدة كيسا كبيرا مليئاًَ بقحف الجماجم وشعر النساء والأطفال ، ونثرها بين يدي المسئولين ، فكان جواب الخليفة لوزيره :
ـ  دعني أنا في شيء أهم من هذا ! حمامتي البلقاء لي ثلاثة أيام لم أرها .
 فقد كان للخليفة حمامة بلقاء اللون مدربة على الغلبة ونقر الحمام ، وهذه كانت لعبة شائعة بين الناس ، وكان الخليفة مولعا بها ويماثله الأغنياء والطبقات العالية .
وفي نفس العام الذي نزلت فيه الكارثة بالمدينة المقدسة كان سلاطين السلاجقة الثلاثة أبناء ملك شاه : محمد وسنجر وبركياروق يتحاربون من أجل النفوذ والسلطة ، ففي العام نفسه سار محمد على الري حيث وجد السيدة زبيدة والدة أخيه بركياروق فأمر بخنقها ، وحارب أخاه في خمس معارك هائلة .
من يهن يسهل الهوان عليه        ما لجرح بميت إيلامُ

أين ذهبت حمامة السلطان ؟!
قرأت خبرها بعد ألف عام ويزيد فقد ظهرت في ميناء العقبة ، وإليكم الخبر ...
بتاريخ 17 / 11/ 2004 نشرت الصحف مع أخبار قتل الجنود الأمريكان لجندي جريح في أحد مساجد الفلوجة خبرا مفاده :
نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مصدر أردني رسمي قوله إن إسرائيل تشكو من أن الحمام الأردني يهدد سياحتها من خلال تعمد إلقاء فضلاته على مدينة إيلات الإسرائيلية ، وقال التقرير إن الحمام الأردني الذي يعيش على التقاط حبوب القمح الذي يرد ميناء العقبة المجاور دأب على التخلص من فضلاته عندما يريد ذلك فوق مدينة إيلات المجاورة والتي تعتبر منتجعا سياحيا مهماً . وأضاف التقرير أنه لم يصدر ردَّ فعل من جانب السلطات الأردنية . ويمثِّل الحمام الذي يأتي إلى ميناء العقبة قضية بيئية لإسرائيل التي كانت قد سعت سابقا مع السلطات الأردنية لتسوية القضية ولا يفصل بين إيلات والعقبة سوى بضعة أمتار على الخليج الضيق الواقع على البحر الأحمر . هل عرفتم الآن لماذا يقاتل الحمام وهو رمز السلام ؟!
لأن حكامنا وأمراءنا مشغولون عن المسجد الأقصى الذي تستباح فيه الحرمات وتنتهك فيه الأعراض بالبحث في الأسواق الغربية عن أحدث ربطات العنق ، ليقولوا لصانعيها قودونا حيثما شئتم ..
ولأن  الجيوش العربية من المحيط إلى الخليج تحولت إلى أحجار شطرنج جعلت شوارع العواصم العربية رقعة اللعب واتخذت من الشعوب المغلوبة على أمرها الخصم الأوحد !! 
ولأن طائرات العرب الحربية تحولت إلى طائرات لا تصلح إلا لرش مسيل الدموع والقنابل الدخانية  وقصف المواطنين الآمنين لأنهم يرفعون سبابة التوحيد مدفعا مضادا للذل والهوان !!
إنه قانون الاستبدال الذي حذرنا الله تعالى منه بقوله في سورة التوبة :

الصَّحَـفيَّة البريطانية والطالبان


هذا عمر بن الخطاب يذهب إلى بيت أخته ليردها عن الإسلام فيعود مسلما ، ويصير من المبشرين بالجنة ومن صنّاع التاريخ الإسلامي ..
 وهذا عمير بن وهب الجمحي يذهب إلى المدينة ليقتل الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ ، فيعود إلى مكة داعيا للإسلام ، ويصير من قادة المسلمين العظام ...
وهذه  الصحفية البريطانية ( إيفون رايدلي ) التي تسللت إلى أفغانستان لتنقل صور ظلم الطالبان للمرأة فعادت تلبس لباس  المرأة الأفغانية وتدعو إلى الإسلام ..
 سبحان الذي يخرج الحي من الميت ...!!!
في شهر أيار  من عام 2005م ألقت  الصحفية البريطانية ( رايدلي ) محاضرة في مدينة الكويت بدعوة من ( مركز الوعي للعلاقات العربية الغربية ) تشرح فيها قصة دخولها إلى أفغانستان قبيل الحرب الأمريكية الصليبية على تلك البلد .
وجاء في محاضرتها : أن  مدير الصحيفة التي تعمل فيها طلب منها القيام بتحقيق صحفي فيه مخاطرة كبيرة ، يتمثل في  البحث عن طريقة لدخول أفغانستان ، فالحرب واقعة لا محالة ، والجريدة تبحث عن سبق صحفي لنقل الأحداث والصور من هناك ، وافقت (إيفون ) على القيام بالمهمة الخطرة ، وسافرت إلى باكستان ، ومن هناك دخلت عبر الحدود إلى أفغانستان متنكرة بزي امرأة أفغانية تلبس الشادور على جميع جسمها ، وفي الطريق ركبت على بغلة ، وحمّلت أغراضها عليها  ، وحدث أن سقطت الكاميرا من على ظهر الدابة ، فافتضح الطالبان أمرها ، وساقوها إلى السجن ، تقول الصحفية : " حتى عندما اكتشفوا أني إنكليزية ومتنكرة بعد أن سقطت مني الكاميرا وفضحتني على الحدود لم يفتشوني شخصيا بل استدعوا امرأة قامت بتفتيشي بعيدا عن أعين الرجال " كما تحدثت عن جرأتها عليهم وشتمها لهم ، ولكن ذلك لم يكن له أثر على رجال طالبان واستمروا في معاملتها بالحسنى .
وتواصل الحديث : "  ثم أحضر الطالبان امرأتين للإشراف على أمري وحراستي ، وكانتا في غاية اللطف وحسن الخلق ، وفَّـرتا لي كل ما أحتاج ، وبعد عشرة أيام في السجن  جاءني القاضي بلباسه الأبيض ، واستمع إلى إفادتي ، بأني صحفية من صحيفة إنجليزية وجئت للتغطية الإعلامية ولا دور أمني لي ، وبعد سماعه الإفادة  ، سألني ما إن كنت أرغب في اعتناق الإسلام، فكرت في أنني لو أجبت بنعم، فانه سيقول إنني امرأة متلِّونة، وإذا قلت لا، فربما تكون الإجابة تقليلاً كبيراً من شأن الإسلام،تركني وعاد ليصدر الحكم ، وكم كانت دهشتي كبيرة حين صدر الحكم : يطلق سراح السجينة ، بشرط أن تقرأ هذه الترجمة الإنجليزية من القرآن الكريم ، وخرجت .
لذلك وعدته بأنهم إذا أطلقوا سراحي فسوف أقوم بدراسة الإسلام عند عودتي إلى لندن، الأمر الذي بدأ كدراسة أكاديمية تحوَّل الآن إلى شيء أكثر روحانية، لقد تأثرت جدا بما اكتشفت .
وكشفت في محاضرتها عن سبب تحولها إلى الإسلام ، وهي تلبس ذات الزيّ الذي قدمه لها رجال طالبان في السجن ، فقد ختمت محاضرتها قائلة : " إنني ألقي عليكم محاضرتي باللباس الشرعي الإسلامي الذي أعطاني إياه نظام طالبان في السجن هناك ، وأحمد الله أنني سجنت في سجون نظام طالبان الذي يصفونه بالشرير ، ولم أسجن في معتقل ( غوانتانامو) أو ( أبو غريب ) التابعين للنظام الديمقراطي الأمريكي كي لا يغطوا رأسي بكيس ، ويلبسوني مريولا برتقاليا ، ويربطوا رقبتي بحزام ،  ويجروني على الأرض عارية .

اغضب لله مرّة

اغضب لله مرّة
           ترقَ فوق المجرّة ...!!

لمّا سمعت أن الجنود الأمريكان في (جوانتانامو ) يركلون المصاحف بأرجلهم ، ويلقون بها في المراحيض ، هل غضبت ؟ وكيف غضبت ؟ هل شاركت في نشاط احتجاجي يقول إنك غاضب ورافض ؟ عندما سمعت أن حراس سجن ( مجدو)  اليهود يدنسون المصحف الشريف ويهينونه أمام الأسرى المسلمين ، هل غضبت ؟ هل صرخت ؟ هل عبرت عن غضبك بكلمة أو بحركة أو بخفقة قلب ؟! عندما رأيت الجنود الأمريكان يقتلون شيوخا وجرحى في مسجد في الفالوجة  ، هل غضبت ؟ هل حرَّكت ساكنا تعلن عن غضبك ؟!
 ذكر أبو عمر بن عبد البر عن أبي عمران قال : بعث الله عزَّ وجلَّ ملكين إلى قرية أن
 دمراها بمن فيها، فوجدا فيها رجلا قائما يصلى في مسجده ،فقالا: يا رب ،إن فيها عبدك فلان يصلي .فقال الله عز وجل: دمِّراها ودمِّراه معهم فإنه ما تمعَّـر ( غضب) وجهه فيَّ قط .

وعندما سئلت الصحافية البريطانية ( إيفون رايدلي ) والتي وقعت في أيدي الطالبان قبيل غزو أفغانستان ، عن السبب الذي جعلها تتحول من النصرانية إلى الإسلام  أجابت الصحفية البريطانية قائلة: « لا يمكنني تحديد نقطة واحدة بعينها، لكن يمكنني تحديد اللحظة التي فقدت فيها الإيمان بالمسيحية، كان ذلك خلال حصار ساحة كنيسة المهد ، عندما كان الإسرائيليون يقومون بقصف الكنيسة أكثر الأماكن قدسية في نظر النصرانية، دون أن ينتقد مسؤول كنسي واحد في هذا البلد (بريطانيا) ما يحدث، إذ لم يتوفر لديهم الإيمان الكافي للوقوف والإعلان بصوت عالٍ ضدَّ ما يحدث من تعسُّف، وإذا لم يكونوا حريصين على ذلك، فلماذا أحرص أنا عليه؟

اليوم ينتصر الرجل لنفسه أيما انتصار وشعاره في ذلك : (من رشّك بالماء رشه بالدم ) أما عندما يتعلَّق الأمر باعتداء على الدين وحرمة المسلمين فشعارنا :( للبيت ربّ يحميه ). فرحم الله الصحابة والسابقين كان الواحد ينتصر لدينه ولا ينتصر لنفسه وهو يقدر .
جاء في حياة الصحابة أن سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه لَحِق مشركاُ في معركة جهادية صابرة ، تمكَّن منه فلمَّا هوى بسيفه عليه ،وإذ بذاك الرجل المشرك المقاتل يبصق في وجه الإمام علي ، والإمام علي كان قد تمكن منه ولم يبق بين سيف الإمام وبين رقبة هذا إلا اليسير ، وبمجرد أن بصق في وجهه تركه الإمام علي ، فقيل له : يا إمام : لم تركته ؟ قال لهم : أرأيتم ! لمّا لحقته كنت أسعى من أجل أن أنتقم لله ، أن أجاهد في سبيل الله ، فلما بصق في وجهي خشيت أن يخالط انتقامي لنفسي انتقامي لربي فتركته .
أُحْضِر بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل سكران ، فأمر عمر أن يُحدَّ ، فشتمه ذلك السكران ، فرجع عمر عن ضربه ، فقيل له : لم تركته يا أمير المؤمنين حين شتمك ؟ فقال : إنه لما شتمني غضبت ، فلو ضربته لكان ذلك لغضبي ، لا لربي .
نحن ساعدنا الأعادي
لو رأوا صفا قويا
لأنابوا واستجابوا
غير أن الضعف يغري


بالتواني والرقادِ
مستعداً للجهادِ
ثمَّ ثابوا للرشادِ
كلَّ عادٍ بالتمادي

إتبـــاع الرســـــــول ....!

                                                 
عن  أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها  قالت  :  قال رسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  : "  من أحدث في أمرنا هذه ما ليس منه ، فهو رد " .
فهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام , وهو مكمِّل ومتمِّم لحديث إنما الأعمال بالنيات , ويدخل في هذين الحديثين الدِّين كلُّه ، أصوله وفروعه ، ظاهره وباطنه , فحديث عمر ميزان للأعمال الباطنة ، وحديث عائشة ميزان للأعمال الظاهرة , فيهما الإخلاص للمعبود ، والمتابعة للرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ , اللذان هما شرطان لقبول كل قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقد جمع الله بين هذين الشرطين في قوله جلَّ وعلا في سورة الكهف :
﴿ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا( 110).﴾
وفي ذات الموضوع  قوله ، ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ ، في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ".
مما شغل المسلمين في العام الحالي مسألة إمامة المرأة  للرجال ، فقد قامت في 18 آذار 2005 المدعوة بالدكتورة (أمينة ودود) أستاذة التاريخ الإسلامي في جامعة فيرجينيا في نيويورك بإمامة صلاة الجمعة في إحدى القاعات التابعة للكنيسة الإنجليكانية   ، وحضر الصلاة مئة رجل وامرأة ، وكان مراسلو وكالات الإعلام أكثر من الحاضرين ، وأقيمت الصلاة تحت حراسة مشدَّدة .
 وفي أمستردام عاصمة هولندا قامت مجموعة من النساء بافتتاح مسجد للنساء فقط ، وأذَّنت فيه امرأة ، وأقامت الصلاة ،وأمَّت النساء امرأة ، وحضرت الافتتاح المدعوة الدكتورة نوال السعداوي داعية الإباحية المعروفة .
 وكررت تجربة خطبة الجمعة امرأة تدعى إسراء النعماني في بوسطن بعد أسبوع ، وسمعنا عن امرأة من أصل مغربي تدعى ( نعيمة غوهاني ) تعمل ممرضة في روما تتقدم بطلب للإمامة في مسجد محلي في روما ، ودعواهن أنه لا يوجد نصٌّ في الدين الإسلامي يمنع إمامة المرأة للرجال .
الجميل في الموضوع أن جميع الهيئات الإسلامية وعلماء المسلمين توحَّدوا على رفض هذه البدعة .
جميع مساجد نيويورك رفضت السماح لأمينة وأتباعها بالدخول .
مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا استنكر هذه البدعة .
شيخ الأزهر محمد سعيد طنطاوي أفتى بحرمة هذا الأمر .
الشيخ القرضاوي كان من أشد المواجهين لهذه البدعة وقال إنها بدعة منكرة .
إن كل ذلك يشير إلى حقيقة واقعة أن الإسلام بلغ شأنا عظيما على الصعيد الفكري ، فلم يعد يقْبل ببدعة جديدة ، فقد ولّى عصر الجهل الذي يسمح لبدعة أن تمرّ على المسلمين ، كما بدأ ت ظواهر البدع المنكرة تُحارب وتُحاصر ، ولم يعد لها صولة في عالم المسلمين اليوم ، ولعل قضية إمامة المرأة لصلاة الجمعة خير مثال .  
يقول الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " ذلك لأن أهل تلك القرون كانوا يبدون حساسية شديدة في إتباع سنن الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  في حياتهم ومشاعرهم وأفكارهم .