‏إظهار الرسائل ذات التسميات أخلاقيات مذمومة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أخلاقيات مذمومة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 15 مايو 2013

اليهود هم اليهود ..

عندما برَّأ البابا اليهود المعاصرين من ذنب اضطهاد وتعذيب المسيح عليه السلام، كانت حجته بأن يهود اليوم الذين يُضطهدون في العالم ليسوا مثل يهود الماضي، الذين قتلوا الأنبياء،  ونقضوا عهد الله واعتدوا في السبت، فهل اليهود هم اليهود أم تغيروا ؟
من صفات اليهود المذكورة في القرآن الكريم التحايل على الشرع؛ من أجل تحقيق مصالحهم، وضرب الله لنا مثلا على ذلك في قصة أهل القرية حاضرة البحر.  
تتلخص هذه القصة في أن قوما من بني إسرائيل اخذ الله تعالى عليهم عهداً بأن يتفرغوا لعبادته في يوم السبت، وحرّم عليهم الاصطياد فيه دون سائر الأيام، واختباراً منه سبحانه لإيمانهم ولوفائهم بعهودهم أرسل إليهم الحيتان في يوم السبت دون غيره، فكانت تتراءى لهم على الساحل في ذلك اليوم قريبة المأخذ، سهلة الاصطياد، وهنا سال لعاب شهواتهم ومطامعهم، وفكروا في حيلة لاصطياد هذه الحيتان في يوم السبت، فقالوا: لا مانع من أن نحفر إلى جانب ذلك البحر ،الذي يزخر بالأسماك في يوم السبت، أحواضا تنساب إليها المياه ومعها الأسماك، ثم نترك هذه الأسماك محبوسة في الأحواض في يوم السبت، لأنها لا تستطيع الرجوع إلى البحر لضآلة الماء الذي في الأحواض، ثم نصطادها بعد ذلك في غير يوم السبت، وبذلك نجمع بين احترام ما عهد إلينا في يوم السبت، وبين ما تشتهيه أنفسنا من الحصول على تلك الأسماك.
وقد نصحهم الناصحون بأن عملهم هذا احتيال على محارم الله، وأن حبس الحيتان في الأحواض هو صيد لها، وهو فسوق عن أمر الله ونقض لعهوده، ولكنهم لجهلهم واستيلاء المطامع على نفوسهم لم يعبأوا بنصح الناصحين، بل نفذوا حيلتهم الشيطانية، فغضب الله عليهم ومسخهم قردة، وجعلهم عبرة لمن يعتبر ممن عاصرهم ولمن أتى بعدهم وموعظة للمتقين.
وفي عصرنا ما يشبه تلك القصة :
في كل سبع سنوات يحتفل اليهود بعام يسمى عام (الشميتا )، واحتفل به اليهود في العام (2007) مع بداية السنة اليهودية الذي صادف مع شهر رمضان المبارك، وفيه يجب ترك الأراضي المملوكة لليهود غير مزروعة لكي ترتاح، ويتفرغون لعبادة  ربهم كما جاء في التوراة : (وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ قَائِلا:كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهمْ: مَتَى أَتَيْتُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ تَسْبِتُ الأَرْضُ سَبْتًا لِلرَّبِّ. سِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ حَقْلَكَ، وَسِتَّ سِنِينَ تَقْضِبُ كَرْمَكَ وَتَجْمَعُ غَلَّتَهُمَا. وَأَمَّا السَّنَةُ السَّابِعَةُ فَفِيهَا يَكُونُ لِلأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ، سَبْتًا لِلرَّبِّ ).
 ويقوم الحاخامات المتشددون بتحريم أكل الخضار والفواكه المحلية، ويعتمدون على المستورد منها،  فلا يزرعونها ولا يقطفون من ثمارها إلا ما يسدُّ جوع العائلة بشرط أن لا يباع منها شيئا في الأسواق،ويتركون الثمار تسقط وتتعفن،تبعا لتزوريهم على الله تعالى: أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع،ويقوم اليهود بالاحتيال على هذه الشعيرة التوراتية من خلال طرق وحيل عجيبة: منهم من يبيعون أراضيهم لمدة عام  للحاخامات الذين يقومون بدورهم ببيعها شكليا لغير اليهود بشيكل واحد، مقابل أن يحافظ المالك الصوري الجديد على زراعة الأرض كما خطط صاحبها اليهودي. ومنهم من يعمد إلى زراعة تسمى زراعة المدرَّجات، بحيث يضع المزروعات في أماكن مرتفعة عن الأرض، ومنهم من يغطي مزروعاته بأغطية تفصلها عن الأرض تحايلا على النص التوراتي . 
فهل  يهود  التاريخ القديم هم يهود العصر الحاضر ؟!

الثلاثاء، 5 مارس 2013

السلق بألسن الإخوان ....

السلق بألسن الإخوان ....

بعض المشايخ مولعين بنقد وقدح واتهام إخوانهم من المشايخ، فلا حديث لهم إلا مخالفيهم، تجريحا واتهاما وحط من شأنهم وعملهم، ومكانتهم، ويتركون غلاة الكفار من أهل الشرك والكفر والإلحاد آمنين من ألسنتهم، وإذا قيل لهم هذا لا يجوز قالوا أنتم إخواننا وأهل الإسلام واجبنا أن نقيمكم أما أهل الكفر فلا نصيحة لهم عندنا، وإذا قيل لنصيحة المسلم آداب منها أن لا تكون على رؤوس الأشهاد وأن لا يعتريها تخوين وتكفير وشتم ، قالوا كذلك الأب يقسوا على أبنائه ولا يقسوا على أولاد الناس، فيا له من منطق سخيف ، وما أشبه ذلك بقصة الشيخ واصل بن عطاء مع الخوارج. 
يروى أن واصل بن عطاء أقبل في رفقة فأحسوا الخوارج، فقال واصل لأهل الرفقة :
إن هذا ليس من شأنكم، فاعتزلوا ودعوني وإياهم، وكانوا قد أشرفوا على العطب، فقالوا : شأنك. فخرج إليهم، فقالوا ما أنت وأصحابك ؟ قال : مشركون مستجيرون ليسمعوا كلام الله، ويعرفوا حدوده. فقالوا قد أجرناكم قال : فعلمونا. فجعلوا يعلمونه أحكامهم ، وجعل يقول : قد قبلت أنا ومن معي. قالوا : فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا. قال : ليس ذلك لكم، قال الله تبارك وتعالى : وإن أحد )
فأبلغونا مأمننا، فنظر بعضه إلى بعض ثم قالوا : ذاك لكم، فساروا بأجمعهم حتى بلغوا المأمن.

احذر التســــبيح ....



قال الفضيل بن العياض ـ رحمه الله ـ :
" ربما قال الرجل: لا إله إلا الله، أو سبحان الله، فأخشى عليه النار. قيل: وكيف ذاك؟ قال: يغتاب بين يديه، ويعجبه ذلك: فيقول: لا إله إلا الله، وليس هذا موضعه، وإنما موضع هذا أن ينصح له في نفسه، ويقول له أتق الله" .

ومثلها: أن يقال للرجل الشجاع الذي يقتحم الصعاب لإنقاذ إنسان أو لهزيمة عدو:( ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة )  وقد وردت هذه الآية في سياق النفقة، والتهلكة هنا هي ترك الإنفاق في سبيل الله ، قال تعالى :
{ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  (195) }

ومثلها أن يُقال للرجل يريد أن يؤدب أولاد غيره من الأقارب والأهل فيقال له : ( أولى لك فأولى)  يقصدون ابدأ بأولادك ، والآية وردت في مقام التهديد والوعيد لمن كذب وتولى .

ومثلها أن يقال للرجل في السوق ( ادفع بالتي هي أحسن ) في باب التهديد والوعيد ، والأصل أن هذه الآية لمقابلة السيئة بالحسنة . 
ومثله قول بعضهم لشخص ما حلف بالله على أمر:  { وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } [البقرة :224] ويقصد أن لا يحلف هذا الشخص على كل شاردة وواردة ، ولكن معنى الآية مغاير تماما لما أراد، ولو أتمّ الآية لبان له المقصود منها :{ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}  ومعنى الآية  ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم:  لا تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير ولكن كفِّر عن يمينك واصنع الخير.

الاثنين، 4 مارس 2013

الذين يحبون أن يُحمدوا ...

قيل إن من علامات النفاق: أن يحب المرء المدح بما ليس فيه ،  ويكره الذمَّ بما فيه ، ويبغض من يُبَصِّـره بعيوبه، يقول الله تعالى في سورة آل عمران  : ﴿ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 188) .
ذهب المفسرون عند هذه الآية في فريقين : فريق قال أنها تصف اليهود لدلالة السياق ، وفريق قال أنها تصف المنافقين ، فقد جاء عن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : أَنَّ رِجَالا مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْد ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  كَانُوا إِذَا خَرَجَ رَسُول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ إِلَى الْغَزْو تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَاف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَدِمَ  ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ مِنْ الْغَزْو اِعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا.
من الحالات التي نعرفها في عصرنا ما نراه من دعوات ويافطات وأحجار تاريخ ، تقول أن هذا العمل تحت رعاية فلان وليس لفلان فيه فضل غير حبه للظهور بثوب لم يدفع فيه ثمن خيط ، ولا بذل فيه أدنى جهد ، ولكنه ومن حوله يمارسون ما نهى الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  عنه ،  كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيّ ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  " مَنْ اِدَّعَى دَعْوَى كَاذِبَة لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّه إِلَّا قِلَّة " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا " الْمُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُور " .
(صنّف الشيخ  أبو غالب المعروف بابن التياني الأندلسي  (436 هـ ) كتابا جليلا في مدينة مرسية بالأندلس ، ولمّا علم أميرها أبو الجيش مجاهد العامري به أرسل إلى ابن التياني ألف دينار أندلسي مع كسوة فاخرة على أن يزيد في الكتاب عبارة " مما ألفه تمام بن غالب لأبي الجيش  مجاهد " لكن هذا العالم ردّ الدنانير والكسوة ، وقال : كتاب صنفته لله وطلبة العلم أصرفه إلى اسم الملك ! هذا والله ما يكون أبدا " . وبذلك زاد التياني في عين مجاهد ، وعظم في صدور الناس ).

من فقه الأولويات ....!!


عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال  :
 ( قال رسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ : إن الله عزّ و جلَّ قال : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب ، و ما تقرب إلي عبدي بشىء أحب إلي مما افترضت عليه ، و ما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ، و رجله التي يمشي بها ، و لئن سألني عبدي أعطيته ، و لئن استعاذني لأعيذنه ، و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت و أكره مساءته ). (رواه البخاري )
هذا حديث جامع نأخذ منه مسألة غاية في الأهمية هي أن الطريق إلى رضا الله ومحبته تبدأ بأداء الفروض ثم النوافل ، وهذا خبر في ذات المعنى :
ذكر الغزالي في الإحياء  :
 جاء رجل يودع بشر بن الحارث ، وقد أراد الحج مرة بعد مرة  ، وقال : عزمت على الحج فتأمرني بشيء ؟
 فقال بشر : كم أعددت للنفقة ؟
فقال الرجل : ألفي درهم .
قال بشر : فأي شيء تبغي بحجك ، تزهدا أو اشتياقا إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله؟؟  قال الرجل : ابتغاء مرضاة الله .
قال بشر : فما قولك لو بلغت مرادك وأنت في منـزلك وتنفق ألفي درهم ، وتكون على يقين من مرضاة الله ، أتفعل ذلك ؟
قال الرجل : نعم !
قال بشر : اذهب فأعطها عشرة أنفس : مديون يقضي دينه ، وفقير يلم تشعثه ، ومُعيل يغني عياله ، ومربي يتيم يُفرحه ، وإن قوي قلبك تعطيها واحدا فافعل ، فإن إدخالك السرور على قلب مسلم ، وإغاثة اللهفان ، وكشف الضر ، وإغاثة الضعيف أفضل من مئة حجة بعد حجة الإسلام ! قم فأخرجها كما أمرناك ، وإلا فقل لنا ما في قلبك ؟
 قال الرجل : يا أبا نصر ، سفري أقوى في قلبي !
 فتبسم بشر ـ رحمه الله ـ وأقبل عليه ،  وقال له : المال إذا جُمع من وسخ التجارات والشبهات اقتضت النفس أن تقضي به وطرا فأظهرت الأعمال الصالحات ، وقد آل الله على نفسه ألا يقبل إلا عمل المتقين . 
تقول داعية من الجزائر في رسالة على الشبكة العالمية عن كتاب الداعية زينب الغزالي ( أيام من حياتي )  :
" .. لقد تأثرت بكتابها كثيرا لما قرأته أول مرة و كنت حينها في المرحلة المتوسطة. و قد كان ممنوعا حينها في الجزائر و حينما طلبته من أحد أقربائي ردَّ قائلا: أتصلِّين الفجر في وقته؟ فأجبت بالنّفي ، فقال: لن أسلّمك الكتاب، فهو ليس للخاملين. حزّ ذلك في نفيسي كثيرا، و استصغرت نفسي و قد كنت حينها في مرحلة بداية الالتزام و عمري 14 سنة، و كان الحجاب نادرا، و قررت أن لا أقرأ الكتاب حتى أحافظ على صلاتي في وقتها، و كان ذلك. و قرأت الكتاب بدموعي و أشجاني و كل مشاعري،  و قررت أن أسير إلى الأمام ، و أن أخرج من الخجل الذي كان يتملكني و يمنعني من المشاركة في الحلقات، لقد غيَّرت كلماتها شخصيتي الصامتة إلى شخصية فاعلة تنظم الحلقات والدروس ،  فجزاها الله خيرا و جمعنا و إياها تحت ظلِّ عرشه.

الاثنين، 25 فبراير 2013

عنــدما تفكـــر المعـــدة

عنــدما تفكـــر المعـــدة
يضحك الكنيف

قالوا  : قل لي ،  ماذا تقرأ ؟ لأقول لك : من أنت .
وقالوا  :  قل لي ، من تصاحب ؟  لأقول لك : من أنت .
وقالوا : قل لي ، ماذا ترى في الأحلام ؟ أقل لك من أنت .  
وليتهم قالوا : قل لي ، ماذا تأكل وكيف تأكل ؟ لأقل لك :  من أنت .
جلست يوما عند صديق في متجره قبيل الظهر بساعة ، فضَّيفني قهوة في إناء غريب الشكل، وجعل يشرح لي أن هذه القهوة فريدة من نوعها ، وأنه أحضر إبريق تحضيرها من أمريكا ، وأسهب يشرح كيفية إعدادها بالتقطير ، ثم رفع سماعة الهاتف إذ اتصلت به زوجته تسأله ماذا يريد أن يأكل اليوم ، فبدأ يعدّد أصناف الأكل ، ويقول هذا على بالي ، وهذا ليس على بالي ، وجل اهتمامه منصرف لما يقول ، وطال الحديث وأنا جالس أستمع ، وأنتظر علّ الله يهدي صاحبي لأكلة يأكلها ، وبعد طول تردد ومحاورة ، قرّ قراره واستقر رأيه على أن يأكل منسفا ، وبدأ يشرح لها كيف يريد المنسف ، لحم خاروف صغير ، ويحمر اللحم ، ويبهر بكذا وكذا ، والرز من نوع كذا ، وبدأ يسرد أدق التفاصيل المملة ، ,ومرت نصف ساعة والرجل يشرح ويفصل ، وخرجت لآذان الظهر والرجل يشرح ويفصل .
مشيت وفي نيتي البحث عن علاقة الطعام بشخصية الإنسان ، فوجدت الآتي :  
الرسول r  سأل أهله الإدام يوما : فقالوا ما عندنا إلا خل ، فجعل يأكل ويقول : نعم الإدام الخل ، نعم الإدام الخل . ودعاه رجل ميسور الحال فقدم له الخل ، فصار يقول : بئس الإدام الخل ، بئس الإدام الخل . وذكر أن الرسول r ما عاب طعاما قط كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه .  
عن يونس بن عبيد قال : كان عيسى عليه السلام يقول :" لا تصيبُ حقيقةَ الإيمان حتى لا تُبالي من أكلِ الدنيا " .
عتبة بن أبان بن صمعة المعروف بـ "عتبة الغلام " من التابعين ، وسمي بالغلام لأنه في العبادة كان غلام رهان ، كان من الزهاد المجاهدين أستشهد في موقع المصيصة في حرب مع الروم في ، كان عتبة يأخذ الدقيق فيبله بالماء ويعجنه ، ويضعه في الشمس حتى يجف ، فإذا كان الليل أخذه وأكل منه لُقمًا ، فقالت له مولاته : يا عتبة ، لو أعطيتني دقيقك فخبزته لك ، وبردت لك الماء . فقال لها : يا أم فلان ، لقد سددت عني كلب الجوع . وكان عتبة يأكل خبزا وملحا ويقول : العرس في الدار الآخرة .
 كان الخليفة الأموي معاوية إذا أراد أن يولي واليا دعاه إلى وليمة  ، ووضع بين يديه دجاجة ،  وجعل ينظر إليه كيف يأكل ، فإذا رآه عفيف النفس قنوعا ولاه ، وإذا رآه شرها لقّامـًا لم يوله ، فقد كان يعرف الرجال من صغائر الأعمال .
وعن ذي النون المصري : بداية السخاء أن تسخو نفسك بما في يديك ، ونهايته أن تسمو نفسك عمّا في أيدي الناس ، وأن لا تبالي من أكل الدنيا .
ومن الشعر :
ولقد سألت الدار عن أخبارهم
حتى مررت على الكنيف فقال لي


فتبسمت عجبا ولم تُبدِّ
أموالهم ونوالهم عندي

الأحد، 24 فبراير 2013

أبو دلامة أبرد من فلحس

أبو دلامة أبرد من فلحس
والفلاحس في بلادنا كثيرون

  كتاب الحيوان للجاحظ من أشهر كتب التراث ، والكتاب مناظرة  بين صاحب الديك وصاحب الكلب ، فلماذا الديك والكلب ؟‍‍!
لأنه شتان بين ديك يوقظ الناس لصلاة الفجر ، وكلب يعوي طوال الليل حتى إذا جاء الفجر خنس ، وشتان بين ديك يجد حبيبات قمح لا تكفيه وحده ، فيصير يقلبها وينادي بنات جنسه من الدجاج يأكلنها ، وبين كلب يقع على جيفة حمار ميت تكفي قطيعا من الكلاب ، فينهش من الجيفة ويقاتل كل كلب يحاول الاقتراب ، افترق الكلب والديك ، فكان الديك رمز الإيثار ، وكان الكلب رمز الأثرة . 
وهناك من الناس من هو أخس خلقا من الكلب ، لأن الكلب يطلب ما يريد بأنيابه ومخالبه ، وهما أخس ما في الكلب ، ولكن مِن الناس مَنْ يطلب مَطلب الكلب بلسانه وقلبه وهما أكرم ما في الإنسان .
جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة  :
   بلغنا عن أبي دلامة أنه دخل على المهدي ، فأنشده قصيدة ، فقال له : سلني حاجتك . فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي كلبا ، فغضب الأمير وقال : أقول لك سلني حاجتك فتقول لي هب لي كلبا ؟! فقال : يا أمير المؤمنين ، الحاجة لي أم لك ؟ قال : لك . فقال : أسألك أن تهب لي كلب صيد . فأمر له بكلب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هبني خرجت إلى الصيد بكلبي ، أأعدوا على رجلي ؟ فأمر له بدابة ، فقال : فمن يقوم عليها ؟ فأمر له بغلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فهبني صِدْتُ صيدا ، فأتيت به المنزل ، فمن يطبخه ؟ فأمر له بجارية ، فقال : هؤلاء أين يبيتون ؟ فأمر له بدار ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لقد صيرت في رقبتي جمعا من العيال ، فمن يقوت هؤلاء ؟ فضحك وأمر له بمال .
والعرب تقول في المثل :
 " أبرد من فلحس " .
ولكن فلحس أبرد من أبي دلامة ، لأنه يطلب مثله ولا يُقدم شيئا  .
وفلحس هذا سيد من بني شيبان كان يطلب سهما من غنيمة الجيش ، وهو في بيته لم يباشر الغزو ،  فيُعطى ، ثم يطلب لامرأته ، فإذا أعطي طلب أيضا لبعيره ، فسار به المثل.   
وفي بلادنا فلاحس كثيرون من المستوزرين وكبار الموظفين ، فتصرف له سيارة للعمل ، فيطلب سيارة خاصة فينالها ، وتصرف له سيارة خاصة ، فيطلب سيارة لزوجته ، فتنالها ، فيطلب سيارة لابنته التي تدرس في الجامعة ، فتنالها ، وحمدا لله أن كلبه العزيز عليه كولد من أولاده لا يتقن السياقة .
وشتان بين أمة لها نفسية الكلب ، وتظل تعوي في ظلام الزمان تأخذ ولا تعطي ، ونفسية الديك التي تصيح لتوقظ الفجر من غلس الظلام . ومثل أمة الديك في التاريخ أمة الأنصار في المدينة ، تلك الأمة التي تؤثر على نفسها ولو كان بها خصاصة ، والذين دعا لهم الرسول الكريم r : " رحم الله الأنصار كانوا يكثرون عند الفزع ، ويقلون عند الطمع " .

الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

التافهون للتافهات

قال الجاحظ : وذ ُكر لي عن أبي بكر الهذلي قال :كنا عند الحسن البصري إذ أقبل وكيع بن أبي سود فجلس، فقال يا أبا سعيد : ما تقول في دم البراغيث يُصيب الثوب: أيصلي فيه ؟ فقال : يا عجبا ً ممن يلغ في دماء المسلمين كأنه كلب ، ثم يسـأل عن دم البراغيث !! فقام وكيع يتخلج في مشيته كتخلج المجنون ، فقـال الحسن :إن لله في كل عضو منه نعمة فيستعين بها على المعصية، اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك .
في حرب عام 1948 التي ضاعت فيها فلسطين وشرد أهلها في بقاع الأرض ، تلك الحرب التي انهارت فيها جيوش العرب أمام عصابات الصهاينة ، تلك الحرب التي قال فيها محمد فوزي أحد وزراء الخربية في مصر : لو أطلق كل جندي مصري رصاصة واحدة لهزمت إسرائيل ، في تلك الحرب أرسل الملك فاروق إلى ملك الأردن أن شكاوي كثيرة تأتيه من الجبهة لأن علم الأردن مرفوع على بعض المواقع أعلى بعشر سنتميترات من علم مصر .
ووفي عام 1999 اجتمع الرئيس الأمريكي بل كلينتون مع زعماء الهنود الحمر لأول مرة في التاريخ الأمريكي في البيت الأبيض، ومن المعروف أن الرجل الأبيض دخل أمريكيا بالحديد والنار ، وأباد الهنود الحمر ولم يبق منه اليوم إلا ما يقارب من المليون ونصف يعيشون في محميات تنتشر بينهم الأمراض الجنسية ، ويقضون الوقت في لعب القمار وشرب الخمور .
كان أهم مطلب لزعماء الهنود الحمر من الرئيس الأمريكي أن يوفر لهم كميات من ريش النسور ليزنوا به رؤوسهم في الاحتفالات ، لأنهم يجدون صعوبة في الحصول عليه .
عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ , وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخْلاقِ , وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا " .

الاثنين، 23 يوليو 2012

النفاق للحاكم ..

   

الأصل في الألعاب الإباحة، ما لم تشتمل على معنىً مقتضٍ للتحريم ، كتضييع واجب ، أو ارتكاب منكر من كشف للعورة ، أو فحش في القول ، أو إيقاع الأذى والضرر بالآخرين ، أو نحو ذلك . إلا أن إجراء هذه الألعاب والمسابقات على مالٍ يأخذه الرابح أو السابق لا يجوز إلا في ثلاثة : ألعاب الرمي ، والسباق على الخيل ، والإبل ، وما كان في معناها .لقوله -^ -:
 ( لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ ، أَوْ خُفٍّ ، أَوْ حَافِرٍ )  صححه الألباني.  ؛ لأن إتقانها مما يعين على الجهاد في سبيل الله .
قَدِمَ عَلى الْمَهْدِي عَشْرَةِ مُحَدِّثِينَ فِيهِمْ غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَكَانَ الْمَهْدِي يُحِبُّ الْحَمَامَ ، فَقَالَ لِغِيَاثٍ : حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ . فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " لا سَبْقَ إِلا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ " ، وزاد فِيهِ : أَوْ جناح . فأمر لَهُ الْمَهْدِي بعشرة آلاف درهم . فلما قام قَالَ الْمَهْدِي : أشهد أَن قفاك قفا كذاب عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإنما استجلبت ذَلِكَ أنا،  وأمر بالحمام فذبحت .
وروي أن شريكاً دخل على المهدي،  فقال له :  لا بد من ثلاث:  إما أن تلي القضاء ، أو تؤدب ولدي وتحدثهم، أو تأكل عندي أكلة.
 ففكر ساعة ثم قال الأكلة أخف علي، فأمر المهدي بعمل ألوان من المخ المعقود بالسكر ، وغير ذلك فأكل ، فقال الطباخ :  لا يفلح بعدها . قال حدثهم بعد ذلك وعلمهم العلم وولى القضاء لهم. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -^ -:
"  إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه في الدين، ثم أتى باب السطان، تَمَلُّقاً إليه، وطمعا لما في يده، خاض بقدر خطاه في نار جهنم "
و عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: أنه سمع النبي -^ -   يقول: "  سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً، إلا أخذوا من دينه مثله " .

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

أبرد من فلحس ...

أبو دلامة أبرد من فلحس


يقول الله تعالى في سورة الفجر :
[فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ۞ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ۞ كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ۞ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ۞ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا ۞ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا] { الفجر }
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ،  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ"
كتاب الحيوان للجاحظ من أشهر كتب التراث ، والكتاب مناظرة  بين صاحب الديك وصاحب الكلب ، فلماذا الديك والكلب ؟‍‍!
لأنه شتان بين ديك يوقظ الناس لصلاة الفجر ، وكلب يعوي طوال الليل حتى إذا جاء الفجر خنس ، وشتان بين ديك يجد حبيبات قمح لا تكفيه وحده ، فيصير يقلبها وينادي بنات جنسه من الدجاج يأكلنها ، وبين كلب يقع على جيفة حمار ميت تكفي قطيعا من الكلاب ، فينهش من الجيفة ويقاتل كل كلب يحاول الاقتراب ، افترق الكلب والديك ، فكان الديك رمز الإيثار ، وكان الكلب رمز الأثرة . 
وهناك من الناس من هو أخس خلقا من الكلب ، لأن الكلب يطلب ما يريد بأنيابه ومخالبه ، وهما أخس ما في الكلب ، ولكن مِن الناس مَنْ يطلب مَطلب الكلب بلسانه وقلبه وهما أكرم ما في الإنسان .
جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة  :
   بلغنا عن أبي دلامة أنه دخل على المهدي ، فأنشده قصيدة ، فقال له : سلني حاجتك . فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي كلبا ، فغضب الأمير وقال : أقول لك سلني حاجتك فتقول لي هب لي كلبا ؟! فقال : يا أمير المؤمنين ، الحاجة لي أم لك ؟ قال : لك . فقال : أسألك أن تهب لي كلب صيد . فأمر له بكلب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هبني خرجت إلى الصيد بكلبي ، أأعدوا على رجلي ؟ فأمر له بدابة ، فقال : فمن يقوم عليها ؟ فأمر له بغلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فهبني صِدْتُ صيدا ، فأتيت به المنزل ، فمن يطبخه ؟ فأمر له بجارية ، فقال : هؤلاء أين يبيتون ؟ فأمر له بدار ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لقد صيرت في رقبتي جمعا من العيال ، فمن يقوت هؤلاء ؟ فضحك وأمر له بمال .
والعرب تقول في المثل :
 " أبرد من فلحس " .
ولكن فلحس أبرد من أبي دلامة ، لأنه يطلب مثله ولا يُقدم شيئا  .
وفلحس هذا سيد من بني شيبان كان يطلب سهما من غنيمة الجيش ، وهو في بيته لم يباشر الغزو ،  فيُعطى ، ثم يطلب لامرأته ، فإذا أعطي طلب أيضا لبعيره ، فسار به المثل.  
وفي بلادنا فلاحس كثيرون من المستوزرين وكبار الموظفين ، فتصرف له سيارة للعمل ، فيطلب سيارة خاصة فينالها ، وتصرف له سيارة خاصة ، فيطلب سيارة لزوجته ، فتنالها ، فيطلب سيارة لابنته التي تدرس في الجامعة ، فتنالها ، وحمدا لله أن كلبه العزيز عليه كولد من أولاده لا يتقن السياقة .
وشتان بين أمة لها نفسية الكلب ، وتظل تعوي في ظلام الزمان تأخذ ولا تعطي ، ونفسية الديك التي تصيح لتوقظ الفجر من غلس الظلام . ومثل أمة الديك في التاريخ أمة الأنصار في المدينة ، تلك الأمة التي تؤثر على نفسها ولو كان بها خصاصة ، والذين دعا لهم الرسول الكريم r : " رحم الله الأنصار كانوا يكثرون عند الفزع ، ويقلون عند الطمع " .