الاثنين، 4 مارس 2013

الذين يحبون أن يُحمدوا ...

قيل إن من علامات النفاق: أن يحب المرء المدح بما ليس فيه ،  ويكره الذمَّ بما فيه ، ويبغض من يُبَصِّـره بعيوبه، يقول الله تعالى في سورة آل عمران  : ﴿ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 188) .
ذهب المفسرون عند هذه الآية في فريقين : فريق قال أنها تصف اليهود لدلالة السياق ، وفريق قال أنها تصف المنافقين ، فقد جاء عن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : أَنَّ رِجَالا مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْد ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  كَانُوا إِذَا خَرَجَ رَسُول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ إِلَى الْغَزْو تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَاف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَدِمَ  ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ مِنْ الْغَزْو اِعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا.
من الحالات التي نعرفها في عصرنا ما نراه من دعوات ويافطات وأحجار تاريخ ، تقول أن هذا العمل تحت رعاية فلان وليس لفلان فيه فضل غير حبه للظهور بثوب لم يدفع فيه ثمن خيط ، ولا بذل فيه أدنى جهد ، ولكنه ومن حوله يمارسون ما نهى الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  عنه ،  كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيّ ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  " مَنْ اِدَّعَى دَعْوَى كَاذِبَة لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّه إِلَّا قِلَّة " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا " الْمُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُور " .
(صنّف الشيخ  أبو غالب المعروف بابن التياني الأندلسي  (436 هـ ) كتابا جليلا في مدينة مرسية بالأندلس ، ولمّا علم أميرها أبو الجيش مجاهد العامري به أرسل إلى ابن التياني ألف دينار أندلسي مع كسوة فاخرة على أن يزيد في الكتاب عبارة " مما ألفه تمام بن غالب لأبي الجيش  مجاهد " لكن هذا العالم ردّ الدنانير والكسوة ، وقال : كتاب صنفته لله وطلبة العلم أصرفه إلى اسم الملك ! هذا والله ما يكون أبدا " . وبذلك زاد التياني في عين مجاهد ، وعظم في صدور الناس ).

ليست هناك تعليقات: