الاثنين، 4 مارس 2013

تـرك الخشـــوع مقدمة لترك الصلاة


 
يقول حذيفة بن اليمان :
"أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ورُبَّ مصلٍّ لا خير فيه ، ويوشك أن تدخل مسجدَ الجماعة فلا ترى فيهم خاشعا ".
فالصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح ، القبر أفضل مكان له ،  كالشجر بلا ماء لا ينفع له إلا القطع  ، كالجهاز بلا كهرباء إخراجه من البيت مطلب ، وهكذا ترى الناس يتخلون عن الصلاة  لأنها كبيرة إلا على الخاشعين . 
ودرجة الخشوع هي درجة الصلاة ، يقول الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ   : { إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفُها، إلا ثلثها، إلا ربعها، إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها } .
فما الذي يجعل درجتك  في عبادة  الصلاة عشرا من عشرٍ ، أو واحدة من عشرٍ ؟!
إنه الخشوع ، والخشوع في اللغة : الذُل و السكون . وفي الاصطلاح يعرّفه  الإمام ابن القيم بأنه: (خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوَجل والخجل والحب والحياء، وشهود نِعم الله، وجناياته هو، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح) .
ولكي يتحقق الخشوع يقترح العلماء والصالحين أمورا كثيرة منها ما هو قبل الصلاة ، ومنها ما هو أثناء الصلاة :
يقول الغزالي : فينبغي للإنسان إذا أقبل على الصلاة أن يحضر قلبه ، ويفرغه من الوسواس ، وخبائث الشهوات ، ويعلم أن الله مطَّلع على سريرته ، ناظر إلى قلبه ، وإنما يُقبل من صلاته بقدر خشوعه ، وتضرعه ، وتذلـله ، فإن لم يحضر قلبه هكذا فهو لقصور معرفته بجلال الله تعالى ، فيقدِّر أن رجلا صالحا من وجوه الناس ينظر إليه ، ليعرف كيف صلاته ، فعند ذلك يحضر قلبه وتسكن جوارحه ، فإذا قدَّر إطلاع عبد ذليل لا ينفع ولا يضر يخشع له ، ولا يخشع لخالقه ، فما أشد طغيانه وجهله !
وكان حاتم الأصمّ يُسأل: كيف حالك إذا دخلتَ الصلاة ؟ فيقول: إذا دخلت الصلاة جعلت كأنّ الكعبة أمامي ، والموت ورائي ، والجنة عن يميني ، والنار عن شمالي ، والصراط تحت قدميَّ ، والله مطّلع عليّ، فإذا سلّمت لا أدري أقبِلها الله أم ردّها عليّ.
وعند القيام بحركات الصلاة :
سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن تأويل حركات الصلاة ، فأجاب :
 رفع اليدين بالتكبير معناه : الله أكبر الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء ، لا يلمس بالأخماس ولا يدرك بالحواس .
مدُّ العنق في الركوع تأويله :  آمنت بوحدانيتك ، ولو ضربت عنقي .
رفع الرأس بعد الركوع والقول سمع الله لمن حمده أو ربنا لك الحمد : تأويله الحمد لله رب العالمين الذي أخرجني من العدم إلى الوجود .
أما السجدة الأولى فتأويلها اللهم من الأرض خلقتنا ، ورفع الرأس منها أخرجتنا ، والسجدة الثانية إليها تعيدنا ، ورفع الرأس مرة أخرى ومنها تخرجنا مرة أخرى .
وقال تأويل قعودك على جانبك الأيسر ورفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى : اللهم إني أقمت الحق ، وأمتّ الباطل ، أما التشهد فهو تجديد الإيمان ومعاودة الإسلام والإقرار بالبعث بعد الموت .   
عن عبادة بن الصامت ، قال  رسول الله ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  : { إذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها ،قالت الصلاة : حفظك الله كم حفظتني ، فتُرفع ، وإذا أساء الصلاة فلم يُتمَّ ركوعها وسجودها ،قالت الصلاة : ضيَّعك الله كما ضيعتني ، فتُلفُّ كما الثوب الخَلِق ، فيُضرب بها وجهه } .

ليست هناك تعليقات: