الاثنين، 4 مارس 2013

الحـلال بيّن و الحـرام بيّن ..!


قديما قالوا : لم يَبقَ من الحلال شيئا  إلا الماء الفرات ، والحشيش النبات .
ونسمع اليوم من يقول : لم يُبقِ ابن الحرام لابن الحلال شيئا .
وفي هذه الأقوال نتيجة مفادها التوسع في الشبهة والحرام .
و لكن الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  يقول : ‏:‏ ‏"‏الحلال بين ، والحرام بين ، وبينها أمور مشتبهات‏"‏‏.‏
فأي الأقوال معتبر لديك ؟؟
الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  يقرر أن المشتبهات هي القليل الذي يكون بين الشيئين الكبيرين الواضحين ، وكلما قلّ ورع المسلم خاض في المشتبهات ، فما هي درجات الورع ؟
يقول العلماء : الورع له أربع درجات :
الأولى : العدول عن كل ما تقتضي الفتوى تحريمه ، وهذا لا يحتاج إلى أمثلة .
الثانية : الورع عن كل شبه لا يجب اجتنابها ولكن يستحب ، ومن هذا قول الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " . جاء في العقد الفريد عن مالك بن انس قال:( بعث أبو جعفر المنصور إلي َّ وإلى ابن طاووس، فأتيناه فدخلنا عليه، فإذا به جالس على فرش قد نُضدَّت، وبين يديه أنطاع قد بُسطت وجلاوزة بأيديهم السيوف، فأومأ إلينا أن اجلسا، فجلسنا، فأطرق رأسه قليلاً ،ثم رفع رأسه وقال لابن طاووس: حدثني عن أبيك ، قال : نعم، سمعت أبي يقول: قال ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ :( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل أشركه الله في حكمه، فأدخل عليه الجور في عدله) فأمسك ساعة. قال مالك: فضممت ثيابي مخافة أن يملأني من دمه، ثم التفت إليه أبو جعفر وقال: عظني . قال: نعم. ان الله تعالى يقول: ﴿ المْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد (6) إرَمَ ذَاتِ العِمَاد (7)، التي لمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا في البِلاَد( 8) وَثَمُوَد الذين َجَابُوا الصّخْرَ بِالوَاد(9) وَفِرْعَونَ ذِي الأوتَادِ (10)  الّذِينَ طَغَوا في البِلاد(11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَاد(12) فَصَبّ عَليِهمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ(13) إِنَّ رَبَّكَ لبِالِمرْصَاد (14) فأمسك المنصور ساعة، حتى اسودّ ما بيننا وبينه، ثم قال: يا طاووس ، ناولني هذه الدواة. فأمسك عنه ، قال: ما يمنعك أن تناولنيها؟ قال: أخشى أن تكتب بها معصية لله فأكون شريكك فيها)
الثالثة : الورع عن بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام ، روي عن أبي سعيد الخدري أنهم خرجوا مع رسول الله ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  في سفر فنزلوا رفقا ، رفقة مع فلان ورفقة مع فلان ، قال : فنزلت في رفقة أبي بكر فكان معنا أعرابي من أهل البادية ، فنزل بأهل بيت من الأعراب ،وفيهم امرأة حامل ، فقال لها الأعرابي : أيسرُّكِ أن تلدي غلاما ؟ إن أعطيتني شاة ولدتِ غلاما ، فأعطته شاة ، وسجع لها أساجيع ! قال : فذبح الشاة ، فلما جلس القوم يأكلون ، قال : أتدرون من أين هذه الشاة ؟ فأخبرهم ، فرأيت أبا بكر يتقيأ . .
الرابعة : الورع عن كل ما ليس لله تعالى ، وهو ورع الصديقين ، مثال ذلك ما رُوي عن يحيى بن يحيى النيسابوري رحمة الله عليه أنه شرب دواءً، فقالت له امرأته‏:‏ لو مشيت في الدار قليلاً حتى يعمل الدواء، فقال‏:‏ هذه مِشية لا أعرفها، وأنا أحاسب نفسي منذ ثلاثين سنة ،  فهذا رجل لم تحضره نيَّة في هذه المشية تتعلق في الدين، فلم يقدم عليها، فهذا من دقائق الورع‏.‏

ليست هناك تعليقات: