الثلاثاء، 5 مارس 2013

آيــــــــة الدعـــــــاء ....

آيــــــــة الدعـــــــاء ....

آية كريمة ألقاها الوحي بين آيات الصيام، فقطعت السياق، ولم تقطع التناسق ..
آية اعتصرت قلوب الفقهاء بالحكم البليغة ...
آية سماها العلماء: آية الدعاء ..
هي قول الحق عز وجل في سورة البقرة:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [ البقرة : 186 ]

وفي سبب نزول هذه الآية:
 روى ابن أبي حاتم والطبري في تفسيريهما أن أعرابيا قال يا رسول الله: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _  فأنزل الله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ..

لفت نظر المفسرين في هذه الآية أمور منها:
أولا : الآية جاءت بين آيات الصيام في سورة البقرة، فالآية قبلها
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }
 والآية التي بعدها أيضا تتحدث عن أحكام الصيام :
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }.
 والفصل بين المتلازمين يعني أن هناك أمرا يُراد إبرازه، والحكمة من ذكر الدعاء بين آيات الصيام أن الدعاء في شهر رمضان له شأن عظيم، فهو أقرب للاستجابة، كما في الحديث الشريف: ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام يوم القيامة ونتفتح لها أبواب السماء ويقول: بعزتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين. ( رواه أحمد/ 305)

ثانيا: إذا استعرضنا الأسئلة الموجّه للرسول_ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _ في القرآن وجدنا أن الله تعالى يوحي إليه الجواب مبدوءا بلفظ قل، ومن أمثلة ذلك :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ  [ 189 ]
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ [ 217]
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ [ 222]
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [ 219 ]
أما في هذه الآية فجاء الجواب مجردا من لفظ قل، وجاءت مباشرة من الله تعالى بلفظ ( فإني قريب ) وهذا باب عظيم من أبواب العقيدة يفيد يقينا أن لا واسطة بين العبد وربه، بل كما قال اله تعالى :
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16)}[
وكما قال تعالى : ( وهو معكم أينما كنتم ) .

ثالثا : هناك سرٌّ  في قوله تعالى في قوله ( إذا دعان) فالمعلوم أن قوله تعالى : (وأجيب دعوة الداعي ) يفيد أنه سيدعو، فما السر في ( إذا دعان )  ؟!
 نعم إن هناك سرا عظيما في التعقيب بهذه العبارة ذلك أن قوله ( إذا دعان ) يفيد إذا دعاني أنا لا غيري،  ولولا ذلك لقال إذا دعا .
 كما أن إذا في قوله تعالى ( إذا دعان) تفيد الظرفية الرمانية، أي أنه يستجيب الدعاء وقت الدعاء، وذلك بشرط أن يستجيبوا لله تعالى ويؤمنوا به .

أخي الحبيب ..
شهر رمضان شهر صيام متواصل، يتخلله فاصل من الإفطار في الليل، لقوله تعالى : { وأتموا الصيام إلى الليل } والدقائق التي تفصل بين الصيام والإفطار، سواء أكانت في السحر أم قبل الغروب، دقائق ثمينة غالية، فهي ساعة استجابة فلنغتنمها بالدعاء ..

ليست هناك تعليقات: