الاثنين، 4 مارس 2013

إخـــــلاص النيّــــــة


يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث : ( الأعمال بالنيَّات ) و ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) و ( الحلال بيّن والحرام بيّن ) .
   ما الذي جعل الإمام أحمد يضع حديث النيات كأحد ثلاثة محاور يدور حولها الإسلام وقد روي عن الرسول  ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ   عشرات  آلاف الأحاديث  ؟
3أولا لأن النيّة هي معيار قبول العمل عند الله تعالى ، ومن لا نيّة له لا عمل له .
3ثانيا لأن النيّة هي التي تعطي القيمة للعمل فهي التي تزيد الأجر أو تقلله .
3ثالثا لأن النية حسنة بلا عمل ، فمن همّ بحسنة ولم يعملها كُتبت له حسنة . 
3رابعا لأن النية تقلب عادات الإنسان وحركاته الاعتيادية إلى عبادة خالصة ،  
     فالشخص الذي ينام ناوبا قيام الليل تكون أنفاسه وهو يغط في نومه ذكرا لله .

لكل ذلك وغيره اهتم السلف الصالح بالنية أيما اهتمام، فلا يكاد يخلو منها كلامهم. يقول مطرف بن عبد الله :"صلاح القلب بصلاح العمل، وصلاح العمل بصلاح النية " وقال ابن عجلان :" لا يصلح العمل إلا بثلاث: التقوى، والنية والسداد " .

الآن تدبر هذا الحديث الذي يرويه  عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " سمعت رسول الله ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  يقول : "إنما الأعمال بالنيِّات، ولكلِّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
هنا سؤالان مهمان :  ماذا تريد أن تفعل ؟ ولماذا تريد فعل ذلك ؟
ماذا تريد أن تفعل ا؟ سؤال متعلق بصحة العمل، ولماذا ، يراد به الثواب على العمل.  
فعـلى كل مسلم مكلف أن يحدد الأعمال التي يريد ثوابها من الله تحديداً واضحاً وأن يقصد بذلك العمل وجه الله تعالى، إما خوفاً من عقابه وإما طمعاً في جنته أو طلباً لمرضاته .
ترى لو عملت عند رجل في حقله ، وذهبت تطلب الأجرة من جاره  هل يعطيك شيئا ؟  ترى لو أرسلك رئيسك في العمل لتحضر ورقا وأحضرت له فواكه هل يقبل منك ؟
جاء في الحديث : ( من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك )
كيف يعرف المسلم أن عمله خالصا لوجه الله تعالى ؟؟ إليك علامات الإخلاص عند المؤمن  :أن يكون  عمل السر عنده أكبر من عمل العلانية  ، أن يتقن  العمل في السر  ، أن يداوم  على العمل في السراء والضراء ،أن يحرص  على إخفاء العمل ، أن يبادر إلى للعمل ويحتسب الأجر ، أن يصبر ويتحمل ولا يتشكي .
وقف جيش (مسلمة بن عبد الملك )عاجزا أمام أحد الحصون ، ونظر فوجدا في سوره نقبا ، فندب الجنود للدخول منه ، فخرج رجل من الجيش ودخل النقب ، ففتح الله على يديه الحصن ، فأراد مسلمة أن يكافئ صاحب النقب ، فنادى المنادي : إن الأمير يعزم على صاحب النقب أن يدخل عليه ليكافئه على حسن فعله .
فخرج من عرض الجيش رجل ملثم غير معروف ، وأراد الدخول على الأمير ، فقال له الحاجب : أنت صاحب النقب . فقال : أما أخبركم به . ولما مثل بين يدي الأمير قال له  : أيها الأمير ، إن صاحب النقب يشترط عليكم ثلاثة شروط ، حتى يعرفكم بنفسه ، قال مسلمة : له ذلك ، فقال : أن لا تسألوا عن اسمه أو اسم أبيه ، وأن لا ترسلوا اسمه للخليفة ، وأن لا تأمروا له بعطاء . ثم كشف الرجل عن وجهه وقال أنا صاحب النقب . فبكى مسلمة ، وكان يدعو في صلاته : اللهم احشرني مع صاحب النقب .

ليست هناك تعليقات: