الاثنين، 4 مارس 2013

احـــذروا القــــرآن ..!


جاء في كتاب قبسات من حياة الصحابة :
 أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لقد عشت برهة من دهري ، وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن ، وتنزل السورة على محمد ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  فيتعلم حلالها وحرامها ، وما ينبغي أن يقف عنده منها ، كما تعلمون أنتم القرآن ، ثمّ لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرا ما بين الفاتحة إلى خاتمته ، ما يدري ما آمره ولا زاجره ، وما ينبغي أن يقف عنده . 
فالإيمان هو الأساس ، والإيمان طاقة قلبية يزيد وينقص ، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ، تلك مسألة اتفق عليها العلماء ، ويصدقها واقع الحال ، وإذا حل النفاق محل الإيمان تبدلت القاعدة ،  قال تعالى :
﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ( 124 ) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ( التوبة ) .
وقال جل ثناؤه : ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (يونس:101).
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا (82)
والآن صار بالإمكان أن نفهم دور القرآن في زيادة الإيمان أو نقصانه عند من يسمعه ، وصار من الواجب أن يعرض المرء قلبه على ميزان القرآن ليعلم في أي حال هو قلبه ، ويسأل نفسه أسئلة لا يجيب عنها إلا هو ذاته .
عندما تقرأ أو تسمع آيات تحدثك عن نعيم الجنة ، عن أنهارها وأشجارها وظلالها ، وعن أزواجها ودرجاتها ، هل تزيدك تلك الآيات رغبة في دخولها ، وتشذ همتك  ؟
عندما تقرأ أو تسمع عن عذاب جهنم وأهوالها، وعن دركاتها وسعيرها وخزنتها، هل تزيدك تلك الآيات رهبة منها ، وتشحذ همتك  ؟
ذات يوم قبل بضعة أعوام ، تجمع الناس حول مسجد البيرة الكبير للمشاركة في جنازة أحد قادة الأحزاب اليسارية ، ولم أرغب في الصلاة عليه كما فعل الكثيرون ، وخرجت أنظر مع الناظرين ، وتصادف أن وقفت بجوار عدد من مراسلي وكالات الإعلام ، الذين لا يزورون المساجد إلا للتصوير من الخارج ، وكانت آيات تتلى من على مئذنة المسجد ، لا أدري أهي المصادفة أم أن واضع الشريط في المسجل قصدها ، وكانت الآيات :
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) (الحاقة ) .
وهي آيات تقرع القلوب وتقشعر منها جلود المؤمنين ، لما فيها من ترهيب وسوء عقاب ، خاصة لمن يعلم معنى واسلكوه في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا ، وسمعت بعض الناس يقولون : اللهم عافنا واعف عنا ، وسمعت بعض الصحافيين يتبادلون النكات حول الآيات ، ويستهزئون بمعانيها ، فهل يعلمون بما يهزؤون ؟؟
الله إنا نبرأ إليك مما يأفكون ..

ليست هناك تعليقات: