‏إظهار الرسائل ذات التسميات آباء وأبناء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آباء وأبناء. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 6 نوفمبر 2015

بِرُّ الوَالِديْنِ ُصحْبّتُهُمَا أوْلَاً ..




تدبر قول الله تعالى  (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً  )
وتأمل جواب الرسول عليه السلام لمن جاء يبايع على الجهاد والهجرة : : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهم .
وتفكر في جوابه لمن جاء يسأل عن أحق الناس بحسن صحبته فقال : أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك ..
وتذكر موقف أويس القرني الذي فضل صحبة أمه على صحبة الرسول خير الأنام ..
معنى صحب الشخص غيره أي لازمه .. وعاشره...  ورافقه
ولا يكن ذلك إلا بقضاء الوقت معه
يا بني ..
إذا كنت تخرج من البيت إذا حضر أبوك فأنت تعقه ..
وإذا جاء ليشاهد التلفاز معك فقمت وتركته فأنت تعقه ..
وإذا رأيته في عمل ولم تساعده فأنت تعقه ..
وإذا لم تمش معه في الطريق فأنت تعقه ..
وإذا لم تتصل به يوما بالهاتف فأنت تعقه ..
باختصار ..
مقدار بر الوالدين يقاس بصحبتهما أولا ..  
وصل على نبيك القائل  .....  "فالزمها، فإن الجنة تحت قدميها".

الجمعة، 11 سبتمبر 2015

الفتاة القمة لصاحب الهمة

لم يتزوج نجم الدين أيوب (أمير تكريت) لفترة طويلة فسأله أخوه أسد الدين شيرا كوه : يا أخي لم لا تتزوج؟  فقال له نجم الدين: لا أجد من تصلح لي.
فقال له أسد الدين : ألا أخطب لك؟
قال : من؟
قال: ابنة ملك شاه بنت السلطان محمد بن ملك شاه السلطان السلجوقي أو ابنة وزير الملك.
فيقول له نجم الدين: إنهم لا يصلحون لي. فيتعجب منه
فيقول له : ومن يصلح لك؟
فيرد عليه نجم الدين: إنما أريد زوجة صالحة تأخذ بيدي إلى الجنة، وأنجب منها ولدا تحسن تربيته حتى يشب، ويكون فارسًا ويعيد للمسلمين بيت المقدس.
فقال له: ومن أين لك بهذه؟
فرد عليه نجم الدين : من أخلص لله النية رزقه الله.
وفي يوم من الأيام كان نجم الدين يجلس إلي شيخ من الشيوخ في مسجد تكريت يتحدث معه،
فجاءت فتاه تنادي على الشيخ من وراء الستار، فاستأذن الشيخ من نجم الدين ليكلم الفتاة، فيسمع نجم الدين الشيخ وهو يقول لها:
لماذا رددت الفتى الذي أرسلته إلى بيتكم ليخطبك؟
فقالت له الفتاة: أيها الشيخ، ونعم الفتى هو من الجمال والمكانة، ولكنه لا يصلح لي.
فقال لها الشيخ : وماذا تريدين؟
فقالت له : سيدي الشيخ ، أريد فتىً يأخذ بيدي إلى الجنة، وأنجب منه ولدًا يصبح فارسًا يعيد للمسلمين بيت المقدس.
نفس الكلمات التي قالها نجم الدين لأخيه.
كلاهما يريد من يأخذ بيديه إلي الجنة وينجبان فارسا يعيد للمسلمين بيت المقدس، فقام نجم الدين ونادي علي الشيخ:  أيها الشيخ أريد أن أتزوج من هذه الفتاة.
فقال له الشيخ: إنها من فقراء الحي.
فقال نجم الدين : هذه من أريدها
تزوج نجم الدين أيوب من هذه الفتاة ست الملك خاتون، ، فأنجب لنجم الدين ولدًا أصبح فارسًا أعاد للمسلمين بيت المقدس ألا وهو صلاح الدين الأيوبي. وحقا من أخلص النية رزقه الله على نيته.

الجمعة، 28 مارس 2014

التفاخر بأكبر الكبائر


قرأنا في الصحف وصية عجيبة لأحد كبار كتاب الهند الذي توفي في 20 آذار 2014 ، جاء في الخبر :
أوصى الكاتب الهندي البارز خوشوانت سينج وأحد أهم مؤلّفي بلاده بالإنكليزية الذي غاب أخيرا، في التاسعة والتسعين، من جراء إصابته أن يُحفر على شاهد قبره:
 "هنا يرقد رجل لم يكن جيدا أو سيئا، إزاء الناس أو إزاء الله. لا تذرفوا أي دمعة من أجله، كان شخصا دنيئا. كتَبَ أمورا مقيتة وجدَها هو مضحكة. ليتمجّد إسم الله، لقد مات ابن الكلب".
قرأت وقلت صدق من قال : الولد السيء يجلب لوالده المسبة ، وكل من سيمر عن قبر هذا الكاتب سيسب والده الذي وصفه بالكلب .
أين هذا من التوجيه القرآني ، والهدي النبوي في التعامل مع الوالدين ؟
فقد قرن الله تعالى عبادته بالإحسان للوالدين فقال :
{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ } [ الإسراء : 23 ]
وقرن شكرهما بشكره ، فقال تعالى : ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [ لقمان : 14]
وكان بر الوالدين والدعاء لهما بعد موتهما من شعار الأنبياء،
فمن دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام :
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ﴾ [ إبراهيم ]
ومن دعاء سيدنا نوح عليه السلام :
﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ .. (28) ﴾ [ نوح ]
ومن دعاء سيدنا سليمان عليه السلام
﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ﴾ [ النمل ]
ومن دعاء الصالحين فى القرآن الكريم :
﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) ﴾ [ الأحقاف ]
وعدّ الرسول صلى الله عليه وسلم شتم الوالدين من  أكبر الكبائر :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ
وعن أبي الطفيل ، قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب وأنا عنده ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك ؟ قال : فغضب علي وقال : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي بشيء ، فيكتمه الناس ، غير أنه حدثني بكلمات أربع. قال : ما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال : «لعن الله من لعن والديه ، لعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من آوى محدثا ، ولعن الله من غير منار الأرض ».
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ملعون من سب أباه ، ملعون من سب أمه ».


الثلاثاء، 11 يونيو 2013

ربيعة الرأي .. وحكمة أم

ولد "ربيعة الرأي" في القرن الأول الهجري في "المدينة المنورة" ، وقد ترك والده أمه ، وترك عندها ثلاثين ألف دينار ، وكان في بطنها جنينًا ، ولا يعلم والده بذلك الجنين, وخرج غازيًا إلى بلاد "خراسان"، ولبث سبع وعشرين سنة يغزو مع جيوش المسلمين ، ويقود انتصاراتهم ، ولما جاءه الكبر واشتاق إلى رؤية المدينة والموت فيها ، واشتاق أيضا لرؤية زوجته سهيلة وما حل بها. فاستأذن فروخ قائد الجيش للرجوع إلى المدينة فأذن له .
 رجع فروخ إلى المدينة المنورة ،  دخل فروخ إلى مسجد رسول الله أول ما قدم إلى المدينة، وصلى الفجر مع الناس ، ثم سلم على رسول الله و صاحبيه أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب،  ثم شاهد حلقة علم كبيرة أجتمع عليها الناس ، وكان يسمع كلام ذلك الرجل الذي أجتمع عليه الناس ، ولكن لم يره لعظم الحلقة التي كان فيها فسأل رجل كان بجانبه فقال له : من هذا الرجل الذي أجتمع له أهل المدينة ويسمعون علمه , فنظر له الرجل وقال له : ألا تعرفه ،  من أي البلاد أنت ، أنه ربيعة الرأي ؟ , فقال له فروخ : ومن ربيعة الرأي هذا ؟ فقال له : هذا فقية المدينة وعالمها .  
فلما أنتهى الدرس قام فروخ لكي يذهب إلى بيته ليرى ما فعلت زوجه سهيلة ،  فلما وصل إلى داره وجدها على ما كانت عليه منذ أن تركها , فرأى شابا يخرج منها ولمح زوجه داخل تلك الدار،  فأخذته الحمية على زوجه وما فعلت من وراءه ، فانطلق لكي يدخل الدار، فمنعه ذلك الشاب ، فوثب كل منهما على صاحبه ، فعلى صراخهما حتى أجتمع الجيران ووقفوا مع ذلك الشاب،  فأتى الإمام مالك فسكت الناس، وعم الصمت المكان فقال مالك : أيها الشيخ ألك سعة في هذه ا لدار . فقال : هي داري وتلك هي امرأتي وأنا فروخ . فلما سمعته سهيلة خرجت مستبشرة ، وقالت: ذلك هو زوجي تركني وأنا حامل وهذا ابني.
 فاعتنق الوالد مع ولده ، فلما خلا بزوجه قال لها : أن معي مالا غنمته مع جيوش المسلمين فضميه مع المال الذي كنت قد أعطيتك إياه . فقالت سهيلة : أذهب وصل في مسجد رسول الله يا فروخ وسآتيك بالمال , فقال لها:  لقد صليت فيه ورأيت عجبا سمعت عن رجل يقال له ربيعة الرأي أجتمع له أهل المدينة وكان علمه واسعا وددت لو كنت مثله . فقالت له : أيسرك أن تكون مثله وتخسر كل ما تملك ؟ . قال : نعم أنه ليسرني . فقالت له : أيسرك أن كان أبنك مكانة أيسرك أن تنفق علية مالك كله ؟ . فقال : نعم وأنة ليسرني ذلك وذلك آثر عندي . فقالت له : هو والله ابنك , وقد أنفقت ما تركته عندي عليه .

الاثنين، 4 مارس 2013

أين أنا ، يــا أبي ؟!


جلس الطفل يشاهد شريط حفل زفاف أمه وأبيه ، وشاهد أقاربه جميعا في الحفل  ،  فقال لأبيه : أين أنا ، لماذا لم تأخذني معك إلى العرس ؟؟
فوقع السؤال البريء على الأب حجرا حرّك في نفسه أسئلة أكثر تعقيدا ، وصار يسأل من يلقاه من إخوته  .
أخي ، أين كنت في حرب النكبة عندما سقطت فلسطين بأيدي اليهود ، وهُجِّر الناس من ديارهم ؟!
أخي ، أين كنت في الحرب العالمية الأولى التي حولت مصير العالم ، وسقطت دولة الخلافة ، وحكم الإنجليز فلسطين ! .
أخي ، أين كنت يوم دخل صلاح الدين الأيوبي القدس ، وطرد الصليبين ، ورفعت راية الإسلام على أرض بيت المقدس ؟
وتابع الوالد السؤال : أين كنت في أيام فتح عمر لبيت المقدس ؟
وأين كنت عندما قهر الرومان الفرس في فلسطين ؟
 وأين كنت عندما دمّر نبوخذ نصر بيت المقدس ؟
وأين وأين .. ؟؟!!
كانت الإجابات مشابهة : في علم الغيب ، في بطن أمي ، في ظهر أبي ، لم أكن مولودا بعد ، جواب واحد جعله يتفهم السؤال البريء العميق ، هو قول الله تعالى :
﴿ هَلْ أتَىَ عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُورَاً (1) إِنَّـا خَلَقْنَاهُ مِنْ ُنطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرَا (2) ﴾.

شهادة ضمان لبرّ الأولاد ..!!


ذكر القرآن الكريم نموذجين لولدين ، الأول ابن إبراهيم عليه السلام ، والثاني ابن نوح عليه السلام ،  وذكر لنا القرآن في قصة ابن نوح :
﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ(43) ﴾
 هذا والد يرى الموت يحدق بابنه ، فيخاطبه بلسان الأب الشفوق ، ويدعوه للنجاة بحياته ، ولأن يركب السفينة ، الولد يرى الموج والطوفان ، ورغم ذلك يعق الولد أباه ، ولا يسمع كلامه ، فتكون النتيجة هلاكه مع المغرقين .
ويذكر لنا القرآن الكريم صورة مقابلة ، من خلال قصة إبراهيم عليه السلام مع ولده إسماعيل ، يقول تعالى :
﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِِنَ الصَّابِرِينَ(102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ( 103) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ(104)  قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107)﴾ .
فهذا أب يدعو ابنه للذبح ، فما يكون من الولد إلا أن يستجيب بلا تردد لكلام أبيه ، وينقاد لأمر أبيه  ، ويستسلم لإرادة الله تعالى ، فتكون النتيجة أن الولد نجا من موت محقق .
ذات يوم جلسنا مع إخوان لنا نبحث في علة بر الوالدين ، هل هي مقدار ما قدم الأب للابن ؟ هل هي رحمة الوالد بالابن ؟ هل هي مقدار ما تركه الوالد للابن ؟ هل هي في تعليم الوالد للابن ؟ خلصنا من الاستقصاء أن شرط البر بالوالدين هو الإيمان الصادق ، أولا ، وقبل كل شيء .
روى صاحب موقع " صحف " القصة التالية :
هذه قصة واقعية حدثت منذ خمس سنوات في الرياض عاصمة المملكة السعودية ، ملخصها أن احد الإخوان متزوج ولديه أطفال أكبرهم عمره سبع سنوات ، ويعيش معه والده الطاعن في السن ، وأمام إلحاح زوجته وكلامها المعسول وافق الزوج على وضع والده العجوز  في إحدى غرف المسجد المجاور لمنزلهم ، مبررا ذلك بأن هذا في مصلحة الوالد كي  لا يشق عليه الذهاب والإياب من وإلى البيت بعد كل صلاة في المسجد فالغرفة أقرب ، طرح الرجل المغلوب على أمره الفكرة على والده الذي لم يكن له من خيار سوى الموافقة على مضض ، وفعلا ذهب الرجل إلى السوق ومعه ابنه البكر ليشتري لوالده مسلتزمات الغرفة التي في المسجد من فراش وسرير وخزانة ونحوه ، وكان من عناية الله به أن سأله ابنه الصغير المرافق له عمّا يشتريه ولماذا ؟ فأجابه أن ذلك لجده حيث أنه سوف ينتقل من بيتهم إلى غرفة بجوار المسجد ، فسأله هذا الطفل الصغير ببراءة : ومتى نشتري لك مثل ذلك يا أبي ؟ فنزل السؤال على الأب كالصاعقة ، وزلزل الأرض من تحت قدميه ، وأفاق من غيبوبته ، فأعاد ما اشتراه دون أن ينتظر من صاحب المحل إعادة المال وهرول إلى البيت ، وانكب على يدي والده يقبلهما ويعتذر له .

الجمعة، 27 يوليو 2012

توبة شاب على يد والدته

 

كان بالمدينة امرأة متعبدة، ولها ولد يلهو، وهو مُلهي أهل المدينة. وكانت تعِظُه، وتقول: يا بني! اذكر مصارع الغافلين قبلك، وعواقب البطالين قبلك، اذكر نزول الموت. فلا يسمع مقالها .
فلم يزل كذلك حتى قدم أبو عامر البناني واعظ أهل الحجاز، ووافق قدومه رمضان، فسأله إخوانه أن يجلس في مسجد رسول الله -^ -فأجابهم.
وجلس ليلة الجمعة بعد انقضاء التراويح، واجتمع الناس، وجاء الفتى فجلس مع القوم، فلم يزل أبو عامر يَعِظ وينذر ويبشر، إلى أن ماتت القلوب فرقا، واشتاقت النفوس إلى الجنة، فوقعت الموعظة في قلب الغلام فتغير لونه. ثم نهض إلى أمه، فبكى عندها طويلا، ثم قال: يا أم ، لقد تبت إلى الله ، فهل يقبل الله توبتي ؟
ثم شمر في العبادة وجد، فقربت إليه أمه ليلة إفطاره، فامتنع وقال: أجد ألم الحمى، فأظن أن الأجل قد أزف. ثم فزع إلى محرابه، ولسانه لا يفتر من الذكر. فبقي أربعة أيام على تلك الحال. ثم استقبل القبلة ، وقال: إلهي عصيتك قويا، وأطعتك ضعيفا، وأسخطتك جلدا، وخدمتك نحيفا، فليت شعري هل قبلتني؟ ثم سقط مغشيا عليه، فانشج وجهه. فقامت إليه أمه، فقالت: يا ثمرة فؤادي، وقرة عيني، رد جوابي.
فأفاق فقال: يا أماه! هذا اليوم الذي كنت تحذريني، وهذا الوقت الذي كنت تخوفيني، فيا أسفي على الأيام الخوالي، يا أماه! إني  خائف على نفسي أن يطول في النار حبسـي؛ بالله عليك يا أماه، قومي فضعي رجلك على خدّي، حتى أذوق طعم الذل لعله يرحمني، ففعلت، وهو يقول: هذا جزاء من أساء، ثم مات رحمه الله.
قالت أمه: فرأيته في المنام ليلة الجمعة، وكأنه القمر، فقلت: يا ولدي! ما فعل الله بك؟ فقال: خيرا، رفع درجتي.
قلت: فما كنت تقول قبل موتك؟ قال: هتف بي هاتف: أجب الرحمن! فأجبت.

المال والبنون

المال والبنون    

لقد قرن الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم الأموال والأولاد في أربعة وعشرين موضعاً وكأنه يذكرنا بأهمية الموضوع عدد ساعات  الليل والنهار  .
قال القرطبي رحمه الله -:
  إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا؛ لأن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا  . وعطف الأولاد على الأموال لاستيفاء أقوى دواعي الخيانة فإن غرض جمهور الناس في جمع الأموال أن يتركوها لأبنائهم من بعدهم.
قال رسول الله -^ -  : " إن الولد مَبْخلة مَجْبنة مَجْهلة مَحْزنة   " ‏ { صحيح على شرط مسلم }
وقد شاهدنا مَنْ من كان من أهل الدين من  يشغله الكسب والتجارة في أمواله حتى صار يصلي كثيراً من الصلوات الخمس فائتة.
وقد شاهدنا من كان موصوفاً عند الناس بالديانة والورع، فحين لاح له منصب وتولاَّه، استناب من يلوذ به من أولاده وأقاربه، وإن كان بعض من استنابه صغير السن قليل العلم سيئ الطريقة.
فحب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الذنوب والآثام في سبيل تربيتهم والإنفاق عليهم وتأمين الثروة لهم، وكل ذلك قد يؤدي إلى الجبن عند الحاجة إلى الدفاع عن الحق أو الأمة أو الدين، وإلى البخل بالزكاة والنفقات المفروضة والحقوق الثابتة، كما يحملهم ذلك على الحزن على من يموت منهم بالسخط على المولى والاعتراض عليه إلى نحو ذلك من المعاصي : كنوح الأمهات وتمزيق ثيابهن ولطم وجوههن، وعلى الجملة ففتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال؛ فالرجل يكسب المال الحرام ، ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد.
وهذا عمر بن عبد العزيز ـ رضوان الله عليه ـ  ينام على فراش الموت ،  ويدخل عليه ابن عمه ويقول له: يا أمير المؤمنين! لقد تركت أولادك فقراء، ألا توصي لأبنائك بشيء؟! فيقول عمر بن عبد العزيز:
ـ  وهل أملك شيئاً من المال لأوصي لأبنائي به، أم تريد أن أوصي لهم بأموال المسلمين؟! والله، ما أنا بفاعل.  أدخلوا أبنائي عليّ، فأدخلوهم عليه، وهو على فراش الموت، فنظر إليهم وبكى، وقال: أي بنيّ، إن أباكم قد خُـيّر بين أمرين: بين أن يترككم فقراء، ويدخل الجنة ، أو أن يترككم أغنياء من أموال المسلمين ويدخل النار، ولقد اختار أبوكم الجنة إن شاء الله، وأنتم عندي أحد رجلين: إما أن تكونوا صالحين فالله يتولى الصالحين، وإما أن تكونوا غير ذلك فلا أدع لكم ما تستعينون به على معصية الله  وأسأل عنه أنا بين يدي الله، اخرجوا عني، فخرجوا عنه، وهو يردد قول الله:  } تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {  { القصص:83} ، وفاضت روحه إلى رب العالمين..

من عجائب برّ الأب ..!!

من عجائب برّ الأب ..!!    

وكان لأمية الكناني ولــد يقال له كُلاب ، كبر بين يديه حتى أصبح شاباً فتياً يافعاً ، وكان كُلاب هـــذا عابداً زاهداً باراً بوالديه ، فأحبه أمية أشد ما يحب الأب ابنه ، فتعلقت به نفسه. وذات يوم نادى الخليفة عمر  بن الخطاب للخروج إلى الجهاد ، فجاءه أمية ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إني والله أحب الجهاد في سبيل الله ، وما يمنعني اليوم من الخروج إليه إلا ضعف جسدي وكبر سني ، فلما أحسّ الابن برغبة والده قام ابنه الوحيد كٌلاب فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا أبيع الله نفسـي ، وأبيع دنياي بآخرتي ، فتعلق به أبوه، وقــال : لا تدع أبويك شيخين كبيرين ضعيفين ربياك صغيراً ؛ فمــا زال كلاب بأبيه يحاول فيه ويرضيه حتى أذن له بالخروج إلى الجهاد.
وخرج كلاب إلى الجهاد فغاب عن أبويه ، وكان أمية كلما تذكر ولده كلاب بكى وبكت زوجتــه ، وذات يوم جلس أمية خــارج بيته فـرأى حمامة تُطعم فراخها ، فتذكر ابنه كلاب وأخذ يبكي ، ثم أنشد قائلاً :
لمـن شيخـان قـد نشدا كلابا
فإنك والتماس الأجـــــــــــــر بعــدي

كـتاب الله لــو قبل الكتابا
كباغي المـــــــــاء يتبع الســـــــــــــــرابا
وازدادَ بكاء أمية على ولده حتى ضعف بصـره - ويقال عمي بصـره - فقال سأذهب إلى عمر وأقسم عليه أن يرد عليَّ ابني ، فردته زوجته ، فنهرها وذهب ، فلما دخل على الفاروق رضي الله عنه ، أنشد فتأثر عمر تأثراً بالغاً ، وأرسل إلى أمير الجيش في العراق أن يردَّ كلاباً ، فأمر أمير الجند كُلاب أن يرجع إلى المدينة ، فرجع كُلاب لا يدري ما الأمر ، ولا يدري لمـاذا خُص بهذا الخطــاب ، ولما وصــل المدينة ذهب إلى عمــر بن الخطاب قبل أبويه ، فقال له عمر : يا بني ما بلغ من برك بأبيك ؟ فقال كـلاب : كنت أؤثره على نفسـي وأكفيه أمره ، وكنت إذا أردت أن أحلب لــه لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في إبلي فأريحها ، وأتركها حتى تستقر، ثم اغسل ضروعها حتى تبرد، ثم أحلب له فيخرج الحليب بارداً، ثم أسقيه إياه، فأرسل عمر إلى أمية أن يحضـر إليه ، فجاء أمية يتهادى قـد انحنى ظهــره ، فلما جلس قال له عمر : يا أمية ، كيف تجدك ؟ فقال:كما ترى يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : يا أبا كلاب ، ما أحب الأشياء إليك ؟ قــال أمية : ما أحب اليوم شيء ، ما أفرح بخير ولا يسوءني شر ، فقال عمر: ومع ذلك يا أمية ما  تتمنى ؟ فقال أمية : بلى ، أتمنى كلاب ، أحب أنه عندي فأضمه ضمه ، وأشمه شمة ، فرق له عمر وقال : ستبلغ ما تحب إن شاء الله.  
وأمر عمر كلاب أن يحلب الناقة كما كان يحلبها لأبيه ، ثم أخذ عمر الإناء الذي فيه الحليب وأعطاه لأمية وقــال : اشرب يا أبا كـلاب ، فلما قــرب أمية الإناء من فمه ، توقف برهة وقال : يا أمير المؤمنين ، والله إني لأشم رائحة يديّ كلاب ، فجاء عمر بكلاب لأمية وقال :هذا كلاب يا أبا كلاب ، فوثب أمية من مكانه وضم ابنه وهو يبكي ، فبكى كلاب لبكاء أبيه ، وبكى عمر لبكائهما ، وبكى الجميع حتى ضج المجلس بالبكاء.
وقال عمر لكلاب:يا كلاب،ألزم أبويك وجاهد فيهما ما بقيا ، ثم شأنك بنفسك بعدهما ، وأمر بعطائه وصرفه مع أبيه .

الأحد، 15 يوليو 2012

نعمت البنات

  

قال الله تعالى محذرا من فتنة الأهل :
 : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ %  إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ  { { التغابن : 14-15 }
جاء في كتاب سير الأعلام هذه الخبر عن أبي الحسين عاصم بن علي المتوفى عام 221 هـ .
كان عاصم إماما في زمانه حافظا صدوقا حدّث عنه البخاري ، وكان مجلس علمه في ساحة مسجد الرصافة عامرا حاشدا ، ووصف بأنه مجلس خير يَغيظ الكفار ، وكان عاصم ممن ذبَّ عن الدين في المحنة .
يقول محمد بن سويد الطحان أحد أصحاب الشيخ وكبار المحدثين :
كنا عند عاصم بن علي ومعنا أبو عبيد ، وإبراهيم  بن أبي الليث وجماعة ، وأحمد بن حنبل يُضـرب ، فجعل عاصم يقول : ألا رجل يقوم معي ، فنأتي هذا الرجل ، فنكلمه ؟ ( يقصد نذهب للخليفة وننهاه عما يفعل ) فلم  يجيبه أحد.  ثم قال ابن أبي الليث : أنا أقوم معك يا أبا الحسين ، فقال عاصم من لحظته : يا غلام : خُفّي.
هنا تردد  ابن أبي الليث وطلب منه مهلة لكي يودع بناته وقال : يا أبا الحسين أبلغ إلى بناتي ، فأوصيهن. فظننا أنه ذهب يتكفن ويتحنط ، ثم جاء ، فقال : إني ذهبت إليهن ، فبكين . فأحجما عن الذهاب .
 وسمعتْ ابنتا عاصم بما حدث ، وكانتا في مدينة واسط ، فأرسلتا كتابا إليه مفاده :  يا أبانا ، إنه بلغنا أن هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل ، فضربه على أن يقول : القرآن مخلوق ، فاتق الله ، ولا تجبه ، فو الله لأن يأتينا نعيك أحب إلينا من أن يأتينا أنك أجبت .