‏إظهار الرسائل ذات التسميات الخلق العظيم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الخلق العظيم. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 5 مارس 2013

أخـــلاق رفيعـــة

أخـــلاق رفيعـــة

بينما كان أمير المؤمنين ( عمر بن عبدا لعزيز ) يدخل المسجد لأداء صلاة الصبح،  وكان المكان مظلما , فإذا به يتعثر ويسقط بسبب رجل نائم عند باب المسجد , فقام عمر واعتذر للرجل , ولكن هذا الرجل - وهو المخطئ - صرخ في وجه عمر قائلاً  : هل أنت أعمى ؟! 
فقال عمر : لا .وكان أحد الجند واقفاً عند باب المسجد فاستل سيفه،  وقال : دعني أقتص منه يا أمير المؤمنين .فلما سمع الرجل ذلك ارتعد خوفاً،  وعرف أنه صرخ في وجه أمير المؤمنين , ولكن عمر ـ رضي الله عنه ـ  ربت على كتفه وقال : لا تخف .ثم التفت إلى الجندي وقال له: تقتص ممن ؟ مالكم والناس ،  سألني الرجل هل أنت أعمى وأجبته ، وانتهى الأمر ...

فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ ، فلا ترى إلا أبا بكر. فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، والله إني لشاعرة:   مذممًا عصينا***وأمره أبينا  ***ودينه قلينا, ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال: (ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني). وكانت قريش إنما تسمي رسول الله  صلى الله عليه وسلم مذممًا؛ يسبونه، وكان يقول: (ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش، يسبون ويهجون مذمما  وأنا محمد).


من بركات الأم

من بركات الأم 

 ((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَل َصَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))
الأم أولا لأن حسناتها مخفية
عن سعيد بن جبير قال : لدغتني عقرب، فأقسمت امي عليّ أن أسترقي، فأعطيت الراقي يدي التي لم تلدغ، وكرهت أن أحنثها .
عن أصبغ بن زيد قال: " إنما منع أويسا أن يقدم على النبي ـ ص ـ بره بأمه ـ
عندما سئل الشيخ الداعية خالد الجندي عن سبب محبة الناس له قال :
أعتقد أن حب الناس لي وراءه دعاء أمي- رحمها الله- لي،فقد كانت في وقتٍ ما مريضة،وتحتاج لأن تقوم في الليل عدة مرات لقضاء حاجتها،وكانت تتسلل على أطراف أصابعها لكي لا تُزعجنا أنا وإخوتي ،ولكني شعرتُ بذلك،فأصبحت أنام بجوار سريرها على الأرض وأمد ساقَيَّ بحيث تطَأهُما بقدميها كلما نزلت من السرير، لأصحو من نومي وأقوم نحوها بما يجب على الإبن البار بأمه في هذه الحالات.
ولقد حاولَت كثيرا أن تُثنيني عن ذلك ولكنها لم تُفلح،وقد استمر ذلك لعدة سنوات،فدعت لي ذات مرة بأن يحبني الله تعالى وأن يحبِّبْني اللهُ إلى خلقه،وأظن أن الله قد استجاب لها

اللقمـــــة الحــلال ....

اللقمـــــة الحــلال ....  
قال عمر بن سليمان : سألت أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ : بم تلين القلوب ؟؟
فنظر إليّ ثم أطرق لحظات وقال: بأي شيء ! بأكل الحلال . قال عمر فذهبت إلى أبي النصر ، فقلت له يا أبا النصر : بم تلين القلوب؟ فقال : ألا بذكر الله تلين القلوب. فقلت له : فإني سألت أبا عبد الله، فتهلل وجهه وقال : وبم أجاب ؟ قلت : قال لي بأكل الحلال ، فقال : جاءك بالأصل .
قال أبو بكر عبد الله الباجي الزاهد : خمس خصال بها تمام العمل : الإيمان بمعرفة الله عز وجل، ومعرفة الحقّ ، وإخلاص العمل لله ، والعمل على السنّة ، وأكل الحلال ، فإن فقدت واحدة لم يرتفع العمل ، فإذا عرفت الله ولم تعرف الحق لم تنتفع، إن عرفت الله وعرفت الحق ولم تخلص لم تنتفع ، وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل ولم يكن على السنة لم تنتفع ، وإن تمت الأربعة ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع .
وقال وهب بن الورد : لو قمت مقام هذه السارية ( تقيم الليل أبدا ) لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك من حلال أو حرام .
روي عن أبي سعيد الخدري أنهم خرجوا مع الرسول ـ في سفر فنزلوا رفقاً ، رفقة مع فلان ، ورفقة مع فلان ، قال : فنزلت في رفقة أبي بكر، فكان معنا أعرابي من أهل البادية، فنزلنا بأهل بيت من الأعراب وفيهم امرأة حامل ، فقال لها الأعرابي : أيسرك أن تلدي غلاما ؟ إذا أعطيتني شاة ولدت غلاما، فأعطته شاة وسجع لها أساجيع ، قال : فذبح الشاة، فلما جلس القوم يأكلون قال : أتدرون من أين هذه الشاة؟ فأخبرهم فرأيت أبا بكر يضع يده في فيه ويتقيأ .                                                                                                      

الاثنين، 4 مارس 2013

إخـــــلاص النيّــــــة


يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث : ( الأعمال بالنيَّات ) و ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) و ( الحلال بيّن والحرام بيّن ) .
   ما الذي جعل الإمام أحمد يضع حديث النيات كأحد ثلاثة محاور يدور حولها الإسلام وقد روي عن الرسول  ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ   عشرات  آلاف الأحاديث  ؟
3أولا لأن النيّة هي معيار قبول العمل عند الله تعالى ، ومن لا نيّة له لا عمل له .
3ثانيا لأن النيّة هي التي تعطي القيمة للعمل فهي التي تزيد الأجر أو تقلله .
3ثالثا لأن النية حسنة بلا عمل ، فمن همّ بحسنة ولم يعملها كُتبت له حسنة . 
3رابعا لأن النية تقلب عادات الإنسان وحركاته الاعتيادية إلى عبادة خالصة ،  
     فالشخص الذي ينام ناوبا قيام الليل تكون أنفاسه وهو يغط في نومه ذكرا لله .

لكل ذلك وغيره اهتم السلف الصالح بالنية أيما اهتمام، فلا يكاد يخلو منها كلامهم. يقول مطرف بن عبد الله :"صلاح القلب بصلاح العمل، وصلاح العمل بصلاح النية " وقال ابن عجلان :" لا يصلح العمل إلا بثلاث: التقوى، والنية والسداد " .

الآن تدبر هذا الحديث الذي يرويه  عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " سمعت رسول الله ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  يقول : "إنما الأعمال بالنيِّات، ولكلِّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
هنا سؤالان مهمان :  ماذا تريد أن تفعل ؟ ولماذا تريد فعل ذلك ؟
ماذا تريد أن تفعل ا؟ سؤال متعلق بصحة العمل، ولماذا ، يراد به الثواب على العمل.  
فعـلى كل مسلم مكلف أن يحدد الأعمال التي يريد ثوابها من الله تحديداً واضحاً وأن يقصد بذلك العمل وجه الله تعالى، إما خوفاً من عقابه وإما طمعاً في جنته أو طلباً لمرضاته .
ترى لو عملت عند رجل في حقله ، وذهبت تطلب الأجرة من جاره  هل يعطيك شيئا ؟  ترى لو أرسلك رئيسك في العمل لتحضر ورقا وأحضرت له فواكه هل يقبل منك ؟
جاء في الحديث : ( من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك )
كيف يعرف المسلم أن عمله خالصا لوجه الله تعالى ؟؟ إليك علامات الإخلاص عند المؤمن  :أن يكون  عمل السر عنده أكبر من عمل العلانية  ، أن يتقن  العمل في السر  ، أن يداوم  على العمل في السراء والضراء ،أن يحرص  على إخفاء العمل ، أن يبادر إلى للعمل ويحتسب الأجر ، أن يصبر ويتحمل ولا يتشكي .
وقف جيش (مسلمة بن عبد الملك )عاجزا أمام أحد الحصون ، ونظر فوجدا في سوره نقبا ، فندب الجنود للدخول منه ، فخرج رجل من الجيش ودخل النقب ، ففتح الله على يديه الحصن ، فأراد مسلمة أن يكافئ صاحب النقب ، فنادى المنادي : إن الأمير يعزم على صاحب النقب أن يدخل عليه ليكافئه على حسن فعله .
فخرج من عرض الجيش رجل ملثم غير معروف ، وأراد الدخول على الأمير ، فقال له الحاجب : أنت صاحب النقب . فقال : أما أخبركم به . ولما مثل بين يدي الأمير قال له  : أيها الأمير ، إن صاحب النقب يشترط عليكم ثلاثة شروط ، حتى يعرفكم بنفسه ، قال مسلمة : له ذلك ، فقال : أن لا تسألوا عن اسمه أو اسم أبيه ، وأن لا ترسلوا اسمه للخليفة ، وأن لا تأمروا له بعطاء . ثم كشف الرجل عن وجهه وقال أنا صاحب النقب . فبكى مسلمة ، وكان يدعو في صلاته : اللهم احشرني مع صاحب النقب .

الأحد، 24 فبراير 2013

واتخـذ الله إبراهيـم خليـلا

واتخـذ الله إبراهيـم خليـلا

 إبراهيم عليه السلام خليل الله ، كيف فسر المفسرون ذلك ؟
 قالوا معنى الخليل ؛ الذي ليس في محبته خلل ؛ فجائز أن يكون سُمي خليلاً لله بأنه الذي أحبه واصطفاه محبة تامة.
 وقيل : والاختلال الفقر وجائز أن يسمى خليل الله أي فقيراً إلى الله تعالىٰ ؛ لأنه لم يجعل فقره ولا فاقته إلاَّ إلى الله تعالىٰ مخلصاً في ذلك.
وقيل : سُمي بذلك بسبب أنه مضى إلى خليل له بمصر لِيمتار ( يشتري ) من عنده طعاماً فلم يجد صاحبه، فملأ غرائره رملاً وراح به إلى أهله فحطّه ونام؛ ففتحه أهله فوجدوه دقيقاً فصنعوا له منه، فلما قدّموه إليه قال: من أين لكم هذا ؟ قالوا: من الذي جئت به من عند خليلك المصريّ؛ فقال: هو من عند خليلي؛ يعني الله تعالىٰ، فسمِّيَ خليل الله بذلك.
 وقيل: إنه أضاف رؤساء الكفار، وأهدى لهم هدايا ، وأحسن إليهم فقالوا له: ما حاجتك ؟ قال: حاجتي أن تسجدوا لله سجدة ؛ فسجدوا فدعا الله تعالىٰ وقال: اللَّهُمَّ إني قد فعلت ما أمكنني ، فافعل اللَّهُمَّ ما أنت أهل لذلك؛ فوفقهم الله تعالىٰ للإسلام فاتخذه الله خليلاً لذلك.
 ويُقال: لما دخلت عليه الملائكة بشبه الآدميِّين وجاء بعجل سمين فلم يأكلوا منه وقالوا: إنا لا نأكل شيئاً بغير ثمن فقال لهم: أعطوا ثمنه وكلوا، قالوا: وما ثمنه ؟ قال: أن تقولوا في أوّله باسم الله وفي آخره الحمد لله، فقالوا فيما بينهم: حق على الله أن يتخذه خليلاً؛ فاتخذه الله خليلاً. وروى جابر بن عبد الله عن رسول r قال: «اتخذ الله إبراهيم خليلاً لإطعامه الطعام وإفشائه السلام وصلاته بالليل والناسُ نيام»
. وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يا جبريل لِم ٱتخذ الله إبراهيم خليلاً» ؟ قال: لإطعامه الطعام يا محمد.
وقيل: معنى الخليل الذي يوالي في الله ويعادي في الله. والخُلّة بين الآدميِّين الصداقة؛ مشتقة من تخلل الأسرار بين المتخالّين.
فإن قال قائل: وما معنى الخُلة التي أُعطيها إبراهيم؟ قيل: ذلك من إبراهيم عليه السلام العداوة في الله والبغض فيه، والولاية في الله والحبّ فيه، على ما يُعرف من معاني الخلة. وأما من الله لإبراهيم، فنصرته على من حاوله بسوء، كالذي فعل به إذا أراده نمرود بما أراده به من الإحراق بالنار، فأنقذه منها، وأعلى حجته عليه إذ حاجه، وكما فعل ملك مصر إذ أراده عن أهله، وتمكينه مما أحبّ، وتصييره إماما لمن بعده من عباده ،  وقدوة لمن خلفه في طاعته وعبادته، فذلك معنى مخالّته إياه.
 وجاء في كتاب (صور من حياة التابعين :212)  الخبر التالي :  
قال أبو عاصم ابن قتادة الليثي: كان إبراهيم عيه السلام يضّيف الناس ، فخرج يوما يلتمس إنسانا يضيفه فلم يجد أحدا ، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائما ، فقال له : يا عبدالله ، من أدخلك داري بغير إذني . فقال الرجل : دخلتها بإذن ربها . قال : إبراهيم عليه السلام : ومن أنت ؟ قال الرجل : أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى أحد عباده أبشره بأن الله قد اتخذه خليلا .
قال إبراهيم عليه السلام : ومن هو ؟ فوالله لو أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد لأتيته ثم لا أبرح له خادما حتى يفرق الموت بيننا . قال ملك الموت : ذلك العبد أنت . قال إبراهيم عليه السلام : أنا ؟ قال ملك الموت : نعم أنت . فتسائل إبراهيم عليه السلام : فيم اتخذني ربي خليلا ؟ قال ملك الموت : إنك تعطى الناس ولا تسألهم .

الجمعة، 10 أغسطس 2012

سبب عجيب للبكاء

بكاء لسبب عجيب ، هو بكاء صاحب سليمان بن يسار

هو أبو أيوب سليمان بن يسار، مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث .  

أحد فقهاء المدينة  السبعة، كان عالما ثقة عابدا ورعا حجة، كثير الصيام، فقيها كبيرا لذا كان سعيد بن المسيب  سيد الفقهاء في عصره إذا سأله أحد في معضلة، يقول له: اذهب إلى سليمان بن يسار فإنه أعلم من بقي اليوم، ويقول الإمام مالك عنه: كان سليمان من علماء الناس بعد  سعيد بن المسيب ، وكان كثيرا ما يوافقه. 

وكان حسن الهيئة جميل الوجه، وقد جر عليه جمال وجهه بعض المتاعب وعرضه لبعض الفتن التي عصمه الله منها لخشيته وتقواه فقد قام برحلة من المدينة إلي مكة هو ورفيق له، ولما وصلا إلي الأبواء ضربا خيمة أقاما بها، وذهب رفيقه إلي السوق يشتري بعض ما يحتاجون إليه، وبصرت به أعرابية كانت تقيم بالجبل المطل على الخيمة، فأخذ حسنه وجمال وجهه بلبها، فانحدرت إليه في الخيمة، وجلست بين يديه، وأسفرت عن وجهها، يقول راوي الخبر فبدا كأنه فلقة قمر، وتحدثت إليه، فظن أنها تريد طعاما، فقام إلي ما عنده من طعام ليعطيها إياه. فقالت: لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلي أهله.
فقال: جهزك إلي إبليس، ثم وضع رأسه بين كفيه وأخذ يبكي وينتحب، فلما رأت منه ذلك، أسدلت برقعها على وجهها، وانصرفت عائدة إلي خيمتها. ولما عاد صاحبه، وقد ابتاع ما يحتاجان إليه، ورآه وقد انتفخت عيناه من البكاء، وانقطع حلقه.
فقال له: ما يبكيك؟
قال: خير .. ذكرت صبيتي.
قال: لا، إن لك قصة، إنما عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها، ولم يزل به حتى أخبره بشأن الإعرابية فوضع ما جاء به وانخرط في بكاء حار، ودهش سليمان من بكاء صاحبه.
وسأله: ما يبكيك؟
قال: أنا أحق بالبكاء منك.
قال: فلم؟
قال: لأني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها.
وقال راوي الخبر: فمازالا يبكيان.
فلما انتهى سليمان إلي مكة، وطاف وسعى، أتى الحجر، واحتبي بثوبه، فنعس، فإذا به يرى في النوم: رجلا وسيما جميلا طوالا، له شارة حسنة، ورائحة طيبة. فسأله سليمان: من أنت رحمك الله؟
قال: أنا يوسف بن يعقوب.
قال: يوسف الصديق؟
قال: نعم.
قلت: إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأنا عجيبا.
فقال له يوسف: شأنك وشأن صاحبة، الأبواء أعجب. وهذا الخبر يدل على ما كان يتمتع به سليمان بن يسار من عفة وأمانة وتقوى لله ومراعاة لحرماته وخشية منه. وكان شأن سليمان شأن الفقهاء في عصره يبدو نظيف الثياب، حسن المظهر. وقد عاش سليمان ثلاثا وسبعين سنة وتوفى على أرجح الأقوال عام سبعة ومائة للهجرة. فرحمه الله وأجزل مثوبته

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

صدقة.. أبي ضَمْضَم

 
كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
هذا الحديث يرشدنا إلى تأثير القرآن الكريم في تزكية النفس من الشح والبخل، فالله سبحانه يبن لنا أن النفوس مجبولة على البخل في قوله :
﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ   [النساء : 128 ]
ويبين لنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أن الإيمان والشح لا يجتمعان:
( خصلتان لا تجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق )
 فكان فلاح الإنسان بالوقاية من هذه الصفة:
﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [ الحشر : 9] 
قيل: فماذا تفعل إذا هب الناس يتصدقون، ودبت بك نخوة الكرم، ولا مال عندك لتتصدق به ؟
قال: أتصدق بوقتي فأعمل ؟
قيل: فإن لم يكن عندك طاقة للعمل ولا قدرة عليه  .
قال: أتصدق بصدقة ابي ضمضم .
قيل: ومن هو أبو ضمضم ؟
قال:  كان ـ صلى الله عليه وسلّم ـ  يحب الجود والجوادين، ويبغض البخل والبخيلين، وكان ناصحاً لأمته، ولهذا قال لأصحابه رضوان الله عليهم يوما : "ألا تحبون أن تكونوا كأبي ضَمْضَم؟" قالوا: يا رسول الله، ومن أبو ضمضم؟ قال: "إن أبا ضمضم كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد تصدقت بعرضي على من ظلمني" ، وفي رواية: "اللهم تصدقت بعرضي على عبادك".
وفي رواية عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ كما قال ابن عبد البر: ("إن رجلاً من المسلمين قال: اللهم إني ليس لي مال أتصدق به، وإني قد جعلت عرضي صدقة لله عز وجل لمن أصاب منه شيئاً من المسلمين؛ قال: فأوجب النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أنه قد غفر له"، أظنه أبا ضمضم المذكور، والله أعلم) .
ورحم الله أخا لنا سمعنا عنه في أيام الحج ، خمس سنوات وهو يؤجل الحج رغم أنه يستطيع إليه سبيلا ، فقيل له : ما الذي تغير حتى قررت الحج هذا العام ؟  قال : يا أخي ، أنا رجل سريع الغضب ، لا أحتمل الذبابة تقع على أنفي ، حتى تثور ثائرتي وتقوم قيامتي ، فكيف سأحتمل الزحام في عرفات وعند الجمرات ؟! وما أسمعه عن أخلاق السائقين في بلاد الحرمين ؟! أخاف أن أرتكب جريمة في الأشهر الحرم . ولكني حللت المشكلة هذا العام وجئت للحج . قيل له : وكيف حللتها ؟ قال : قبل خروجي من بيتي ، جعلت جسدي وقفا لله تعالى حتى أعود ، وكان أخونا هذا خلال الحج يشكر كل من يكثر من القول لكل من زاحمه أو دفعه ، بارك الله فيك ، جزاك الله عني كلَّ خير  .

و قال أبو الدرداء  : أدركت الناس ورقا لا شوك فيه فأصبحوا شوكا لا ورق فيه ، إن عرفتهم نقدوك وإن تركتهم لم يتركوك ، قالوا : كيف نصنع ؟ قال : تقرضهم من عرضك ليوم فقرك . 
شتم رجل أبي ذر فقال له : يا هذا ، لا تغرق في شتمنا ، ودع للصلح موضعا ، فإنّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه . وينادي يوم القيامة منادٍ : ليقم من أجره على الله ، فلا يقوم إلا من عفا .
عن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ـ قال: ( على كل مسلم صدقة قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة (متفق عَلَيْهِ ) .

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

سر الصداقة الإلهي ..

واتخـذ الله إبراهيـم خليـلا ..

يقول الله تعالى :
[وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ۞وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ] [ النساء : ـ 125  }
وروى جابر بن عبد الله عن رسول r قال: «اتخذ الله إبراهيم خليلاً لإطعامه الطعام وإفشائه السلام وصلاته بالليل والناسُ نيام»
. وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يا جبريل لِم ٱتخذ الله إبراهيم خليلاً» ؟ قال: لإطعامه الطعام يا محمد.
 إبراهيم عليه السلام خليل الله ، كيف فسر المفسرون ذلك ؟
 قالوا معنى الخليل ؛ الذي ليس في محبته خلل ؛ فجائز أن يكون سُمي خليلاً لله بأنه الذي أحبه واصطفاه محبة تامة.
 وقيل : والاختلال الفقر وجائز أن يسمى خليل الله أي فقيراً إلى الله تعالىٰ ؛ لأنه لم يجعل فقره ولا فاقته إلاَّ إلى الله تعالىٰ مخلصاً في ذلك.
وقيل : سُمي بذلك بسبب أنه مضى إلى خليل له بمصر لِيمتار ( يشتري ) من عنده طعاماً فلم يجد صاحبه، فملأ غرائره رملاً وراح به إلى أهله فحطّه ونام؛ ففتحه أهله فوجدوه دقيقاً فصنعوا له منه، فلما قدّموه إليه قال: من أين لكم هذا ؟ قالوا: من الذي جئت به من عند خليلك المصريّ؛ فقال: هو من عند خليلي؛ يعني الله تعالىٰ، فسمِّيَ خليل الله بذلك.
 وقيل: إنه أضاف رؤساء الكفار، وأهدى لهم هدايا ، وأحسن إليهم فقالوا له: ما حاجتك ؟ قال: حاجتي أن تسجدوا لله سجدة ؛ فسجدوا فدعا الله تعالىٰ وقال: اللَّهُمَّ إني قد فعلت ما أمكنني ، فافعل اللَّهُمَّ ما أنت أهل لذلك؛ فوفقهم الله تعالىٰ للإسلام فاتخذه الله خليلاً لذلك.
 ويُقال: لما دخلت عليه الملائكة بشبه الآدميِّين وجاء بعجل سمين فلم يأكلوا منه وقالوا: إنا لا نأكل شيئاً بغير ثمن فقال لهم: أعطوا ثمنه وكلوا، قالوا: وما ثمنه ؟ قال: أن تقولوا في أوّله باسم الله وفي آخره الحمد لله، فقالوا فيما بينهم: حق على الله أن يتخذه خليلاً؛ فاتخذه الله خليلاً.
وقيل: معنى الخليل الذي يوالي في الله ويعادي في الله. والخُلّة بين الآدميِّين الصداقة؛ مشتقة من تخلل الأسرار بين المتخالّين.
فإن قال قائل: وما معنى الخُلة التي أُعطيها إبراهيم؟ قيل: ذلك من إبراهيم عليه السلام العداوة في الله والبغض فيه، والولاية في الله والحبّ فيه، على ما يُعرف من معاني الخلة. وأما من الله لإبراهيم، فنصرته على من حاوله بسوء، كالذي فعل به إذا أراده نمرود بما أراده به من الإحراق بالنار، فأنقذه منها، وأعلى حجته عليه إذ حاجه، وكما فعل ملك مصر إذ أراده عن أهله، وتمكينه مما أحبّ، وتصييره إماما لمن بعده من عباده ،  وقدوة لمن خلفه في طاعته وعبادته، فذلك معنى مخالّته إياه.
 وجاء في كتاب (صور من حياة التابعين :212)  الخبر التالي : 
قال أبو عاصم ابن قتادة الليثي: كان إبراهيم عيه السلام يضّيف الناس ، فخرج يوما يلتمس إنسانا يضيفه فلم يجد أحدا ، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائما ، فقال له : يا عبدالله ، من أدخلك داري بغير إذني . فقال الرجل : دخلتها بإذن ربها . قال : إبراهيم عليه السلام : ومن أنت ؟ قال الرجل : أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى أحد عباده أبشره بأن الله قد اتخذه خليلا .
قال إبراهيم عليه السلام : ومن هو ؟ فوالله لو أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد لأتيته ثم لا أبرح له خادما حتى يفرق الموت بيننا . قال ملك الموت : ذلك العبد أنت . قال إبراهيم عليه السلام : أنا ؟ قال ملك الموت : نعم أنت . فتسائل إبراهيم عليه السلام : فيم اتخذني ربي خليلا ؟ قال ملك الموت : إنك تعطى الناس ولا تسألهم .

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

الإيثار شرط الانتصار

الإيثار شرط الانتصار ....!!
نصـر الله تعالى نبيه عليه السلام بأهل المدينة فاستحقوا بذلك لقب الأنصار ، فهم أهل النصـر والانتصار ، أولئك الناس الذين ندر أن يتكرر مثلهم في التاريخ ، فلا ريب أنهم  أهل صفات وأخلاق مميزة ،  ومن أخلاق أهل المدينة التي مدحها الله  ـ  عَــزَّ وَجَـلَّ ـ  خلق الإيثار ، قال تعالى : [ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ { الحشر : 9 }
في وصف إيثار أهل المدينة ما تعارفوا عليه من قصص منها أنه  كان بالمدينة أهل بيت ذوو حاجة ، عندهم رأس شاة، فأصابوا شيئاً، فقالوا: لو بعثنا بهذا الرأس إلى من هو أحوج إليه منا، قال: فبعثوا به، فلم يزل يدور بالمدينة حتى رجع إلى أصحابه الذين خرج من عندهم  .
بهذه الصفة صاروا أنصارا ، وعلَّمونا  أن الإيثار  وحب الخير للآخرين هو علامة الانتصار  ، وأن الإثرة والأنانية هي علامة الهزيمة والانكسار .
مراتب البذل والإنفاق كما ذكر ابن القيم ثلاث:
الأولى:   أن يُعطي من كثير ويلقى عنده الكثير ، فهذه منزلة السخاء.
والثانية:  أن يعطي الأكثر، ويبقي له شيئاً أو يبقي مثل ما أعطى فهذا الجود.
الثالثة:   أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه، وهو مرتبة الإيثار.
فالإيثار هو أن يُقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه وتقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: ما شبع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شئنا لشبعنا، ولكننا كنا نؤثر على أنفسنا.
وجاءت امرأة إلى الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأعطته بردة هدية، فلبسها ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وكان محتاجًا إليها، ورآه أحد أصحابه، فطلبها منه، وقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه.. اكْسُنِيها. فخلعها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأعطاها إياه. فقال الصحابة للرجل: ما أحسنتَ، لبسها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  محتاجًا إليها، ثم سألتَه وعلمتَ أنه لا يرد أحدًا. فقال الرجل: إني والله ما سألتُه لألبسها، إنما سألتُه لتكون كفني ، واحتفظ الرجل بثوب الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  ؛ فكان كفنه.
و في معركة اليرموك معركة النصر العظيم ، انطلق حذيفة العدوي يبحث عن ابن عم له، ومعه شربة ماء. وبعد أن وجده جريحًا قال له: أسقيك؟ فأشار إليه بالموافقة. وقبل أن يسقيه سمعا رجلا يقول: آه، فأشار ابن عم حذيفة إليه؛ ليذهب بشـربة الماء إلى الرجل الذي يتألم، فذهب إليه حذيفة، فوجده هشام بن العاص. ولما أراد أن يسقيه سمعا رجلا آخر يقول: آه، فأشار هشام لينطلق إليه حذيفة بالماء، فذهب إليه حذيفة فوجده قد مات، فرجع بالماء إلى هشام فوجده قد مات، فرجع إلى ابن عمه فوجده قد مات. فقد فضَّل كلُّ واحد منهم أخاه على نفسه، وآثره بشربة ماء وهو بأمس الحاجة إليها .
ومن قصص الأندلس الشائعة في هذا الباب  أن ملكا  إسبانيا أراد أن يغزو إحدى الممالك الأندلسية ، فأرسل فريقا من  أتباعه  ليتفقدوا حال أهل عاصمة تلك المملكة ، فدخلوا السوق وأرادوا  أن يشتري أرزا  من صاحب دكان ،  فقال صاحب الدكان : أنا رزقت (استفتحت) أذهبوا إلى جاري ، فلديه رز  جيدا  مثل الذي عندي .  وبعد حين عادوا أدراجهم ليقولوا لملكهم ما شاهدوه وسمعوه في المدينة،  فقال ملكهم : لن نستطيع هزيمتهم الآن .  وبعد سنين عاد الوفد لنفس المكان،  فسألوا الرجل: نريد كذا وكذا من الرز . فعندما راح يجهز لهم  طلبهم أتى جاره ليقول لهم : عندي أرخص وأفضل  فعلموا أن نفوس المسلمين قد تبدلت ،  وبإمكانهم الآن هزيمتهم .