الاثنين، 12 سبتمبر 2011

الإيثار شرط الانتصار

الإيثار شرط الانتصار ....!!
نصـر الله تعالى نبيه عليه السلام بأهل المدينة فاستحقوا بذلك لقب الأنصار ، فهم أهل النصـر والانتصار ، أولئك الناس الذين ندر أن يتكرر مثلهم في التاريخ ، فلا ريب أنهم  أهل صفات وأخلاق مميزة ،  ومن أخلاق أهل المدينة التي مدحها الله  ـ  عَــزَّ وَجَـلَّ ـ  خلق الإيثار ، قال تعالى : [ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ { الحشر : 9 }
في وصف إيثار أهل المدينة ما تعارفوا عليه من قصص منها أنه  كان بالمدينة أهل بيت ذوو حاجة ، عندهم رأس شاة، فأصابوا شيئاً، فقالوا: لو بعثنا بهذا الرأس إلى من هو أحوج إليه منا، قال: فبعثوا به، فلم يزل يدور بالمدينة حتى رجع إلى أصحابه الذين خرج من عندهم  .
بهذه الصفة صاروا أنصارا ، وعلَّمونا  أن الإيثار  وحب الخير للآخرين هو علامة الانتصار  ، وأن الإثرة والأنانية هي علامة الهزيمة والانكسار .
مراتب البذل والإنفاق كما ذكر ابن القيم ثلاث:
الأولى:   أن يُعطي من كثير ويلقى عنده الكثير ، فهذه منزلة السخاء.
والثانية:  أن يعطي الأكثر، ويبقي له شيئاً أو يبقي مثل ما أعطى فهذا الجود.
الثالثة:   أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه، وهو مرتبة الإيثار.
فالإيثار هو أن يُقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه وتقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: ما شبع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شئنا لشبعنا، ولكننا كنا نؤثر على أنفسنا.
وجاءت امرأة إلى الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأعطته بردة هدية، فلبسها ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وكان محتاجًا إليها، ورآه أحد أصحابه، فطلبها منه، وقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه.. اكْسُنِيها. فخلعها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأعطاها إياه. فقال الصحابة للرجل: ما أحسنتَ، لبسها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  محتاجًا إليها، ثم سألتَه وعلمتَ أنه لا يرد أحدًا. فقال الرجل: إني والله ما سألتُه لألبسها، إنما سألتُه لتكون كفني ، واحتفظ الرجل بثوب الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  ؛ فكان كفنه.
و في معركة اليرموك معركة النصر العظيم ، انطلق حذيفة العدوي يبحث عن ابن عم له، ومعه شربة ماء. وبعد أن وجده جريحًا قال له: أسقيك؟ فأشار إليه بالموافقة. وقبل أن يسقيه سمعا رجلا يقول: آه، فأشار ابن عم حذيفة إليه؛ ليذهب بشـربة الماء إلى الرجل الذي يتألم، فذهب إليه حذيفة، فوجده هشام بن العاص. ولما أراد أن يسقيه سمعا رجلا آخر يقول: آه، فأشار هشام لينطلق إليه حذيفة بالماء، فذهب إليه حذيفة فوجده قد مات، فرجع بالماء إلى هشام فوجده قد مات، فرجع إلى ابن عمه فوجده قد مات. فقد فضَّل كلُّ واحد منهم أخاه على نفسه، وآثره بشربة ماء وهو بأمس الحاجة إليها .
ومن قصص الأندلس الشائعة في هذا الباب  أن ملكا  إسبانيا أراد أن يغزو إحدى الممالك الأندلسية ، فأرسل فريقا من  أتباعه  ليتفقدوا حال أهل عاصمة تلك المملكة ، فدخلوا السوق وأرادوا  أن يشتري أرزا  من صاحب دكان ،  فقال صاحب الدكان : أنا رزقت (استفتحت) أذهبوا إلى جاري ، فلديه رز  جيدا  مثل الذي عندي .  وبعد حين عادوا أدراجهم ليقولوا لملكهم ما شاهدوه وسمعوه في المدينة،  فقال ملكهم : لن نستطيع هزيمتهم الآن .  وبعد سنين عاد الوفد لنفس المكان،  فسألوا الرجل: نريد كذا وكذا من الرز . فعندما راح يجهز لهم  طلبهم أتى جاره ليقول لهم : عندي أرخص وأفضل  فعلموا أن نفوس المسلمين قد تبدلت ،  وبإمكانهم الآن هزيمتهم .

ليست هناك تعليقات: