الاثنين، 19 سبتمبر 2011

الأرواح جنود مجندة .. !!

الأرواح جنـودٌ مجنّـَدة
يقول الله تعالى في سورة مريم :
[إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [
ورد في صحيح البخاري عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ ـ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ  قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  يَقُولُ :
" الأَرْوَاحُ جُنُـودٌ مُجَنَّـدَةٌ فَمَا تَعَـارَفَ مِنْهَا ائْتَـلَفَ وَمَا تَنَـاكَرَ مِنْـهَا اخْتَلـَفَ "
في هذا الحديث تشبيه لتجمع الناس مع أشباههم مثل فرق الجنود، فالمشاة مع المشاة ،والبحرية مع البحرية ، والمظليون مع المظليين ، وفي الواقع الأخيار مع الأخيار ، والأشرار مع الأشرار ، الصائمون مع الصائمين ، والمفطرون مع المفطرين ، هكذا اجتمع بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، وهكذا تآخى الأنصار والمهاجرون ، ونجد أن المنافقين كان بعضهم يميل إلى بعض، ويتناجون فيما بينهم بالإثم في مجلس النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وفي الجهاد أيضا ينكصون معا .
 فأرواح الصالحين تقودهم لتجْمعهم بلا ميعاد ولا ترتيب، وكأنها مبرمجة تقود الأجساد نحو أشباهها من الناس، فينجذب كلٌ لشبيهه، ولهم في ذلك حكايات كثيرة منها ... 
خرج إمام أهل السنة أحمد بن حنبل من السجن وقد ضعف جسمه وسرت الأمراض في أوصاله من شدة التعذيب وطول المدَّة، ولكن همته بقيت ثابتة ثبوت عقيدته في قلبه، وجاء أصحابه يزورونه ويهنئونه بالثبات على الحق، وكان للإمام أحمد صديق حبيب إلى قلبه ـ رغم أنه كان يخالفه كثيرا في مسائل الفقه ـ  هو إسحاق بن راهويه ،و يذكر الإمام  أحمد عن أبن راهويه ـ رغم الخلاف ـ   فيقول :"  لم يعبُر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق بن راهويه وإن كان يخالفنا في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً " . وله مع صديقه قصة طريفة . .  
والقصة رواها ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد عن ابن الجوزي،على لسان عبد الله بن الإمام أحمد قال  : 
"   لما أُطلق أبي من المحنة خَشي أن يجئ إليه إسحاق بن راهويه،  فرحل أبي إليه،  فلما بلغ الرَّي دخل إلى مسجد فجاء مطر كأفواه القرب،  فلما كانت العتمة قالوا له:  أُخرُج من المسجد فإنا نريد أن نغلقه.
 فقال لهم:  هذا مسجد الله وأنا عبد الله !!
فقيل له: بعد كَري الصناع ما أعطيناهم ـ أي كلفنا أموال كثيرة دفعناها للصناع حتى صار مسجدا ـ أيما أحبُّ إليك تخرج أو نجرُّ برجلك.!!
 قال أحمد، فقلت: سلاماً.
 فخرجت من المسجد والمطرَ والرعد والبرق، فلا أدري أين أضع رجلي، ولا أين أتوجه، فإذا رجل قد خرج من داره فقال لي: يا هذا أين تمرُّ في هذا الوقت؟
 فقلت: لا أدري أين أمر .
فقال لي:  أدخل .
فأدخلني داراً ونزع ثيابي وأعطوني ثياباً جافة، وتطهرت للصلاة ، فدخلت إلى بيت فيه كانون فحم ولبود ومائدة منصوبة.
فقيل لي:كُل، فأكلت معهم .
فقال لي: من أين أتيت؟ فقلت:  من بغداد. 
فقال لي:  تعرف رجلاً يُقال له أحمد بن حنبل؟
 فقلت:  أنا أحمد بن حنبل.
 فقال لي: وأنا إسحاق بن راهويه .
فسبحان الذي جمع بين أهل المحبة في الليل بغير وسيلة ولا ميعاد، فالأرواح جنود مجندة تتعارف وإن بعد السفر وطال الزمان .
اللهم اكتب لنا ولوالدينا رفقة محمد الأمين والصحابة والصالحين في جنات النعيم .

ليست هناك تعليقات: