الخميس، 29 سبتمبر 2011

الرفيع والوضيع ..

الرفيـــع والوضيــع  ...
ضرب الله مثلا لأهل الخسّة من الناس :
[وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ] { الأعراف : 176}  .
المسلم صاحب هم وصاحب همّة ، صاحب إرادة على التغيير نحو الأرقى والأنقى في طريقه إلى جنان الرحمن سلعة الله الغالية؛ قال رسول الله  ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  :
" ..  وأحب الأسـماء إلى الله عبـد الله وعبد الرحمن، وأصدقهـا حـارث وهمـام " .
قال المنذري: وإنما كان حارث وهمام أصدق الأسماء لأن الحارث الكاسب، والهمام الذي يهمّ مرة بعد أخرى ..
ولكن أين يتجه همُّ المسلم ؟
روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رضي الله عنه ـ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ:
 ( مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ ) .
وعن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ ـ  رضي الله عنه ـ  قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: ((سَلْ)). فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: ((أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ)). قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: ((فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)). [رواه مسلم].
يقول ابن القيم -رحمه الله-: "وقد أجمع عقلاء كل أمة، على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأن بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا همّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلاً استراح طويلاً، إنما تُخلق اللذة والراحة والنعيم في دار السلام، وأما في هذه الدار فكلا ".
إذا هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يُدرِك المَفَاخِر، من رضي بالصف الآخر.
قال ابن الجوزي -رحمه الله ـ  في صيد الخاطر:
قال الكلب للأسد: يا سيد السباع غيّر اسمي فإنه قبيح، فقال له: أنت خائن لا يصلح لك غير هذا الاسم. قال:  جرِّبني.
فأعطاه قطعة لحم، وقال له: احفظ هذه إلى الغد، وأنا أغيّر اسمك.
أخذ الكلب قطعة اللحم وبعد زمن جاع الكلب وجعل ينظر إلى اللحم ويصبر، فلما غلبته نفسه قال: وأيّ شيء في اسمي؟ وما كلب إلا اسم حسن، فأكل اللحم.
قال ابن الجوزي: "وهكذا خسيس الهمة، القنوع بأقل المنازل، المختار لعاجل الهوى على آجل الفضائل، فالله .. الله في حريق الهوى إذا ثار وانظر كيف تطفئه".
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:  
العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب .

ليست هناك تعليقات: