الأحد، 25 سبتمبر 2011

الخطوة الأولى في السير اخلع نعليك ..

الخطوة الأولى في الطريق :
اخـلع نعليـك  ..!!    
في طريق عودة سيدنا موسى،  عليه السلام، من مدين إلى مصر رأى نارا، فذهب إليها لكي يأتي أهله بقبس، أو يجد على النار هدى، وهناك خاطبه رب العزّة:
[ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ] { طه: 12}
موسى ـ عليه السلام ـ  كان يسير في واد وعر صحراوي كثير الشوك ، ولكن عند لحظة تلقِّي كلام الله تعالى  وأخذ الهدى منه فأول ما يجب فعله هو التواضع ، فالله أمره بخلع نعليه ليعلمه التواضع لربه حين ناداه، فإن نداء الله لعبده أمر عظيم، يستوجب من العبد كمال التواضع والخضوع وإظهار المهابة .
وأرشدنا رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  إلى أول آداب العلم فقال : ( تعلموا العلم وتعلموا السكينة والوقار وتواضعوا لمن تتعلمون منه ولا تكونوا جبابرة العلماء )   
قال لقمان الحكيم :  لكل شيء مطيّة ومطيّة العلم التواضع " .
كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ  إذا مرَّ بالصبية يتدارسون الحديث في المسجد جلس معهم وأحسن الاستماع، فإذا انتهوا قام،  وقال: والله لقد سمعته حيّاً نديّاً من فم رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وهم في أصلاب آبائهم، وما أجلسني إلا تواضعي للعلم وحبي لرسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  .
وكان أبو حنيفة يجلس بين يدي مالك كالصبي، مع أنه أكبر منه سنّاً، وكان الشافعي يقول للإمام أحمد: أنتم أعلم مني بالحديث، فإذا صحَّ عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نأخذ به، مع أن الشافعي أكبر وأشهر أهل زمانه.
عَهِدَ الخليفة هارون الرشيد للأصمعي بتربية وتعليم وتأديب ولديه الأمين والمأمون، فكان الاصمعي يربي ويعلم ويؤدب، وفي ذات يوم وبينما كان هارون الرشيد يهم بالخروج من المسجد رأى الأمين والمأمون يتسابقان وكل منهما يمسك بفردة حذاء كي ينتعل معلمهما الاصمعي، فوقف هارون الرشيد يسأل الأصمعي : من أعزُّ الناس في عصري يا أصمعي..فقال له : ومن أعزُّ منك يا أمير المؤمنين ! فقال له هارون الرشيد، أعز الناس من يتسابق وليّا عهدي في تقريب نعله إليه ...
فالتواضع هو أول خطوة في التعليم ، وذلك لأن التواضع يجعل المتعلم يخضع للحق وينقاد له، وسُئِلَ الفضيل بن عياض ـ  رحمه الله  ـ عن التواضع فقال:  
" أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته "
وأن لا يستنكف عن أخذ العلم عن غيره، ولو من صبي أو عامي، أو شريف، أو طريف، فإن الحكمة ضالة المؤمن، يلتقطها أين كانت، فالفاضل يستفيد من المفضول ما ليس عنده، فقد روى كثير من الصحابة عن بعض التابعين، ونقل عن سعيد بن جبير ـ رحمه الله تعالى ـ  أنه قال : " لا يزال الرجل عالما ما تعلم، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون  "
وكان يقال: لا تنظر إلى من يقول، ولكن انظر لما يقول، الحكمـة ضالـة المؤمـن، فخـذ الحكمـة ولـو مـن أهـل النفـــاق, فتواضع لمن تتعلم منه لكي يستقرّ العلم في نفسك ولا تتعالى
فالعلم حربٌ للفتى المتعالي                   كالسيّل حربٌ للمكانِ العالي
لو سألتني:  ما هي أول خطوة في إصلاح التربية والتعليم في البلاد العربية ؟
لأجبت: بأن نقلب ترتيب المواد في الشهادة المدرسية، فنجعل العلامة الأولى لاحترام لنظام والنظافة والترتيب

ليست هناك تعليقات: