الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

شهيد في النار

( شهيد ) في النار..!!
وقال الله تعالى: [وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]{ آل عمران:161}
 ويقول النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : (  أدوا الخيط والمخيط ( الإبرة ) وإياكم والغلول فأنه عار على صاحبه يوم القيامة ) .
عن أبي هريرة  ـ رضي الله عنه  ـ قال:
" افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة، إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط ، ثم انصـرفنا مع رسول الله  ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  إلى وادي القُرى ومعه عبد له يقال له مِدْعَم، .. فبينما هو يحطُّ رحْلَ رسول الله  ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  إذ جاءه سهمٌ حتى أصاب ذلك العبد ، فقال الناس: هنيئا له الشهادة. فقال رسول الله  ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ :  ( بل والذي نفسـي بيده إن الشملة ـ تشبه الكوفية اليوم أو اللفحة ـ التي أصابها يوم خيبر من المغانم ولم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا)  فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي  ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  بشـراك أو بشـراكين،  فقال :  هذا شيء كنت أصبته .  فقال رسول الله  ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  :  شراك أو شراكان من نار ) والشراك سير النعل على ظهر القدم .
الكبيرة التي أصابها مدعم خادم النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هي الغُلول  ، فما هو الغُلول ؟
في صحيح مسلم من حديث عدي بن عميرة قال سمعت رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  يقول:( من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا ( إبرة ) فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة،  ومن استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول ) .  
الغلول هو أن يأخذ الإنسان من الأموال العامة ما ليس له ، أو يسخر أدوات وظيفته أو نفوذه لنفع نفسه وقرابته ، لا لخدمة الناس وهو ما أجلس على كرسيه إلا لأجلهم ، وهذا من الظلم العظيم ، الذي يجر المجتمع إلى فساد عريض ، وصاحبه متوعد بالعقوبة الشديدة في الكتاب والسنة.
فمن غلَّ شيئا لا حق له فيه دون المسلمين، جاء يحمله على ظهره يوم القيامة ليحاسب عليه .
فإذا كان الغال يؤاخذ بسير النعل الذي لا يساوي شيئا فكيف بالمليارات  ؟!
 فيا ويل من استحلوا الأموال العظيمة بمجرد وصولهم إليها، وائتمانهم عليها، ويلهم، ماذا سيحملون يوم القيامة من أوزار تقصم ظهورهم ؟ وما جوابهم لربهم حين يسألهم ؛ إذا كان سبحانه قد عذب أشخاصا في قبورهم في شملة وعباءة  وسير نعل ، فما أعظم الأمر وقد تساهل الناس به ، وما أكثر الواقعين فيه !!
والنبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  لم يُصلِّ على صاحب الغلول ، مع أنه ما غلَّ إلا شيئا يسيرا لا يكاد يذكر ؛ كما في حديث زيد بن خالد الجهني ـ رضي الله عنه  ـ عن قصة أخرى  قال :
( إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله ، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين )  { رواه أحمد . .}  
و لقد كان المسك يُوزن بين يدي عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ فيأخذ بأنفه حتى لا تصيبه الرائحة ، فقال له رجل من أصحابه: يا أمير المؤمنين، ما ضرك إن وجدت ريحه؟  فقال ـ رحمه الله تعالى ـ : وهل ينتفع من هذا إلا بريحه؟!  
في زمن الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  كان المال العام يتمثل بالغنائم أولا،  ثم أضيف إلى ذلك الزكاة لاحقاً، أما اليوم فان المال العام هو أموال الضـرائب و المعادن و الأراضي المملوكة للدولة، و أموال وأصول الأوقاف و الوظيفة العامة، و كل ما هو مملوك للمجتمع أو لمجموعة منه، و الغلول في هذه الحالة هو تصرف من أؤتمن على ذلك بها على نحو يخالف الأغراض المخصصة لها ، بما في ذلك اقتطاعها لنفسه آو أقاربه أو معارفه أو غير ذلك من الممارسة التي لا تتفق مع ما حدد له، و يدخل في ذلك الرشوة والمحسوبية و المحاباة الحزبية و غير ذلك من الممارسات.
نسال الله العفو والعافية ، فالغلول اليوم عند الناس شطارة ومهارة  في التغيب عن الوظائف بحجة وبلا حجة  ، وحدث ولا حرج عن استخدام الأموال العامة واستغلال النفوذ ..  

ليست هناك تعليقات: