‏إظهار الرسائل ذات التسميات رمضانيات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رمضانيات. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 6 يوليو 2014

اعرض نفسك على القرآن

اعرض نفسك على القرآن

واعرف أين موقعك من ربك ..
رمضان شهر القرآن بامتياز ففيه نزل ، وفيه تدارسه جبريل عليه السلام مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفيه ترى المسلمين عاكفين عليه قراءة في كل ركن من أركان المسجد ،  ولكن كم قارئا يعرض نفسه على القرآن ليحدد موقعه من المؤمنين . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ , فَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ , وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ " .
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : من كان يحب أن يعلم انه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن فمن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله
أخرج أبو نعيم فى حلية الأولياء وابن عساكر فى تاريخ دمشق عن مطرف بن عبدالله بن الشخير قال: «إنى لأستلقى من الليل على فراشى فأتدبر القرآن، وأعرض عملى على عمل أهل الجنة، فإذا أعمالهم شديدة ﴿َكانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾  و﴿الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً﴾  و ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً﴾ (الزمر: 8) فلا أرانى فيهم.
فأعرض نفسى على هذه الآية ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾  فأرى القوم مكذبين.
وأمر بهذه الآية ﴿وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآَخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾   فأرجو أن أكون أنا وأنتم يا إخوتاه منهم . 

وقفَ بُهلول يوماً يُنادي على طريقٍ يَمُرُّ به هارونُ الرَّشيد، ـ وكان َهارونُ وراءَ الفُرْسانِ ـ فنادَى : يا هارونُ .. قال الخليفةُ : مَنْ الذي يُنادَي؟
فأجابه مَنْ حولَه مِنْ حاشيَتُه: بُهلولُ المَجنونُ . فقالَ الخليفةُ له : أتعْرفنِي يا بُهلولُ ؟  قالَ : نَعَمْ .. أعْرفُكَ
قالََ هارونُ : مَنْ أنا ؟
قالَ : أنتَ الذي لو ظُلِمَ أحَدٌ في المَشْرقِ وأنتَ في المَغربِ لسألَكَ اللهُ تعالى عنْه يومَ القيامة.
فبكى هارونُ وقالَ: يا بُهلولُ كيف ترى حالِي؟
قالَ: اعْرضْ نَفسَكَ على آيَةٍ مِنْ كِتابِ اللهِ تعالى ) إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (
قالَ : وأينَ عَمَلِي؟   قالَ  ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِين)
قالَ : وأيْنَ قرابتِي مِنْ رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قالَ: ( فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ(
قالَ : وأيْنَ شفاعةَ رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟  قالَ ( يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ )
قالَ : يا بُهلولُ ، مالَكَ حاجةً نقضيها لك ؟ قالَ : نعَمْ .
قالُ هارونُ: وما هي؟   قالَ : تغفِرُ ذنوبي، وتُدْخِلَني الجنَّةَ .

قالَ هارونُ : ليس هذا بيدي يا بُهلولُ . قالَ : فلأيِّ شيءٍ إذَنْ تقولُ ألكَ حاجة نقضيها ؟!

الجمعة، 4 يوليو 2014

مواعظ رمضانية ـ 2 ـ لا تقتلوا صلاتكم


خشوع القلب هو روح الصلاة ، إذا غاب صارت حركات رياضية ، ومن الناس هذه الأيام من يعمل على قتل روح الصلاة بروحه الرياضية التي ليست في محلها.وأنت تدخل معه المسجد يحدثك عن آخر أخبار المونديال ..
وأنت تخلع نعليك يغتاب الإمام ويذكر إطالته في القراءة ، فيؤخره عن متابعة مباراة الليلة ..
بعد ركعتي تحية المسجد يحدثك عن حرارة الطقس ، وعن سوء التكييف في المسجد وعن توقيف بعض المباريات لشدة الحرارة وارتفاع درجة الرطوبة ..
ويستمع لموعظة عن تحريم الغيبة التي تشبه أكل لحم الميت ، فيشرح لك عن لاعب الأروغواي الذي عض زميله ..
عاشق كرة القدم هذا يقتل فيك روح الصلاة في رمضان وهو لا يدري ..
روي أن القاضي أبا يوسف تلميذ أبي حنيفة سال الإمام الزاهد حاتم الأصم الذي كان يلقب لقمان الأمة لحكمته عن كيفية الصلاة ، فقال حاتم :
ـ تجعل الكعبة بين حاجبيك ، والميزان نصب عينيك ، و الصراط تحت قدميك ، والجنة عن يمينك و النار عن شمالك ، وملك الموت خلفك يطلبك ، و ﻻ تدري بعد ذلك أقبلت صلاتك أم رُدت عليك !!قال تعالى : (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ  ) 
وقال تعالى :  ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ )
وقال رسول الله ـ  صلى  الله عليه وسلم ـ : (صلِّ صلاة َمودعٍ ، كأنك تراه ، فإن كنت لا تراه ، فإنه يراك )وفي السنن عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها.
فكم هدفا حققت بصلاتك ؟ 

السبت، 28 يونيو 2014

شهر رمضان .. شهر الربيع


شهر رمضان .. شهر الربيع

سيقول قائل كيف تقول أن شهر رمضان شهر الربيع ، ونحن في أوج الصيف ودرجة الحرارة هذه الأيام أعلى بثماني درجات من معدلها العام .. ؟؟نعم إخوتي الصائمين ، شهر رمضان هو شهر الربيع ..فشهر رمضان هو شهر القرآن ، والقرآن الكريم ربيع قلب المؤمن وفي الدعاء : اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا ..ورمضان هو شهر الصبر ، والصبر شطر الإيمان ، قال الحكماء : الصبر ربيع القلب . ونصف أعمال الإيمان من الصبر ونصفها من الشكر .والريبع أجود فصول السنة ، وشهر رمضان شهر البذل والصدقات وإطعام الطعام . كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان .والربيع شهر الفرح والحبور والسرور ، وللصائم في رمضان فرحتان : "للصائم فرحتان: فرحه حين يفطر، و فرحة حين يلقى ربه". وإذا كانت فرحة بل العروق بقطرات الماء فرحة لا تعادلها فرحة فكيف بفرحة لقاء الله .ربيع الدنيا بثماره وأزهاره يذكرك بالجنة ، وشهر رمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران ، فطوبى لمن طلب جنة الرحمن من باب الريان ، وتعسا لمن حرم ربيع رمضان وجنان الرحمن ...صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ ، فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً ، قَالَ : " آمِينَ " ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى ، فقَالَ : " آمِينَ " ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً ، فقَالَ : " آمِينَ " ثُمَّ ، قَالَ : " أَتَانِي جِبْرِيلُ ، فقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْتُ : آمِينَ ، قَالَ : وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا ، فَدَخَلَ النَّارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْتُ : آمِينَ ، فقَالَ : وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ : آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ "أيها الأحبة : لنستقبل شهر رمضان كما نستقبل الربيع ، ولنعش رمضان بانشراح صدر وسرور نفس كما نحيا أيام الربيع .. ونسأله أن ينقلنا من جنة رمضان لجنة الخلد عند مليك مفتدر ..

الثلاثاء، 5 مارس 2013

ســـــنة أولـــى صيــــام ....

ســـــنة أولـــى صيــــام  ....

الصلاة أول مرة في المسجد، كالخطوة الأولى للطفل ..
الصيام أول مرة في رمضان كأول يوم في فطامه ..

الصلاة الأولى كالخطوة الأولى، فيها تردد وخوف، فيها إقدام وإحجام، ولكن فيها لذة تسري في الروح تحملك إلى ضفاف السعادة ..
سعادة تشبه تلك الضحكة البريئة المجلجلة التي يطلقها الطفل وقد خطا خطوته الأولى ..  
هذه أول سنة أصوم فيها رمضان، وهذه أول مرة أصلي فيها، فما العمل؟
ما العمل كي أسير في رحلة الإيمان إلى منتهاها ولا أرتد على أعقابي خاسئا؟
ما العمل كي أكمل الرحلة، وأنا أحس في نفسي الضعف، وفي قلبي الشك،  وأخاف أن أرتد زائغا بعد أن هداني الله ؟

الأخ الحبيب  ....اعلم أولا أخي في الله ، أن لحظة التوبة هي لحظة نور وسرور،  لحظة يفرح بها الله تعالى، والملائكة ، والصالحين من عباده..واعلم أنك ما دمت تسأل عن الدين فأنت بخير .. واعلم أخي الحبيب ، أن السير في طريق الإيمان الموصلة إلى رضا الرحمن تحتاج ثلاثة أمور : عــلم وعمـــل وتواصـــي .
العلم في الإسلام لا يأخذ بداية من الكتب ولكن يؤخذ من أهل العلم ، كذلك أخبرنا الرسول _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _:
وقال الإمام الشاطبي :
 " وإن كان الناسُ قد اختلفوا هل يمكن حصول العلم دون معلم أم لا؟ فالإمكان مسلّم به، ولكن الواقع في مجاري العادات: أن لا بدَّ من المعلم، وهو متفق عليه في الجملة " .
فاختر لنفسك شيخا عالما ثقة تسأله عن أمور دينك .
العمل بالدين يحتاج إلى مربٍ من أهل الصلاح والفقه يُقتدى به، وقد قيل :
 لولا المربي ما عرفت ربي ....
 وظيفة المربي أن يأخذ بيدك خطوة خطوة على الطريق المستقيم، وأن تأخذ منه أدب الإسلام في القلب والجوارح، لكي تسير على نور ما تعلمت من العلم على نور الهداية الربانية .
أخي الحبيب ..
وتحتاج إلى مرآة لترى فيها أعمالك، مرآة صافية لا تقعر فيها ولا تحدب، والمؤمن مرآة أخيه ، فاختر لك أخا ناصحا ، تتواصى معه بالحق والصبر، يهدي إليك عيوبك، وتهدي إليه حسنات الدال على الخير.
أخيرا أن تكثر من الدعاء لربك ومولاك أن يأخذ بيدك ويعينك على الثبات على دينه متأسيا برسولك ونبيك محمد –صلى الله عليه وسلم-: "يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك" [مسند أحمد].
{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }  { رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }  { رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}


لا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء ..



نحلق في منطاد شهر رمضان المبارك نحو أفراح الروح  ...
نلقي من صندوق المنطاد شهوات الجسد، ونقدح في قبة المنطاد أنوار الوحي ..
فنسمو نحو الأعالي، نحو تلك القمم السامقة، حيث ملتقى الأنوار الربانية .. 
لأن الصيام وسيلة لغاية..

الوسيلة هي الامتناع عن الأكل والشراب والشهوة من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس بنية التعبد ..
الغاية هي تحقيق حالة التقوى التي تعني الابتعاد عن المعاصي.

الصيام حالة جسدية يمتنع الفم والفرج عن شهوته ..
والتقوى حالة قلبية يكف بها الجسم عن المعاصي ..
لذا يرسب في امتحان رمضان من حرم الجسد ولم يرتقِ بالنفس ..

جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو هريرة  :
(رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر ) .
وأوضح ذلك في الحديث :
( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) .   
هذا الذي يجعل بعض الصائمين يفشلون في الدورة التدريبية التي تستمر طوال شهر رمضان، والمتمثلة في الصيام نهارا والقيام ليلا ، فيرسبون في مدرسة التقوى .

يقول النبي _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _:
( الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - وفي رواية: (ولا يجهل) - فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين )  (متفق عليه عن أبي هريرة).

وقد ورد عن عمر بن الخطاب قوله :
"  ليس الصيام من الشراب والطعام وحده، ولكنه من الكذب والباطل واللغو" .  
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري:
" إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمأثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء " .  
وروى طليق بن قيس عن أبي ذر قال:
"  إذا صمت فتحفظ ما استطعت. وكان طليق إذا كان يوم صيامه، دخل فلم يخرج إلا إلى صلاة " .

وكان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا: " نُطهر صيامنا.
وعن حفصة بنت سيرين من التابعين قالت: الصيام جنة، ما لم يخرقها صاحبها، وخرقها الغيبة!.
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: الكذبُ يفطِّر الصائم!.
وعن ميمون بن مهران: إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب.

قال العلماء :
"  أن المعاصي لا تبطل الصوم، كالأكل والشرب، ولكنها قد تذهب بأجره، وتضيع ثوابه" .
لأنها تفقد الصيام الغاية والجوهر والمضمون، وتبقي الوسيلة والشكل والقشرة ..

يا رب نسألك حقيقة الصيام، وحقيقة القيام، وتقوى القلوب
ونعوذ بك من الشقاق والنفاق والرياء، إنك أنت مقلب القلوب ..
اللهم إذا أعطيتنا الاسم فلا تسلبنا المعنى ..  

آيــــــــة الدعـــــــاء ....

آيــــــــة الدعـــــــاء ....

آية كريمة ألقاها الوحي بين آيات الصيام، فقطعت السياق، ولم تقطع التناسق ..
آية اعتصرت قلوب الفقهاء بالحكم البليغة ...
آية سماها العلماء: آية الدعاء ..
هي قول الحق عز وجل في سورة البقرة:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [ البقرة : 186 ]

وفي سبب نزول هذه الآية:
 روى ابن أبي حاتم والطبري في تفسيريهما أن أعرابيا قال يا رسول الله: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _  فأنزل الله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ..

لفت نظر المفسرين في هذه الآية أمور منها:
أولا : الآية جاءت بين آيات الصيام في سورة البقرة، فالآية قبلها
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }
 والآية التي بعدها أيضا تتحدث عن أحكام الصيام :
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }.
 والفصل بين المتلازمين يعني أن هناك أمرا يُراد إبرازه، والحكمة من ذكر الدعاء بين آيات الصيام أن الدعاء في شهر رمضان له شأن عظيم، فهو أقرب للاستجابة، كما في الحديث الشريف: ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام يوم القيامة ونتفتح لها أبواب السماء ويقول: بعزتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين. ( رواه أحمد/ 305)

ثانيا: إذا استعرضنا الأسئلة الموجّه للرسول_ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _ في القرآن وجدنا أن الله تعالى يوحي إليه الجواب مبدوءا بلفظ قل، ومن أمثلة ذلك :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ  [ 189 ]
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ [ 217]
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ [ 222]
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [ 219 ]
أما في هذه الآية فجاء الجواب مجردا من لفظ قل، وجاءت مباشرة من الله تعالى بلفظ ( فإني قريب ) وهذا باب عظيم من أبواب العقيدة يفيد يقينا أن لا واسطة بين العبد وربه، بل كما قال اله تعالى :
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16)}[
وكما قال تعالى : ( وهو معكم أينما كنتم ) .

ثالثا : هناك سرٌّ  في قوله تعالى في قوله ( إذا دعان) فالمعلوم أن قوله تعالى : (وأجيب دعوة الداعي ) يفيد أنه سيدعو، فما السر في ( إذا دعان )  ؟!
 نعم إن هناك سرا عظيما في التعقيب بهذه العبارة ذلك أن قوله ( إذا دعان ) يفيد إذا دعاني أنا لا غيري،  ولولا ذلك لقال إذا دعا .
 كما أن إذا في قوله تعالى ( إذا دعان) تفيد الظرفية الرمانية، أي أنه يستجيب الدعاء وقت الدعاء، وذلك بشرط أن يستجيبوا لله تعالى ويؤمنوا به .

أخي الحبيب ..
شهر رمضان شهر صيام متواصل، يتخلله فاصل من الإفطار في الليل، لقوله تعالى : { وأتموا الصيام إلى الليل } والدقائق التي تفصل بين الصيام والإفطار، سواء أكانت في السحر أم قبل الغروب، دقائق ثمينة غالية، فهي ساعة استجابة فلنغتنمها بالدعاء ..

الثلاثاء، 26 فبراير 2013

لكل شيء حقيقة ....!!


لكل شيء حقيقة ....!!

لكل شيء حقيقة تدلُّ عليه وتثبته، قضية فطرية يدركها الصغار والكبار ، لأن لكلِّ شيء دليل يدل عليه ، ويتفاوت الناس في إدراك الدليل ، تفاوتهم في النضج والمعرفة .الصغار في بلادنا لديهم طرق لطيفة في إثبات دليل الصيام  ، فعندما يقول الصغير : أنا صائم يقولون له أخرج لسانك ، فإذا كان اللسان أحمر ورديَّا ، فيقولون له لا أنت مفطر ، أما إذا كان ورديا مائلا للبياض فيقولون نعم أنت صائم ، وبعضهم تعلّم أن يكشف عن الصوم من خلال جلد ظاهر اليد ، فيمسك الجلد بين الأصابع فإذا كان رخوا كان الصغير صائما ، وإذا كان مشدودا كان الصغير مفطرا ، وعند الكشف وظهور الإفطار يتهكمون عليه منشدين  :" يا مفطر رمضان الله يا قليل دينك          كلبتنا السمرا تشـحوط مصارينك "في هذه الكلمات البسيطة البريئة معانٍ عميقة توافق ما جاء عن الصيام ، أولها أن رمضان لله ، ويوافق ذلك ما جاء في الحديث القدسي : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )  ، وثانيها أن الإفطار دليل على قلّة الدين ، و المفطر شخص دينه ضعيف وقليل ، وثالثها أن المفطر في رمضان هو شخص غلبت عليه شهوة بطنه ، وقدمها على دينه ، لذلك يستحق العقاب بأن ( تشحوط)  الكلبة السمراء ـ رمز الشراهة والسوء وقرينة الشياطين ـ  أمعاءه التي قدَّم طلبها على أوامر الله تعالى ، ورابعها أن عاجل العقاب والثواب هو ما يُفضِّله الأطفال  .   يفعل الصغار ذلك لأنهم يعرفون بالفطرة أن الشيء يحتاج إلى دليل أو لكل شيء حقيقة تدل عليه ، فالدليل السلوكي هو الذي يثبت ما في القلب أو ينفيه  ، وكذلك تعارف العلماء أن الإيمان في جوهره ما وقر في القلب ونطق به اللسان وصدقت به الجوارح .جاء في كتاب ( قبسات من حياة الصحابة ) أخرج ( ابن عساكر ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال :( إن الرسول دخل المسجد ، والحارث بن مالك راقد ، فحرَّكه برجله ، وقال : ارفع رأسك ، فرفع رأسه ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فقال النبي : كيف أصبحت يا حارث بن مالك ؟ قال : أصبحت مؤمنا حقا . قال : إن لكل شيء حقيقة ، فما حقيقة ما تقول ؟ قال : عزفت عن الدنيا ، وأظمأت نهاري ،و أسهرت ليلي ، وكأنّي أنظر إلى عرش ربي ، وكأني انظر إلى أهل الجنة فيها يتزاورون ، وإلى أهل النار يتعاوون ، فقال النبي : أنت امرؤ نوّر الله قلبك ، عرفت فالزم . وفي رواية : قال : يا رسول الله ، ادعُ لي بالشهادة ، فدعا له ، فقال : فنودي يوما : يا خيل الله اركبي ، فكان أول فارس ركب ، وأول فارس استُشهد )
الحديث يشير إلى فضل الزهد في الدنيا وصيام النهار وقيام الليل ، تلك الطاعات التي تجعل زجاجة القلب دُريَّة شفافة يكاد المرء منها يرى ملكوت الله وجنته وناره .ومن حديث سويد بن الحارث قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ  ، فلما دخلنا عليه وكلمناه ، أعجبه ما رأى من سمتنا وزينّا فقال : ( ما أنتم ؟) قلنا : مؤمنون فتبسم رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ  وقال : ( إن لكل قول حقيقة ، فما حقيقة قولكم إيمانكم ؟ ) قلنا : خمس عشرة خصلة ، خمس منها أمرتْنَا بها رسلك أن نؤمن بها ، وخمس أمرتنا أن نعمل بها ، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية ، فنحن عليها الآن ، إلا أن تكره منها شيئاً ، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ : ( وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها )؟ قلنا : أمرتنا أن نؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، والبعث بعد الموت . قال ( وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها)؟ قلنا: أمرتنا أن نقول : لا إله إلا الله ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، ونصوم رمضان ، ونحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً، فقال ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ : (وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية ؟) قالوا : الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء ، والرضاء بمر القضاء ، والصدق في مواطن اللقاء ، وترك الشماتة بالأعداء . فقال رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ   : ( حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء ) ثم قال : وأنا أزيدكم خمساً ، فتتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون ، فلا تجمعوا ما لا تأكلون ، ولا تبنوا ما لا تسكنون ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غداً تزولون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون ، وارغبوا  فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون )).

باب الكريم لا يٌغلق ..


يقول الله عز وجل في محكم كتابه في أواخر سورة الفرقان :
﴿ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ آثاما (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ( 69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70 ) ﴾ .

هو باب مفتوح في كل الأوقات  لا يغلق أبدا ، لا في الليل ولا في النهار ، مادام في الإنسان عروق تخفق ، وفي الأرض شمس تُشرق  ، هل تعرفونه ؟!
هو باب واسع  يسير الراكب في عرضه سبعون عاما ما بين مصراعيه ولا يبلغهما ، لو دخلته أمَّة الثقلين من الإنس والجن وفي نفس اللحظة لدخلوه دون أن يحدث أيُّ ازدحام أو أيُّ تأخير ، هل تعرفونه  ؟!
هو باب لدار  صاحبها كريم  ، يأتيه أبغض الخلق إليه في أيِّ ساعة ومن أيِّ مكان فيفرح صاحب الدار بقدومهم فرحة المسافر في البيداء يجد راحلته التي تحمل ماءه وقوته ، هل تعرفونه  ؟!
هو باب لدار  صاحبها عفوٌّ  يأتي بابه من كفره وعصاه وهجره وجفاه ، ثم جاء يطلب منه ملء الأرض من حاجات ، فيفرح بقدومه ويعطيه ما يُريد ويزيد ، هل تعرفونه ؟!
أسمع القلوب تقول: الباب هو التوبة ، والدار هي الجنة وصاحبها هو الله جل في علاه.
فاسمعوا هذا الحديث وأبشروا :
" جاء شيخ هرم قد سقط حاجباه على عينيه ، وهو يدّعم على عصا، حتى قام بين يديّ النبي فقال : أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلَّها ، فلم يترك منها شيئا ،وهو في ذلك لم يترك حاجّة ولا داجّة ( أي صغيرة ولا كبيرة ) إلا أتاها ، وفي رواية ، إلا اقتطعها بيمينه ، لو قسِّمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم (أي أهلكتهم) فهل لذلك من توبة ؟ قال : فهل أسلمت  قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . قال : تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلَّهن . قال : وغدراتي وفجراتني !  قال : نعم . قال : الله أكبر . فما زال يكّبر حتى توارى.(رواه الطبراني )
ما أعظم كرم الله عزّ وجلَّ ، يقبل التوبة ، ويعفو ، ويبدل السيئات حسنات !
ألم تسمعوا قول الله تعالى في الحديث القدسي  :
{  يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة } (رواه الترمذي )
ما أوسع رحمة الله تعالى ،  وقُتِل الإنسان ما أكفره !!
هذا عن السيئات التي تبدَّل حسنات ، فماذا عن الحسنات التي عملها قبل الإسلام ، تلك مسألة جوابها في الحديث الشريف :
عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي رسول الله أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتِاقة أو صلة رحم أفيها أجر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسلمت على ما أسلفت من خير " ( رواه البخاري ).

الاثنين، 25 فبراير 2013

لا تخرج من رمضان

لا تخرج من رمضان
خروج الثعلب من كرم العنب
 
  هذا رمضان قد لاح هلال إدباره مودعًا ، كما لاح هلال إقباله قادماً ، وهل الدنيا إلا إقبال وإدبار ، ينتقل بينهما المرء من حال إلى حال ؟ ! هذا شهر الصبر يودعنا بهمّة ، وقد ترك معنا ودائع  جمّة ، يرحل وقد زرع فينا أشجارا طيبة ، فهل سنقلعها إذا أقلع؟ 
ترك معنا وديعة صلاة الفجر في جماعة ، فهل سنحفظها إذا غاب ؟
 وترك فينا وديعة قيام الليل فهل سنرعى شجرتها إذا ولّى ؟
ترك فينا شجرة الصدقة وحب المساكين ، فهل سنلقيها وراءه إذا أدبر؟
وزرع فينا عادة الجلوس مع كتاب الله ، فهل سنقفله بعد رمضان كما نفعل في كلّ عام ؟
 يقولون رمضان مدرسة التقوى ، فهل سننجح في امتحان بقية الشهور ؟
 أم سيكون حالنا كحال الثعلب الذي دخل كرم العنب ؟
   يحكى أن ثعلبا هزيلا أنهكه الجوع مرّ على بستان عنب دنت قطوفه حلاوة ونضجا ، فثارت حُمى الجوع في أمعائه ، فجعل يبحث عن مدخلا يعبر منه إلى البستان ، طاف حول السور حتى وجد فتحة صغيرة لتصريف المياه ، تمطى بجسمه النحيل على عادة الثعالب ، ودخل من الفتحة بمشقة ، فالفتحة ضيقة لا تكاد  تسعه ، ولما صار في البستان بين القطوف الدانية ، والظلال الوارفة ، أخذ يأكل من ثمارها ويشرب من مائها ، يأكل ويرتع ويتفيء الظلال ، وعند العصر جاء وقت العُسر ، فقد وصل صاحب البستان وعمّاله ، وعرفوا أن غريبا دخل  البستان ، فصاروا يبحثون عنه بالعصي والكلاب ، وجعل الثعلب يهرب من مكان إلى مكان ، ولما أيقن أن لا خلاص  ولات حين مناص ، طلب الفرار ، وإلا مزقته الكلاب شر ممزق ،  فقصد الثعلب الفتحة التي دخل منها ، وحاول الخروج دون جدوى ، فقد امتلأ بطنه وانتفخ من كثرة ما أكل ، وحاول الخروج مرة بعد مرة  ، وبعد حين عرف أنه لا سبيل للخروج وهو ممتلئ البطن  ، فجعل طرف ذنبه في حلقه ، وتقيء ما في بطنه ، فخرج ملوما مدحورا .
 " الأمور بخواتيمها " ،  واللهو ساعة الحمل ، والشدة عند الولادة ، فاسأل نفسك هل أنت في مقام :
{وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً[
أم أنت في مقام :
{قُلْ هَلْ نُنَبئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ` ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ` أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً ` ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً [