الثلاثاء، 26 فبراير 2013

لكل شيء حقيقة ....!!


لكل شيء حقيقة ....!!

لكل شيء حقيقة تدلُّ عليه وتثبته، قضية فطرية يدركها الصغار والكبار ، لأن لكلِّ شيء دليل يدل عليه ، ويتفاوت الناس في إدراك الدليل ، تفاوتهم في النضج والمعرفة .الصغار في بلادنا لديهم طرق لطيفة في إثبات دليل الصيام  ، فعندما يقول الصغير : أنا صائم يقولون له أخرج لسانك ، فإذا كان اللسان أحمر ورديَّا ، فيقولون له لا أنت مفطر ، أما إذا كان ورديا مائلا للبياض فيقولون نعم أنت صائم ، وبعضهم تعلّم أن يكشف عن الصوم من خلال جلد ظاهر اليد ، فيمسك الجلد بين الأصابع فإذا كان رخوا كان الصغير صائما ، وإذا كان مشدودا كان الصغير مفطرا ، وعند الكشف وظهور الإفطار يتهكمون عليه منشدين  :" يا مفطر رمضان الله يا قليل دينك          كلبتنا السمرا تشـحوط مصارينك "في هذه الكلمات البسيطة البريئة معانٍ عميقة توافق ما جاء عن الصيام ، أولها أن رمضان لله ، ويوافق ذلك ما جاء في الحديث القدسي : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )  ، وثانيها أن الإفطار دليل على قلّة الدين ، و المفطر شخص دينه ضعيف وقليل ، وثالثها أن المفطر في رمضان هو شخص غلبت عليه شهوة بطنه ، وقدمها على دينه ، لذلك يستحق العقاب بأن ( تشحوط)  الكلبة السمراء ـ رمز الشراهة والسوء وقرينة الشياطين ـ  أمعاءه التي قدَّم طلبها على أوامر الله تعالى ، ورابعها أن عاجل العقاب والثواب هو ما يُفضِّله الأطفال  .   يفعل الصغار ذلك لأنهم يعرفون بالفطرة أن الشيء يحتاج إلى دليل أو لكل شيء حقيقة تدل عليه ، فالدليل السلوكي هو الذي يثبت ما في القلب أو ينفيه  ، وكذلك تعارف العلماء أن الإيمان في جوهره ما وقر في القلب ونطق به اللسان وصدقت به الجوارح .جاء في كتاب ( قبسات من حياة الصحابة ) أخرج ( ابن عساكر ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال :( إن الرسول دخل المسجد ، والحارث بن مالك راقد ، فحرَّكه برجله ، وقال : ارفع رأسك ، فرفع رأسه ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فقال النبي : كيف أصبحت يا حارث بن مالك ؟ قال : أصبحت مؤمنا حقا . قال : إن لكل شيء حقيقة ، فما حقيقة ما تقول ؟ قال : عزفت عن الدنيا ، وأظمأت نهاري ،و أسهرت ليلي ، وكأنّي أنظر إلى عرش ربي ، وكأني انظر إلى أهل الجنة فيها يتزاورون ، وإلى أهل النار يتعاوون ، فقال النبي : أنت امرؤ نوّر الله قلبك ، عرفت فالزم . وفي رواية : قال : يا رسول الله ، ادعُ لي بالشهادة ، فدعا له ، فقال : فنودي يوما : يا خيل الله اركبي ، فكان أول فارس ركب ، وأول فارس استُشهد )
الحديث يشير إلى فضل الزهد في الدنيا وصيام النهار وقيام الليل ، تلك الطاعات التي تجعل زجاجة القلب دُريَّة شفافة يكاد المرء منها يرى ملكوت الله وجنته وناره .ومن حديث سويد بن الحارث قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ  ، فلما دخلنا عليه وكلمناه ، أعجبه ما رأى من سمتنا وزينّا فقال : ( ما أنتم ؟) قلنا : مؤمنون فتبسم رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ  وقال : ( إن لكل قول حقيقة ، فما حقيقة قولكم إيمانكم ؟ ) قلنا : خمس عشرة خصلة ، خمس منها أمرتْنَا بها رسلك أن نؤمن بها ، وخمس أمرتنا أن نعمل بها ، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية ، فنحن عليها الآن ، إلا أن تكره منها شيئاً ، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ : ( وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها )؟ قلنا : أمرتنا أن نؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، والبعث بعد الموت . قال ( وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها)؟ قلنا: أمرتنا أن نقول : لا إله إلا الله ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، ونصوم رمضان ، ونحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً، فقال ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ : (وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية ؟) قالوا : الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء ، والرضاء بمر القضاء ، والصدق في مواطن اللقاء ، وترك الشماتة بالأعداء . فقال رسول الله ـ صلّى الله عليهِ وسلَّم ـ   : ( حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء ) ثم قال : وأنا أزيدكم خمساً ، فتتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون ، فلا تجمعوا ما لا تأكلون ، ولا تبنوا ما لا تسكنون ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غداً تزولون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون ، وارغبوا  فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون )).

ليست هناك تعليقات: