الأحد، 24 فبراير 2013

رجـل من أهـل الجنـة

رجـل من أهـل الجنـة

سمعت أحدهم يقول شيئا أثار في نفسي شجونا ، قال :
يبيت الأمريكي ليله وهو يحلم : كم سيربح في اليوم التالي ، وكم سيوفر في نهاية الأسبوع ، وكم يحتاج ليصير مليونيرا .  
ويبيت الأوروبي وهو يحلم :  أين سيقضى أمسية الغد ، وأين سيقضي إجازة نهاية الأسبوع ، وإلى أي بلد سيسافر في الإجازة السنوية   .  
ويبيت الصيني وهو يحلم : ماذا سيعمل في اليوم التالي ، وكم سينتج في نهاية الأسبوع  ، وكيف سيسيطر على السوق العالمي في العرض السنوي .
ويبيت الياباني وهو يحلم : ماذا سيخترع غدا ، وكيف سيطور ما اخترعه بالأمس ، وكيف سيدهش العالم بصغر حجم اختراعه في نهاية العام  .
أما العربي فيبيت ليله وهو  يحلم : كيف سيغيظ جاره في اليوم التالي ، وكيف سيقهر أهل حارته في الأسبوع القادم ، وكيف (سيماحك) أهل بلده في نهاية العام.  
يسمع المرء قولا يذهب عنه صفحا لأن لا أصل له ولا حقيقة ، فيكون من الذين يمرون باللغو كراما ، ويسمع قولا يثير فيه مواجع لأن فيه شيئا من الواقع الذي لا يحب الناس الاعتراف به جهرا ، ويحبون لو ظلّ بعيدا عن الجرح المدفون تحت قشرة الدم الجافة .
فذهبت أبحث في دفاتر أمتنا العتيقة عن تعزية  أمام هذا الذي يبدو حقيقة .
عن أنس بن مالك قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله r قال : " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنّة " . فطلع رجل من الأنصار تنطُف لحيته من وضوئه ، وقد علّق نعليه في يده الشمال  ، حتى إذا كان الغد قال رسول الله r مثل ذلك ، فطلع على ترتيبه ، فلما كان اليوم الثالث ، قال النبي مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حالته الأولى ، قال فثار عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال : إني لاحيت (غاضبت )  أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاث ليالٍ ، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تنحلُّ يميني فعلت .
فبات عبد الله ليلته عند الرجل  ، فلم يقم الرجل تلك الليلة ، غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله وكبره حتى قام مع الفجر ، فأسبغ الوضوء وأتمه ثم صلى المكتوبة وأصبح مفطرا ، قال ابن عمرو : فرافقته ثلاث ليالٍ وأيامهن لا يزيد على ذلك ، غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا ، فلما مضت الليالي الثلاث كدت أحتقر عمله ، فقلت له : لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ، ولكني سمعت رسول الله r قال ثلاث مرات في ثلاثة مجالس : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلعت أنت ،في أولئك المرات الثلاث ، فأردت أن آوي إليك حتى أنظر ما عملك ، فأقتدي بك لأنال ما نلت ، فلم أرك تعمل كثير عمل ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله r ؟ فقال : ما هو إلا الذي رأيت . قال : فلما رأيت ذلك انصرفت فدعا بي حين وليت ، فقال : ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أحمل في نفسي على أحد من المسلمين غُشًا ولا حسدًا إلى ما أعطاه الله إياه ، وفي كنز العمال  : ولا أنوي له شرا ، ولا أقوله . قال : قلت : هذا الذي بلغ بك ما لا أطيق .
وحدث أن شتم رجل ابن عباس رضي الله عنه ، فقال ابن عباس :
" انك لتشتمني وفيّ ثلاث خصال : إني آتي على الآية من كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم ، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يحكم بالعدل فأفرح به ولعلي لا أتقاضي إليه أبدا ، وإني لأسمع أن الغيث أصاب بلدا من بلاد المسلمين فأفرح به وما لي به من سائمة " .

ليست هناك تعليقات: