الأحد، 24 فبراير 2013

أويــس القـــرني

أويــس القـــرني

مات الأب ، فجاء الحكيم معزِّيـاً  :
ـ يا بني ، لقد مات مَنْ كان يُكرمك الناس مِن أجله ، فأصلح أمرك مع الناس  ليكرمك الناس  .
وماتت الأم ، فجاء الحكيم ناصحـاً :
ـ  يا بني ، لقد ماتت مَنْ كانت تُكرمكَ الملائكة من أجلها ، فأصلح أمرك مع الله لتكرمك الملائكة .
ومات لأحد الصالحين ولد له ، فشوهد قليل الحزن عليه ، وبعد حين ماتت أمه فشوهد شديد الحزن كثير الجزع عليها ، فقيل له في ذلك فقال :
ـ حزني على ابني من أجله ، وحزني على أمي من  أجلي ، فقد انقطع بموتها أيسر سُبُلي إلى الجنة .
وهذا أويس القرني ، أدرك حياة النبي r و أسلم دون أن يراه .
 يبرُّ أمه ، فيرفع الله تعالى درجته فيصير مُستجاب الدعوة ، ويعرف بخبره عمر بن الخطاب المُبَشر بالجنة ، الذي عزّ الإسلام به ، والذي كان ينظر بنور الله ، مقيم العدل في الأرض ، قاهر الفرس والروم ، فينتظره عاما بعد عام ، ليطلب منه أن يستغفر له ،  لأنه رفيع الدرجة عند الله ، كما رفع درجة أكرم خلقه النبي r  أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، وهذا عمر يطلب من أويس أن يستغفر له .
الأبرار يعرفون الأبرار فيطلبونهم ، ويعرفون لهم قدرهم ، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا صاحب فضل .
تحدث الرسول r عن أويس القرني دون أن يراه ، فقال : إنه من أهل اليمن ، وإنه من بلدة قرن ، ومن قبيلة مراد ، مات أبوه وهو يعيش مع أمه وهو بارٌّ بها ، مرض بالبرص فدعا الله تعالى فشفاه ، وبقي من آثاره مثل الدرهم في ذراعيه ، وإنه لسيد التابعين ، ثم قال لعمر بن الخطاب : " إن استطعت أن يستغفر لك فافعل " . فكان عمر حين أصبح أميرا للمؤمنين يسأل حجاج بيت الله الحرام في مواسم الحج : أمنكم أويس القرني؟ فيقولون : لا . فيقول : كيف تركتموه ؟ فيقولون ـ دون أن يعرفوه ـ : تركناه قليل المتاع ، رثَّ الثياب . فيقول لهم : ويحكم لقد حدّث عنه رسول الله : إن استطعتم أن يستغفر لكم فافعلوا . وكان عمر في كل عام ينتظر أويسا .
وتصادف مرّة أن جاء مع حجاج اليمن ، فلقيه عمر ، فأراد أن يستوثق منه . فسأله : ما اسمك؟ قال : أويس . قال : من أي بلاد اليمن ؟ قال : من قرن . قال : من أي قبيلة منها ؟ قال : من مراد . قال : كيف أبوك ؟ قال : أما أبي فقد مات ولي أم تعيش معي ، قال : وكيف حال أمك ؟ قال أويس : أرجو أن أكون بها بارّا . قال عمر : هل مرضتَ قبل ذلك ؟ قال : نعم ، مرضت بالبرص فدعوت الله فشفاني . قال : هل بقي من أثره من شيء ؟ قال : نعم ، في ذراعي مثل الدرهم . وكشف له عن ذراعه ، فلما رأى عمر ذلك اعتنقه ، وقال : أنت الذي حدّث عنك رسول الله r فاستغفر لي . فقال : أنا أستغفر لك يا أمير المؤمنين ؟! قال : نعم . وما زال عمر يلح عليه حتى استغفر له . ثم سأل عمر اويسا عن وجهته بعد موسم الحج ، فقال : إني ذاهب إلى أهل من مراد في العراق . قال عمر : أكتب إلى والي العراق عنك . قال : أقسمت عليك يا أمير المؤمنين ، ألا تفعل ، دعني أسير في غبراء الناس لا يؤبه لي . ( حكايات الصالحين : 219)
وروى أبو نعيم في الحلية ، عن الرسول r : " يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومُضر " .

ليست هناك تعليقات: