الأحد، 24 فبراير 2013

في حبِّ الرســول

في حبِّ الرســول

   قد يمرُّ الرجل على شخص يعرفه أدنى المعرفة ، وليس بينهما خصام فيُلقي عليه السلام . وقد يمرّ الرجل على شخص يعرفه أشد المعرفة ، وبينهما عداوة فلا يُلقي عليه السلام . فهل إلقاء السلام دليل على المعرفة أم على المحبة ؟!
وتمرّ على رجل فاضل ذي مكانة تعرفه ولا يعرفك ، فتحييه ، فيرد التحية ، فهل السلام هنا دليل معرفة أم دليل تعظيم وتقدير  ؟!
وتصادف شخصا فتسأله عن بلده ، فتقول أعرف فيها فلان ، له علي أفضال ،كيف هو ؟  فيقول لك خير الناس ، فترسل له تحية وسلاما ، فهل سلامك دليل معرفة أم برهان عرفان لصاحب فضل ؟!
وكذا كان حال المحبين والعشاق في الأشعار ،  فإذا مرّ بهم نسيم رقيق العطر ، ذكَّرهم بالمحبوب ،  فيُحملون النسيم السلام :
نسيم الصَّبا إن زرت أرض أحبتي          فخُصّـــم منّـي بكلِّ سـلامِ
فالسلام بين الناس رسالة حب ، واحترام ، وتقدير ، واعتراف بالجميل ، فكيف تقول أنك مسلم تحبُّ رسول الله r، ويُذكر بين يديك فلا تسلّم عليه ؟!!
لكي نعتاد  السلام على الرسول r  كلما ذُكر ، علينا أن نحب الرسول ، والمحبة كما يقول الغزالي ثمرة المعرفة ، فتنعدم بانعدامها وتضعف بضعفها وتقوى بقوتها .

ومن قصص حبهم للرسولr   :
بعث الرسول r جيشا فيه ابن رواحة وخالد ، فلما صافُّوا المشركين ، أقبل رجل من المشركين يسبُّ رسول الله r فقال رجل من المسلمين : أنا فلان ابن فلانة ، فسبَّني وسُبَّ أمي وكفَّ عن سَبِّ رسول الله . فلم يزده ذلك إلا إغراء ، فأعاد مثل ذلك ، وأعاد الرجل مثل ذلك ، فقال المسلم : لأن قلتَ ذلك لأرحِّلنَّك بسيفي ، فعاد يسبُّ،  فحمل المسلم عليه فولّى الرجل مُدبرا ، فأتبعه حتى خرق صف المشركين وضربه بسيفه ، فأحاط به المشركون فقتلوه .    

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفضل أسامة بن زيد في فرض العطاء على ولده عبد الله بن عمر ، فلم يزلْ الناس بعبد الله حتى كلّم عمر ، فقال : أتفضلُّ عليَّ مَنْ ليس بأفضلَ منِّي ، ففرضت له ألفين وفرضت لي ألفاً وخمسمائة ولم يسبقني إلى شيء ؟ فقال عمر : فعلت ذلك لأن زيد بن حارثة كان أحبَّ إلى الرسول من عمر بن الخطاب ، ولأن أسامة بن زيد كان أحبّ للرسول من عبد الله بن عمر .

وجاء في البداية والنهاية لابن كثير : حينما رُفع خُبيب بن عديٍّ رضي الله عنه على الخشبة ليُصْلب ناداه نفرٌ من قريش يناشدونه : أتحبُّ أن محمدا مكانك ؟ فقال : لا والله العظيم ، ما أحبُّ أن يفديني بشوكة يُشاكها في قدمه ، فضحكوا منه .
وكان الإمام مالك إذا أراد أن يُحدِّث عن رسول الله r توضأ وجلس على صدر فراشه ، وسرَّح لحيته ، وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة ، ثمّ حدّث ، فقيل له في ذلك ، فقال : أحبُّ أن أعظّم حديث رسول الله . وكان لا يركب في المدينة مع كِبر سنه وضعفه ، ويقول : لا أركب في مدينة فيها جثة رسول الله r مدفونة .

وفي بداية الألفية الثالثة أجرت إحدى الشركات المرتبطة بشركة مايكروسوفت العالمية على الشبكة العالمية استبيانا حول الشخصيات القيادية التي أثرت في مجرى الألفية الثانية تحت عنوان " شخصيات صنعت الألفية الثانية " ، وكان عدد المصوتين أكثر من 140 ألف شخص  ، فحصل على المرتبة الأولى : محمد r ( صناعة القائد : ص 184 ) .

ليست هناك تعليقات: