الاثنين، 25 فبراير 2013

ميـزان لقيـاس صـلاح الحـكام

ميـزان لقيـاس صـلاح الحـكام

 هناك مقياس بسيط للتفريق بين اللص والخادم :
 اللص يدخل البيت خالي اليدين ، ويخرج من البيت ممتلئ اليدين ، والخادم يدخل البيت ممتلئ اليدين ويخرج خالي الوفاض ، وهذا الفرق بين الحاكم اللص والحاكم الخادم ، وفي الحكمة اليونانية القديمة : اجعلوا خيركم خادمكم .
هذا رسول الله  r دخل الرسالة وهو تاجر يُصدر ويَستورد من الشام واليمن ، حتى إذا مات لم يكن في خوانه غير كسرة من رغيف من الشعير ، ذكر ابن عباس : قبض الرسول r ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود على ثلاثين صاعا شعيرا أخذها رزقا لعياله .
 وهذا أبو بكر من أثرياء قريش ،  كان غنيا ًيشترى العبيد في بداية الإسلام ، ولما مرض مرضه الذي مات فيه قال : انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت الإمارة ، فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي ، فنظروا فإذا عبد نوبي يحمل صبيانه ، وإذا ناضح كان يسقي بستانا له ، فبعثوا بهما إلى عمر ، فبكى عمر وقال : رحم الله أبا بكر لقد أتعب مَن بعده تعبا شديدا .
وهذا عمر بن الخطاب من بطون قريش الثرية ، في عهده يفتح الله على المسلمين البلاد ، ويسيّر إليه خزائن كسرى الفرس وقيصر الروم ومقوقس مصر ، ولما طُعِن نجده يطلب من أهله على فراش الموت أن ينظروا في ديونه ليقضوها ، فإذا بها أربعون ألف درهم .
وهذا عمر بن عبد العزيز في شبابه كان يلبس الثوب بستمائة درهم ، ولما صار خليفة جيء له بثوب ثمنه ستة دراهم ، فقال عنه هو على ما أحب لولا أن فيه لينا .
وهكذا شأن الحكام الذين غيروا التاريخ من المسلمين وغير المسلمين .
 الماهماتا غاندي بدأ حياته السياسية بعد عودته من لندن وقد تخرج في كلية الحقوق ، شابا يلبس أغلى الملابس الأوروبية لعائلة ثرية ، وبعد سنوات عاد إلى لندن مفاوضا عن الهند ، ودخل قصر برنغهام وهو حاسر الصدر ، حافي القدمين ، أم تريد أن تسمع قصة مناحيم بيغن أول من نقل الحكم في دولة يهود من اليسار إلى اليمين ، كيف تبرع بقيمة جائزة نوبل للسلام لمنظمة خيرية يهودية ، ومات في شقة مستأجرة حتى سماه بنو جلدته : ملك إسرائيل .
وبذات الوقت تجد الذين ماتوا أغنياء ماتوا صغارا لم يغيروا تاريخا ، فهذا ملك يموت قبل سنوات يقول في مذكراته أنه طلب من جده شراء دراجة فاعتذر لضيق الحال ، ولما مات كان يملك شركات طيران وشركات نقل تطوف العالم ، وهذا رئيس أحد بلادنا العربية يموت وثروته تقدر بستة مليارات دولار وثلث بلده محتلا .
الحاكم الصالح يموت فقيرا ويغيِّر التاريخ ، والحاكم الطالح يموت غنيا ولا يذكر إلا على هامش التاريخ .
هذا حاكم جعل المال تحت قدمه فرفعه المجد إلى الذرى ، وكتب سيرته بحروف من ذهب .
وهذا حاكم جعل المال فوق رأسه فوضعه الطمع تحت الثرى ، ونسي أن يكتب سيرته فالطمع لا يذكر إلا نفسه .
فهلاّ فهمنا الحكمة التي تقول : اجعلوا خيركم خادمكم .

ليست هناك تعليقات: