الأحد، 24 فبراير 2013

جنـــاحـــا المســـــلم

جنـــاحـــا المســـــلم

 أيها الفاني المغرور ، أتحب أن تتشبه بأمة الطيور التي تطير بجناحيها ، أم أنت مولع بأمة الدوابِّ التي تزحف على بطنها أو تمشي على أربع ؟! والله تعالى يقول : ]ومَا مِنْ دآبّةٍ في الأرْضِ ولا طائِرٍ يَطيِرُ بجناحيه إلا أُمَمٌ أمْثَالَكُمْ [ .
 يطير الطائر بجناحين فيرتفعَ في السماء ، ويحلق بعيدا في الأجواء ، فتغبِطه دواب الأرض التي تزحف نحو الجحور ، وقد خاب من دساها  ، والمسلم يطلب جناحين ليسمو بنفسه في ملكوت الله تعالى ، ويحرر نفسه من أدران الدنيا ، وشهوات النفس ، راجيا أن يحلق مع الملائكة أولي الأجنحة في ملكوت الله ،  قاصدا الوصول إلى الجنة ، وقد أفلح من زكاها . 
فما هما جناحا المسلم اللذان بهما يزكِّي نفسه لتعلو وتسمو لعلَّها تصل إلى ما أعده لها الله تعالى ؟!
إنهما صيام النهار وقيام الليل .
قال إسحاق بن سويد عن العُبَّاد : كانوا يرون السياحة : صوم النهار وقيام الليل .
وقال الرقاشي : بطول التهجد تقرّ عيون العابدين ، وبطول الظمأ تفرح قلوبهم عند لقاء رب العالمين .
وذكر ابن الجوزي أن رجلا ناحل الجسم دخل على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فقال له عمر : مالك هكذا ؟ فقال الرجل : ذقت حلاوة الدنيا فرأيتها مرارة ، فاسهرت ليلي ، وأظمأت نهاري .
وقال وهب بن منبه : قيام الليل يشرف به الوضيع ، ويُعز به الذليل ، وصيام النهار يقطع عن صاحبه الشهوات ، وليس للمؤمن راحة دون دخول الجنّة .
وفي حديث رواه الحاكم في المستدرك ، وأبو يعلى في مسنده عن أبي أمامة ، حدثَ رجاء بن حيوة عن أبي أمامة ،  قال :
 أنشأ رسول الله r عزوا فأتيته فقلت : يا رسول الله ، أدع لي بالشهادة . فقال عليه الصلاة والسلام : " اللهم سلّمهم وغنِّمهم .
فغزونا فسلِمنا وغنمنا . ثم أنشأ رسول الله r غزوا آخر ، فقلت : يا رسول الله ، أدع لي بالشهادة . فقال عليه الصلاة والسلام : " اللهم سلمهم وغنمهم " .  فغزونا فسلمنا وغنمنا . ثم أنشأ رسول الله r غزوا ثالثا ، فقلت : يا رسول الله ، إني أتيتك مرتين تدعو لي بالشهادة فقلت : اللهم سلمهم وغنمهم ، فغزونا فسلمنا وغنمنا .ثم أتيته بعد ذلك في الرابعة فقلت : يا رسول الله ، مرني بعمل آخذه عنك ينفعني الله به ؟
قال عليه الصلاة والسلام : " عليك بالصوم فإنه لا مثيل له " .
فكان أبو إمامة وامرأته وخادمه لا يلقون إلا صياما ، فإذا رأى نارا أو دخانا في منزلهم عرفوا أنهم اعتراهم ضيف . ثم أتيته بعد ذلك فقلت : يا رسول الله ، إنك أمرتني بأمر أرجو أن يكون الله قد نفعني به ، فمرني بعمل آخر ينفعني الله به . قال r  :
ـ اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفع لك بها درجة ، وحطّ عنك بها خطيئة
وقال الرسول r لأبي ذر : " يا أبا ذر ، لو أردت سفراً أعددت له عدة ، فكيف سفر يوم القيامة ؟ ألا أنبئك يا أبا ذر ، ما ينفعك ذلك اليوم ؟ قال : بلى ، بأبي وأمي . قال r : صم يوما شديد الحر ليوم النشور ، وصلِّ ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور ، وحج حجة لعظائم الأمور ، وتصدق بصدقة على مسكين ، أو كلمة حق تقولها ، أو كلمة شر تسكت عنها .

ليست هناك تعليقات: