الإ يــمــــان الحـــــــي
سمّى القرآن الكريم الإيمان حياة والكفر موتا ، ووصف المؤمن بالحي والكافر بالميّت ، قال الحيّ القيوم في كتابه الكريم :
]أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [
وقال جلّ وعلا : ] يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [
وقال تعالى : ] تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [
وقال العلماء في تفسير هذه الآية أن الله يخرج المؤمن من الكافر ويخرج المنافق من المؤمن .
فما أهم سمات الكائن الحي ؟
نقول سمات لأن الحياة ما زالت سرّا يُعجِز العلماء ، لذا انصرفوا للبحث عن مظاهرها ، فبحثوا في خصائص الكائن الحي ، فأحصوها في ستة أمور : قابلية النمو ، و القدرة على ترميم الأجزاء أو تبديلها ، والقدرة على التكيف مع المحيط ، والتأثر بالمنبهات ، والقدرة على التناسل .
وإذا عرض المسلم إيمانه على خصائص الحياة ، ستكون :
· قابلية النمو : فهل ينمو إيمانك يوما بعد يوم وعاما بعد عام ؟ والرسول r يقول : " من كان أمسه خيرا من يومه فهو في نقص ، ومن تساوى يوماه فهو مغبون " .
ويقول إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد : لقد صحبته عشرين سنة ، صيفا وشتاء ، حرا وبردا ، ليلا ونهارا ، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه ما كان بالأمس .
· القدرة على ترميم الأجزاء أو تبديلها : هل أنت قادر على تبديل السيئات حسنات من خلال الاستغفار والتوبة النصوح ، والتائب عن الذنب كمن لا ذنب له ؟! الرسول r وهو الذي غفر الله له تعالى ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول : " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّة " . وانظر إلى عمق كلام ابن الجوزي في هذا المجال : من الصفوة أقوام تيقظوا وما ناموا ، وقد سلكوا وما وقفوا ، فهم في صعود وترقٍ ، كلما عبروا مقاما إلى مقام رأوا نقص ما كانوا فيه فاستغفروا .
· القدرة على التكيف : هل تستطيع الحفاظ على إيمانك في الحل والترحال ، في الشدة والرخاء ، في اليسر والعسر ، أم أنت من الذين يعبدون الله على حرف ؟ ! وتدبر قول الله تعالى : ]ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[
· القدرة على التأثر بالمنبهات : هل تغضب لله إذا انتهكت محارمه ، وهل يوجع قلبك إيذاء المسلمين ودين الله ، وهل تفرح بنصر المؤمنين ؟ !
· القدرة على التناسل أو التكاثر : هل تسعى لأن يهدي الله على يديك رجلا ، أو يجدد الله بهمتك سُنَّة ، أو تخترع للمسلمين شيئا يكثرون به عددا وعدّة ؟!
وكما يقاس بتلك السمات إيمان الفرد ، يقاس بتلك الخصائص حياة الجماعة الإسلامية ، والمؤسسة الإسلامية ، والأمة الإسلامية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق