الاثنين، 25 فبراير 2013

الرياح الربانية اليابانية

الرياح الربانية اليابانية

يقول أحد الطيارين : لا يكون الطيار طيارا ناجحا حتى يوقع عقدا مع الموت . وهو بذلك يلخص حقيقة أن الرغبة في التحليق عاليا في الحياة لها ثمن عظيم يجب دفعه .
ومن أشهر فرق الطيران الحربي في العالم ما عرف بالكاميكاز ، والكاميكاز كلمة يابانية تعني الرياح الربانية ، وقصة هؤلاء الطيارين اليابانيين معروفة في الحرب العالمية الثانية ، فقد اتخذوا قرارا جماعيا للقيام بعمليات فدائية انتحارية بطائراتهم ضد سفن التحالف التي كانت تقصف بلادهم ، وتدمر مدنهم وتقتل أبناء جلدتهم ، بعض الروايات تقول أنهم كانوا الف وخمسمئة ، ويصل عددهم في روايات أخرى إلى خمسة ألاف طيار . وفي لقاء مع طيار نجا بأعجوبة ، سأله الصحفي : ما آخر كلمة كنتم تقولونها قبل الاصطدام . فقال : كنت أسمع الطيارين يصرخون : أماه . ويقول عن نفسه أنه لم يعرف له أما طوال حياته ، ولم يتعود على هذه الكلمة ، فلما اقترب من الموت صرخ باسم مغنية يابانية كانت مشهورة في تلك الأيام ، ولكن الحظ لم يحالفه ونجا من الموت بأعجوبة ، وتأسف لأن لم يهتف باسم أمه .
بعد انتهاء الحرب أقام اليابانيون متحفا لتخليد ذكرى أبطال الكاميكاز في طوكيو ، ضم المتحف صور الطيارين وبعض تركاتهم ورسائلهم ، العجيب أن الغرفة الأولى في المتحف تضم لجوار الطيار الكاميكازي صورة لامرأة وثلاثة أطفال ، بخلاف بقية الغرف ، وعند سؤال مدير المتحف عن سبب وجود هذه الصورة في الغرفة الأولى ، بجوار صورة الطيار كان العجب .
فعندما تعاهد الطيارون على القيام بعملياتهم الانتحارية الجماعية كان صاحب الغرفة الأولى متزوجا وله ثلاثة أطفال ، فطلب القائد إعفاءه من المهمة ورفض إشراكه في العمليات ، فأصيب الطيار بغم وحزن شديدين لأنه لن يستطيع القيام بالمهمة ، ورأت زوجته عظيم همِّه وكبر فجيعته ، فقررت مساعدته على تحقيق أمنيته، فقامت بدس السُّم لأولادها الثلاثة فماتوا ، ثم شربت هي السّم الرعاف فلحقت بأولادها ، فصار الطيار بلا عائلة ، وعاد إلى قائده ، وشرح له أن المانع في مشاركته في العمليات قد زال ، وقاد طيارته ، وهوى بها في بارجة بحرية أمريكية .
الكاميكاز قاموا بعمليانهم احتجاجا على استسلام إمبراطور اليابان للجنرال الأمريكي ماك آرثر ، واليابانيون معروفون بولائهم للإمبراطور لدرجة التقديس ، ولكن تمرد سرية ( طوكوطاي )  التي كان منها أبطال الكاميكاز لم يكن سببا لتشويه  تضحياتهم ، ورميهم بتهمة التخريب على الأمة اليابانية ، بل أقام لهم اليابانيون متحفا لتخليد ذكراهم ، لأنها أمة تعرف فضل الرجال حتى لو بدا عملهم تمردًا على سلطة  الإمبراطور المقدسة عندهم  .   

ليست هناك تعليقات: