الاثنين، 25 فبراير 2013

الشـُّــــبهة القـا تـلـــــــــــة

الشـُّــــبهة القـا تـلـــــــــــة

في السبعينيات من القرن الماضي انتشر في فلسطين وخاصة في منطقة رام الله الفكر اليساري ، ونشط طلاب الجامعات في التنظير لأفكاره ، ونشط اليساريون في ميدان العمل التطوعي ، وانتشرت هذه الظاهرة .
أذكر حادثة لا تغيب عن بالي كان لها أشد الأثر مع بساطتها في ضلالي فترة طويلة من الزمن ، فكنَّا نجمع القمامة من ساحة النادي ، ونحرق ما يمكن حرقه ، وحدث أن داعبني أحد الرفاق وقبض على يدي وراء ظهري مازحا ، فتقدم آخر وكفاه سوداوان من شحبار الحريق ، وقال مازحا :
ـ  من يمنعني من (شحبرة ) وجهك ؟
 خطرت على بالي فورا قصة الرسول r مع الرجل الكافر الذي سرق السيف المعلق على الشجرة والرسول نائم ، فقلت ببراءة الأطفال :
ـ  الله .
فما كان منه إلا أن شحبر وجهي بإحدى يديه . فكتمتها في نفسي ولم أسأل عنها ، وحاولت استنتاج ما أريد منها .
حادثة صغيرة كان لها أثر كبير على الشاب الصغير الذي يدرج نحو الثالثة عشرة من عمره ، فحفرت في قلبه حفرة شك باض فيها الشيطان وفرَّخ سنوات عدة . ومرت سنوات ، وكلما خطرت هذه القصة على بالي يغني شيطان الشك في قلبي.
 ذات مرّة وبعد التخرج من الجامعة والعمل في التعليم صحبنا الطلاب برحلة مدرسية إلى دير قرنطل في أريحا ، وصعدنا الجبل إلى دير الرهبان في أعلاه ، هناك سأل طالب بعمر القصة الراهب : لماذا سمي هذا الجبل بجبل قرنطل ؟
 فقال الراهب : قرنطل كلمة يونانية تعني التجربة ، وعلى هذا الجبل جرّب الشيطان المسيح ( عليه السلام ) فكان يقول له انظر إلى مملكة أريحا الثرية الناس فيها يأكلون أطيب الطعام ، ويشربون ألذ الشراب ، ويعيشون برخاء ، وأنت هنا صائم غذاؤك الحشائش ، لو كنت كريما عند الله ما أجاعك وأشبع الناس . ولكن المسيح عليه السلام رفض الإغراء وحافظ على صيامه .
وحدثت عن سبب التسمية لأحد الأخوة من أهل العلم ، فقال الأمر ليس كذلك ، هناك جرّب الشيطان المسيح عليه السلام بقصة أخرى رويت في غير مكان ، ومنها كتاب " أدب الدنيا والدين " :
 فقد ورد أن إبليس اللعين قال لعيسى عليه السلام :
ـ  ألست تقول أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك ؟
قال : بلى  .
 قال : فارمِ نفسك من ذروة هذا الجبل ، فإنه إن يقدر لك السلامة تسلم .
 فقال عليه السلام : يا ملعون ، إن لله أن يختبر عباده ، وليس للعبد أن يختبر ربه . فكان كلامه ماء طمأنينة بارد يصب على شحبار شك وفد إلى قلبي من نار سبق وأشعلت .

ليست هناك تعليقات: