الجمعة، 16 سبتمبر 2011

أصدق الناس لـهجة  ..!!
يقول ربنا عز وجل :
[ومن يُطع الله والرَّسولَ فأولَئِكَ معَ الَّذين أنعَمَ الله عليهِم من النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالِحينَ وحَسُنَ أُولئِكَ رفيقاً۞ ذلك الفضلُ من الله وكفى بالله عليماً ] { النساء: 70 }
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ‏‏( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فَيُنَادِي ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ) {صحيح البخاري}
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل تعلمون أيها الأخوة ، من أول من حيّا  الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  بتحية الإسلام ،
وقال له السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؟
هو نفسه الصحابي القائل :  " حجوا حجّة لعظائم الأمور ، وصوموا يوما شديد الحرّ ليوم النشور ، وصلوا ركعتين في سوداء الليل لوحشة القبور " .
 إنه الصحابي الجليل  أبو ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ  ذلك الصحابي الذي كان ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  يبتدئه  إذا حضر، ويتفقده   إذا غاب .
وهو الذي قال عنه رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : (  مَا أَظَلَّتِ الْخَضْـرَاءُ وَلاَ أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لهجة مِنْ أَبِي ذَرٍّ ) .
فما هي الميزة التي اختص بها أبو ذر من بين الصحابة ليكون أصدق أهل الأرض لهجة ؟؟
أبو ذر كان نموذجا فريدا للموعظة الحية والاعتبار العملي ، فكان أبو  ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ خير مثال لمن يتعلم  من أخطائه فليزم نفسه بالتقوى ، ومنها تواضعه مع العبيد بعد قصته مع بلال .
كان أبو ذر من أشد الناس تواضعًا، فكان يلبس ثوبًا كثوب خادمه، ويأكل مما يطعمه، فقيل له: يا أبا ذر، لو أخذت ثوبك والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه ( جودة وقيمة ) ، ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك!!
 فقال أبو ذر: إني كنت ساببت (شتمت) بلالاً، وعيّرته بأمه؛ فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  فقال لي النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : (يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال: ضع قدمك على رقبتي حتى يغفر الله لي، فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك، وقال ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : إخوانكم خولكم (عبيدكم )، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم )   .. فاخذ أبو ذر العبرة ولزم التواضع للعبيد طوال حياته ..
فعندما ذهب أبو ذر إلى الرَّبذة وجد أميرها غلامًا أسود عيَّنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ولما أقيمت الصلاة، قال الغلام لأبي ذر: تقدم يا أبا ذر، وتراجع الغلام إلى الخلف. فقال أبو ذر: بل تقدم أنت، فإن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  أمرني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا أسود. فتقدم الغلام وصلى أبو ذر خلفه.
وكان يدافع عن الفقراء، ويطلب من الأغنياء أن يعطوهم حقهم من الزكاة؛ لذلك سُمي بمحامي الفقراء عند المعاصرين .
وظل أبو ذر مقيمًا في الرَّبَذَة هو وزوجته وغلامه حتى مرضَ مرض الموت فأخذت زوجته تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: ومالي لا أبكي،  وأنت تموت بصحراء من الأرض، وليس عندي ثوب أكفنك فيه، ولا أستطيع القيام بجهازك.
 فقال أبو ذر يخاطب زوجه وغلامه : إذا مت، فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكما فقولا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلا ما أمر به، فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة، فقال: ما هذا ؟ قيل: جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وقال: "صدق رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : ( يرحم الله أبا ذر ، يمشى وحده ،  ويموت وحده، ويبعث وحده)  فصلى عليه، ودفنه بنفسه وكان ذلك سنة (31هـ) .

ليست هناك تعليقات: