الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

 يقول الله تعالى في كتابه الحكيم :
[وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ]. { فصلت:34}
وقال صلى الله عليه وسلم:  " إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً"  رواه مسلم برقم 1478 من حديث جابر. 
المؤذن قديما قبل تطور وانتشار وسائل الإعلام كان الإعلامي الأول ، وإلى وقت قريب في فلسطين كان المؤذن هو وسيلة الإعلام الأهم في القرى ، وله مكانة في المجتمع تليق بوظيفته في إعلاء كلمة الله فوق المساجد . فمن هم مؤذنو الرسول عليه السلام ؟!
هذا مختصر مفيد عن مؤذني الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  .
جاء في كتب السيرة أن مؤذنو الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  كانوا  أربعة :
اثنان بالمدينة هما بلال بن رباح، وهو أول من أذن لرسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وعمرو بن أم مكتوم  الأعمى، وواحد في قباء هو سعد القرظ مولى عمار بن ياسـر، وواحد بمكـة  هو أبو محذورة واسمه أوس بن مغيرة الجمحي .
أما بلال وابن مكتوم فمعروفان مشهوران ، وأما سعد فإنما قيل: له سعد القرظ؛ لأنه كان كلما اتجر في شيء وضع فيه ( خسر فيه ) ، فاتجر في القرظ فربح ( القرظ نبات يستخرج منه صمغ يتداوى به ) ، فلزم التجارة فيه ، جعله رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  مؤذناً بقباء، فلما مات رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وترك بلال الآذان؛ نقل أبو بكر - رضي الله عنه - سعد القرظ هذا إلى مسجد رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  فلم يزل يؤذن فيه إلى أن مات .
أما الرابع ابن محذورة فله قصة فيها درس تربوي عميق الدلالة ، فله أخ اسمه أنيس قتل يوم بدر كافراً، فحمل حقدا على الإسلام والرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  .
يقول أبو محذورة : خرجت في نفر عشرة ، فكنا في بعض الطريق حين قفل رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  من حُنين، فأذن مؤذن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  بالصلاة عنده، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون ( منهزمون) ، فصـرخنا نحكيه ( نقلده ) ، ونستهزئ به، فسمع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  الصوت،  فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، فقال: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا، فأرسلهم وحبسني، ثم قال: قم فأذن بالصلاة فقمت، ولا شيء أكره إليَّ من رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  ولا مما يأمرني به، فقمت بين يديه، فألقى علي رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  التأذين هو بنفسه، فقال: قل الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصيتي، ثم من بين ثديي، ثم على كبدي، حتى بلغت يد رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  صرتي، ثم قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  : ( بارك الله فيك، وبارك الله عليك )، فقلت: يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة، قال: ( قد أمرتك به )، وذهب كل شيء كان في نفسي لرسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  من كراهة، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله ^  بمكة، فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  .
قال الزبير: كان أبو محذورة أحسن الناس أذاناً، وأنداهم صوتاً، قال له عمر يوماً وسمعه يؤذن: كدت أن تشق مُرَيْطاؤك ( صُرتك ) .  قال: وأنشدني عمي مصعب لبعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة:
أما وربِّ الكعبةِ المستورة           وما تلا محمدٌ من سورة
والنغماتِ من أبي محذورة           لأفعلن فعلــةً مذكـورة
اللهم صلِّ على محمد خير من علّم وربى ، ولم يكن فظا غليظ القلب .

ليست هناك تعليقات: