الخميس، 29 سبتمبر 2011

أغم أنف شيطانك ..

أرغم أنف شـيطانك ..!!    
هناك عبادة خاصة بأهل العزيمة من المؤمنين الأبرار ، عبادة لا يتقنها إلا الأتقياء الأقوياء ، عبادة لا يعرفها إلا القليل من الناس، ومن ذاق طعمها ولذَّتها بكى على أيامه الأُوَل، إنها عبادة المراغمة ،وهي عبادة أشار إليها سبحانه وتعالى في قوله :
 [وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْـمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً] { النساء: 100.
قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  :
( إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه؛ فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تُسْلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك ؟ فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة ،فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطِّوَل . فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد؛ فهو جهد النفس والمال فتقاتل، فتُقْتل فتُنْكح المرأة ويُقْسم المال؟ فعصاه فجاهد، فقال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  : من فعل ذلك كان حقاً على الله - عز وجل - أن يدخله الجنة، ومن قُتل كان حقاً على الله - عز وجل - أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقاً على الله أن يدخله الجنة، أو وَقَصَته دابته كان حقاً على الله أن يدخله الجنة »
فما هي عبادة المراغمة ؟
المراغمة هي إغاظة أعداء الله تعالى من شياطين الإنس والجن ، وترغيم أنوفهم بالتراب حسرة وكمدا وذلاً،  وهي غاية محبوبة للرب عزّ وجلّ مطلوبة له، فموافقته فيها من كمال العبودية. وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته له ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة.
ومن مراغمة شياطين الإنس كما جاء في الحديث التبختر أمام صف الأعداء وعند الصدقة ..
في سنن أبي داود أَنَّ نَبِيَّ اللَّه ِـ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَ يَقُولُ:
(... وَإِنَّ مِنْ الْخُيَلَاءِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُحِبُّ اللَّهُ؛ فَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ. وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ فَاخْتِيَالُهُ فِي الْبَغْيِ ) .
ومراغمة الشيطان لها صور كثيرة منها سجدتي السهو فكان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  إذا سها في صلاته يسجد سجدتين، وقال فيما رواه مسلم: ( إن كانت صلاته تامة كانتا ترغيماً للشيطان ) يعني: إن كان في صلاته نقص حصل نتيجة السهو فهاتان السجدتان تجبران هذا النقص، وإن لم يكن فيها نقص، وإنما احتاط، ففي هذه الحالة تكون السجدتان ترغيماً للشيطان، وإغاظة لإبليس، وسمى ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  هاتين السجدتين: المرغمتين.
أخا الإيمان، قرب إلى الله تعالى بمراغمة الشيطان ..
فإذا أتاك وأنت تصلي ، فقال لك : إنك ترائي؛ فزدْها طولاً .
وإذا أتاك وأنت تتصدق، وقال لك: أنت تنافق أمام الناس فزد من صدقتك .
وإذا ما عزمت على خير أو طاعة وأتاك من باب التسويف والتأجيل فأرغم أنفه بتعجيلهما .
وإذا حدثتك نفسك بإثم، وجاءك من باب تعجيله فاقهره بالتأجيل، لأن «الْأَنَاةُ مِنْ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ».  
وإذا ما قال لك نم وتكاسل فما زال وقت الصلاة طويلا، فأرغم انفه وقم إلى الصلاة متى سمعت النداء.
أرغم انف الشيطان مرّة بعد مرة ، وتقرب إلى  الله تعالى بمراغمة أعدائه، وسترى كيف سترتقي على مدارج الصديقين !!
الله اجعلنا سلما لأوليائك، حربا على أعدائك يا قوي يا ذا العزّة والجلال .

ليست هناك تعليقات: