الأحد، 2 أكتوبر 2011

سيد الشهداء بعد حمزة ...

سـيد الشـهداء   
يقول الله تعالى في كتابه العزيز منذرا القوم الظالمين في الدنيا والآخرة :
 [إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ۞ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ]{ آل عمران }
في هذه الآية جمع الله تعالى  بين النبين أشرف الخلق ، واهل الأمر بالقسط والعدل بين الناس ، وفيها تبيان أن الذين يقتلون النبين والآمرين بالقسط خاسرون في الدنيا والآخرة .
ولا يخفى على أحد أن الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر أصل الجهاد في سبيل الله ، وهو درجات أعلاها أمر اهل الحكم والسلطان الظالمين، وذلك لأن قدرتهم على إلحاق الأذى بأعدائهم متوفرة بسبب سلطانهم، وهذا ما عرفه الرسول عليه السلام بأنه افضل الجهاد .
 عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ : أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  قال:
( أفضل الجهـاد كلمة عدل عند سلطان جـائر أو أمير جـائر ) . .
ويظهر جور وظلم الحاكم عندما يقتل من يأمره بالقسط ، ليسكت صوت الحق بين الناس ويؤدب من يخرج عليه .
عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  :
( سيد الشهداء حمزة بن عبد المطَّلب، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه، فقتلـه) .
فكل من يقتله أمير ظالم لأنه أمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فهو بدرجة حمزة بن أبي طالب، وذلك لمكانة هذا العمل في إقامة العدل بين الناس، وتخليص الناس من شر ذلك الظالم كما بينت الآية ، وفي قصة سعيد بن جبير مع الحجاج ما يدل على ذلك ، ونستمع للحوار بينهما :
الحجاج: اختر لنفسك قتلة أقتلك بها؟
سعيد: أختر أنت يا حجاج.. فو الله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة، خذها مني يا عدو الله حتى تتلاقي يوم الحساب: اللهم اقصم أجله، ولا تسلطه علي أحد يقتله من بعدي'
وصعدت دعوة سعيد إلي السماء، فلقيت قبولا واستجابة من الله والواحد القهار.
فلقد أصيب الحجاج بعد قتله لسعيد بن جبير بمرض عضال أفقده عقله، وصار كالذي يتخبطه الشيطان من المس، وكان كلما أفاق من مرضه قال بذعر: مالي ولسعيد بن جبير .
وبعد فترة قصيرة من قتل سعيد بن جبير مات الحجاج الثقفي شر موته، وتحققت دعوة سعيد فيه، فلم يسلطه الله على أحد يقتله من بعده. 
وصدق رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  إذ يقول:
(  ثلاثة لاترد دعوتهم:الصائم حتي يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حين ) .
فهذا مسك دم المجاهد الآمر بالقسط بين الناس سكبه أمام الحجاج فأغلق باب ظلمه للناس ، فاستحق بذلك أن يحمل رتبة حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله،سيد الشهداء .
اللهم ألهمنا صبر المؤمنين، ويقين المرسلين، وتوفنا مع الأبرار الصالحين، واجعل لنا من لدنك وليّا نصيرا .

ليست هناك تعليقات: