الاثنين، 17 أكتوبر 2011

المدكر المعاق ..

يسـرنا القـرآن للذكــر ..    

يقول الله تعالى في سورة القمر :
[وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ]  { القمر : 17 }
ويقول الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  ( إن لله أهلين من الناس، فقيل: مَن هم؟ قال أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته ) رواه أحمد .
خلال شهر أيار من عام 2010 بثت قناة الفجر ضمن مسابقة "  الأحفظ  " التي يتبارى فيها حفظة كتاب الله ما أعتبر  معجزة قرآنية أو ما سماه مقدم البرنامج " جند من جنود الله " .
وكانت هذه الآية هي الشاب المتسابق أحمد مسلم أحمد عيد ، فهو شاب معاق عقليا ، لا يعرف يمينه من شماله، ولا يستطيع أن يتدبر لبس قميصه إذا خلعه، ولا يستطيع الإجابة على أي سؤال حتى لو كان عن عمره ، وعندما سأله مقدم البرنامج  : هل تعرف أحكام التجويد ؟  صار يردد آخر مقطع من السؤال مثل الطفل الصغير  : آه.. آه .. أحكام التجويد.
وعندما سأله : هل تحفظ القرآن ؟
أجاب بكلمتين : القرآن حافظ . وكأنه يقول أن القرآن هو الذي يحفظني فأنا شاب معاق لا أستطيع أن أحفظ شيئا .
والمعجزة أن هذا الشاب كما شاهده الملايين، وما زالت الحلقة  محفوظة على الشبكة العنكبوتية يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ، ويستطيع أن يكمل التلاوة من أي مكان تطلبه منه في سور القرآن الكريم، وفوق ذلك يستطيع أن يذكر لك اسم السورة ورقم الآية لأي آية تتلوها عليه بلسان طلق لا تردد فيه ولا تلعثم ، والأغرب من ذلك أنه يميّز الآيات المتشابهات من حيث الموقع والسورة ،فعندما سأله المذيع : ذلكم خير لكم إن كنتم لا تعلمون ، في أي السور وردت .
أجاب الشاب أحمد : في الصف وفي الجمعة
وعندما سأله : أين وردت " هم فيها خالدون "
فأجاب: في البقرة، آل عمران ، الرعد ، يونس ، المجادلة ..
فسبحان الله العظيم يضع سرّه في أضعف خلقه، وهذا المثال وغيره من حفظة القرآن. ثم شاهدنا في ذات البرنامج بعد شهر معجزة مماثلة لشاب من المغرب، يدعى الحبيب المومو وكانت الإعاقة عند الحبيب أشد وأقوى ، ورغم ذلك فهو يحفظ القرآن .
تصديقا لقول الله تعالى في سورة القمر  :
﴿وَلَقَدْ يَسَّـرْنَا الْقُـرْآنَ لِلذِّكْـرِ فَهَـلْ مِنْ مُدَّكِـر
وقال المفسرون أي هَوَّنَّا قِرَاءَته ويسرنا تلاوته على الألسن ، وجعلنه الله سهلا للحفظ، وهذا التيسير للفهم والحفظ لكي يتعظ الناس مما جاء به من مواعظ ، ولكي ينزجر الناس عن نواهيه .  
وكان  الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ  يقول: "لعل وجه تكرير تيسير القرآن للذكر في هذه السورة الإشعار بأنه منَّة عظيمة،  لا ينبغي لأحد أن يغفل عن شكرها" 
وليس هناك كتابا يُقرأ كله ظاهرا إلا القرآن الكريم، فنجد الطفل الصغير والأعجمي وغيرهما، يقبل على حفظ القرآن، فييسر الله له ذلك، رغم أنه لا يعرف من العربية شـيئاً لا قراءة ولا كتابة.
وذلك وجه من وجوه حفظ الله تعالى للقرآن، فقد مرت قرون، واندلعت حروب، ودالت دول، وتعرض كل شيء في بلاد المسلمين تقريبا للتدمير والتخريب والتشويه، إلا القرآن الكريم بقي محفوظا برعاية الله تعالى .
اللهم احفظنا بالقرآن، وجملنا بأخلاق القرآن، واجعله قائدنا إلى الجنان ..  

ليست هناك تعليقات: