الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

حفظوا المصحف وضيعوا القرآن ..

حفظوا المصحف وضيَّعوا القرآن

قال تعالى :
[ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا] { الفرقان: 30 }
قال ابن القيم في " الفوائد ": وهجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه. والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه. والرابع: هجر تدبره وتفهمه. والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها،... وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
رأيت عجوزا أميا في المسجد يأخذ مجلدا من الكتب المتوفرة  ، ويقبله سبع مرات ويضعه على جبهته ، فعل ذلك وهو يحسب أن هذا الكتاب قرآنا ، ومثل هذا العجوز يُعذر فهو يظن أن ما غلافه مثل القرآن فهو قرآن ، ورأيت وسمعت عن أناس كثيرين هم مثل هذه العجوز ، لا يعرفون من القرآن غير غلافه المجلد، رغم أنهم يقرؤون ويكتبون ، وقد يكونون من حملة الشهادات ،وسميتهم أهل الغلاف .
أهل الغلاف هؤلاء يحتفظون بمصاحف في صالوناتهم، وتحت مخداتهم ، ويتبعون عادات وتقاليد الناس لأنهم يتبعون آية في القرآن يحفظونها هي : يا أيها الناس اتبعوا الناس ، وإذا قيل لهم هذه ليست آية في القرآن ، قالوا ربما حديث ، وإذا قلت وليس من الحديث قالوا وهل أنت تعرف كل الآيات وكل الأحاديث ؟!
أهل الغلاف هؤلاء يطالبون في كل أمر بأن (  يطبل ) خصمهم يمينا على القرآن ، وإذا قلت لهم هذا سلوك ليس له أصل في الإسلام ولا يجوز أن يقال مثل ذلك ، لأن القرآن كتاب هداية ونور من رب العالمين وليس طبلا، قالوا نقصد أن للقرآن جلد وللطبل جلد ، ويطبل هنا تعني أن يحلف يمينا مغلَّظة .
أهل الغلاف يفتتحون متجرا أو مطعما وما شابه ويعلقون القرآن على المخل ، ولا يجدون غضاضة في إحاطته بصور فتيات كاسيات عاريات ، وإذا قيل لهم هذا لا يليق بكتاب الله الذي ينهى عن التبرج ويأمر بعدم إظهار زينة المرأة ولحمها ، قيل لك نريد أن نبارك المحل بالقرآن ، فالقرآن بركة .
سافر أب إلى بلد بعيد تاركا زوجته وأولاده الثلاثة،سافر سعيا وراء الرزق، وكان أبناؤه يحبونه حبا جما ،ويكنّون له كل الاحترام ، أرسل الأب رسالته الأولى إلا أنهم لم يفتحوها ليقرؤها ، بل أخذ كل واحد منهم يُقبّل الرسالة لأنها من عند أغلى الأحباب،  وتأملوا الغلاف من الخارج، ثم وضعوا الرسالة في علبة من قطيفة مذهبة، وبين الحين والآخر كانوا يخرجون الرسالة  لينظفوها من التراب ويعيدونها ثانية، وهكذا فعلوا مع كل رسالة أرسلها أبوهم ومضت السنون، وعاد الأب ليجد أسرته لم يبق منهم إلا ابنا واحدا فقط فسأله الأب: أين أمك؟؟
 قال الابن : لقد أصابها مرض شديد بعيد سفرك، ولم يكن معنا مالا لننفق على علاجها فماتت .
 قال الأب: لماذا؟ ألم تفتحوا الرسالة الأولى لقد أرسلت لكم فيها مبلغا كبيرا من المال .
قال الابن: لا.. فسأله أبوه وأين أخوك؟؟
قال الابن: لقد تعرف على بعض رفاق السوء وبعد موت أمي لم يجد من ينصحه ويُقومه فذهب معهم .
تعجب الأب وقال: لماذا؟ ألم يقرأ الرسالة التي طلبت منه فيها أن يبتعد عن رفقاء السوء.. وأن يأتي إليّ.
 رد الابن قائلا: لا قال الأب : لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأين أختك؟
قال الابن: لقد تزوجت ذلك الشاب الذي أرسلتْ تستشيرك في زواجها منه، وهى تعيسة معه أشد تعاسة.
 فقال الأب ثائرا: ألم تقرأ هي الأخرى الرسالة التي أخبرها فيها بسوء سمعة وسلوك هذا الشاب ورفضي لهذا الزواج قال الابن: لا لقد احتفظنا بتلك الرسائل في هذه العلبة القطيفة.. دائما نجملها ونقبلها, ولكننا لم نقرأها .
الله اجعل القرآن العظيم هادينا إلى رضوانك، وقائدنا إلى جنانك ، وشفعينا يوم لقائك .. 

ليست هناك تعليقات: