السبت، 22 أكتوبر 2011

من موازيين الحكم الراشد ...

ميزان الحكم الراشد  ..

عندما طلب إبراهيم عليه السلام من ربه أن يورّث ذريته الإمامة، كان الرد حاسما:
[وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ] ﴿البقرة/124﴾
وعن عائشة أن قريشاً أهمّهم أمر المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله ، ومن يجترئ عليه إلا أسامة ، فكلمه أسامة ، فقال الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   : ( أتشفع في حد من حدود الله ، ثم خطب فقال : إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله ! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ).
وعن نافع أن عمرَ بن الخطاب ـ  رضي الله عنه ـ  كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرضَ لأبنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، وابنه عبد الله مهاجر، فنقصه عن المهاجرين خمسمائة من أربعة آلاف، فقيل له: إنه من المهاجرين فلماذا نقصته؟ قال: إنما هاجر به أبوه ولم يهاجر هو بنفسه، وليس من هاجر به أبوه كمن هاجر بنفسه.
 وهذا يدل دلالة عظيمة على شدة ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ورفض الفاروق أن يوصي لولده عبد الله بالخلافة وقد زكاه الكثيرون عند أبيه ، وقال : يكفي آل الخطاب رجلا واحدا يُسأل يوم القيامة عن الأمة .
ولما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاةُ دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين إنك قد أفغرت أفواه ولدك من هذا المال، فلو أوصيت بهم إليَّ وإلى نظرائي من قومك فكفوك مؤونتهم، فلما سمع مقالته: قال: أجلسوني فأجلسوه فقال: قد سمعت مقالتك يا مسلمة، أما قولك: إني قد أفغرت أفواه ولدي من هذا المال فوالله ما ظلمتهم حقًّا هو لهم ولم أكن لأعطيهم شيئًا لغيرهم، وأما ما قلت في الوصية فإن وصيتي فيهم: [إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ] {الأعراف/ 196}. وإنما ولد عمر بين أحد رجلين: إما صالح فسيغنيه الله، وإما غير ذلك فلن أكون أول مَن أعانه بالمال على معصية الله ادع لي بني، فأتوه فلما رآهم ترقرقت عيناه، وقال: بنفسي فتية تركتهم عالة لا  شيء لهم ، وبكى: يا بني إني قد تركت لكم خيرًا كثيراً، لا  تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقًا
 يا بني إني قد مثلت بين الأمرين: إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله .
وقال ابن الجوزي: أبلغني أن المنصور قال لعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-: عظني. قال: مات عمر بن عبد العزيز - رحمه الله- وخلف أحد عشر ابنًا، وبلغت تركته سبعة عشر دينارًا كُفن منها بخمسة دنانير، وثمن موضع قبره ديناران وقُسِّم الباقي على بنيه، وأصاب كل واحد من ولده تسعة عشر درهمًا، ومات هشام بن عبد الملك وخلف أحد عشر ابنًا فقسمت تركته وأصاب كل واحد من تركته ألف ألف، ورأيت رجلاً من ولد عمر بن عبد العزيز قد حمل في يومٍ واحد على مائةِ فرس في سبيل الله عز وجل، ورأيت رجلاً من ولد هشام يُتصدق عليه.
عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ قَالَ:
 (إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ ، الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ ويئست الْفَاطِمَةُ:  أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ ; وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ ، وَثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا مَنْ عَدَلَ . وفي رواية : وكيف تعدلون مع الأقارب؟ .

ليست هناك تعليقات: