الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

الرجل الذي اشترى جهنم ..

الرجل الذي اشترى جهنم 

يقول الله تعالى في سورة آل عمران :
[وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ] { آل عمران : 199 }
ذكر المغيرة بن شعبة عمر بن الخطاب فقال : كان والله أفضل من أن يخدع ، وأعقل من أن يخدع . وقال عمر : لست بالخب ولا يخدعني الخب ) .
يحكى أن دجالا يتظاهر بلباس رجال الدين جاء إلى إحدى المدن في عصر صكوك الغفران،  فاجتمع الناس من العامة حوله يشترون بضاعته الغريبة، وفي كل يوم كانت سلعته تزداد رواجا ، وزار المدينة رجل حكيم مصلح، فأدهشه إقبال الناس على الدجال ، وسأل عن سبب هذا الزحام الشديد حول هذا الرجل الغريب، فأخبروه: إن هذا الرجل يحمل توكيلا من الله (استغفر الله العظيم) ، وهو يقوم الآن ببيع قطع من أراضي الجنة،ويمنح بذلك سندات،  ومن مات ومعه هذا السند، دخل الجنة وسكن الأرض التي اشتراها هناك .
احتار الرجل في كيفية إقناع هذا الكم الهائل من الناس ، بعدم صدق هذا الرجل ، وأن من اشترى منه قد وقع في تضليله وتدليسه ، إلا أنه وجد من يزجره ويمنعه من المحاولة في هذا الاتجاه لأن بساطة الناس وقلة وعيهم دفعتهم إلى التصديق المطلق بهذا الدجال، .وفي النهاية اهتدى الرجل الحصيف إلى حل عبقري،  حيث تقدم إلى الرجل الذي يبيع قطعا في الجنة
.فقال: له كم سعر القطعة في الجنة ؟ فاخبره: إن القطعة بـ 100 دينار
فقال له: وإذا أردت أن أشتري منك قطعة في ( جهنم )  تبيعها لي ؟؟
فاستغرب الرجل ثم قال: خذها بدون مقابل، فقال الرجل الحصيف: كلا،  لا أريدها إلا بثمن أدفعه لك، وتعطيني سندا بذلك. فقال له: سأعطيك ربع جهنم بـ 100 دينار سعر قطعة واحدة في الجنة.
فقال له الرجل الحصيف: فإن أردت شراءها كلها؟ فقال الدجال: عليك أن تعطيني 400 دينار.
وفي الحال قام الرجل الحصيف بدفع الـ 400 دينار إلى الدجال، وطلب منه تحرير سند بذلك، وأشهد عدد كبيراً من الناس على السند، وبعد اكتمال السند قام الرجل الحصيف بالصراخ بأعلى صوته: أيها الناس لقد اشتريت جهنم كلها ولن اسمح لأي شخص منكم بالدخول، إليها، لأنها صارت ملكي بموجب هذا السند،  أما انتم فلم يتبقى لكم إلا الجنة وليس لكم من مسكن غيرها سواء اشتريتم قطعا أم لم تشتروا.
عند ذاك تفرق الناس من حول هذا الدجال لأنهم ضمنوا عدم الدخول إلى النار، بسند الرجل الحصيف، وأدرك الدجال بأنه أغبى من هؤلاء الذين صدقوا به.
قال الراوي قصصت هذه القصة على رجل كبير السن فقال لي: وهل تعجب من هؤلاء الناس. فقلت: نعم، أيوجد أناس بهذا المستوى من التفكير ؟
فقال: أغلبنا يمثل مستوى تفكيرهم غير أنهم أفضل نية منا .
 فقلت : كيف ؟ فقال : من يشرب الخمر هل يجدها ملقاة على الطريق أم يذهب لشرائها بماله الخاص؟! . فقلت:  بل يشتريها بماله الخاص .
فقال: ومن يقصد بيوت الهوى، ومن يلعب القمار، ومن يتعاطى المخدرات، ومن يضيع الأوقات في مشاهدة الحرام، كلها أموال ندفعها من جيوبنا لنشتري بها قطعا في جهنم.  بينما نترك الصلاة والصيام والذكر والقرآن وغير ذلك من العبادات رغم أننا لا ندفع شيئا من جيوبنا ولا نقبل أن نشتري الجنة بأرخص الأثمان وأيسر الأعمال، فمن أصلح هم أم نحن ؟؟
الله إن سلعتك غالية فلا تُزهدنا بها، وجنتك عالية فلا توهن هممنا في الوصول إليها، ولا تجعلنا ممن يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير .

ليست هناك تعليقات: