الخميس، 22 سبتمبر 2011

من أعظم الحسرات ...

أعظمُ الحسرات ...
يقول الله تعالى :
[ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ]  {( الحشر/9}
و الشُّح من أقبح الصفات، فهو مُنافٍ للإيمان، ولهذا قال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  : ( لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدًا ، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدًا ) . ( إسناده صحيح) .
والشُّح من المهلكات، قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: (.. وأما المهلكات: فشحٌ مطاع، وهوىً متبع، وإعجاب المرء بنفسه ) (ذكره الألباني في صحيح الجامع ) .
والشح سبب للفجور وقطيعة الرحم،   قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ( إياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، أمرهم بالقطيعة فقطعوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا ) .  (رواه أبو داود وأحمد )
والأمر الذي يثير العجب أن الشحيح يعيش الفقر وإن كان من أغنى الناس ، إذ يبخل حتى على نفسه ، وهو يجمع لغيره ، وهذا واقع مشاهد في حياة الناس ، ومما يروى في هذا  أن الحسن البصري ـ رحمه الله ـ دخل على عبد الله بن الأهتم يعوده في مرضه ، فرآه ينظر إلى صندوق في بيته ، ثم قال :
ـ  يا أبا سعيد ، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق لم أؤد منها زكاةً ، ولم أصِلْ منها رحمـًا ؟
قال الحسن: ثكلتك أمك، ولم كَنْتَ تجمعها ؟
قال : لروعة الزمان ، وجَفوة السلطان ، ومكاثرة العشيرة .
 ثم مات ، فلما فرغوا من دفنه قال الحسن ـ  رحمه الله ـ   : انظروا إلى هذا المسكين ، أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه ، وجفوة سلطانه ، ومكاثرة عشيرته ، عما رزقه الله إياه وغمره فيه،  انظروا كيف خرج منها مسلوبـًا محرومـًا ، ثم التفت إلى الوارث فقال : أيها الوارث ، لا تُخدعنَّ كما خُدع صويحبك بالأمس ، أتاك هذا المال حلالاً، فلا يكونن عليك وبالاً ،أتاك عفوًا صفوًا ممن كان له جموعـًا منوعـًا ، من باطل جمعه ، ومن حق منعه، إن  يومَ القيامة يومٌ ذو حسرات، وإن من أعظم الحسرات غدًا أن ترى مالك في ميزان غيرك فيا لها عثرة، لا تُقال، وتوبة لا تُنال.
فيا لله كم كان فضله علينا بالقرآن عظيما، فهو طب القلوب، فيه كشف أصل الداء ووصف نافع الدواء ؟
فالمسلم يعطي ليساعد الناس ماديّا، ولكنه بذات الوقت يحرر نفسه من أمراض مهلكة مثل الشح، ويدخر أجره عند الله تعالى خير وأبقى .

ليست هناك تعليقات: