الأربعاء، 1 أغسطس 2012

صدقة.. أبي ضَمْضَم

 
كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
هذا الحديث يرشدنا إلى تأثير القرآن الكريم في تزكية النفس من الشح والبخل، فالله سبحانه يبن لنا أن النفوس مجبولة على البخل في قوله :
﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ   [النساء : 128 ]
ويبين لنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أن الإيمان والشح لا يجتمعان:
( خصلتان لا تجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق )
 فكان فلاح الإنسان بالوقاية من هذه الصفة:
﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [ الحشر : 9] 
قيل: فماذا تفعل إذا هب الناس يتصدقون، ودبت بك نخوة الكرم، ولا مال عندك لتتصدق به ؟
قال: أتصدق بوقتي فأعمل ؟
قيل: فإن لم يكن عندك طاقة للعمل ولا قدرة عليه  .
قال: أتصدق بصدقة ابي ضمضم .
قيل: ومن هو أبو ضمضم ؟
قال:  كان ـ صلى الله عليه وسلّم ـ  يحب الجود والجوادين، ويبغض البخل والبخيلين، وكان ناصحاً لأمته، ولهذا قال لأصحابه رضوان الله عليهم يوما : "ألا تحبون أن تكونوا كأبي ضَمْضَم؟" قالوا: يا رسول الله، ومن أبو ضمضم؟ قال: "إن أبا ضمضم كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد تصدقت بعرضي على من ظلمني" ، وفي رواية: "اللهم تصدقت بعرضي على عبادك".
وفي رواية عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ كما قال ابن عبد البر: ("إن رجلاً من المسلمين قال: اللهم إني ليس لي مال أتصدق به، وإني قد جعلت عرضي صدقة لله عز وجل لمن أصاب منه شيئاً من المسلمين؛ قال: فأوجب النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أنه قد غفر له"، أظنه أبا ضمضم المذكور، والله أعلم) .
ورحم الله أخا لنا سمعنا عنه في أيام الحج ، خمس سنوات وهو يؤجل الحج رغم أنه يستطيع إليه سبيلا ، فقيل له : ما الذي تغير حتى قررت الحج هذا العام ؟  قال : يا أخي ، أنا رجل سريع الغضب ، لا أحتمل الذبابة تقع على أنفي ، حتى تثور ثائرتي وتقوم قيامتي ، فكيف سأحتمل الزحام في عرفات وعند الجمرات ؟! وما أسمعه عن أخلاق السائقين في بلاد الحرمين ؟! أخاف أن أرتكب جريمة في الأشهر الحرم . ولكني حللت المشكلة هذا العام وجئت للحج . قيل له : وكيف حللتها ؟ قال : قبل خروجي من بيتي ، جعلت جسدي وقفا لله تعالى حتى أعود ، وكان أخونا هذا خلال الحج يشكر كل من يكثر من القول لكل من زاحمه أو دفعه ، بارك الله فيك ، جزاك الله عني كلَّ خير  .

و قال أبو الدرداء  : أدركت الناس ورقا لا شوك فيه فأصبحوا شوكا لا ورق فيه ، إن عرفتهم نقدوك وإن تركتهم لم يتركوك ، قالوا : كيف نصنع ؟ قال : تقرضهم من عرضك ليوم فقرك . 
شتم رجل أبي ذر فقال له : يا هذا ، لا تغرق في شتمنا ، ودع للصلح موضعا ، فإنّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه . وينادي يوم القيامة منادٍ : ليقم من أجره على الله ، فلا يقوم إلا من عفا .
عن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ـ قال: ( على كل مسلم صدقة قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة (متفق عَلَيْهِ ) .

ليست هناك تعليقات: