الأربعاء، 1 أغسطس 2012

خطيب الجمعة يجمع الأحذية ..!!

 
كانت السنة الماضية من السنوات القليلة التي وحدت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، على اختلاف طوائفهم إثر نشر الرسوم الملعونة في الصحف الدنمركية والأوربية استهزاء بالرسول الكريم ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ـ فأظهرت مدى حب الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ـ في قلوب المسلمين ، وكان لوقفة المسلمين المدافعة عن نبيهم أكبر الأثر في ردع حملة كان يخطط لها أن تتواصل وتتدرج بالإساءة ، في هذه الحادثة دليل على صدق القرآن الكريم كما قال سبحانه: ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾.ومن المفيد أن نذكر أن الاستهزاء يأخذ شكلين أساسين ، الأول صريح كما فعلت الرسوم الدنمركية، والثاني غير الصريح ويكون بالتعريض بالحركات أو الكلمات ، وقد تكفل الله سبحانه بكفاية الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ من النوعين ، ومن طريف ما قرأت عن النوع الثاني هذه القصة الحقيقية التي يرويها الشيخ أحمد شاكر .  
يُعد الشيخ أحمد شاكر المتوفى عام 1958  - رحمه الله - من أبرز علماء هذا العصر الثقات ؛ ممن  وفقهم الله تعالى للجمع بين العلم الشرعي ونشره لاسيما علم الحديث ، مع المشاركة النافعة النابهة في قضايا المسلمين الحادثة . ومثل هذا الجمع لا نكاد نجده إلا في القليل من العلماء ، وهو ما تحتاجه أمة الإسلام في كل زمان ؛ لكي لا ينحرف مسيرها بين عالم أو طالب علم منزوٍ عن هموم الأمة ، أو متصدر جهول بشرع الله ، وكان والده الشيخ محمد شاكر من علماء الأزهر ويحكي عن والده قصة فيها عبرة .
ذكر الشيخ أحمد شاكر أن والده الشيخ محمد شاكر ـ وكيل الأزهر سابقاً ـ كفّر أحد خطباء مصر ، وكان فصيحاً متكلماً مقتدراً ، وأراد هذا الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر عندما أكرم طه حسين ، فقال في خطبته : جاءه الأعمى  فما عبس بوجهه وما تولى ! .
وهو يريد بذلك التعريض برسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   , حيث أن القرآن ذكر قصته مع الأعمى فقال تعالى : ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى(2)
فبعد الخطبة أعلن الشيخ محمد شاكر للناس أن صلاتهم باطلة, وأمرهم أن يعيدوا صلاتـهم لأن الخطيب كفر بهذه الكلمة التي تعتبر شتم لرسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  تعريضاً لا تصريحاً .
هذا ولم يكن الشيخ محمد شاكر رحمه الله ممن يطلقون الأحكام جزافاً ولم يكن يفعل ذلك لمطلب دنيوي أو لمرضاة ذي سلطان ، إذ لم تكن حالة الأزهر في زمانه مثل ما هي عليه في زماننا هذا .
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الآخرة .
قال الشيخ أحمد شاكر : ( ولكن الله لم يدعْ لهذا المجرم جرمه في الدنيا ، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى ، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي - بعد بضع سنين ، وبعد أن كان عالياً منتفخاً ، مستعزّاً بمَن لاذ بهم من العظماء والكبراء - رأيته مهيناً ذليلاً ، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة ، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار ، حتى لقد خجلت أن يراني ، وأنا أعرفه وهو يعرفني ، لا شفقة عليه ، فما كان موضعاً للشفقة ، ولا شماتة فيه ؛ فالرجل النبيل يسمو على الشماتة ، ولكن لما رأيت من عبرة وعظة ) .

ليست هناك تعليقات: