سجن الروح
|
كم يساوي جسد الإنسان بلا روح ؟؟
إذا جئنا بإنسان زنته 70 كغم ، وجدنا أن جسمه يتكون من :
كمية من الدهن تكفي لصنع سبعة قطع من الصابون ، وكمية من الكربون تكفي لصناعة سبعة أقلام رصاص ، و كمية من الفوسفور تكفي لصنع رؤوس 120 عود كبريت ، وكمية من الحديد تكفي لعمل مسمار متوسط الحجم ، وكمية من الشيد تكفي لطراشة غرفة صغيرة ، كمية من الماء تملأ برميلا سعته 45 لتر ، فيكون سعر الإنسان مواد مصنعة أقل من خمسة دنانير .
فما الذي يجعل الإنسان لا يبيع أصغر أصابعه بآلاف الدنانير ؟
إنها الروح ، تلك النفخة الربانية المباركة في هذا الجسد المادي ، فالإنسان جسد وروح ، قال تعالى :
﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍJثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾
فقد نفخ الله تعالى من روحه النورانية الباقية في هذا الجسد الطيني الزائل ، فصار الجسد سجنا للروح ، فكان الصراع بين روح تسمو إلى سماء الفضائل وجسد يهفو إلى أرض الرذائل ، روح تشد الإنسان إلى المعالي ، وجسد يشد الروح إلى شهواته .
الجسد هو الصدفة ، والروح هي اللؤلؤة الثمينة .
الجسد هو القفص ، والروح هي الطائر الغرِّيد .
وكان رمضان ، وكان الصيام فريضة من الله لتزكو به النفوس وتطهر وترتقي ، قمع لشهوات الجسد لإضعاف أسوار سجن الروح لعلها تشرق بنور ربها ، وتتحر من قيود الجسد وشهواته .
هذه قصة طريفة وغريبة عن فقير بنى مسجدا لله في منطقة " فاتح " في اسطنبول ، واسم ذلك الجامع بالتركية " صانكي يدم " أي " كأنني أكلت " !! .
ولهذا الاسم الغريب قصة اغرب وأعجب ، كان يعيش في منطقة " فاتح " شخص فقير وورع اسمه " خير الدين كججي أفندي " ، كان هذا الرجل عندما يمشي في السوق وتتوق نفسه لشراء فاكهة أو لحم أو حلوى ، يقول في نفسه : " صانكي يدم " أي " كأنني أكلت " ، ثم يضع ثمن تلك الفاكهة أو اللحم أو الحلوى في صندوق له، ومضت الأشهر والسنوات ، وهو يكف نفسه عن كل لذائذ الأكل ، ويكتفي بما يقيم أوده فقط ، وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئا فشيئا ، حتى استطاع بهذا المبلغ الموفور أن يبني مسجدا صغيرا في محلته ، ولما كان أهل المحلة يعرفون قصة هذا الشخص الورع الفقير ، وكيف استطاع أن يبني هذا المسجد ، فقد أطلقوا على الجامع اسم "جامع صانكي يدم" .
وجاء في ترجمة الإمام الغزالي :
لما أحس أبا حامد الغزالي دنو أجله ، قال لبعض أصحابه : ائتني بثوب جديد ، فقال له : ما تريد به ؟ قال أبوحا مد سألقى به الملك . فجاءوه بثوب، فطلع به إلى بيته ، وأبطأ على أصحابه فلم يعُد . فذهب إليه أصحابه يستطلعون نبأه، فإذا هو ميت، وعند رأسه ورقة كتبت فيها هذه الأبيات:
قل لأخوانٍ رأوني ميتا
أتظنوني بأني ميتكم أنا في الصّور وهذا جسدي أنا عصفور وهذا قفصي لا تزعجكم هجمة الموت فما |
فرثوني وبكوا لي حزنا
ليس هذا الميت والله أنا كان بيتي وقميصي زمنا طرتُ عنه وبقي مرتهنا فما هي إلا نقلةٌ من هاهنا |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق