الأربعاء، 1 أغسطس 2012

عندما زلَّ أبو بكر ..!!

يقول الله تعالى في حق الأنصار والمهاجرين :
﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]
الأمة الإسلامية الأولى التي تكونت من الأنصار والمهاجرين هي خير أمة عرفتها البشرية، تلك الأمة التي حولت يثرب إلى المدينة الفاضلة التي حلم بها الفلاسفة عبر التاريخ ، ومن مظاهر خيريتها وكمالها تلك الأخلاق السامية التي كان يحملها أفرادها ، ومن تلك الأخلاق التي نحن بأشد الحاجة إليها اليوم هي معرفة الفضل لأهل الفضل ، وقد روى  أنس ـ رضي اللّه ـ  عنه عن الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  قوله : "إِنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لأَهْلِ الْفَضْلِ أَهْلُ الْفَضْلِ"  ، وتلك مسألة بالغة الأهمية .
فلا يعرف قدر العالم إلا عالم مثله.
ولا يعرف قدر الطبيب البارع غير طبيب مثله.
ولا يحترم الكريم إلا كريم مثله .
ولا يعرف قدر أبي بكر غير صحابي مثل ربيعة .
وهذه قصة عن معرفة الفضل لأهله حفظتها لنا كتب السنة، أما أطراف القصة فصحابيين فاضلين أولهما : الصديق أبو بكر رضي الله عنه ، أفضل رجل بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، الخليفة الراشد الأول رضي الله عنه ، والثاني خادم رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   الذي سأله مرافقته في الجنة فقال له النبي : (فأعني على نفسك بكثرة السجود ) ، فقال إذن أفعل ، إنه الصحابي  ريبعة بن كعب الأسلمية ـ رضي الله عنه ـ  .
 روى الإمام الحاكم في مستدركه، وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه: عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، قوله:
" أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً، وأعطى أبا بكر أرضاً، فاختلفنا في عذق نخلة، ـ قال وجاءت الدنيا ـ فقال أبو بكر : هذه في حدي . فقلت:  لا بل هي في حدي: قال فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها،  وندم عليها . قال فقال لي :  يا ربيعة،  قل لي مثل ما قلت لك حتى تكون قصاصا . قال  فقلت :  لا والله ، ما أنا بقائل لك إلا خيرا . قال: والله لتقولن لي كما قلت لك حتى تكون قصاصا ، وإلا استعديت عليك برسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  .  قال، فقلت: لا، والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا.  قال: فرفض أبو بكر الأرض، وأتى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وجعلت أتلوه، فقال أناس من أسلم: يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال،  ويستعدي عليك . قال فقلت: أتدرون من هذا ؟! هذا أبو بكر، هذا ثاني اثنين،  هذا ذو شيبة المسلمين ، إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب،  فيأتي رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  فيغضب لغضبه ، فيغضب الله لغضبهما ، فيهلك ربيعة .
قال : فرجعوا عني، وانطلقت أتلوه ، حتى أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقص عليه الذي كان ، قال فقال  رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :  يا ربيعة ما لك والصديق ؟ قال فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا،  فقال لي :  قل مثل ما قال لك .  فأبيت أن أقول له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل ،  فلا تقل له مثل ما قال لك ،  ولكن قل يغفر الله لك يا أبا بكر ،  قال فولَّى أبو بكر الصديق  ـ رضي الله عنه  ـ وهو يبكي "  .

ليست هناك تعليقات: