الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

الشاعر و حفار القبور

تشيع اليوم على ألسنة الناس أدعية مثل :
أطال الله في عمرك .. فرّحك الله بأولاد أولادك .. وينساك الموت .
وإذا خاطبنا ذا مكانة قلنا :
يا طويل العمر .. أدامك الله   .. مدّ الله في ظلك ..
ونقرأ في دعاء من سبقونا من الصالحين :
تربت يداك ... ثكلتك أمّك .. أحسن الله ختامك ومثلها ..
والسنة تعلمنا أن نقرن الدعاء بطول العمر بحسن الخاتنة وزيادة الصالحات
باختصار هناك أقوام تبني وتنشط لكي تنسى الموت ، وهناك أقوام إذا دعا الرجل لأخيه قال : جعل الله الموت مني ومنكم على بال .
يروى أن الشاعر العراقي الشهير بدر شاكر السياب عندما أصيب بمرض السل ، وتيقن من قرب الأجل ، وكان المرض قد انتشر في المدينة ، وأهلك أهلها ، أراد أن يحجز لنفسه قبرا ويريح أهله من البحث عن قبر ، وفعلا ذهب لإلى المقبرة العامة ، وقابل حفار القبور ، المسؤول عن المقبرة ، وقال له أريد أن أشتري قبرا لي ، فما كان من حفر القبور إلا أن تجهله وقال : لا يوجد عندنا قبور ، فقال السياب سأدفع لك ضعف الثمن ، فرد عليه الحفار : يا أخي لا يوجد ف يمقبرتي قبورا للبيع فالموت في البلد كثير ، وجميع القبور محجوزة .
فقال السياب : يا رجل ، أنا شخص غريب في المدينة ، وأخاف إن مت أن لا أجد قبرا يحويني .
فقال الحفار : قلت لك القبور جميعها محجوزة ، وأنا كما ترى رجل مريض ، وكبير في السن ، فلا تثقل عليّ .
هنا خطرت للشاعر فكرة ، وقال : ما رأيك لو تكرمت عليّ ، وبعتني القبر الذي حجزته لنفسك !
فسكت الحفار هنيهة ، وكأن مفاجأة أخرسته ، وقال : يا الله ، أتدري أني أدفن في كل يوم أناسا كثيرين ، وأرتزق من هذا العمل سنوات ، ولكني نسيت أن أحجز لنفسي قبرا ، وكأني لا اموت ..

ليست هناك تعليقات: